تمر ذكرى 11 أيلول/سبتمبر لتذكر البشرية بمخاطر الإرهاب الإسلامي، وكل أنواع الإرهاب الآخر، والشعب الأمريكي هو المؤهل الأول لتذكر هذه الأخطار والتحديات الكبرى. إن الانتخابات الأمريكية تجري في وضع دولي معقد جدا، وخطير للغاية. إن هناك أولا مخاطر القاعدة، طالبان، وهناك قنبلة إيران، والسياسة الروسية الجديدة ذات الطابع الاستفزازي والتحدي، والتي تذكر بسياسات عهد مضى، فالوضع الدولي قد تغير منذ الغزو الروسي لجورجيا، وهو محبل بمفاجآت كثيرة، وتحالفات دولية جديدة. في هذه الظروف العصيبة تجري حملة الانتخابات الأمريكية التي تجري أيضا في وضع اقتصادي صعب للغاية، ويكاد يقترب من أزمة شاملة. إن أي رئيس جديد لابد أن يكون له من المراس والتجربة والمؤهلات ما يجعله قادرا على مواجهة كل هذه التحديات، بلا تذبذب ولا تردد.
إن الأزمة الاقتصادية تتطلب من الرئيس الجديد حسن اختيار وزراء ومستشارين مختصين حيث لا يمكن لأي رئيس جمهورية ولا يشترط أن يكون اختصاصيا في الشؤون الاقتصادية. أما البرنامج الاقتصادي الواجب اعتماده والعمل لتطبيقه فلا يمكن أن يتجاوز الليبرالية الاقتصادية وتحديات العولمة. لا يمكن معالجة هذه الأزمة ببرنامج عزلة اقتصادية، وبنهج “خذ من الغني وأعط للفقير، ولا بمنهج قريب من فرض احتكار الدولة للاقتصاد؛ ونقول قريب منه، حيث نقصد هنا برنامج أوباما ، كما أوضح لنا مقال الدكتور عبد الخالق حسين الأخير عن الانتخابات لأمريكية، والذي أثار نقاشا صحيا، ومثمرا.
ان المطلوب من الرئيس القادم وهو أولا، وقبل كل شيء، المراس والصلابة السياسيين، والقدرة على مواجهة المواقف الدولية الصعبة برباطة جأش، وبحكمة، وجرأة. إن الشعب الأمريكي لا يمكن أن يتجاهل مدى التحديات الخارجية وخطورتها، وانعكاساتها المباشرة على الوضع الداخلي الأمريكي، وذكرى 11 أيولول/سبتمبر قد تعيد عنه التأكيد على ذلك، والقناعة به.
وبالنسبة لنا في المنطقة العربية فمن صالحنا أن يكون الرئيس الجديد حازما في معالجة الخطر النووي الإيراني، وفي محاربة الإرهاب في العراق، فضلا عن المضي في سياسة بوش تجاه القضية الفلسطينية.
نظرا لكل ما مر فأنا أعتقد شخصيا أن ماكين هو المؤهل أكثر من اوباما لإدارة دفة القوة العظمى التي يتعمد على مواقفها أمن الشعوب والسلام الدولي. إنه يجسد الخبرة الغزيرة، والمراس، والحزم السياسي، فضلا عن أنه ليس نسخة مكررة من بوش بل لديه بعض التحفظات على سياسة الأخير دون ان يحيد عن المسار الجمهوري العام في السياسة الخارجية.
إن دعاة أوباما في منطقتنا، وحتى بين مثقفين ليبراليين، ديمقراطيين، ينطلقون أولا، وكما أعتقد، من منطلق نقد سياسات بوش، أي ليس، حسب ظني، قناعة أكيدة بأفضلية أوباما، بل نكاية ببوش.
نضيف أن من أدلة طيبة أوباما السياسية المبالغ فيها، ما نشرته الصحف الأمريكية، والبريطانية، عن دور رجل الأعمال السوري، توني رزقو، في تمويل حملة أوباما، ورزقو هذا، الذي كان سابقا أحد المسئولين عن حملة تمويل أوباما، فحسب تلك التقارير فإن رزقو قدم ثلاثة ملايين ونصف المليون دولار للحملة.. القصة وما فيها أن هذه الملايين جاءت من خزانة نظمي أوجي الملياردير العراقي، الملاحق قضائيا في فرنسا، والمسئول سابقا عن إدارة أموال صدام المهربة للخارج، وتعود علاقة أوباما برزقو، وهو أيضا ملاحق قانونيا بتهمة الاحتيال، إلى 1990، عندما عملت شركة أوباما القانونية، وفقا للصحف، مع آلاف الوحدات السكنية في جنوب شيكاغو، لم يصدر تكذيب عن أوباما لحد اليوم، بل ولا تكذيب للمزاعم القائلة بأن أوباما تقابل مع أوجي. أما الأخير فإن محاميه أعلن عن ملاحقة كل من يفتح ملف دعمه لأوباما. والله أعلم1
10 أيلول 2008