الرئيسية » بيستون » لماذا التعتيم على محكمة الكرد الفيلية

لماذا التعتيم على محكمة الكرد الفيلية

تعتيم على عمليات التهجير، تعتيم على مصادرة البيوت، تعتيم على اسقاط الجنسية، تعتيم على استخدام اكثر من عشرة الاف شاب في مختبرات الاسلحة الكيمياوية… واخيرا التعتيم على المحكمة التي لجأت اليها بعض العوائل للتقاضي من المسؤولين عن تلك الجرائم.
واستؤنفت هذه المحكمة، بصمت، دون ان يعرف عنها الشعب العراقي نفسه، رغم وجود شخصيات اصبحت في عداد المشاهير مثل علي حسن المجيد، طارق عزيز، وغيرهم من الوجوه التي بامكانها ان تسرق الاضواء، وكان لمحاكماتها وزن في ما مضى.
بل تعتيم على وجود الكرد الفيلية في العراق، وكأن هذه الملايين غير المرئية، تلبس طاقية الاخفاء، او تعيش في الظلام، مثل بعض مراجعنا… لماذا؟

أفهم ان عذر النظام السابق كان موجها، فما قام به هو جرائم يخجل منها الفاعل، على اعتبار ان صدام حسين كان يعرف الخجل، وأفهم ان تعتيم الجمهورية الاسلامية على الجرائم كان للحيلولة دون انتشار الوعي السياسي بين المهجرين الكرد، وتسربه لاكراد ايران، كي لا تسبب لطهران متاعب، والكورد الفيلية يشكلون الاغلبية في محافظات ايران الغربية.
دوافع ذلك التكتم لها مبرراتها، فالحكومات تريد الطبق مستور، لان رفع الغطاء ينشر رائحة ممارسات نتنة.

ولكن لماذا تقوم الدولة العراقية اليوم، عراق ما بعد صدام، بالتدليس عن الحقائق، والتكتم عليها، ثم التعتيم المطبق من اجل ان لايسمع احد بمأساة هذا الشعب، وهي كما يبدو للوهلة الاولى غير معنية بالجرائم التي تمت قبل وصولها للسلطة؟

هل ترمي الحكومة من خلال هذا التعتيم ابراز حسن النية في العلاقات الجديدة، المتنامية، بين حزبي الدعوة والعودة، اذ يرفض الاخير هذه المحاكمات، فضلا عن رفض عزة الدوري الدعوة التي وجهت له للقاء المالكي، اي ان استمالة البعثيين للمشاركة في الحكم تتم على حساب العدالة؟ وان محكمة الكرد الفيلية المتأخرة جدا، قد بدأت في الوقت بدل الضائع؟

اعتقد ان الحكومة العراقية اليوم، برئاسة السيد نوري المالكي، ومن وراء هذا التعتيم المطلق، تشعر بالتأكيد بانها جزء من هذه الجريمة، كونها ماتزال ترفض، وباصرار، تغيير القوانين المجحفة التي سنت بحق الكرد الفيليين، ابان حكم صدام حسين.

اسقاط الجنسية العراقية عن الكرد الفيلية قانون اتخذ في حقبة البعث، وهو جريمة بحق مئات الالاف، ومازالت الحكومة العراقية الحالية ترفض تغييره.
مصادرة الدور السكنية للكرد الفيلية المهجرين هو قرار حقبة البعث، ومازالت الحكومة العراقية الحالية ترفض تغييرة، وترفض اعادة الدور الى اصحابها.
مازالت الحكومة العراقية الحالية ترفض الكشف عن مصير اكثر من عشرة الاف شاب بين سني (18 و 28) فقدوا من سجن ابوغريب ايام النظام السابق، اذ جرت على اجساهم اختبارات صناعة الاسلحة الكيمياوية.

وفوق ذلك، مازالت الحكومة العراقية الحالية ترفض اعادة مئات الالاف من العوائل التي هجرها النظام السابق، اي ان الحكومة اليوم ماتزال تسير على خطى النظام السابق في معاملتها للشريحة الكردية الفيلية.

ستة اعوام، زمن طويل لا مجال فيه للتعلل “بالضرف الطارئ”، اي ان خطوات حكومة ما بعد التاسع من نيسان مدروسة، لا تختلف ابدا عن سابقاتها، وهي تواصل تلك السياسة اللا نظيفة عن قصد وبوعي تام، اي انها جزء من الجريمة ولهذا السبب هي الاخرى تمارس التعتيم الاعلامي، اسوة بنظام صدام، وبالجمهورية الاسلامية.

والحكومة العراقية الحالية وعلى رأسها السيد المالكي تعي جيدا بان العدالة اذا ما اريد لها ان تأخذ مجراها فان السيد المالكي، ووزير داخليته، وكثير من مسؤوليه يجب ان يمثلوا ايضا للمحاكمة، الى جانب وطبان وسبعاوي، واذا لم يكن هذا المطلب عمليا في عراق اليوم، فانا لا استغرب ابدا ان تلجأ العوائل الكردية الفيلية في سبيل الحصول على حقوقها المسلوبة ان تلاحق المالكي، والجعفري عن هذه السنين الستة السود التي هي امتداد بالتاكيد لسني صدام حسين، وان لم يحدث ذلك، فان العدالة في العراق غير عادلة.