يسر صفحة دراسات كوردية ان تقوم بنشر كتاب الدكتور بدرخان السندي
( المجتمع الكردي في المنظور الاستشراقي) وذلك عبر حلقات متسلسلة.زواج الاطفال
الحقيقة ان موضوع زواج الاطفال Child Marriage من الموضوعات التي استأثرت باهتمام علماء الاجتماع والانثرولولوجي فقد وجد هذا النوع من الزواج في ديانات وقارات مختلفة، وحتى الاسلام اقره من خلال الولي على الطفل.
ان المجتمع الكردي من حيث هو مجتمع آري في عرقه (هندو اوربي) من جهة وكونه يدين بالديانة الاسلامية في كثرته. لم يجد في زواج الاطفال مانعاً، ذلك اننا نجد اقواماً وديانات آريه روجت لمثل هذا الزواج وبررته.
يذكر ديوارنت في قصة الحضارة، ان زواج الاطفال نظام اجتماعي قديم عند الهنود ومن قدمه جاءت قداسته وانما ثبتت جذوره بادىء ذي بدء من رغبة الناس في منع التزاوج بين الطبقات تزاوجاً قد تسببه مجرد الجاذبية الجنسية العابرة (174).
واما في الاسلام فمن حق الولي (الاب) او من يليه في حق الولاية حسب تعاليم الشريعة، تزويج الصغيرة او الصغير * اي اجازة عقد القران.
وتعرف الولاية كما جاءت عند (المراغي) انها حق تنفيذ القول على الغير رضي او لم يرض وهي عامة وخاصة فالعامة تكون لخليفة المسلمين ومن في حكمه والخاصة تكون على النفس وعلى المال. والولاية على النفس تكون مندوبة كالولاية على البالغة العاقلة بكراً كانت او ثيبا – عند الحنفية اما ولاية الاجبار فهي الولاية على الصغير والصغيرة بكراً كانت او ثيبا ومن يلحق بهما من غير المكلفين كالمجنونة والنكاح تكون فيه الولاية على النفس (202).
ومن ملاحظات المؤلف الشخصية ان زواج الاطفال يكاد يكون في حكم العدم حتى في الريف في المنطقة الشمالية من كردستان بيد ان كامران موكري يحدثنا عن مثل هذا الزواج في ريف مدينة السليمانية ويسوق لنا قصة مؤلمة عن مثل هذا الزواج شاهدها بنفسه وبحضور رجل الدين ومختار القرية على سطوح احدى الدور وقد اشترك كامران موكري في الجلسة للمصالحة بين الطرفين واننا اذ سنعرضها هنا لانها تمثل حالة مركبة فهي حالة زواج متبادل من جهة وحالة زواج اطفال من جهة ثانية بالرغم من عدم ذكر كامران لتاريخ القصة.
شقيقان ارادا تزويج بنتيهما بالتبادل لابنيهما اي كل فتاة تتزوج ابن عمها والاربعة كانوا اطفالاً. وعقد القران واصبح الزواج شرعياً ثم مات احد الشقيقين.
الان يطالب العم بابنة اخيه لكي تتزوج من ابنه اي يطالب بحصول النكاح لكن ارملة شقيقه لا توافق لانها تطالب شقيق زوجها بان تنتقل ابنته الى دار الزوجية ايضاً لكن الاب يرفض بسبب ان الولد عمره 9 سنوات وابنته عمرها 13 سنة لكن الارملة مصرة على حقها في انتقال زوجة ابنها الى بيت الزوجية مقابل رحيل ابنتها الى بيت زوجها.
كان الرجل – على ما يذكر – كامران موكري، يلعن الساعة التي وافق فيها على هذا الزواج، فكيف تذهب ابنته الى زوج ما زال طفلاً وهو لا يمانع، اذا ما تقدم الطفل بضع سنوات في العمر اي متى اصبح بالغاً. وطالب بدعوة الطفل والاستفسار منه وامتنعت والدته وقالت لا حاجة فانا اقرر ذلك، ولكنهم اي الحضور طلبوا مجيء الطفل الذي كان كما يذكر موكري في 8-9 سنة من عمره حافي القدمين، وسأله الامام (رجل الدين) ما اذا كان يريد ان يتزوج من ابنة عمه (الامام هنا يقصد عملية النكاح لان عقد النكاح مبرم سابقاً) فاجاب الطفل وبتعليم من امه قائلاً نعم اولست رجلاً؟ وهنا علقت والدته قائلة ان هذه البنت زوجة ابني وغداً سوف انقلها الى بيتي. وكما يذكر كامران موكري، لقد تبين السبب وهو الحالة المعيشية لان الارملة عندما ترسل بابنتها الى دار الزوجية فانها تكون قد خسرت يداً عاملة وهي تريد مجيء عروس ابنها الطفل والتي تكبره بـ 4-5 سنوات تعويضاً عن ابنتها، ولذلك قرر المجتمعون على سطح الدار في القرية ان تقضي هذه البنت يومها في دار الزوجية وان تنام ليلاً في بيت ابيها ريثما يصل الطفل الى سن البلوغ، فالمرأة كما يختتم كامران هذه القصة الواقعية عامل انتاجي (18-9) وهذا يتفق مع ما ذكره بارث في هذا الفصل عندما عبر عن الزواج الثاني (استثمارياً).
لقد اشار باسيل نيكيتين الى هذا النوع من الزواج، اذ يذكر ان تقاليد الماضي جرت على ان تخطب الفتاة وهي بعد في القماط وتتم الخطبة بان يعقد على رأسها بمنديل علقت عليه قطع النقود وفي كل عام يحمل الخطيب بمناسبة عيد الاضحى خروفاً الى خطيبته وقطعة قماش (106).
العائلـة
تذكر الموسوعة العالمية للعلوم الاجتماعية International Encyclopedia of the social science. ان كلمة (Family) عائلة هي بالاصل كلمة لاتينية وتعني بشكل عام (جماعة البيت Domestic group) ولكن في التعبير السوسيولوجي اي علم الاجتماع لا بد من التمييز بين المصطلحين تمييزاً واضحاً فـ (جماعة البيت) يمكن تأسيسها من عدد من الافراد لا صلة قرابة بينهم (302).
ولذا نجد ان مفهوم العائلة في الموسوعة المذكورة مثلما في معظم التعاريف الواردة في كتب علم الاجتماع يشترط فيه البعد البايولوجي والتفاعل الجنسي من رجل وامرأة وتنشأ من ذلك علاقة قربى بينهما من جهة وبين ما ينجبانه من اطفال من جهة اخرى ولا تتشدد الموسوعة في هذا المفهوم فهي تأخذ بالاعتبار موضوع التبني وتعتبر علاقة الطفل المتبنى بأبويه تضاهي علاقة الدم بين الطفل وابويه هذا من جهة ومن جهة اخرى فهناك انجاب وما من علاقة مثل حالات الطلاق وعدم تعايش الطفل مع احد الابوين او مع كليهما وهناك حالات او تقاليد اجتماعية في الزواج قد تبدو غريبة لان العائلة فيها قائمة على نظم زواج اصبحت اليوم في حكم الزوال تقريباً الا في بعض القبائل التي ما زالت في دور المجتمعات البدائية.
العائلة النووية (Nuclear family)
ان مصطلح العائلة النووية او العائلة الاولية او البسيطة او الاساسية يستخدم للتعبير عن جماعة من البشر تتكون من رجل وامرأة وما ينجبانه من اطفال.
ويذكر Murdak – ان هذا النوع من العائلة لكي يتأسس ويستمر فانه يتمتع بالاستقلالية وتترتب عليه وظائف مميزة وحيوية كالانجابية والتربوية (3).
العائلة المركبة (Compound family)
وتعني المجموعة الناتجة من اجتماع وحدات من العوائل النووية او بعضها ومثال ذلك (تعدد الزوجات Polygynos household) الذي يتضمن رجلاً واحداً وزوجاته واطفاله من زوجاته يكونون عائلة مركبة ويمكن ان تكون العائلة المركبة من الزواج الثاني سواء بسبب الترمل ام الطلاق ومعهم اطفالهم من الزواج السابق لكلا الزوجين او لأحدهما… والعائلة المركبة لا تحتاج الى جماعات مجاورة سكنية للعائلة اي يمكن ان تكتفي العائلة المركبة بسكن واحد ومن دون جماعات ترتبط بها عائلياً وتجاورها مكانياً.
العائلة المتصلة (الترابطية) Joint family
ويطلق هذا المصطلح على العائلة المتكونة من خط من القرابة العائلية من ذات الجنس ومعهم ازواجهم واطفالهم (Offspring) ويسكنون في دار واحدة وهم بمجموعهم يخضعون لنفس السلطة او لعميد واحد في الاسرة ومثال على هذا النوع من العائلة زوج وزوجه يعيش ابناؤهم معهم وتزوج الابناء وانجبوا اطفالاً والكل يعيشون معاً الجد والجدة والابناء والاحفاد في دار واحدة وربما ابناء الاحفاد ومن الخطأ ان يعتقد البعض ان هذه العائلة هي مجموع محصلة من العوائل النووية، فالعائلة المتصلة عموماً تنهض وتوجد وتثابر لانها تقوم او تنجز النشاطات بشكل اوسع مما تقوم به جماعات من العوائل النووية لان العوائل المتصلة تحتوي على اعضاء أصغر في العمر متزوجين اكثر مما عليه في الاسر المستقلة لان الزيجات الشابة تنجب الاطفال.
ويمكن للعوائل المتصلة ان تحوي في جوانبها عائلة نووية اذا ما استطاع زوجان في هذه العائلة توفير ميزانية خاصة بهما واستطاعا تأمين غذائهما وطهيه بشكل منفصل عن غيرهم.
وعموماً يمكن ان نلحظ حالة من الانشطار الجنسي في هذا الضرب من العوائل لا يمكن تفاديه فنجد ان مجموعة الذكور يمثلون فريقاً ومجموعة الاناث فريقاً اخر في التفاعل والاحاديث.
اما الاطفال فغالباً ما يجدون من كل الامهات في هذا البيت اماً لهم. وعلى اي حال فان هذا النوع من العوائل لا يمكن ان يبقى مستمراً فهو يتداعى بعد ان يمكث سنوات واول اشكال التداعي هو انفصال او استقلال بعض العوائل (الزوج والزوجة واطفالهما) وذهابهم للسكن في مكان اخر اما بسبب محاولة تحسين حالة العيش او ربما بسبب التخاصم (304).