كثيراً ما تخيلت في أحلام اليقظة ساسة يرقصون عراة في طقس عجائبي يشبه ما سمعته عن الماسونية, يؤدونه فوق مقبرة وادي السلام وهم ينتشون رائحة الدم المعتق ببقايا البارود.
أزمات تتوالى وتتكرر, ودم يسفك وكرامة تهان, وأم تثكل وزوجة ترمل وسط بيوت خربة, وما زال بعض الساسة يعمدون تأجيج الوضع من خلال دعوات شكلية للتهدئة لا يفهم شفراتها سوى جحافلة ألارهابية, وميليشياته المنتظرة لأشارة البدء بحصاد الرقاب.
رغم تشاؤمي المزمن, لاحت بوادر خير تنبت هنا وهناك نتأمل منها أن تورق في ربيع عمرنا الذي نحسبه خريفاً.
كل الفرقاء السياسيين في العراق يحاولون أن يعرقلوا عمل نظرائهم في مسؤولية أتجاة دم المواطنين , فحكومة دولة القانون تسحب نوابها من البرلمان في محاولةَ للضغط على رئيس البرلمان لتمرير قوانينها, بينما رئيس البرلمان يضغط على الحكومة محاولة منه لعرقلة عملها أرضاء لشارعه السني.
بين كل هذه المشاحنات والمناكفات تبرز هناك دعوة لحكيم السياسيين عمار الحكيم يدعوهم لحوار واسع يشمل كل ألوان الطيف السياسي, من اجل نقاش موسع حول الأزمة العراقية وتداعياتها.
عمار الحكيم وضع الفرقاء ما بين المطرقة والسندان وجها لوجه أمام الشعب وبمواجهة مسؤليات ملقاة على عاتقهم من حل منتظر (غصباً ما عليهم), فهم ان حضروا سيكونون مجبرين على التهدئة تحت ضغط الشارع العراقي, وان لم يحضروا سيكونون في دائرة الضوء الأعلامي الذي من المفروض ان يعري الساسة غير المستجيبين للمبادرة.
هذه المبادرة تحتم الاستجابة لها ولو صوريا, فهم بخلاف الاستجابة سينكشف زيف مناداتهم بالتهدئة, بينما ادواتهم على الارض هي المؤجج الحقيقي للازمة.
حقيقة اعتقد ان مبادرة الحكيم التي وجدت كثير من المقبولية بالوسط السياسي لن تغير كثيراً من الواقع لعدة اسباب اهمها: استشراء الفكر الطائفي في عقول الساسة (الا من رحم ربي) وتغليبهم لمنطق الطائفة على المنطق الوطني الذي اصبح غريبا كغربة المؤمن بالحياة الدنيا .
بصراحة هذا ما أراه في المشهد السياسي, ولكن ما أرجو أن يحصل هو أبراز الجانب المظلم لدى الساسة أمام جمهورهم من قبل وسائل الأعلام لينكشف زيف من ينادي بالوطنية نهاراً ويقتل بالليل خفاءً ويتم تعرية المجرمين المرتدين لرداء الوطنية.