الرئيسية » اللغة » أزمة الكتابة باللغة الكردية في سورية هل هي في قلة القراء أم في غياب الكتاب!؟

أزمة الكتابة باللغة الكردية في سورية هل هي في قلة القراء أم في غياب الكتاب!؟

إن لهذه الأزمة أسباب وعوامل بعضها موضوعية خارجة عن إرادة القراء و الكتاب معا ، تتعلق بالظروف التاريخية و السياسية التي مر و يمر بها الشعب الكردي في سورية ، وبعضها الآخر
ذاتية قد تتعلق بقلة الاهتمام الإعلامي بهذا الجانب ، وغياب النقد الموضوعي للفوضى القائمة في نص الكتابة باللغة الكردية ، و قلة الخبرة العلمية و المعرفية بأصول الكتابة باللغة الناطقة.


العوامل الموضوعية لأزمة الكتابة باللغةالكردية

1 – إن الحظر المفروض على استعمال اللغة والثقافة الكردية ، و منع التدريس بهما في المدارس وفي الجامعات وفي تداولهما في الأعلام ، بالإضافة إلى غياب المجاميع و الهيئات اللغوية المختصة الرسمية ، أثرت و بشكل كبير على تطور الكتابة باللغة الكردية.


2- واقع الاضطهاد المفروض على الشعب الكردي ، أدى إلى الاهتمام بالجانب السياسي و النضالي واستعملت اللغة العربية للكتابة في هذا الجانب لسرعة تقبلها من القراء الأكراد و العرب على حد سواء ، مما شكل أحد الأسباب التي أبقت الكتابة باللغة الكردية في الجانب الأدبي وعلى قلتها وعلتها فقط.

3- إن التطور الكبير في الأعلام وفي سرعة نقل الأفكار والمعلومات و ظهور عشرات المواقع الإلكترونية بين الأكراد في سورية ، كان من المفروض أن يؤدي إلى التحسن في واقع الكتابة باللغة الكردية ، و أن تساهم في استنهاض وربط التراث الشعبي الكردي الغني بالمفردات و التعابير الجميلة ، بالثقافة المعاصرة ، إلا أنها أصبحت عاملا موضوعيا إضافيا في استمرار أزمة الكتابة باللغة الكردية .

4-تحكم عقليات محافظة موروثة من الواقع الاجتماعي والسياسي المشوه للشعب الكردي ،على الدوريات المطبوعة باللغة الكردية ، و التي تعاني أصلا من محدودية قرائها و تدني مستوى جماليتها و مدى توزيعها , حيث ترفض كل جديد و تفضل المعروفين لديها من الكتاب ، بغض النظر عن مستوى كتاباتهم ومدى أهمية مقالاتهم للقراء ، و ذلك على قاعدة ( الأقرباء أولى بالمعروف ) .

العوامل الذاتية لأزمة الكتابة باللغة الكردية :


1- غياب نمط محدد وواضح للكتابة , كشكل كتابة الحروف العربية في النص الكردي , الاجتهادات الغير مبررة في شكل كتابة الحروف ولفظها , الجدل الغير مجدي في عدد حروف اللغة الكردية ، الاختلاف في شكل كتابة الكلمات مثل اللواحق و أفعال الكون ، مما أدى إلى تشويش القارئ و صعوبة قراءة النص.

2- يجري تعقيد النصوص بوعي أو بدون ذلك ، بحشوها بكلمات من لهجات أخرى ، غالبا من اللهجة الصورانية ، أو تكون مستحدثة بحسب اجتهادات الكاتب ، مع إنه توجد مرادفات لها في اللغة المتداولة للقراء ، أو تكون موجودة في تراثهم الشعبي ، مما تسبب في بعد القارئ عن تلك النصوص.

3- أغلب كتاب اللغة الكردية ، و قبل البدء بكتابة نصهم الكردي ، يكتبونه في ذهنهم باللغة العربية ، ثم يقومون بترجمة ذلك النص العربي المكتوب في ذهنهم ، إلى اللغة الكردية على الورق ، مما يبقيهم أسرى لاستيراد كلمات جامدة و غير مفهومة من اللهجات الأخرى ، و استعمال تعابير عربية صرفة ، مترجمة حرفيا ، قاسية على اللغة الكردية ، و غير منسجمة مع ذهنية القارئ الكردي.

4-أغلب كتاب اللغة الكردية ، لم يحاولوا حتى الآن التطرق إلى مواضيع اقتصادية ، اجتماعية ، سياسية ، علمية ، تهم القراء و تمس حياتهم و همومهم اليومية ، بل اكتفوا بالكتابة في الشعر ، و في المواضيع الأدبية و الثقافية من العيار الأكاديمي و التخصصي و الطويل، مما شكل سببا إضافيا لمحدودية عدد القراء .

5- أدى عدم اعتماد لغة سهلة ومرنة ، محكية و متداولة بين الناس ، في النصوص الكردية ، إلى إبعاد اللغة عن مواكبة التطور الثقافي و المعرفي المعاصر ، و إعطاء انطباع مشوش عن قدرة اللغة الكردية في إيصال العلوم و المعلومات الحديثة إلى القارئ .

6- تشوش ذهنية بعض الكتاب ، و القائمين على أزمة الكتابة باللغة الكردية ، في كيفية و أساليب معالجة نمط هذه الكتابة ، و الضياع بين ما هو وطني ، مفيد و سهل ، جميل و قريب من واقع القراء ، و بين ما هو في الخيال ، مستورد و مغلف بطابع غريب و عنيد ، بعيد عن ما يعاني منه الكتاب و القراء معا ، مما أعطى انطباع لدى القارئ بان كل الكتابات باللغة الكردية متخلفة ، و كتابها لا زالوا يعيشون في زمن الشاعر ملاي جزيري و أحمد خاني و……….إلخ ، ومقيمين في جزيرة بوطان و ساكنين في مدينة أربيل و مستوطنين في مهاباد و هورمان و سائحين على ضفاف بحيرة وان.

7- غياب مؤسسة مستقلة تقوم بدراسات دورية ، وعقد اجتماعات شفافة ، و ممارسة النقد البناء ، كسبيل للخروج من هذه الأزمة ، و فتح الطريق للقراء لتقييم كافة الكتابات التي من أجلهم تكتب.

منتديات البارتي