أوشكتُ على الإستسلام له راضياً
لولا حالة الرفض التي جمحت في
آخر لحظة من تلك المواجهة …!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مرة أخرى بعد ربع قرن ٍ من الزمن ،
يعاود ذلك الكابوس فصلاً من نشاطه المعهود
بهيئةٍ لا تشبه سابقاتها من حيث الزمان والمكان
وإستبدال القناع بآخر يبدو أكثر وسامة ً من أول وهلة .
ربما كان دخوله يشكل حدثاً بعيد التوقع إن لم ْ يكن مستحيلاً .
إذ كان موته قد دخل في عمق الزمن المنسي منذ تاريخ ٍ بعيد ،
وهذا هو مفتاح المفاجأة التي تشل القدرة على التصرف .
وبالرغم من كلِّ موجبات الذهول لمْ أرتعب منه ،
وكانت فرحتي بقدومه جدُ عظيمة ٍ
وكأني كنت واعياً لما يجري وعلى علم ٍ بأنه قد جاءني من ذلك العالم المجهول
بوجهٍ ملائكي بشوش ،
يُدخل البهجة الى القلب كعهدي به في حياته بلطفه ورقة خصاله .
تلك الجاذبية التي إمتلكها ( الخال ابو بشار )
وهبتني القدرة على إختراق الفضاء ،
وجعلتني أطير لإستقباله بجناحي شوق ٍ ومحبة ٍ ،
وكم ٍ هائل ٍ من شعور ٍ وإحساس ٍ فريد يغيب عنه الوصف .
يبدو انّه قد تهئ لهذه الحالة فأطبق على فمي براحة كفه
التي أشعرتني بإقتراب نهايتي ،
وحتمية إفتراق الروح عن الجسد .
وفي لُجّة الصراع بين الرفض والقبول أوشكت على الإستسلام له راضياً ،
لو لا حالة الرفض التي جمحت في آخر لحظة ٍ من تلك المواجهة .
فكان لابد لي من رفسة ٍ قويةٍ للتخلص من ذلك الكابوس ،
الّذي جثم فوق صدري فجمعت كل إرادتي له .
* * *
إنزاح الكابوس وإنفرج عن تأجيل رحلتي الى العالم الآخر .
ولمْ تكن مقاومتي العنيفة لتحصل لولا إحتياج أهلي وأطفالي الصغار ،
لبقائي بينهم في أوج صعوبات هذا الزمن العجيب .
لم أُخبر أحداً بتفاصيل ما جرى وكنت على موعدٍ مع كابوس الليلة الثانية ،
فتوضح لي بأني جالس خلف مقعد ٍ إمتحاني في قاعةٍ كبرى ،
وإنتهيت ُ من الإجابة عن الأسئلة ،
وهممتُ بتسليم إجاباتي للمراقب المكلف بالأمر .
وبين لحظات التسلم والتسليم ،
علمتُ باني قد أجبت عن ثلاثة أسئلةٍ من أصل خمسة .
أمسك المراقب بطرف الدفتر وأنا بطرفه الآخر
متوسلاً إليه أن يعيده إليَّ لإستكمال الاجوبة .
وهو يجابهني بالرفض المطلق .
وبينا أنا في دوامة التوسلات والقلق المستمر على الأوراق من التمزق ،
إستجاب لطلبي وسلمني الدفتر مع ورقة الأسئلة الإمتحانية ،
تركَّز بصري على سؤال ٍ صيغ بطريقة ٍ غامضة :
( صورٌ لساعاتٍ بأحجام ٍ وأشكال ٍ غريبة ٍ ..
وجميعها تشير بعقاربها لأوقات ٍ مختلفة ٍ )
إستشكل عقلي في التوصل الى ذلك اللُغز الغامض .
رفعتُ رأسي عن الورقة وإذا أنا في مكان ٍ غير تلك القاعة .
وقد مَرَقَ من جانبي الأستاذ ( برهان ) ،
أومأ إليّ بإبتسامةً قد تعني شيئاً وتوارى مسرعاً … !
حاولت اللحاق به ………….
إلا إنني إستيقضت من نومي وقد إهتديتُ للجواب
بعد أن عثرت على البرهان … !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حيدر الحيدر ــــ 1/ 8 / 2006
من مجموعتي القصصية ( أصداء تدوي في فضاءات أحلامي )