لو تتبع أي مؤرخ أو كاتب منصف حي الضمير والوجدان نقي السريرة والقلب تأريخ المرأة العراقية لوجدها أنسانة عصامية مضحية شقت طريقها على طريق من الجمر والآلام لتثبت للدنيا أنها أعطت المثل الأعلى في التضحية ونكران الذات .وأنها المدرسة الكبرى التي رعت وأنشأت أجيالا من الرجال الذين ساروا على درب الفضيلة والأستقامة والعلم وخدموا وطنهم بعقولهم ونفوسهم نتيجة لذلك الحضن الدافئ الذي تربوا في كنفه والحليب النقي الذي رضعوه من تلك الأثداء الطاهره والشواهد كثيرة وكثيرة ولا يمكن حصرها حتى بآلاف الأسماء في كافة المجالات الثقافية والعلمية والرياضية والفنية والأقتصادية والأجتماعية وغيرها من شؤون الحياة المختلفة . ولولا الأم العراقية وصبرها وتضحياتها وسهرها ورعايتها لضاعت تلك الكفاآت في متاهات الحياة ولجرفتها سيول الشر ولعاشت في دهاليز الظلمة والخواء ولأصبحت عبئأ تقيلا على كاهل شعبها وغيوما سوداء في فضاآت وطنها العراق ووبالا على مجتمعها الذي ترعرعت فيه ونشأت في كنفه والفضل يعدود كله للأم العراقية العظيمة التي رعتهم كما يرعى الفلاح غرسه وينتظر منه أحلى الثمار وأشهاها وأطيبها فتجسد في شخصيتها قول الشاعر حافظ أبراهيم الذي قال :
الأم مدرسة أذا أعددتها
أعددت شعبا طيب الأعراق
ولا أريد أن أبخس حق الأب في هذه العملية التربوية المتوهجة قيما فضلى وسلوكا مستقيما وسعيا دائبا للوصول ألى الغاية المشرفة التي خلق من أجلها الأنسان. ولكنني أريد هنا أن أركز على الدور الجليل للأم العراقية التي تحملت ماتحملت من المصائب الكبرى طوال عشرات السنين ولن تتخلى عن دورها الأنساني الخلاق في مجتمعها والتي تتعرض اليوم ألى حملات التشويه والتشهير في وسائل أعلامية مبتذلة باعت شرفها وضميرها ورسالتها الأنسانية لمن يدفع أكثر ضمن الحملة الأعلامية المسعورة التي تشن على الشعب العراقي وعلى جميع الأصعدة هذه الوسائل الأعلامية التي تقودها أنظمة فاسدة ضج العباد من ظلمها وطغيانها وفسادها وانحرافاتها بعد سرقت الوطن وسجلته باسم الرئيس أو الملك وأسرتهما وحاشيتهما وأعوانهما والوارثين من الأبناء والأحفاد وأحفاد الأحفاد ألى أن يقيض الله أمرا كان مفعولا.
أعود فأقول أن المرأة العراقية التي أعطت المثل الأعلى في التضحية ونكران الذات وعملت في المصنع والحقل والمدرسة وربت أطفالها بكل جدارة وثقة بالنفس رغم كل أساليب القهر والتهميش والأضطهاد التي تعرضت لها طيلة العهود السابقة واليوم لها نبة عشرين بالمائة في مجلس النواب وتتحدث بأعلى صوتها للمطالبة بحقوقها دون خوف أو كبت جديرة أن نقف أجلالا لها وأن نحييها ونقدس دورها الأنساني لا كما تتصيد بعض وسائل الأعلام المغرضة في الماء العكر وتتحدث عن بعض الحالات الفردية الشاذة هنا وهناك في مجتمع قوامه 30 مليون لنقول للقارئ العربي الساذج والمشحون بالكراهية للوضع العراقي الجديد من قبلها بصورة مباشرة أو غير مباشرة هذا هو حال المرأة العراقية في ظل النظام الجديد في العراق ولا يمكن أن تنطلي هذه الأكاذيب المفضوحة على القارئ الذكي الذي خبر المجتمع العراقي وعاداته وتقاليده وقيمه . وخبر هذه الأساليب المضللة الماكرة والخبيثة التي يقوم بها الأعلام المعادي للعراق.
لقد مرت المرأة العراقية بسنين طويلة من الحروب والحصار وفقدت الكثير من الأبناء والأخوة وفقدت الزوج وهي في عز شبابها ولم تتراجع عن دورها الفاعل في اجتياز الصعاب وتذليلها رغم ثقلها وفواجعها التي كانت أكبر بكثير من أن يتحملها أقوى الرجال شجاعة وعزما وأرادة . فقد رعت المرأة العراقية المضحية البقية الباقية من أبناءها رغم فقدانها شريك حياتها في الحروب العبثية الظالمة وتحملت المسؤولية الكبرى بشرف تجاه أبناءها وأدت رسالتها على خير مايرام فكانت بحق منار أشعاع , ومشكاة هدايه , وينبوع حنان , ومصدر توجيه واستقامة وأرشاد وضربت أروع الأمثلة في العزة والكرامة والشرف واحتفظت بكل قيم الأمومة الحقه وكلما كانت تشتد عليها المحن كانت تزداد تألقا وتضحية وأيثارا وقوة وصلابة وثباتا لمواجهة قساوة الحياة وأعاصير النكبات والمحن .
وما المحاولات البائسة التي تحاول أن تشوه هذا الدور الريادي للمرأة العراقية ألا محاولات شيطانية خبيثة مدفوعة الثمن لاتقل عن العمليات الأرهابية الأجرامية التي يقوم بها أوباش العصر ضد الأبرياء بقتلهم في كل مكان يستطيعون الوصول أليه ليزيدوا من الأرامل والثكالى . ومحاولة منهم لتدمير لحمة العائلة العراقية والتي تمثل لب المنظومة القيمة في المجتمع العراقي وعمودها الفقري وخيمتها الكبرى هي المرأة العراقية الشجاعة والطاهرة والأصيلة . وما هذه الحملة الجديدة لتشويه مكانتها ألا جزء من هذه الهجمة الأعلامية المسعورة ضد العراق بمختلف اتجاهاتها الأجرامية التخريبية . لأن المراة تمثل الأم والزوجة والحبيبة وكل واحدة من هذه الكلمات تمثل عالما من القيم والمعاني الأنسانية الكبرى لمن يفهمها و يقدرها ويجلها من النفوس العالية الكبيرة التي تعلمت الفضيلة والخلق القويم من تلك الأم التي سهرت وحزنت ومرضت وجاهدت لكي تقف على رجليها وتؤدي دورها الأنساني والشرعي في تنشئة الرجال رغم كل الظلم والعسف والأضطهاد الذي لحق بها .
لقد شردت وهجرت العهود الدكتاتورية السوداء الآلاف المؤلفة من نساء العراق ورمتهن في مجتمعات غريبة عنهن في أسوأ الظروف وأكثرها مأساوية ولم تفت تلك المآسي والفواجع الكارثية رغم عمق جراحها في سواعدهن أو تزلزل أرادتهن فحافظت تلك الأم والأخت على عفتها وطهارتها في بلاد الغربة وربت أبناءها على الفضيلة والأخلاص للوطن هذه هي الصورة الحقيقية الناصعة على مر الزمن ولا يمكننا أن ننسى أن أول وزيرة في الوطن العربي كانت في العراق في عهد الزعيم الوطني الخالد قائد ثورة الرابع عشر من تموز العظيمة الشهيد عبد الكريم قاسم وهي السيدة الدكتورة المرحومة نزيهه الدليمي وقد شهد عهد الزعيم عبد الكريم قاسم تشريعات كثيرة لصالح المرأة ومنحها حقوقها ولكن ماأن حلت فترة حكم البعث الفاشي التي دامت لأكثر من ثلاثة عقود حتى صودرت معظم حقوق المرأه مثلما صودر حق الشعب العراقي في العيش الحر الكريم دون تسلط أو قمع أو اضطهاد فشن ذلك النظام الحروب الدموية ضد جيرانه والتي جلبت الويلات للشعب العراقي وكان للمرأة العراقية نصيبها الأوفر من تلك الويلات والمحن ومن عاش تلك الفترة السوداء يدرك أبعاد تلك الفترة المأساوية وتأثيرها المباشر على المرأة العراقية . وقد صبت علها من المصائب والمحن والكوارث لو صبت على الأيام لصرن لياليا .
لاأريد أن أقدم هنا صورة وردية بعيدة عن الصورة الحقيقة للمرأة العراقية أقول بكل ثقة وصدق هذه هي الصورة الحقيقة المشرقة التي عودتنا عليها المرأة العراقية والتي عشناها وخبرناها لعشرات السنين ولكني أقولها بكل ألم أن لكل قاعدة شواذ فانحراف القلة القليلة من بعض النساء لايمثل الوجه الحقيقي الناصع للمرأة العراقيه أبدا كما تفعل بعض الفضائيات وبعض مواقع الأنترنيت . ولو أجريت أحصائية موضوعية وحيادية للفضائح والأنحرافات التي تجري في دول هذه الوسائل الأعلامية المغرضة لكشف الكثير من المستور علما أن هذه البلدان التي تمول هذه الفضائيات لم تتعرض لأية هزات عنيفة وحروب كارثية كما تعرض لها العراق والأمثال تقول (لاتدينوا حتى لاتدانوا )و(من غربل الناس نخلوه )و(ياما تحت السواهي دواهي ) و( من كان بيته من زجاج لايرمي الناس بحجر ) .
أن التحقيق الذي نشره موقع ( أيلاف ) وتلقفته بعض المواقع الألكترونية المغرضة ومنها مايسمى ( دنيا الوطن ) التي بعثت لي ذلك التحقيق التافه واعتبرته تحقيق ( جريئ وشجاع ) معظمه أكاذيب مفضوحة مبتذلة معدة سلفا ولا تمت ألى واقع المرأة العراقية الحقيقي بصلة وهو انحراف واضح عن قول الحقيقة الكبرى عن المرأة العراقية التي هي أرفع وأطهر وأسمى من كل ادعاآتهم ومقولاتهم المغرضة الحاقدة المشوهة والتي هي جزء مما يتعرض له العراق وشعبه في هذه الأيام لأرجاعه ألى عهود الظلم والدكتاتورية السوداء التي كانت تتستر هذه الوسائل الأعلامية عن كل موبقاته وجرائمه وفضائحه لغايات طائفيه لاتنطلي على الشرفاء والباحثين عن الحقيقة المجردة الخالية من كل غرض دنيئ في هذا العالم .
جعفر المهاجر – السويد