” الحياة حلمٌ يوقظنا منهُ الموت ”
مثل فارسي
” للناس حجٌ ولي حجٌ إلى سَكَني
تُهدى الأضاحي وأهدي مهجتي ودمي”
الحلاَّج
فهرس
مقدمة : أضواء في نهر الجسدْ
عذابات وضَّاح آخر
إشارات
وضّاح اليمن – شاعرٌ أمويٌّ تشبب بأم البنين فدفنه الوليد بن عبد الملك حيّاً.
روضة – حبيبة وضّاح اليمن .
دعبل الخزاعي – شاعر هجَّاء كوفي الأصل . سكن بغداد . تشيَّع للعلويِّين وهجا العباسيِّين .
له بيتٌ مشهور
ﺇني لأفتح عيني حين أفتحها
على كثيرٍ ولكن لا أرى أحدا
مقدمة :
أضواء في نهر الجسد:
كلمات مضيئة مزهرة في جسد وضَّاح الليليِّ في زمن الردة والهزيمة الروحية .
تعكس الحلم / الكابوس .
والتناقضات المرة . التي يتشَّكل في أفقها الأزرقِ الكونيِّ جوهرُ الشعر الحقيقي .
واللوعةُ المزهرةُ على عينيه .
هذه الصرخةُ الداخليةُ ذاتُ الأبعادِ اللانهائيَّة . يهطلُ برقها من عوالم اللا وعي على أرضِ النبوءة . ليطلعَ حدائق وضَّاح الساكن في فصولِ الموتِ السبعة والمقنَّعِ بسريالية يانعة متجدِّدة . كأزهار قمرِّية بابلِّية غامضةٍ… وضَّاح المتحجِّرِ الخطوةِ في تجلِّيات الأفقِ الأزرقِ المنفيِّ في عيونِ روضةَ وأخواتها.. المحمولِ في نهر الموتى على جديلة نارِّية .
عذاباتُ وضَّاح هي تعميقٌ لهوةٍ سحيقةٍ بين روحه وجسده.. وعذاباتُ وضَّاح أيضاً زهراتٌ شعريةٌ نبتتْ في رماد التأمُّلات الحارِّ .
ومن ﺇنكسارات سيزيفية على صخرة الزمن .
وهي خروجٌ على موروثات روحيةٍ حياتيَّة جامدة في عالم بحاجةٍ إلى من يصهرُ زيفَهُ وزخرفَهُ بنار حقيقيةٍ . ويغسلُ صدأ دماء شموسه القديمة .
ويطلقُ القمر الآخرَ في فضاءاتِ السنونو والزنبق . في محاولةٍ لجمعِ أطياف الرؤى الكونيةِ لرسمِ قوسِ قزح حيٍّ واحدٍ على حديقةٍ من حدائقِ الموت الوضَّاحيةِ الرائعة .
منذ زمن ووضاح بذرة حالمة بالضوء الأسود الجميل . وفكرة مجنَّحة لمشروع قادم .
وضَّاح الذي سكب ماء جماله على أقدام حبيبته ، وأنشب أظافره في الحرير السماويِّ القاسي. مشعلاً المسافة بين صوت الأنا وصوت الآخر بالنار المقدَّسة . وزارعاً فمَ القصيدة ألف ألف سؤالٍ وجوديٍّ . لا إجابة عليهْ ! .
نمر سعدي
( 1 )
روضة في شجرةِ الموتى غناءُ بلبلٍ حبيسْ
يشعل أجراس الندى الليلي ّ في الغاباتْ
تركض مثلَ القمرِ الهاربِ
من حوتِ السماوات بلا ثوب ولا حذاءْ
تنهش جسمها الحليبيَّ الكلابُ السودُ في الغيومْ
( 2 )
يا بجعَ البحيرةِ السوداءِ في لياليَ الربيعِ
باكياً بلا دمعٍ… وحاملاً ليَ الأنهارَ في الضلوعِ
حارقاً كما البهارِ في أشهى المساماتِ…
كلسعةِ الجمالِ الصِرفِ في أنوثةِ المكسيكْ
هل كان مكتوبا عليك الموتُ في حضارةِ الأزتيكْ
والدفنُ في مقابرِ الأزتيكْ
يا وجهَ من ترحلُ في أسطورةِ الغيابِ
أو في زرقةِ الجحيمْ
( 3)
…. في الشاطىء الآخر من دمي تناسلينْ
وفوق صبَّار الدجى المضيءِ تُصلبين
يا وجهكِ المزروعُ في الغيوم زنبقةْ
وفي رمادِ القمرِ المنفيِّ في غياهبِ الجليدِ….
يا وجهي الذي تسقطهُ في الحلمِ مشنقة
( 4 )
أعمدةُ الدخانِ تنهارُ بحضرموت
وتحتها معصَّبَ العينين يا – دليلتي – أموتْ
غنِّي إنتحارَ البحرِ في عينيَّ
وإخضرارَ شمسِ الليلِ في التابوتْ ! !
( 5 )
حرائقُ الآلهةِ الحمراءْ
تصبُّ في جسمٍ من الرذاذِ والورقْ
حدائقُ الآلهةِ الخرساءْ
تقرعُ أجراسَ نجومِ الليلِ في الحلَقْ
فيهطلُ الغناءْ
( 6 )
يخرجُ من بحيرةِ الرمادِ والزنبقِ أوزيريسْ
وأنتِ يا روضةُ…يا إيزيسْ
فراشةٌ بيضاءْ
تتبَعَتْ دمي إلى ممفيسْ
أوفيليا تتبَعَتْ دمي إلى صنعاءْ !
( 7 )
خمسةَ آلافٍ من السنينْ
أعيشُ في قمقمِ حضرموتَ
أو أُرجمُ في دروبِ أورشليمْ
أُحرقُ بالشعرِ الذي بالنارِ تكتبينْ
أُودعُ – رغماً عنهُ – وجهَ الملكِ الحزينْ
أجنحةَ الفراشِ أو… حدقةَ التنِّين !!
( 8 )
فراشةً أتيتِ تنفضينَ كحلَ الليلِ في عينيّْ
وما عرفتِ أن هذا الزمنَ المجنونَ
يغتالُ الفراشاتِ بكلِّ شيءْ
بزغبِ العشبِ الخريفيِّ
بضوءِ الشارعِ المخمورِ قبلَ الفجرِ بالدماءِ ….
بالوقتِ الذي يركض للوراءِ مذعوراً
إلى الكهوفِ… بالمسدسات السودِ / في هوليودَ ….
بالهواء … بالماءِ … بما يفكرُّ المارون فيهِ ….
بالذي يغيبُ عن ذهني … بكلِّ شيءْ
( 9 )
فراشةً أتيتِ تكنسينَ بالضياءْ
عناكباً ميِّتةً سوداءَ في حدائقِ النجومْ
أُحسُّ بالصيفِ الذي افتقدتهُ يلسعني
أوَّاهُ يا حبائبَ الليمونِ إذ تغطسُ
في جسميَ أو تعومْ ….
…. عبَّاد شمس تشرئِّبين إلى النجومِ في اللياليَ الزرقاءْ
( 10 )
جسمكِ في جسمي … وللفصولِ في القدَحْ
سبعةُ أوجهٍ ….ألا من ينجب الثاني ….
أنا أم أنتِ ؟ !
من يموتُ أوَّلا بهذا السُمِّ في الفرَحْ ؟!
( 11)
أراكِ يا روضةُ في رحيلِ هذا الصيفْ
إلى حدائقِ الكلونيا…. ألثمُ الغبارْ
بلا فمٍ من شدَّةِ الوجدِ…
أدورُ مظلمَ القلبِ على طاحونةِ الأقدارْ
( 12 )
أراكِ في العصرِ تواكبينَ شمساً أنضجتْ قلبي
ومنكِ القمحُ والأنهارْ
أراكِ في جحيمكِ الأرضيِّ تشربينْ
من راحتيَّ الألمَ المفضي إلى بوَّابةِ الأسرارْ
( 13 )
وأنتَ يا وضّاحْ
قطرةُ ماءٍ أنتَ في البحرِ… وفي الفضاءْ
ذرةُ رملٍ لم تزلْ تبحثُ في السديمِ عن أضواءْ
عن جرعةٍ من عطشٍ الأمطارْ
تهطلُ من أهدابِ شمسِ عمركَ الصفراءْ
لتزرع العالمَ – هذا العالم المدفونَ تحت الزمن المنسيِّ
في رمادهِ الحارقِ ….- بالأشجارْ
( 14 )
قلبكَ نعلُ المرأةِ الأخرى إلى الصباحْ
في عالم الليلِ الذي ينضحُ بالدماءْ
قلبكَ أوراقُ مؤسساتِ شهريارْ
تحت رذاذِ الليلِ والغبارْ
( 15 )
غسلتُ وجهي بالندى الحامضِ
في عوالمِ الغربةِ والتجوابْ
في الليل أو في وضَح النهارِ
إذ تدَّثرُ الذئاب بالغيومِ أو تدثّر الغيوم بالذئابْ
. . . . . . . . . . .
أين تُرى صكوكُ غفراني ؟ !
وهل يطلعُ ذاكَ الفارسُ المقتولُ من شقائقِ الغيابْ ؟ !
. . . . . . . . . . .
أيا ذئابُ فانهشي روحي
اتبعي ظلِّي إلى مكبَّة العذابْ
( 16 )
وعدت راكباً على جرادة
تخرج من جمجمةِ الخليفةِ المشقَّقةْ
من ظلموت الموتِ… من صندوقِ أحلامي الجحيميِّ…
أرى يا روضُ في عينيكِ جنَّةً معلَّقةْ
في سقفِ بئرٍ مظلمٍ …..
أوَّاهُ يا روحي التي تخنقها هناك زنبقة
( 17 )
…. على فراش الندم الأعمى أُرحْ رأسي على وسادة
محشُّوة بغبشِ الصبح الطفوليِّ….
بريشِ الصيفِ في صدرِ سماءٍ حاملٍ في ساعة الولادة ….
على فراش الندمِ الأعمى تنامين كما
ينامُ جلجامشُ في نفسي إلى الأبدْ
ينام في نفسي ويرعى ورق القمرْ
وحنظل المطرْ
ينامُ… لا توقظه مئذنةٌ تشرقُ في أرضِ سمرقندَ ….
ولا صراخُ دمعِ جرسِ الأحدْ
( 18 )
تهرَّأتْ حبالُ أعصابي تشدُّ السفنَ الشمسيةَ الغرقى إلى القرار
موجٌ على موجٍ بلا موجٍ ووردٌ أسودٌ يطفو على الليلِ ….
عظامي تشعلُ الظلام كالحبَّارْ
تهرَّأتْ حبالُ أعصابي.. وضاع البحرُ والبحارْ ….
في قدميها ….
( 19 )
خمريةٌ شواطىءُ الأحلام والقصورِ والأشعارْ
يا أيُّها الضاربُ في لعنته الحمراء كالإعصارْ
يا أيُّها الطالعُ من شفاهِ جرح امرأةِ النوَّارْ
من برقها المبتلّ بالأشجارْ ….
خمريةٌ شواطىءُ القلبِ التي
تبحثُ في ثلوجها السوداءِ عن منارْ ….
( 20 )
فاوست دمعةٌ تنادينيَ في الريحِ
وحقلُ حنطةٍ ينزفُ في الجدار
فاوست سيزيفُ الذي
يكفِّرُ إثم الغيرِ تحت السوطِ….
من لوعته يقبِّلُ الحجارْ
فاوستُ تموزُ الذي ماتَ بلا جدوى
ومن ذرَّى رماد الكون
في قلبي وفي كلِّ بحارِ النارْ
وأنتِ في منامكِ المطلولِ تحلمينَ بالربيعِ يا عشتارْ
( 21 )
لا تسحقي الكواكبَ الحمراءِ في ظهري
بكفٍّ تخمشُ الضبابَ في الصباحِ،كي يزهرَ باللبلابِ
كفٍّ يشعلُ العذابَ شوكُها الحريريُّ….
فقد رجعتُ منفيَّا إلى روحكَ من روحي
على رذاذ أقحوانةِ البحارْ ! .
( 22 )
تفاحةٌ فاسدة دنياكَ
ليست روضة أفعاكَ
يا وضَّاح
وأنت لست آدماً.. وقمرُ الشهوةِ لا
يبرقُ في جسمكَ أو في شجرِ التفاحْ
الملك الضلِّيلُ فيكَ لاحقٌ بقيصر الرومِ
ولم يغنمْ سوى الإيابِ
خبِّىءْ زنبقَ الثيابِ في سحابِ كفَّيكَ…
العذارى تلبس الندى وغيمَ أوَّلِ الصباحْ
على ذرى الكتفينِ… ولتشتعلُ السماءُ بالصهيلْ
( 23 )
أكلُّ من تزهر روحهُ بعين الشمس والزرقةِ….
في مزبلةٍ يموتُ بالمجانِ
أو في وحشةِ الصندوقِ… في ظلِّ بلاطِ القصرِ
مرمِّياً على جثةِ هذا العالم المنتنِ
أو يكون مخصيَّاً لدى السلطانْ
ملمِّعا مساءَ مومساتهِ بعرقٍ
من فضةِ الموتِ ….
وبالنباح في سماءِ روما ….
….. آهِ يا وضاح !
( 24 )
قلت وداعاً للذي يأتي
وداعاً للتي تغتسلُ الآنَ بناري من غبارِ الماءْ
لسنواتِ الحربِ والحبِّ.. لدمعٍ زنبقيٍّ
فوق خدِّ الشمسِ ربَّى طحلبَ الدماءْ
لكلماتِ السِحرِ في بابلَ….
والفجرِ الذي يطلعُ من عرائشِ الرمادِ….
من ندىً على أجنحةِ العنقاءْ
لعاشقين في أقاصي الشرقِ يغفونَ ….
فتغفو الأرضُ فوق ركبةِ السماءْ
( 25 )
روحُ قصيدةٍ غريبةٍ تقمَّصتكَ في المنفى
وراءَ زرقةِ المدى على شرفة هذا الكونِ….
لا تمشِّطُ الفضاءَ بالقبَّرةِ المجروحةِ الغناءِ….
بل بعزلةِ القلبِ الذي صلَّى على صبَّارِ شمسٍ
مرَّةٍ سوداءَ في قاع البراكين الجليدية ….
………. شمسٍ مرَّةٍ سوداءْ
( 26 )
يصعدُ مدُّ الشوق من صوت انفجارِ الحزنِ في جسمكَ….
محمولا على أبخرة النارنج في شوارع المدينةِ / المرأةِ
في شوارع المدينةِ / العنقاءْ….
يصعد من برزخك الفضي ّمدّ الشوق
…. من باطنك الغيبيِّ ….
من كواكبَ تمشي على الأرض إذا أثقلها حزنكَ….
من ذاكرة تنزفُ كالسحابةِ الحمراءْ
( 27 )
روضةَ ها نحنُ على قمةِ هذا الليلْ !
نبكي وحيدينِ بلا عيونْ
نهزُّ ذاكَ الجرسَ المسروقَ من أولمبَ
تسَّاقطُ من رنينهِ الدموعْ
نبحرُ في فجاجِ هذا اللازوردِ الشفقيِّ الماءْ
بلا انتهاءٍ… ورمادُ اليأسِ في فضائنا يزهرُ
والشموسُ في عروقنا تجوعْ
( 28 )
أبحثُ عن نفسي وتبحثينَ عن
جوهرةِ الخلودِ في أطلالِ شمس نينوى وأورَ …..
حيث تستوي الأشياءُ
ذرَّات الهيولى الأمِ تنحلُّ….
وتخلطُ العناصرُ.. الهواءُ….الماءُ ….
والترابُ…. والنيران….والرجولة ….
الأنوثة…. السعادة….الحزن ….
الغنى ….الفقر …. مذاق الجسد البحري….
والموت على ضفة كوكب بعيد… حيث لا أحدْ
يذرف دمعة…. وحيث تستوي الفضةُ
في أيدي نساءِ الزمن الآخرِ…. والزبدْ
حيثُ دموعُ الأنبياءِ نرجسُ الزرقةِ…. للأبدْ
( 29 )
الحُبُّ أن نسبحَ في مجرَّةِ الرحيقِ والحليبِ
أن ينزعَ عنا شبق الضوء الندى وورق الأسرارْ
والموت أن نَحِلَّ في غريبِ كائناتنا عنَّا
وأن نصبحَ طائرينِ آخرينِ
لا يجمعْهُما مدارْ
( 30 )
وضَّاح وضَّاح يا وجهاً تطلَّع لي
من خُضر آبارِ
من شمس نافورةٍ حبلى بأزهارِ
صراخهُ يحملُ الليلَ العقيمَ إلى
حقل من القمح في قلبي… يدحرجني
على شواطىءِ بحرٍ…. فوقَ… أقمارِ
وضاح قطرة دمعٍ…. أو دمٍ…. بقيتْ
على زجاج ثلوج…. فوق أسواري
وعاد يحمل في كفَّيهِ جيتارة….
إلى شوارع أمريكا…. وأعمدةٍ
من الرمادِ ومن ريشِ الحمامِ على الأضلاعِ منهارة
يا روح فلتتمرِّي في أسرَّتهِ
وعانقيه عناق الريح للنارِ
( 31 )
رغبةٌ لصباح الخريف المطَّعمِ بالنارِ والأقحوانْ
تذرِّي رمادكَ في بحرِ قلبكَ ….
سخرية العابرين إلى سجنك الأبديِّ الجميلِ
تحيلكَ نهرَ أغان
تعلِّقهُ بذيولِ الغيومِ جفونُ خطى
الغجرِ الراحلين إلى لا مكان
ما وراء حدودكَ نورسةٌ من ورودكَ طارت إليكَ ….
ولا شيءَ يركضُ فيكَ على حافةِ الكوكبِ المتأرجحِ
ما بين موتك هذا وبينَ فضاءِ الزمانْ
( 32 )
رغبةٌ لصباح الخريف البعيدِ
المهاجرِ في سنة القحطِ والشعراءِ ….
…………… الرياحْ
علكتْ نعشَهُ مرَّتينِ وقائته فوق سهوبِ الصباحْ !
لحظة أم سيوفٌ من العطرِ علَّقها الأرجوانُ النبيلْ
على حبل صوتكَ ….
يندى لها حجرُ الليلِ في أخريات الصهيلْ
وردتان غيابكَ عن مشرق الشمسِ
عن منبع للفراشاتِ صفراءَ من كلماتي تسيلْ
ومن جسدي وهو ينزف في نجمة ذاويةْ
على قمة الهاويةْ
( 33 )
يومُكِ من زنبقِ حلم الملك المخلوعِ
والمخدوعِ بالأزرق من نارِ وجلَّنارِ
عينيكِ التي تشعُّ في دمي إلى الأبدْ
وليلكِ الفضيُّ من مركب ايزيسَ
شراعٌ قمريُّ اللونِ في مهجة بحرٍكُرويِّ الشكلِ…
… أو أيقونةٌ تفتَّحتْ في صدفِ الجسدْ
عن أوجهٍ من زهرِ اللوزِ
تضيء القمر المعجون من زبدْ
في الشاطىءِ الثاني
لأحزاني ….
( 34 )
يغني ويجري على رسلهِ نهرهُ / قلبهُ
” حجراً أخضراً في البيوت القديمةِ…
في كل أرضٍ حملت القرابينَ للمرأةِ الراحلةْ
قمراً تحت أسوارِ هذي المدينة غافٍ
أحاول أن أبتدي من جديدٍ مشاويرَ سنبلةٍ حالمةْ
طائراً جاءَ من نهر بابلَ
ينضحُ بالسحرِ والضوءِ والشهوة الهائلةْ
لكي يغسلَ الناسَ بالذكريات الحزينةِ واللوعةِ الهائمةْ ”
يغني …. ويجري ….
ويجري ….
ويجري …. !
( 35 )
أقلِّبُ نجمي وأغمسُ حلمي بنار السنينْ
وأمشي إلى اللحظة الفاصلة
أنا الصارخُ الأبديُّ الذي شقَّ أصداف أيامهِ
أحبكِ ، حبَّين لا واحداً
وقد نورّ التوت في شرفات الخيال
أحبكِ حبَّين لا واحداً
وقد نقط القمح وجهي بماء الهلال
أحبكِ حبَّين لا واحداً
وقدَّاحُ ليمونةٍ في ليالي حزيرانَ
يقضم قلبي وأثوابَ أحلامهِ
( 36 )
وجهها والقمر الأسودُ عن بعدٍ يضيئان الطريقْ
بفتات الصدف الأزرق في جسمي العميقْ
بنبات غجريٍّ لامعٍ تحت ندى الصبح كتموزِ الغريقْ
طالعاً كنتُ من الفكرةِ من جوف المساء الحجريّْ
عارياً إلاَّ من الشوقِ إلى كواكبِ الماءِ
على شواطىءِ الغربِ… ومن عينيّْ نبيّْ
( 37 )
فرساً من زمن العتمة والحزن المضيءْ
وجهها كان يجيءْ
في مرايا الأفقِ الناعم في أيَّار يزهو كحريقْ
من دموع القمرِ الأسودِ….
– قضبانِ حديدْ –
خلفها تذوي زهورُ القلبِ في كهف جليدْ
( 38 )
ما الذي يخرج من نافورة الليل
ومن نار الكتابات الخبيئة ؟
ما الذي يطلعُ من أصابعِ الصخرِ المضيئة ؟
ما الذي يتركنا فوق رمالِ
القمرِ البحريِّ في الليلِ شظايا ؟
لوصايا انكسرتْ داخلنا يا سامريّْ
داسها حافرُ عجلٍ ذهبيّْ
( 39 )
كأنكِ من عذابات الليالي
بقلبي قد فتحتِ به كتابا
ألا تبّاً لهذا الحُبِّ.. تبّاً
وتبَّاً يوم فارقَني وثابا
يغالطني لينسيني وقلبي
من الأشواق يلتهب التهابا
ويعطيني من الفردوس أفعى
رشفتُ بخافقي منها لعابا
أيا أنثى تجسِّدُ لي بلاداً
أقبِّلها وأحيانا.. غيابا
أحبِّيني بعنف أو ذريني
على صخر الأسى أقضي عذابا
نشدتكِ إن أتيتكِ فاقتليني
هناك …. ولا تروِّيني سرابا
ألا لا بدَّ من حواءَ تأتي
تكون لكلِّ فردوسي خرابا
( 40 )
أنزف من شقوقِ ثوبها وعينيها
كما ينزفُ سحرُ وجهها من وجعِ القطيفة
أنزف …. من يعصب بالندى وريح الصيف والشقيقِ
هذا القلب أو… نزيفهْ ؟ !
أنزف منها من دم المرجانِ في
بلَّورِ ليلٍ جرحتهُ اللمسةُ الخفيفة
أنزف حتى الموت من أوَّلِ خطوةٍ مضيئةٍ
على طريقيَ الضريرِ والعائمِ في بحرٍ من اللَّذاتِ
حتى ظلِّها النابتِ…. كالعوسجِ في قلبي ….
… فما شأنكِ بالنحل الذي يسبحُ في حليبِ أعصابي …
وما شأني أنا بامرأةِ الخليفةْ ؟!
( 41 )
– وانا انا وضاح إن اقبلت يشتعل
الفضاء الازرق الوردي في ريشي ….
افتحي يا روضُ لي
أبواب أزمنتي وأمكنتي ليتحدَّ الأمدْ
بكِ أو بلوعتيَ التي طُعنت بزهرةِ هُندباءْ
( 42 )
صبّي يديك على يديَّ أو المدينةَ فيَّ أو في لا أحَدْ
لأرى اشتعال الوردِ في ماءِ الجسدْ
أسماكُ روحي أنتِ من ذهبِ الصباحِ القرمزيِّ ….
ومن سواكِ وراء غيمِ الشمسِ يكسرني اشتهاءْ
( 43 )
يا مهرجان الظل والالوان
والنهر المعبأ بالكواكب والسماء
. . . . . . . . . . . . . . .
…. صبيهما لأرى اشتعالَ الوردِ . . .
ماءً منكِ … مصبوباً على جمرِ الأبدْ
( 44 )
عنقاءَ هذا الليلِ نامي في خيامِ الأنبياء
لا تسحبيني من رمادِ مواجعي ومن الزبدْ
. . . . . . . . . . . . . . .
دمعٌ رمادُ قصيدتي
وتشرُّدي دمعٌ على حجرٍ فضائيٍّ ….
. . . . . . . . . . .
وهذي الأرضُ خَدْ
( 45 )
يا دعبل العربيّ ان تفتح عيونك
لا ترى أحداً ولا عدداً ولا بلداً
مفارقةٌ حياتك كلُّها
فاذهب وفتِّشْ بين أرمدة انتصارك عن حياة.. أو بلدْ
. . . . . . . . . . . . .
” إني لأفتح قلبي حين أفتحه
على بحارٍ ولكنْ لا أرى زبَدا ”
( 46 )
– وأنا أنا . . . . . . . . . . . .
لا نجمةٌ عذراءُ في نهر سحيق القاع قد شربت ندائي
لا غيمةٌ خضراءُ مرَّت فوق تينٍ يابسٍ فينا
شربتُ حليبها الليليَّ واستمطرتُ أحجار الشموس
بنينوى القمراءِ…..لا . . . . . .
لن تنهضَ العنقاءُ من هذا الرمادْ
( 47 )
هيهاتَ شاخت شهرزادٌ في ليالي لا تشيخُ
سمعت صوتَ الديكِ – ديك الدهر –
يعلو في سكينة شهريارَ
وفي الرقادِ على قتادٍ مالحٍ . . . .
. . . . . هيهاتَ شاختْ شهرزادْ
( 48 )
لا شيء يبرق فيك يا شجراً
على أطراف ارض الروح يصعد من غنائي
ستفيض روحي من دموعي ….
في عيون الليل ….
فوق الكوكب المكسو بالعشب السماوي النبيل . . .
تنزُّ مرجاناً تهدَّلَ من ثقوب ليس تحصى
في سماوات مكسرةٍ……
………….. دمائي!
( 49 )
روحك في جسمي تضيءُ النفق الأسودَ ….
بالنوارس البيضاءْ ….
. . . . . . . . . . . . . .
تصعد من حرائق الوردِ على الأرض ….
إلى حدائقِ السماءْ …
. . . . . . . . . . . .
حطَّ اسمك / الماءُ
على شفاهِ قوس القزح الرمليِّ ….
فاخضوضرتْ الصحراءْ
( 50 )
مخبئا من حرس الخليفة الاسود
احزاني في محارة وردية / ثلجية
يدور نحو الشمس في اهدابها العبَّادْ
فيخرجونَ… من صباحاتِ اشتعال الفلِّ
من هوائها المكسور في الليل ….
من الأسواقِ ….
من جنائنِ العشَّاقِ ….
من عبيرها القاسي ….
ومِنْ…
مِنْ مهج الناسِ
التي يشقُّها الجلادُ كالجوزِ
من السيفِ الذي يقطعُ رمَّان شفاهٍ فجَّةٍ
ليطعمَ الجردانَ والجرادْ
( 51 )
…. مطرٌ أنثويٌّ أخيرٌ يداعبُ وضَّاح ….
عشبٌ على قدم الشمسِ يبكي ….
…. أحبكِ … يصرخ من قاعه سمكٌ طائشٌ
– أنت منفاي في جسدي ….
…. مطرٌ أنثويٌّ غزيرٌ على نرجسٍ مقفلٍ في غدي
– من سيفتح بحر سمائكِ أنتِ ….
إذا أنزلونيَ في جسدي ….
– من سيشربُ ملحَ عذاباتِ وجه قرنفلةٍ في يدي ….؟!
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
( 52 )
البحيرات في آخر الأرض تكمل دورة مرجانها ….
قمر ينطف الشهد منه
يرى في ندى زهرة وجهه
فيصيح ” لديني على صخرة مرّة
بين موج يهب طيور اشتهاءٍ علينا
وموج يصبُّ بنا فوق نجمٍ على حافةٍ للسماءِ
أزاهيرَ بيضاءَ في كوكب الماءِ ….
سوداءَ ……. تحلم …. أنهاره …. ”
وأنا حالةٌ لضحى العشب في عالم آخرَ … للبحارْ
( 53 )
رأيتكِ في التماعِ البرتقالةِ في دجى روحي
سماء من حليب النارِ مرميَّة
على بحري الموزَّعِ في دمائكِ ….
أشعلي جيتارةَ الريحِ ….
وثلج الأقحوانةِ في جروحي ….
………. زهرةُ الافعى
تفتَّحُ في جفونك طيّةً …. طيّةْ
فأسمعُ من يمدُّ يديهِ من وردِ الجحيمِ يصيحُ ….. لا
لا بدَّ من صَنعا ….
…. أحبِّيني لأبقى… نجمتين على ذرى كتفيكْ !
( 54 )
أقولُ سأستبدلُ الجُبَّ بالحُبِّ
والقبرَ بالقصرِ…. أستبدلُ العاصفةْ
بصباحات آبٍ وبالوردة النازفةْ
من قميصِ الرذاذ المعطَّرِ بالشمسِ …. والعاطفةْ
…………………
………………..
وكلاب الامير الجميل
– التي حللت ضوء وجهي بليل اللهاث الطويل –
بكلاب البحار الأليفة…. من نمش نرجسيّ
على وقع طلِّ الأصيلْ …. !
( 55)
للغريب / الحبيب
المغيَّب في درة القهر ايقونة
والمضبَّب في شبهة الزهرِ في ملكوت الحنان
زوجه في انتظار طويل على حدّ اشواقها
وعلى حدّ هذا الهلال المدّمى على غابة السنديان
للغريب / الحبيب – اذا ما انتهينا –
أقول : …. سنولدُ من فرحٍ سابقٍ لمجيء الزمانْ
ونلبسُ من عرينا نجمتين من الزعفرانْ
ونمشي إلى موتنا واثقين ….
كما المعمدان !
( 56 )
خطى الجند خيط حرير من الدمعِ
شُدَّ إلى نبض قلبي …
الليالي وجوه من الآس
تطفو بصحن النبيذ وفي أعينِ السابلة
وموج …. شهيّ من الاغنيات
وحقل ندى لحزيران
ينحلُّ في عتمة الضوء قافلة قافلة
– دقت الساعة الثالثة –
تحت جسرِ السماءِ
الليالي محمَّلةٌ بالليالي
وبالعبثية , والشوق , والسرِّ
في وردةٍ ذابلة
( 57 )
دقت الساعة الفاصله
وانت تقيسين معنى الحياة على الجسد البضِّ
– تبتلُّ منهُ استوائية في دمي هاطلة
بدموع الأنوثةِ ….
…………………
يا فقمة تزلق الأرض عن جلدها نازلةْ
إلى قاع أسطورة في الخريفِ النحاسيِّ ….
………………..
آهٍ لكم سرق الجند وجهي ووجهكِ
من وردة ذابلة
( 58)
لخصلة مزدانةٍ بالتعب الأصفرِ
في أجنحة الحمامِ والقمحِ….
لهذا القمرِ النابضِ بالبنفسجِ المائيِّ والكلامْ
لشعلةٍ زرقاءَ في روحي تضيءُ اصبعك الإبهام
فتحتُ بابَ البحرِ كي تعبر أسرابكِ
حتى آخرِ الدنيا
– من الرأسِ إلى الأقدامْ –
( 59 )
السبب المفضي إلى مقصلة ندِّيةْ
بدمهِ… كصبح نيسانَ… أنا الصارخُ في البرية
” ترينني …. – إن غبت – في بؤبؤِ بندقية
أشعُّ كالزئبق في أحلامكِ السوداءِ…”
ألفُ شرفةٍ خضراءَ دلَّت شعرَكِ الليلكَ
حول القلبِ…. يا مشنقةَ الحرِّيةْ
( 60 )
تطلعين إذن من تصدُّع روحي على ثبجِ الصخرِ
يا شفةً آثمةْ
بتقبيل نحر الفتى البابليٍّ ولمِّ كواكبهِ العائمةْ
في دماءِ البجعْ
أنتِ يا وجعَ الموتِ… والموتُ لا يوجع اللوعةَ النائمةْ
تولدين من التعبِ النبويِّ الجميلِ… ومن كل غمضةْ
لعين الحصان المطَّهمِ بالضوءِ……
لي قمرٌ آخرُ…. خطوتان على شفق أزرقِ المرتقى….
نجمتان اثنتانِ… وللنفس صوتان… صوتٌ لروضهْ
( 61 )
ومرآةُ أقدام رأيت بمائها
وحوشاً وظبياً خائفاً طائراً يعدو
حبيسَ دموع الأرض – أرضي وأرضها –
ومنفلتاً منها وأنفاسها صهد ُ
………………….
حواريةٌ فتَّحتِ أزهار جوعها
بنا …. وعلينا آهِ ينهمرُ الرعدُ
فلا عبق الرؤيا يضيع شميمه
بكفِّي ولا دربٌ لوجهك ينسدُّ
فرادى على أشجارِ رمل وفتنةٍ
أصابعَ ماءٍ كيف علَّقنا الجندُ ؟
( 62)
أقسمتُ بالصمت الذي يجرح
صبحَ السبتِ في هالاتكِ الشفافةِ البيضاءِ
عصفوراً يفضُّ الماء بالغناءِ …
لن يفضَّكِ الموتُ …
ولن يفضَّني الموتُ …
كلانا أبداً
بكارةٌ للموت والحياة …!
كتبت هذهِ القصيدة من أيَّار عام 2002 إلى حزيران عام 2003