حروب القرون الوسطى الأوربية هذه التي يمهد لها تجار طوائف أمثال القرضاوي وفضل الله ويورطون بها الأجيال الشابة في العالم الإسلامي , إن ابتدأت وترسخت فلن تنتهي ولا يستفيد منها غير الأسياد التي تحرك هذه الذيول . – — خلال سنوات التسعينات من القرن الماضي , ومع تطبيق الحملة الإيمانية المباركة ضد الشعب العراقي , البعيد بغالبيته الساحقة عن الكراهية والتطرف الطائفي , بدأت ظواهر جديدة تنتشر وسط الفئات الشابة خصوصا أساسها تجارة المذهب بيع وشراء . كانت أعوام الحروب والحضر قد أنهكت الاقتصاد والمجتمع , وهنا تواجد و تحرك العنصر الوهابي السلفي , جل مافهمناه إن السعودية تشتري منك المذهب المعتاد القديم مقابل راتب شهري بالدولار , لا اقل من ( ورقتين ) أو ثلاثة , للشباب الشيعي أو الكردي السني العاطل المتسكع الذي لايجد قوت يومه , أجمل مافي الاتفاق انه لاينبش ولا يفتش عن ماضي الشخص وأفعاله الشائنة , بل ربما يكون مطلوبا أكثر , لتكون المغفرة اكبر , ثم تكتمل الصورة بارتداء التائب المصلح الوهابي السلفي الجديد الزي الموحد , أي الدشداشة القصيرة إلى حد الركبة , والنعل واللحية الكثة الطويلة , والمتبقي يعرفه جميع من يجلسون في مقاهي بغداد والمحافظات , مايهمنا أن أعضاء التنظيم الجديد يجب أن يحللوا خبزتهم السعودية ويمارسوا عملا , خارج أوقات الصلاة والعبادة , وإذا بهم جمعيات للتدخل في شؤون الناس ومطاردة الفتيات وتقييد الحريات وإغلاق محلات المهن غير المقبولة لدى أوليائهم تدرجا من استعمال العصي وانتهاء بالرمانات والمتفجرات , فماذا كان أمثال القرضاوي سيطلقون من تسمية على هذا البرنامج لو عاشوا بيننا حينذاك ؟ .
– أكثر من يتحدث وبعالي الصوت , وينادي بالوحدة الإسلامية ونبذ التفرقة التي يصنعها الأجنبي وعملاءه هم القرضاوي وفضل الله وأشباههم , ولكن هل يشتهرون وينتشرون هم بالذات لو تحققت هذه الوحدة المنشودة , وهل ستبقى حاجة إليهم باعتبارهم مفسري مذاهب ستتوارى خلف ركائز الإسلام كدين تتفق على مفاهيمه جميع الطوائف .
– كعلمانيين يجب أن لا نفهمها هكذا , فالمفاهيم الإسلامية الأخلاقية المثالية , لاتصلح كهدف ودستور للأنظمة الشمولية والثيوقراطية المتخلفة عموما والتي تواجه حاليا وفي كل وقت التحديات الإصلاحية وتطلعات الأجيال الجديدة للخروج من مهاوي الظلام إلى النور .
– لماذا فجر القرضاوي قنبلته ومن هو أصلا وما هي الأهداف الحقيقية لحملته السنية الإيمانية ؟
– المواجهات المستمرة في الخمسينات والستينات من القرن الماضي في مصر بين حداثة النظام الناصري وتخلف الإخوان المسلمين أفرزت القرضاوي وأمثاله فمن المعتقل في أوائل الستينات إلى جواز سفر والانتقال نحو مشيخة قطر المحمية البريطانية في ذلك الوقت , وما يشار أحيانا إلى دخول المخابرات المصرية على الخط وتطويبه عنصرا مدربا لديها ثم إرساله ليتحول إلى مفتي مرهوب الجانب حيث الجاه والمال والنعمة والجنسية المزدوجة في قطر الشقيقة , ليعاشر التخلف ويستثمره لمصلحة الأهداف الستراتيجية للسياسة المصرية مع التداخل الاقتصادي والسياسي مع المصالح النفطية الخليجية وصراع أنظمتها ذات طابع القرون الوسطى من اجل البقاء .
– قنبلة القرضاوي اليوم لاعتراض ظاهرة , تمدد التشيع ذو الماركة الإيرانية الخامنئية لولاية الفقيه , وجوهرها نظرية المجال الحيوي الهتلرية التي لاتعترف إلا بالتوسع والامتداد , نفوذا وإيديولوجيات وصولا حتى إلى الغزو المسلح متى سنحت الفرصة .
– ماذا فعلت إيران وأغضبت القرضاوي غير تطبيقها الخطة السعودية الوهابية مع السنة المفلسين دولا وأحزابا وأفراد , وهل أهداف الطرفان السعودي والإيراني مختلفة أو متماثلة , والتي جوهرها شراء ذمم الناس بالمغريات المادية والدعائية , مع فارق استعمال إيران لإسرائيل كورقة رابحة وجوكر في كسبها لود وولاء الشباب العربي الإسلامي .
– إسرائيل مرة أخرى خنجر مسموم ومشكلة وعصا غليظة , في يد أنظمة الاستبداد الشرق أوسطية , لتحطيم وإعاقة أي مسيرة إصلاح وتقدم للأجيال العربية والإسلامية الصاعدة والرافضة البقاء ضمن أنظمة وأفكار ومشاحنات القرون الوسطى
– إيران تشتري السنة ! السعودية تشتري الشيعة ! ثم ماذا ؟ إذا لم تكن مقدمات لحرب داحس والغبراء وقودها استثمارات المجتمع ودماء شبابه .
– أما طريق الإصلاح , وأما الحروب البربرية والإرهاب وخلق المشاحنات بواسطة الذيول وتضخيمها لإخفاء مشاكل المجتمع الحقيقية , ويبدو أن التيار الرئيسي المتحكم سواء في السعودية أو إيران واغلب أقزام الأنظمة من حولهما قد اختار المواجهة والتصعيد , ليثبتوا عن حق تخلف المنطقة وطوائفها وحاجتها للدماء والحروب علها تعبر مرحلة القرون الوسطى وحروبها الدينية .
– أين موقع العلمانيين واليسار والليبراليين والديمقراطيين في الدول العربية والإسلامية من هذه المعمعة التي لاتبشر بالخير للشعوب ؟ وهل يكفي أن نرى
1- مجموعات منهم مع هذا الطرف أو ذاك تبرر له , من موقعها أو مصلحتها الضيقة , عماه الحد اثوي , وطائفيته المقيتة تجاه إسلام ليس كما هو ولكن يفصله كما يشاء ويهوى .
2- مجموعات تبتعد عن الخوض في هذا المستنقع , ترفعا ربما أو خوفا من التورط في مشاحنات الجهل والجهالة وما تسببه لها من مشاكل .
3- مجموعات تعري وتفضح وتؤشر جوهر هذا التخلف طبقيا واجتماعيا , وتفضح اللعبة الفاشية الثيوقراطية المشتركة للطرفين , كما حللت الثورة الروسية الحرب العالمية الأولى باعتبارها صراع مصالح الدول الكبرى الاستعمارية على استحصال مناطق النفوذ والسيطرة على المستعمرات وموادها الأولية , وما شعوب تلك الدول إلا وقود وبنادق لحماية الفئات الحاكمة , وكان الاختيار للطبقة وليس الدولة.
– هؤلاء الفاشلين ووكلاء الأنظمة وسياساتها في ثياب رجال الدين , استمروا ولعشر سنوات يعقدون المؤتمرات مدفوعة الثمن من أموال الشعوب والهدف المعلن هو التقريب بين طوائف الإسلام وانشئوا (الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين) برئاسة المصري الخليجي العالم يوسف القرضاوي , ونيابة الإيراني آية الله تسخيري وامتلأت ساعات بث الفضائيات بسيل الأمنيات الطيبة والتذكير المكرر وكما يبدو المتعمد , لأحداث جرت قبل أكثر من 1400 سنة , وتكونت وتبلورت على أثرها المذاهب الإسلامية العديدة , بحجة تجاوزها وتوحيد الصف والكلمة , ولكن بنبش تفاصيلها , أي الأحداث , ونفخ بالوناتها , ثم تفجير هذه القنابل الموقوتة واحدة تلو الأخرى لتأخذ منحى التصعيد الخطير المتبادل , والسباب والشتائم ثم التجريح والتخوين بدء , بفتنة , وبدعة وإسفاف , وانتهاء باتهامات العمالة الواضحة للماسونية والصهيونية والاستعمار ولا زال الحبل على الجرار , لتنتقل المعركة إلى الفئات الأدنى وحرب إحراق المواقع الالكترونية المتبادل وياليتها تقف عند هذا الحد .
– لوسألت أي من الطرفين فريق القرضاوي , وفريق فضل الله … تسخيري , عن المستفيد من هذه المناوشات لأجابك وسريعا وبالصوت العالي المسموع , إنها الصهيونية والاستعمار والاحتلال … الخ ! ولكن لماذا تنفذون أجندته ؟ .
– حتما المستفيد هي الرأسمالية العالمية كنظام حكم ونفوذ واحتكار , سواء كانت مراكز ثقله إسرائيل أو أمريكا و الغرب عموما , تنجيه هذه السفاسف من تحول الشعوب المقهورة صوب مصالحها الحقيقية , لتعيد من جديد , النقيض العلمي للرأسمالية وشرورها , في صورة الحركة الاشتراكية .