المانيا – هانوفر / من اديب جلکي
قبل ان ندخل في ثنايا هذه المقابلة، وبالرغم من کونه غنيا عن التعريف، ارى من الضروري هنا ان اسلط الضوء ولو قليلا، على عائلة الامير واهم محطات حياته باختصار. فمن هو الامير تحسين بيك؟
السيد تحسين سعيد علي بيك امير الايزديين في کوردستان والعالم، من سلالة الامير علي بيك الكبير الذي قتل بالقرب من راوندوز وسمي المضيق المعروف باسمه (گلي علي بيك). في ايلول 1846م عندما کان السياسي وعالم الآثار البريطاني اوستن هينري لايارد في ضيافة الامارة بباعدرى، شاءت الاقدار ان يلد الابن الاول للامير حسين بيك، فدعي لايارد لاطلاق اسم عليه، باعتباره ملما بالتاريخ الايزدي. اقترح لايارد اسم علي، احياء لذکرى والد الامير المقتول براوندوز. في 19 آب 1892 تعرض الامير علي بيك الثاني هذا (الذي هو جد الامير تحسين) للاعتقال والتعذيب على ايدي السلطات العثمانية في الموصل، عندما واجه الفريق عمر وهبي باشا ورفض دعوته في ترك دينه وعقيدته. وبعد سجن دام شهرين، قام الفريق باوامر من اسطنبول، بنفيه مع زوجته الاميرة الخالدة الذکر ميان خاتون اکثر من ست سنوات، الى کاستالوني شمال الاناضول قرب سيواس، وذلك في الفترة من ( 1892 – 1898) فاشتهر في اوساط الايزديين باسم (علي بيك سيواسي).
وفي فترة غىابه اضطربت احوال الامارة والايزديين عموما وسارت نحو الاسوأ ، ولم يتحسن وضعهم الا بعد عودته من المنفى عام 1898، ثم تنصيبه اميرا بشکل رسمي عام 1899. يعتبر هذا الامير الصامد وزوجته الاميرة ميان خاتون مناضلين کبيرين في تاريخ الازدياتي، اذ ضحيا بحياتهما ولم يتنازلا عن عقيدة الآباء والاجداد، وتحديا جبروت اعتى رجال الدولة العثمانية واکثرهم ظلما وتعسفا، الا وهو الفريق عمر وهبي باشا المعروف بمجازره الرهيبة في حق الايزديين. لذلك ولاسباب اخرى ساذکرها هنا، اقترح على سلطات الادارة المحلية في الشيخان ان تقوم بانشاء نصب تذکاري کبير للخالدين الذکر (الامير والاميرة معا) يليق بمقامهما الرفيع، وسط مدينة الشيخان او باعدرى، احياء لذکراهما العطرة في قلوب الاجيال على مر السنين. وکذلك بناء ضريحيهما من جديد وبطراز جميل.
(عهد ميان خاتون ) هذا هو الاسم الذي اطلقه الکاتب الامريکي البريطاني الاصل جون س. غيست على الفترة التي تلت مقتل الامير على بيك الثاني عام 1913 الى يوم وفاة الاميرة ميان خاتون، التي ابهرت المستشرقين وزوارها الغربيين بدهائها ورجاحة عقلها وشخصيتها المتميزة القوية. فهي التي غدت وصية على امارة ابنها سعيد بيك وحفيدها تحسىن بک (الامير الحالى) الى وفاتها. واستطيع ان اقول بان عهد ميان خاتون الذي دام اربعة واربعين عاما هو العهد الذهبي للاى زدياتي لاسباب عدىدة، اهمها:
اولا : استقر وضع الامارة والايزديين وتحسن نوعا ما مقارنة بالسابق.
ثانيا : شهد هذا العهد زوال احد الد اعداء الايزد ياتي في التاريخ، وهو الحکم العثماني الجائر المعروف بمجازره الرهيبة.
ثالثا : شهد هذا العهد ظهور بواکير الفکر القومي الكوردي الحديث في دار الامارة، وذلك عندما قامت الاميرة ميان خاتون جنبا الى جنب حزب هيوا بمد يد العون الى انتفاضة بارزان الثانية في 1943، وارسلت الى البارزاني رسائل الدعم والتاييد. في داره بمحلة الفيصلية بالموصل توفي الامير سعيد علي بک صيف 1944.
وبعد مرور 15 يوما على وفاته، وبترشيح من جدته ميان خاتون تم تنصيب ابنه الامير تحسين بک اميرا للايزديين منذئذ الى الآن. في 15 . 8 . 1933 ولد الامير تحسين بيك في باعدرى التابعة لقضاء الشيخان. لکن سنة ميلاده في السجلات الرسمية للاحوال المدنية العراقية هي 1920. ذلك لانه في عام 1956 وباقتراح من سعيد قزاز وزير داخلية المملکة العراقية آنئذ قام بتکبير موالىده ليتمکن للترشيح لعضوية مجلس لنواب، حيث لم يحصل ذلك، لانه قبل اوان موعد الانتخابات للدورة الجديدة، حدثت ثورة 14 تموز 1958. لم تعش ميان خاتون لتشهد ولادة عهد جديد في العراق، ففي عمر يناهز الثالثة والثمانين توفيت الاميرة في 31 . 12 . 1957، لتسدل بذلك الستار على احدى اروع الفترات في تاريخ الامارة .
في نيسان 1969 وبعد احداث حرکة العقيد عبد الوهاب الشواف في الموصل بشهر واحد، تم اعتقال الامير تحسين بيك برفقة کل من ديوالى سعيد آغا الدوسکي، عبد الله آغا الشرفاني، سعيد واحمد آغا ولدى الحاج شعبان العمادي وعبد العزيز الحاج ملو وآخرين في کرکوك. ثم اطلق سراحه مع عبد العزيز الحاج ملو بناء على برقية خاصة من البارزاني. لکن تم نفيه الى بغداد لمدة ثلاثة اشهر.
في اوئل 1960 الى تموز 1961 تم نفيه الى کل من العمارة وبغداد والديوانية. وکان راقدا في احد مستشفيات بغداد عندما زاره البارزاني بنفسه بداية 1961 الذي کان ما زال مقيما في بغداد. لدى قيام ثورة ايلول 1961 اعتقل واحيل الى المحکمة العرفية الخاصة في الموصل، بتهمة تحريضه وقيادته للمظاهرات ضد الدولة ومناصرة الثورة، وکان ذلك کافيا لاصدار حکم الاعدام ضده، لکن بفضل مساعدة القاضي فيصل کشمولة، نجا من المقصلة وافرج عنه. طوال سنوات ثورة ايلول لم ينقطع دعم الامير لها ابدا، ثم التحق بها في کانون الثاني 1970 قبل بيان 11 آذار بشهرين، واستقر في ناوبردان بالقرب من مقر البارزاني، الى نهاية الثورة في آذار 1975، حيث توجه الى ايران. و بعد شهرين اي في حزيران هاجر الى بريطانيا واستقر في لندن لمدة ست سنوات، قضى سنتين منها في معهد اللغات وتعلم خلالها اللغة الانجليزية. بتاريخ 9 . 9 . 1981 عاد الى العراق. تعرض للاغتيال وجرح مرتين، الاولى کانت في 18. 2 . 1992 بين الموصل والشيخان، والثانية في 22. 9. 2003 بين القوش والشيخان.
بعد زيارتين ناجحتين الى الولايات التحدة الامريکية، والى قداسة الپاپا في الفاتيکان، توجه الى المانيا لزيارة الجالىة الايزدية فيها. فاغتنمت هذه الفرصة، وقمت بزيارة الامير في محل اقامته بهانيفهر، فکانت هذه المقابلة.
* قبل فترة قمتم بزيارة الولايات المتحدة الامريکية. هل کانت الزيارة رسمية؟
– الامير : لا، لم تکن رسمية، بل تمت بناء على الدعوة التي وجهتها لي جالىتنا الكوردية والعراقية عموما. وقد ازداد عدد افراد الجالىة هناك جدا خاصة في ديترويت، حيث يسکن هناك الکثير من المسيحيين والكورد المسلمين والايزديين والعراقيين بشکل عام. وصلت الى امريکا في العشرين من نيسان المنصرم، وبقيت هناك حوالى شهر.
* لکنکم التقيم ببعض المسؤولين الرسميين هناك، ماذا کان محور محادثاتکم؟
-الامير : نعم صحيح، فلقد زرت العاصمة واشنطن والتقيت بمسؤول قسم الاديان في وزارة الخارجية. کما التقيت بکل من وکيل وزارة الخارجية ووکيل وزارة الدفاع، وتحاورت مع جميعهم. کانوا دوما يسالونني : من انتم؟ فقلت للجميع وبکل وضوح : قوميتنا كوردية وديانتنا ايزدية، ديانتنا ديانة مستقلة بذاتها، نطالب بحقوقنا ضمن كوردستان، کما ارجو وارى من مصلحتنا ان تنضم جميع مناطق الايزديين الى اقليم كوردستان الفدرالى. لکن يجب ان تکون حقوقنا الدينية والسياسية واضحة ومثبتة في دستور كوردستان، اذ لايکفي ان نقول باننا كورد وکفى، بل ينبغي ان يکفل الدستور حقوقنا بشکل لالبس فيه ولاغموض ويحافظ على خصوصيتنا. وکذلك نؤيد النظام الفدرالى لعموم العراق.
* في الولايات المتحدة، تم تکريمکم بوسام السلام، کيف کان ذلك؟
-الامير : کان ذلك من قبل منظمة السلام العالمي، فقلدوني وسام السلام. وعندما سالتهم : لماذا تمنحونني هذا الوسام؟ اجابوا: اطلعنا على وضعکم واخبارکم بشکل جيد، وتبين لنا بان شخصکم الکريم من انصار السلام في العالم، بل انت سفير السلام في العالم. لاتفرق بين بني الاديان والقوميات المختلفة، بل ترىدون الخير والسلام للجميع. لذلك منحناك هذا الوسام التقديري. جدير ذکره بان هذا الوسام منح للکثير من الشخصيات المشهورة، کالرئيسين جلال الطالباني ومسعود البارزاني.
* منذ العهد العثماني السيئ الصيت، کان بيت الامارة في باعدرى قبلة الکثير من المستشرقين واعضاء البعثات والارسالىات الکنسية الغربية بشکل عام، مثل الدکتور اساهيل غرانت، اوستن هينري لايارد و دبليو ئي ويکرام وآخرين، ليشاهدوا بام اعينهم مايتعرض له الايزديون من حملات الابادة ويحيطوا العالم المتحضر علما بذلك. ورغم طلب بيت الامارة من الارسالىات الکنسية بفتح مدارس خاصة للايزديين اسوة بالمسيحيين، الا انهم لم يفعلوا شيئا. الآن ولاول مرة في التاريخ حصل لقاء بين امير الايزديين وبابا المسيحيين، وقمتم بزيارة قداسة البابا بنديکت 16 في الفاتيکان. کيف کانت الزيارة وماذا دار بينکما من حديث؟
– الامير : بطلب مني تم ترتيب الزيارة من قبل الکاردينال عمانوئيل سفير الفاتيکان في بغداد. وفي الثامن والعشرين من شهر مايس المنصرم زرت قداسة البابا في الفاتيکان، الذي رحب بي بحرارة. کانت مدة الزيارة خمس عشرة دقيقة فقط، تحدثت معه بالانجليزية دون الحاجة الى مترجم. قلت له باننا نحن الاقليات الدينية في العراق بحاجة الى دعمکم ورعايتکم الکريمة. فالاقليات قديما وحديثا تعرضوا الى ظلم کبير، لان الحکومة العراقية الحديثة ما زالت غير مسيطرة بالشکل المطلوب على الوضع العام وتهدئته. فاجاب مشکورا : بعون الله لن نقصر في حقکم.
ويتحاور مع قداسة البابا في الفاتيکان
* هل کانت للبابا معلومات کافية حول الايزديين؟
-الامير : کانت معلوماته قليلة حولنا، لکنني شرحت له بعض الشيء، واوضحت له اماکن سکني الايزديين، وقلت له اننا مستقرون في الاماکن التي يوجد فيها الكورد المسلمون، لاننا كورد في قوميتنا لکن ديانتنا مستقلة عن ديانات المنطقة. کما طلبت منه بان يحدد لي وقتا آخر لزيارة اخرى، ذلك لان وقت هذه الزيارة لاتکفي لبحث اي شيء. فاوعز قداسته في الحال، الى احد سفرائه ليرتب لي موعد زيارة ا* کيف تقيمون هاتين الزيارتين ونتائجهما؟
-الامير : بشکل عام کانتا ناجحتين، فقد تحدثت فيهما لخير الايزديين والكورد.
* بعد سقوط النظام البائد والبدء ببناء تجربة الحکم الديمقراطية الحديثة، ماالذي حصل عليه الايزديون من حقوق على مستوى العراق؟
– الامير : لاشك بان بعض الحقوق قد تحققت، لکن الاهم بالنسبة لنا هو انه تم تثبيت اسم ديانتنا في دستور العراق الدائم، وتم الاعتراف بنا بشکل رسمي کديانة الى جانب الديانات الاخرى. هنا ينبغي ان اعيد الى الاذهان بانه کان للسيد مسعود البارزاني رئيس اقليم كوردستان دور فعال في ذلك. کنت قد طلبت منه ذلك سابقا وقلت له انك تمثلنا جميعا. وعندما کان موجودا في بغداد لمناقشة المسائل المتعلقة بالدستور، اتصلت هاتفيا باخيه السيد سيداد البارزاني وطلبت منه ان يبلغ الرئيس طلبي مکررا حول ضرورة تثبيت اسم ديانتنا في دستور العراق الدائم. لقد بر الرئيس البارزاني بوعده مشکورا وتحقق مااردناه.
*المناصب الحکومية في بغداد خالىة من الايزديين، الا تري في ذلك نقصا لحقوقکم؟
– الامير : نعم ذلك صحيح، لان الايزديين يشکلون واحداً ونصفاً الى اثنين بالمئة من نفوس العراق. وعشرة الى اثني عشر بالمئة من نفوس كوردستان العراق. ذکرت هذه الملاحظات للرئيس مسعود البارزاني. واثناء زيارتي لبغداد في حينه، ذکرت ذلك لسيادة رئيس الجمهورية جلال الطالباني. ومسؤولين آخرين في بغداد، وقد وعدني الجميع بتلبية مطالىبنا المشروعة.
*بصدد المادة 140 في الدستور العراقي، ثمة الکثير من مناطق الايزديين(کالشيخان وسنجار) تقع ضمن حدود المناطق المتنازع عليها في تبعيتها والمرتبطة بهذه المادة الدستورية. ماهو رايکم حول هذه المادة وماهي رسالتکم لاهالى هذه المناطق من الايزديين؟
– الامير : دون ادنى شك انا مع تنفيذ هذه المادة في جميع مراحل تطبيقها. وارى بان فصل منطقة سنجار من الشيخان واستقطاعها من الاقليم، ستکون کارثة حقيقية علينا نحن الايزديين اولا ثم على عموم شعب كوردستان. لذلك ومن الآن ادعو جميع الايزديين في هذه المناطق ان يصوتوا للبقاء مع كوردستان. اذ ينبغي ان نکون موحدين ونعيش مع اخوتنا الكورد المسلمين وبقية مکونات شعب كوردستان في نظام حکم فدرالى علماني ديمقراطي حر، تکون فيه حقوقنا واضحة ومثبتة في الدستور الدائم للاقليم.
* لننتقل الى كوردستان الحالية، اذ ثمة مناطق ايزدية صغيرة في محافظة دهوك التي تشکل احدى المحافظات الثلاث التابعة لسلطة حکومة الاقليم الحالية. هناك ثلاثة اعضاء ايزديين في برلمان كوردستان و وزيران وموظفون آخرون. وتجري الاستعدادات النهائية لميلاد اول دستور دائم للاقليم. هل استطاع هذا الدستوران يضمن حقوقکم کما ترغبون؟ وماهي اقتراحاتکم لحکومة الاقليم؟
– الامير : لاادري متى سيصدر هذا الدستور ويصادق عليه، لکننا اوصلنا کل اقتراحاتنا وجميع مطاليب الايزديين الى البرلمان وحکومة الاقليم کتابة. ينبغي ان يحفظ الدستور الجديد کامل حقوقنا بشکل واضح وجلي. وبرايي ينبغي ان تتضمن احدى فقرات الدستور مايلي : ( على مستوى الاديان والمذاهب، يتکون شعب كوردستان من الكورد المسلمين والايزديين واقليات دينية ومذاهب اخر).
وفي هذا الصدد اود ان اشير الى ان اللائحة القانونية لحفظ حقوق الايزديين التي قام بکتابتها واعدادها حضرتکم في 1998 (حيث اطلعت عليها بامعان) تعتبر اساسا جيدا وعملا متميزا في هذا الحقل. لايکفي ان اقول بانني راض عنها فقط، بل في الحقيقة لم نضف الىها شيئا. لذلك اطالب بتقنين بنود وفقرات تلك اللائحة بشکل رسمي وتنفيذها.
خلاصنا يکمن في نظام علماني فدرالي
*اراکم في حديثکم تؤکدون کثيرا على العلمانية، الا يسير الحزبان الحاکمان في كوردستان على نهج علماني؟ الا تجد نظام الحکم في كوردستان علمانيا؟
-الامير : في تاريخنا کما تعلم جيدا، تعرضنا نحن الايزيديين الى اثنتين وسبعين حملة ابادة منظمة، وکانت لهذه الحملات علاقة حميمة مع الحکومات والسلطات التي کانت تتطرف في الدين وتتاجر بها احيانا اخري. نعم صحيح بان الحزبين الحاکمين حالىا في كوردستان، حزبان علمانيان ومناهجهما علمانية، وهما محل سرورنا البالغ طبعا. لکن فئات الشعب مختلفة في نظرتها الى العلمانية. فهناك فئات مثقفة وواعية من المجتمع الكوردستاني يساندون العلمانية ويحترمون کل الاديان والمذاهب، لکن في عين الوقت هناك من لايريد حتي ان يسمع باسم الايزيديين او المسيحيين، ويعادون العلمانية بشکل مطلق، ويريدون ان يفرضوا علينا حکم الانظمة الغابرة. الذي اطلبه هو ان نبني نظاما علمانيا مستندا الى الدستور الدائم ونحميه بقوة القانون. کالنظام الموجود في ترکيا حالىا، مع ان لنا مآخذ عليه ايضا في مجالات اخري. نعم اکرر بان خلاصنا يکمن في نظام علماني ديمقراطي فدرالي.
*في هذا المجال او اي مجال آخر، هل لك اقتراح معين الى حکومة اقليم كوردستان؟
-الامير : اود هنا ان اتطرق الى موضوع مهم وحساس، وآمل من رئيس الاقليم والحکومة والبرلمان ان ينظروا بجدية تامة الى مطاليبنا في هذا الصدد. والموضوع هو: في الاونة الاخيرة تناهي الى مسمعي اخبار بعض المناقشات والمحاورات بين المثقفين الكورد حول اللغة الكوردية واستخدام هذه اللهجة او تلك او رسمية هذه اللهجة والغاء تلك. ينبغي ان تنتبه القيادات الكوردية الى هذه المسالة الحساسة جيدا. اذ تعتبر لهجتنا الکرمانجية الشمالىة اکبر اللهجات الكوردية. وهي لهجة حوالى سبعين بالمئة من الشعب الكوردي. ومايهمنا اکثر هو ان هذه اللغة – اللهجة الکرمانجية الشمالىة بالنسبة لنا نحن الايزديين تعتبر لغتنا القومية والدينية معا. فجميع نصوصنا الدينية ( من قول او بيت او قصيدة او دعاء…الخ) هي بهذه اللغة – اللهجة ومدونة بها، منذ عهد الشيخ عدي بن مسافر الهکاري (توفي رحمه الله سنة 1162م) الى الآن. ونؤدي عبادتنا وکل صلواتنا وادعيتنا بهذه اللغة منذ ان خلقنا الله.
من ناحية اخري، منذ تاسيس امارة الشيخان والى الآن کانت المخاطبات والمداولات في الامارة بهذه اللغة – اللهجة، وقد اندثرت جميع الامارت الكوردية عدي امارتنا التي بقيت رمزا لجميع تلك الامارات، وذلك بفضل ديننا ولغتنا هذه. لذلك فان اية محاولة تهدف الى الغاء لغتنا الکرمانجية الشمالية ستکون کارثة کبيرة علينا نحن الايزديين، بل ستکون بمثابة نصف جينوسايد علينا. لکن کما اعلم فان هذه اللهجة هي اللغة الرسمية في محافظتي دهوك ونينوي (اي المناطق الكوردية منها، الواقعة تحت سلطة الاقليم) منذ 1991 کما هي لغة التعليم في المرحلة الابتدائية. من هنا اقول : باسمي وباسم جميع الايزديين کامير لهم، اوجه طلبي ودعوتي الى رئيس الاقليم والحکومة والبرلمان في كوردستان، ان تکون الکرمانجية الشمالىة اللغة الرسمية ليس فقط في المناطق التي ذکرتها اعلاه، بل في بقية المناطق الكوردية من محافظة نينوي التي ستعود رسميا الى الاقليم بعون الله، واطالب بان تکون الدراسة من الروضة الى الجامعة والدراسات العليا بهذه اللغة – اللهجة. البيان الذي وقعه 53 کاتبا حول اللهجات الكوردية مرفوض تماما
* لقد اشار سموکم الى موضوع مهم جدا علي الساحة الكوردستانية، لانه اثناء فترة سفرکم الى الولايات المتحدة، اثيرت هذه المسالة بقوة ونشر الکثير من المقالات والآراء حولها. لکن نارهذه الزوبعة اشعلها 53 کاتبا عندما اصدروا بيانا في السليمانية في العشرين من نيسان الماضي، طالبوا فيه بجعل اللهجة السورانية اللهجة الرسمية الوحيدة في الاقليم، ومنع کل اللهجات الاخري في المدارس والمداولات الرسمية في کل دوائر الدولة. الى ان وصل الامر بآخرين کي يطالبوا حتي بمنع کتابة عناوين المحال التجارية والمطاعم بالکرمانجية في محافظة دهوك. فما هي رسالتکم في هذا الموضوع؟
-الامير : رسالتي هي التي ذکرتها آنفا، بان الکرمانجية الشمالية، هي لغتنا القومية والدينية معا، هي لغة الازيديين في مناطق سکناهم بمحافظتي نينوي ودهوك. ومن محافظة الحسکة الى حلب وعفرين. ومن ويرانشهر الى جبل جودي ومنطقة سرحد، ومن جمهورية ارمينيا الى جيورجيا وکازاخستان.
علاوة علي کونها لغة معبد لالش الکبير وبقية الاماکن المقدسة لدينا. فالايزديون يعبدون الله بهذه اللغة ويخاطب بعضهم بعضنا بهذة اللغة، وهذا الدين مع هذه اللغة هما العاملان الاساسيان والحقيقيان وراء بقائنا وحمايتنا من الفناء. عليه اکررهنا بان اي قرار يصدر – في اقليم كوردستان او اي مکان آخر – لالغاء الکرمانجية، سيکون کارثة حقيقية علينا نحن الايزديين، لذلك لا و لن نقبل قرارا کهذا مطلقا، لانه ضد وجودنا وهو ضد دستور العراق الدائم الذي کان للايزديين – ايام الاستفتاء عليه في محافظة نينوي – دور کبير في انجاحه. فاذا لم يسمع احد صوتنا فاننا نحن الايزديين مضطرون الى اللجوء للدستور ومنظمات حقوق الانسان. لکن ارجو ان لاتصل الامور الى ذلك الحد. کما ارجو کل الرجاء من سيادة رئيس اقليم كوردستان وفخامة رئيس الجمهورية، بان لايعيروا الى بيان هؤلاء الکتاب اي اهتمام ولايفسحوا لهم المجال، لان مثل هذه البيانات معادية لمصالح شعبنا ومفرقة لصفوفه، في وقت نحتاج فيه اکثر من اي وقت مضي الى توحيد الصفوف والمحافظة علي اخوتنا.
طبيعي جدا ان تکون لنا لغتان للکتابة مع کوننا شعبا واحدا سمو الامير، لاشك بان هذا البيان يمثل ارادة من وقع عليه فقط، لان هناك الکثير من الکتاب والاساتذة من اهالى السليمانية ومحيطها رفضوا هذا التوجه، مثل البروفيسور جمال نبز، والبروفيسور عزالدين مصطفي رسول والدکتور وريا عمر امين وآخرين، الذين يؤکدون علي طبيعية وجواز وجود لغتين للکتابة لدينا. يقول البروفسور جمال نبز مامعناه : لننظر الى جيراننا من الفرس والترك، فلدي الفرس حالىا ثلاث لغات للکتابة، هي الفارسية الدرية في افغانستان، والتاجيکية في تاجيکستان علاوة علي فارسية ايران. وکذا الحال بالنسبة للاتراك الذين لديهم زهاء ست لغات للکتابة هي الآذرية والترکمانية والاوزبکية والقرغيزية والکازاخية، فضلا عن ترکية اسطنبول، مع کونهم شعبا واحدا. نحن الكورد ايضا شعب واحد ولنا لغتان حالىا للکتابة، دون ان يکون لذلك تاثير سلبي علي وحدتنا القومية.
* الامير : لاشك باننا ايضا نريد ذلك، واشد علي ايديهم. لاننا ايضا لانريد ان نفرض لهجتنا علي احد. بل نکن لاصحاب جميع اللهجات ودا واحتراما وتقديرا لانظير له، ونحن اخوة جميعا. لکن کما قال الاساتذة الکرام ، وکما هو رايك وراي الاستاذ مؤيد طيب وادباء دهوك، اري ايضا بانه لاشك في اننا شعب واحد، لکن من الطبيعي جدا ان تکون لنا نحن الكورد لغتان للکتابة، کما هو الحال لدي الاتراك والايرانيين والکثير من شعوب اوروبا والعالم.
*لعلم سموکم،لقد تشکلت في محافظة دهوك لجنة خاصة، مکونة من ممثلي المحافظة والتربية واتحاد الادباء الكورد، والمراکز الثقافية…الخ وذلك لمتابعة هذا الملف وترسيخ وتثبيت لهجتنا الکرمانجية کلغة رسمية ليس في دهوك فقط. بل في المناطق الكوردية من محافظة نينوي ايضا. وکذلك للتصدي لکل الآراء الخاطئة في هذا الحقل. فما هي اقتراحاتکم في هذا المجال؟
-الامير : نعم لقد سمعت بذلك، اساند عمل تلك اللجنة بکل قوتي، واقترح عليهم بان يضيفوا الى تلك اللجنة شخصا آخر ايضا يمثل الايزديين.
انا مع الاصلاحات في الديانة الايزدية
* الاصلاحات ضرورية لکل الاديان، اذ تتمخض عنها نتائج ايجابية في کل النواحي. والمسيحيون خير مثال علي ذلك، اذ لم يتطوروا ولم يتطور العالم الغربي بشکل عام، الا بعد اجراء الاصلاحات المطلوبة في ديانتهم. وبصدد الايزدياتي، اري الکثير من الآراء والکتاب يطرحون اسئلة ملحة حول اجراء الاصلاحات في ديانتکم. وفي رايي اذا کانت الاصلاحات بشکل جذري شيئا صعبا في هذه الظروف، فان بالامکان القيام ببعض الخطوات علي هذ الطريق. مثلا ان تقوموا بتفعيل وعصرنة عمل المجلس الروحاني الاعلي للديانة الايزدية، بحيث تنشط حرکته ويجيب علي مايدور في خلجات الانسان الايزدي من اسئلة مشروعة في کل المجالات. وکمثال آخر : منذ سنين وطبقة ابيار هسلممان معرضة للانقراض بسبب قلة عدد منتسبيها وعدم وجود طبقة اخري تتزاوج منها (اي يباح لمنتسبيها الزواج من منتسبي طبقة اخري من الابيار) وهناك نماذج اخري ايضا لامجال لذکرها هنا. الا يري سموکم بانه آن الاوان لاجراء بعض الاصلاحات؟
-الامير : انا مع الاصلاحات بدون ادني شك. لکن في اوروبا (المانيا خاصة) هناك الکثير من الايزديين الذين يطالبون باجراء اصلاحات سريعة. وفي الوطن هناك الکثير ممن لايقبلون بهذه الاصلاحات اصلا، خاصة السريعة منها. ونحن واقعون بين الاثنين. لکن مع ذلك انا مع الاصلاحات لکن ليس بشکل سريع. سنفعل کل يطالبه اکثرية الايزديين وکل مايروق لشعبنا، لکن رويدا رويدا وبصورة تدريجية. وکمثال علي ذلك، فقد خطونا بعض الخطوات. کان هناك منذ القدم مصدر خيري لمساعدة الامير في تمشية اموره، منذ سنة 1998 قمنا بتبرع نصف موارد هذا المصدر الخيري لصندوق خاص بالامور العامة. وبالنسبة للمجلس الروحاني الاعلي، فقد شکلنا له هيئة استشارية خاصة واسسنا له مکتبا يحتوي علي المستلزمات الضرورية لتمشية عمله. لکن للاسف لايوجد لدينا مورد مالى کمجلس روحاني، يساعدنا علي تمشية امورنا بالشکل المطلوب، ولم تقدم لنا اية مساعدة لحد الآن من قبل اي طرف کان. فلا حکومة الاقليم ولا حکومة المرکز ولا اية جهة آخري، جميعهم لم يقدموا للمجلس الروحاني اية مساعدة مطلقا. وبالنسبة لافراد طبقة ابيار هسلممان، فقد تعرضوا الى تعسف کبير. في سنة 1957 اصدرنا في المجلس الروحاني الاعلي قرارا يبيح التزاوج بينهم وبين افراد طبقة ابيار هسنالکان، الا ان الايزديين لم يطبقوا قرارنا ولم يتزاوج منهم احد. بدون شك للمرأة حق في الميراث
*حول حق المراة في الميراث. قبل اشهر کتب الکثير من المقالات والنقد حول حق المراة في الميراث لديکم. تسير الشريعة الاسلامية علي قاعدة (للذکر مثل حظ الانثيين). فماذا عنکم ؟ هل المشروع القانوني الذي تعدونه حالىا يحتوي علي حقوق معينة للمرأة في الميراث؟
-الامير : انا مع حق المرأة في الميراث وينبغي ان يکون لها حق معين. لقد کلفنا خمسة من المحامين لاعداد قانون خاص للاحوال الشخصية للايزديين. وحتي اذا لم يقتنع البعض بمنح هذا الحق للمرأة، انا سابقي مساندا لهذا الحق. – هل المجلس الروحاني مع حق المرأة في الميراث ؟ * الامير : ليس کل الاعضاء، لکنني مع حقها وسنحقق لها ذلك باذن الله.
(انتهت المقابلة )
ملاحظات مهمة :
* تم اجراء هذا اللقاء باللغة الكوردية في 11 . 7 . 2008 عند زيارتي لسمو الاميرفي مدينة هانوفر بالمانيا. وذلك بحضور السيد غازي پسو الهويري عضو الهيئة الاستشارية للمجلس الروحاني.
* بالرغم من الثقة الکبيرة التي منحها لي سمو الامير، الا انني ونظرا لاهمية المقابلة سجلت المقابلة علي آلة التسجيل اولا، وبعد طبعها قمت بزيارة الامير ثانية، وقراءتها علي سموه. وبموافقة الامير اضفنا الىها اسئلة اخري، ثم قراتها له من جديد. وبعد موافقته التامة ، اعطيتها الى وسائل الاعلام.
* في يوم الاربعاء الموافق للسادس عشر من تموز وفي وقت واحد، نشرت النسخة الكوردية (بالحروف العربية) في جريدة (افرو) بدهوك، وبالحروف اللاتينية في الجريدة الالکترونية آفيستا.
* في هذه النسخة التي قمت بترجمتها الى اللغة العربية، اضع المقابلة کلها امام القارئ، ولااختصرها ولااترك منها شيئا کما فعلناها في النسخة الكوردية. وکذلك کتبت مقدمة مفصلة نوعا ما للمقابلة العربية، تطرقت فيها الى اهم الحوادث في تاريخ بيت الامارة الحديث، حيث رأيت ذلك مهما وضروريا لقارئ العربية. لذلك تبدو النسخة العربية من المقابلة اطول من النسخة الكوردية. کما ارجو کل الرجاء من کل قنوات النشر ان لايحذفوا کلمة واحدة من المقدمة التاريخية لهذه المقابلة، حتي وان بدت للصحفيين الحداثويين بانها مقابلة تقليدية قديمة من العيار الثقيل.
* النسخة العربية ستنشر في جريدة التآخي التي يرأس تحريرها استاذنا الدکتور بدرخان السندي. وبعد نشرها هناك اعطي کامل الحرية لکل القنوات والجهات الاعلامية التي تريد نشر هذه المقابلة.
* انتهيت من ترجمة هذه المقابلة في 18 . 7 . 2008 اديب جلي