ونحن في الذكرى السادسة لانتفاضة شعبنا الكردي السوري في الثاني عشر من آذار لعام 2004م في المناطق الكردية، بل في عموم سورية العزيزة، وما جرى خلالها من مجازر وتخريب في الممتلكات العامة والخاصة واعتقالات وملاحقات وترويع للآمنين، وضرب الوحدة الوطنية وحفر خنادق بين المواطنين الكرد وإخوتهم العرب ليس من السهل ردمها مستقبلاً، بفعل خطة مبيّتة للإيقاع بأبناء شعبنا الكردي وإرهابهم، ضمن مسلسل فرض حالة من السياسات العنصرية والتهجير القسري والمصادرة للحرية والممتلكات والإرادة… فإن هذه السياسات الأسدية البغيضة المفتقرة لأبسط المعايير الإنسانية ما زالت مطبقة وبشكل فظّ ووقح وسافر واستفزازي، دون أدنى شعور بالمسؤولية الأدبية أوالأخلاقية أو الدستورية تجاه قطاع واسع من أبناء الشعب السوري، بمعنى آخر ما زالت جرائم النظام السوري متواصلة بوتيرة متصاعدة وبشكل غير مسبوق بحق شعبنا الكردي.
فالاعتقالات والمحاكمات وفرض الغرامات الباهظة على المتهمين بـ”أعمال الشغب”، المحرومين من أبسط الحقوق في الدفاع والاستئناف والتمييز، في ظل قانون الطوارىء والأحكام العرفية، والتهم الجاهزة المعلبة ضد المواطنين على الخلفية العرقية والمذهبية، والاستدعاءات الأمنية والمتابعات والابتزازات، واعتقال قيادات الأحزاب الكردية المناضلة…، كل هذه الإجراءات مازالت مستمرة وبوتائر متسارعة ومتصاعدة، على خلفية تلك الأحداث المأساوية منذ ستة أعوام!!؟ بل أضيفت عليها جرائم أسدية أخرى، مثل اغتيال المجندين الكرد في الجيش السوري، حتى قارب عددهم الأربعين مجنداَ منذ الفترة التي أعقبت الانتفاضة، ثم أضاف النظام الحاكم على جرائمه السابقة جريمة أخرى لا تقلّ في آثارها عن جرائم إبادة الجنس البشري، هذه الجريمة المتمثّلة بالمرسوم 49 لعام 2008م، الذي يسبب الشلل التام للحياة الاقتصادية(الزراعية والتجارية والعمرانية) والحياة الاجتماعية في المناطق الكردية، فضلاً عن قرارات ومراسيم أخرى سريّة تزيد معاناة الكرد السوريين، تمنع الكردي السوري من حق التملك في بعض المدن مثل حلب والحسكة والرقة وغيرها، وتحرم الكرد السوريين المجردين من جنسيتهم”أجانب الحسكة” وهم الشريحة الكردية الأكثر تعرضاً للظلم والاضطهاد، من العمل في الفنادق والمطاعم والمصانع…، زيادة في معاناتهم، وبخاصة في الجزيرة، التي تعرضت لجفاف وقحط شديدين لا مثيل لهما لما يزيد على أربعة أعوام، وما نتج عنهما من هجرة قسرية للقرى والمزارع باتجاه المدن، بحثاً عن لقمة الخبز المغمّسة بالدم…
إن هذه الإفرازات والنتائج والسياسات الأسدية التي أعقبت انتفاضة الثاني عشر من آذار2004م تؤكد بما لايدع مجالاً للشك أن هذا النظام، الذي افتعل تلك المآسي والأحزان، ومازال يغذّيها ويزيد من نتائجها السلبية ما زال مصراً على سلوكه الإجرامي، دون أن يكون لديه أدنى استعداد لطيّ الصفحات السود التي سطّرها، والانفتاح على المواطنين وممثليهم، وإجراء مصالحة وطنية شاملة، على قاعدة المساواة التامة في الحقوق والواجبات بين أبناء الشعب!!!
وإذا كان ما سبق جزءاً من سلوك أسدي متأصّل غير قابل للإصلاح أو التغيير، فماذا فعلت أحزابنا الكردية السورية؟ هل كانت سياساتها وإجراءاتها على المديين القصير والطويل بمستوى التحدي الذي فرض نفسه على الجميع؟ هل أثبتت أنها بحجم هذا التحدي؟ هل قامت بما يفرض عليها واجبها القومي والوطني والمنطقي؟ أم أنها بأفعالها زادت في المعاناة وأجهضت الانتفاضة وفرّغتها من مضمونها وأثبتت أنها لا تصلح إلا للتحنيط؟!
الجواب لدى الكردي البسيط الذي يزداد يوماً بعد يوم كفراً بهذه الأحزاب وشعاراتها وبعداً عنها، لأنها لم ترقَ إلى مستوى وعيه وحيويته، ولأنها تعيش في قصرها العاجي وأمجادها الزائفة، وعلى أمجاده التي صنعها ببساطته وتضحياته. فهل ستصبح آثار انتفاضة شعبنا ونتائجها حافزاً لهذه القيادات للارتقاء بمسؤولياتها وأفعالها إلى مستوى طموح مواطننا البسيط، استنقاذاً للحاضر والمستقبل ومستقبل الأجيال والوطن؟!
* الناطق الرسمي باسم وحدة العمل الوطني لكرد سورية، المشرف على موقع syriakurds.com