منذ عقود خلت والعالم ينظر الى العراقي نظرة توجس وريبة مازالت مستمرة وبوتيرة اعلى حتى ايامنا هذه خاصة بعد ازديادحالات طلب الهجرة للعراقيين في البلدان الاجنبية لسبب او لاخر ونقصد بالعالم هنا الحكومات وليس الشعوب وبالعراقي المواطن المحكوم وليس الحاكم وهنا يبدو الامر معكوساً تماماً, فهناك حكومات اجنبية وعربية ليست ودودة مع شعب باكمله يعيش على بقعة مهمة من بقاع الارض بذريعة الدفاع عن امنها الوطني والاجتماعي والاقتصادي وحكومات عراقية لم تفكر بشعبها يوماًالا بحسابات السياسة وعلاقاتها الدولية المبنية على مصالحها او على مدى استمرارها في السلطة .
ففي الوقت الذي تغلق فيه دول العالم عموماًوالعربية والاسلامية خصوصاًالباب بوجه العراقيين الذين يرغبون في زيارة البلدان الخارجية اما للسياحة او العلاج او لتلقي العلم او الانشطة الثقافية المختلفة وقفت الحكومات العراقية موقف المتفرج الذي لايهمه الامر لامن قريب ولامن بعيد في وقت اهتمت فيه كثيراً في جعل سفاراتها في الخارج مباني للعمل المخابراتي وعمليات الاغتيال للمعارضين وصرف اموال البلاد على الاعلاميين والكتاب المتزلفين كماكان يحدث ابان النظام السابق .
وفي ايامنا هذه تقف الحكومة موقفاً غير واضح من هذه المسألة بدليل ان مواقف دول العالم مازالت لم تتغير بل اصبحت اكثر قسوة اذا صح التعبير على مدى السنوات الخمس التي اعقبت سقوط النظام السابق كما ان المراقب لم يسمع رأياًواحداً للمسؤولين العراقيين على اختلاف مستوياتهم في اي محفل من المحافل الدولية التي يشاركون فيها او خلال زيارتهم العديدة لمختلف الدول ومحاولاتهم عقد اتفاقات سياسية او تجارية او ثقافية او اعادة العلاقات الدبلوماسية .
وفي جميع الاحوال كان ينصب اهتمام هذه الوفود للحصول على مكاسب سياسية من قبيل كسب ود الجهات الاجنبية التي تفاوضها بهدف العودة للمجتمع الدولي وان كان ذلك حق من حقوق العراق كدولة مهمة في هذا المجتمع .
ان الحصار العالمي المفروض على العراقيين منذ عدة عقود لايشمل الا عراقيي الداخل في وقت استطاع فيه المهاجرون والمنفيون ان يحصلوا على الاقامات الدائمة وجنسيات بلدان المهجر ما جعلهم مؤهلين للتنقل بين بلدان العالم بحرية وفي الوقت الذي يشاءون رغم انهم عراقيو ن بالاصل والمولد , وهنا يتساءل المرء مالفرق بين بين عراقيي الداخل والخارج ؟ الجواب ان الاخيرين محميون بأقاماتهم وجنسيتهم التي تمثل الدول التي يقيمون فيها ولاتمثل بلدهم الاصلي العراق وهذا يعبر عن احترام تلك الدول لنفسها واحترام الدول لها , اما منع عراقيي الداخل من السفر والتنقل بحرية في البلدان الاخرى لمجرد انهم يحملون جوازات سفر عراقية انما يمثل نظرة قاصرة نحو العراق كدولة وعدم احترام ارادة وخيارات شعبها الحر وهذا يتنافى مع ماتذهب اليه تلك الدول لاسيما مايوصف منها بالدول الديمقراطية التي تدافع عن ماتسميه دائماً( حقوق الانسان ) ناهيك عن الدول التي تصف نفسها بالشقيقة او الصديقة !
ان قبول العراقيين على اساس اللجوء الانساني فحسب وبعد معاناة مريرة وطويلة ومن ثم العيش في ظروف قاسية ماكانوا يختاروها عن طيب خاطر انما يعبر برأينا عن نوايا غير حسنة تجاه العراق كدولة بهدف تحجيم دوره متأثرين بعقدة النظام السابق ودوره السلبي في العلاقات الدولية ونسيت تلك الدول او تناست معاناة شعب باكمله يعيش في ظروف قاسية وطارئة لابد لها ان تنحسر وتتلاشى يوما ليحتل العراق دوره الريادي في المنطقة والعالم , وفي جميع الاحوال يجب ان يكون الحل عراقياًولايتم ذلك الا بأرادة حرة شجاعة لاتمليها الظروف او القيود التي فرضها قرار مجلس الامن المرقم 661 الصادر في اب عام 1990 الذي حرم العراق من مكانته القانونية والدولية التي كان يتمتع بها ردا على مغامرة النظام السابق في غزو الكويت , ولنا في ارادة المفاوض العراقي الحر بشأن انسحاب القوات الاجنبية من العراق عبرالاتفاقية العراقية الامريكية خير دليل على تلك الارادة الحرة الشجاعة التي سوف لن تنسى شعبها الذي طالت معاناته .

