إذن نحن نعتقد أن الشخص لا يجوز تسميته بكافر إلا إذا منح فرصة كافية لفهم هذا الدين أو إذا آمن بالإسلام واقتنع به ثم أرتد عنه وخشية من سوء فهم القصد لنأخذ مثالا على ما نقول:
لنفرض أن جماعة من حزب أنصار سلامة البيئة اضطرها الموقف أن تهاجم قارباً فيه شخص يصيد الأسماك بطريقة تلوث النهر أو البحر وتؤدي إلى إصابات سرطانية له وللناس واضطره الموقف أن يقاومهم بالسلاح وهو يجهل تفاصيل وفكر هذا الحزب الإنساني المسلم وقتل هذا الصياد نتيجة الصدام المسلح، فهل يعني هذا أن هذا الصياد كان يتمنى أن يصاب بالسرطان هو أو أبناء قريته؟ إن لم يكن قد ثقف مسبقا بخطورة ما يفعل وان المواد التي يقذفها في النهر ستؤدي إلى التهلكة. فكيف لو أن هذا الصياد لم يفعل ما يسيء لا لنفسه ولا للآخرين إنما كان يصيد على طريقة آبائه وأجداده وبكل سلام وخلقية.لقد قاوم الصياد من أجل عيشه و إعالة أسرته وموته موت “مشرف” بعكس الصيادين أو أصحاب المصانع الذين يلوثون البحر بمواد مشعة أو غير مشعة ولكنها مسيئة جداً للبيئة وهم يعلمون ذلك علم اليقين وقد أنذروا و أحيطوا علماً بفداحة ما يفعلون .. وهكذا الفتح الإسلامي في منظورنا .. لماذا يقتل الفرد وهو يباغت بفكر ولغة لا يعيها مسبقاً؟ لماذا تغزى الشعوب وتسلب منهم أراضيهم وزوجاتهم وبناتهم وأموالهم بسبب أفكارهم، ولماذا السيف في نشر الفكر وليس الحوار؟! لماذا الدماء؟! لذا فإن مؤلف هذا الكتاب يدعو وبإصرار إلى رفع كلمة كافر عن كل مقبرة وشاهد صخري أو كهف أو شجرة أو أي بقعة أرض في كردستان وصفت بالكفر نتيجة هجوم الفاتحين على الأكراد الآمنين في كردستانهم فقد كان دفاعهم عن أرضهم وعرضهم وأموالهم مشروعاً لا بل عملاً بطولياً والدفاع عن الأرض والعرض جهاد ما بعده جهاد. ومن هنا تجدر الإشارة إلى إن ملاحظات الرحالة أو الأجانب عن وجود معتقدات كردية جلبت انتباههم ودونت في مذكراتهم هي من وجهة نظرنا تتصف بما يأتي:-
-1إن كثيراً من المعتقدات التي شاهدها المستشرقون أو الرحالة هي ليست لصيقة الشعب الكردي وحده بل نجدها لدى الأقوام الآرية في الشرق الأوسط.
-2إن بعض ما يشاهد في منطقة كردية أو لدى قبيلة كردية من معتقد قد لا يشاهد في منطقة أخرى أو لدى قبيلة أخرى فما قد ينتشر ويمكث لدى قبيلة ربما يمكث أكثر لدى قبيلة أخرى ولأسباب متعددة.
-3يعود البعض من هذه المعتقدات إلى ما قبل الإسلام وربما كانت الطقوس الدينية الزرادشتية أو توصيات رجال الدين آنذاك أو بقايا من معتقدات أصولها آشورية أو بابلية انتقلت إلى المسيحية وبقيت مع الكردي الذي أصبح مسلماً من بعد ولهذا يشترك المسلمون والمسيحيون الكرد بها مثل عقيدة وضع سكين صغير تحت وسادة الطفل الوليد الجديد وان كانت هذه العادة قد باتت منقرضة تقريباً في هذه الأيام .
-4إن بعض المعتقدات وصلت كردستان و نشأت في كردستان بعد دخول الكرد الإسلام وكان لبعض – وقد يكونون كثرة – من رجال الدين دورهم في ترسيخ هذه المعتقدات التي لا تمت إلى جوهر الدين الإسلامي بصلة.
الشخصيات الكردية
يتضمن هذا الفصل انطباعات الرحالة والمستشرقين عن الشخصيات الكردية التي التقوها أو تعرفوا عليها بشكل غير مباشر واثرت فيهم بشكل أو بآخر، ولا ندعي ان هذا الفصل سيكون موسوعة بكل من ورد اسمه من الكرد في مدونات الرحالة، بل سنختار من كان له حضوره المؤثر اما بنوع السلوك الذي صدر عنه او بسبب تكرار الالتقاء كأن يكون مضيفاً لصاحب المذكرات.
ان الانطباعات التي يسجلها هؤلاء عن الشخصيات الكردية هي انطباعاتهم وليست انطباعات مؤلف هذا الكتاب ونرى في هذا الفصل نوعاً من الخصوصية السايكولوجية ذلك ان الانطباعات ستكون سمات شخصيات هؤلاء الناس التي يمكن بمجموعها ان ترسم لنا ملامح الشخصية الكردية القيادية بشكل تقريبي ومن منظور أجنبي.
وهنا نجد من الضروري ان نوضح اننا تبنينا التسلسل (الالفبائي) للأسماء في أولوية ذكر كل شخصية من الشخصيات المذكورة في الفصل. كما حذفنا الالقاب الاولى مثل شيخ وسيد وابقينا (حاجي) لانه يأتي كاسم علم ايضاً في الكردية.
ابراهيم اغا دزه ي
يتحدث السير مارك عن لقائه بـ ابراهيم اغا دزه ي ولا يحدد السنة التي التقاه بها في مخمور لكنه بالتأكيد قد التقاه قبل عام 1904 تاريخ طبع الكتاب.
يذكر سايكس ان ابراهيم اغا كان مسؤولاً عن 12000 عائلة، وقد ذكر ابراهيم اغا ان عملية الزواج بين الكرد والعرب يعطي عِرقاً جيداً، ويعلق سايكس في هامش من ذات الصفحة ان ابراهيم اغا ربما ذكر ذلك لان والده كان كردياً ووالدته كانت عربية.
ويصف سايكس المهمات التي يقوم بها ابراهيم اغا في حياته اليومية أي المشكلات التي عليه حسمها وكذلك انواع البشر الذين يزورونه ويحادثونه في مجلسه فيخرج بنتيجة ان المساواة بين البشر متحققة في الشرق، وهو يسأل القارئ ما اذا كان (الدوق) في مدينة انكليزية مستعداً لاستقبال القصاب والكناس واصناف من عامة الشعب في مجلسه (188) ويرى انهم أي الانكليز لن يصلوا الى هذا المستوى من الديمقراطية ابداً.
الحقيقة، ان ما ذهب اليه السير سايكس شيء جميل ولكن لا يمكن ان نتفق معه من حيث التعميم. فاذا كان ابراهيم اغا دزه ي متواضعاً فهذا لا يعني ان كل الاغوات او الباشوات والبيكات في كردستان كانوا على شاكلة ابراهيم اغا. ان مؤلف هذا الكتاب يعرف جيداً ان هناك من الرؤساء الكرد ممن لعبوا بمقدرات هذا الشعب وماله وحريته وامنه ما لم يفعله أي (دوق) في مدينة انكليزية، فعلى سبيل المثال لا الحصر ستبقى مدينة زاخو تجأر وهي تتذكر جراحات الأربعينيات والخمسينيات على يد (دوقها) وهو بدوره كان (اغا) من اغوات الكرد. ان ما فعله لم يفعله أي دوق من دوقات العصور المظلمة في اوربا. لذا فأن انبهار مارك سايكس بابراهيم اغا هذه الشخصية التي اثنى عليها هَيْ ايضاً حاكم اربيل السياسي، هي ليست الشخصية العامة او المثل العام لكل متنفذي كردستان. وان المساواة لم تحصل في كردستان بالشاكلة التي تراءت للسير مارك لو انه عاش كواحد من مواطنيها وكثيراً ما استخدمت (المظاهر) الديمقراطية قناعاً لابشع جرائم اللاديمقراطية.
Taakhi