والغريب فان بعض الاسماء تتغير تماماً ولا نجد اية علاقة بينها وبين الاصل مثلاً (محمود) يصبح خوله و (مصطفى) يصبح مجه.
ونعتقد ان هناك اكثر من سبب لمثل هذه الظاهرة فبعض الاسماء تتغير لتتخذ جرساً كردياً والبعض الآخر يصغر من باب التحبيب والبعض الآخر يتأثر باداة النداء والتي هي في بعض اللهجات فتحة بالنسبة للمذكر او المؤنث.
بينما في لهجات اخرى ياء مخففة للاناث وللذكور ففي الحالة الاولى يصبح علي عله وفاطمة فاته بينما في الحالة الثانية يصبح علي علو وفاطمة فاطى (الياء مخففة وليست مشددة).
لقد لاحظ ادموندز هذه الظاهرة في الاسماء الكردية أي اختصارها (44) بيد انه لم يعطنا اسباباً لغوية بالرغم من انه حسب علمنا تخصص من بعد في اللغة الكردية واصبح استاذاً لها في جامعة لندن.
ومما يذكر ادموندز حول التقاليد والاسماء ان توفيق اغا الذي كان ادموندز قد حل ضيفاً عليه طلب منه ان يطلق اسماً على مولودته لانها ولدت اثناء وصوله جرياً على عادة الكرد وفعلاً اطلق ادموندز اسم كلادس على هذه الطفلة بعد ان حوره لما يناسب اللفظ الكردي – على حد قوله – فاقترح لها اسم (كل ده سه) أي باقة ورد، وللاسف كما يذكر ادموندز رحلت (كل ده سه) في اثر معظم اطفال هذه البلاد الذين يختارهم الموت وهم في سن الطفولة(148).
ويذكر توما بوا ان الام هي في الغالب تسمي الطفل واحياناً رجل الدين في القرية (الملا) واكثر الاولاد يحملون اسماء اسلامية كما ان هناك اسماء كردية صرفة (66) وقد لعب رجال الدين دوراً كبيراً عبر التاريخ الاسلامي في اضاعة الكرد للاسماء الكردية. فنحن لا نعرف عن الاسماء الكردية قبل الاسلام الا النزر القليل في حين ابقى العرب على اسمائهم التي كانوا يتسمون بها في عصر الجاهلية. واليوم يحاول الكرد اختلاق اسماء كردية ولكنها ليست الاسماء الكردية المنقرضة الا ما ندر منها.
وكثير من الاسماء تنسب اليوم إلى ابطال التاريخ واعلامهم وبعض آخر تتعلق بفضائل او اسماء زهور او حتى حيوانات ذات صفات حميدة.
وقد لاحظ ادموندز ان الكرد يغرمون في ايجاد اشتقاقات لكل اسم فكثيراً ما تروى حكاية طويلة لتفسير اسم قرية ما او شجرة او صخرة.
من التقاليد الكردية التي استغرب لها هاملتون ما يتصل بالحصاد وان كان بعضها يرتبط بالمعتقدات الا انها في الوقت ذاته تقاليد. يذكر هاملتون ان حصد الغلة التي تنضج سريعاً يجري بعد انقطاع امطار الربيع مباشرة وتقطع بالمنجل حزمة حزمة وقد فوجئ في زيارته الاولى لاربيل بتقليد من اغرب تقاليد الشعب الكردي، فقد اخبره مرافقه (حسن) بانه ما ان يحصد اول ملء كف من الحنطة في حقل من الحقول حتى تقشر وتقدم لاول عابر سبيل غريب عن اهل المنطقة وعلى هذا الغريب ان يقبل الهدية ويقدم للحاصد قطعة فضية او ذهبية، ولا يعد هذا من قبيل الاستجداء مطلقاً فهي عادة قديمة ترمز إلى مشاركة المسافر في فرحة اولى الثمرات.
ويذكر هاملتون تجربته المباشرة فيقول، كان جمع صغير من الكرد قد انتحوا ركناً في حقل ما زالت سنابله قائمة فما ان لمحوه حتى انفصل عن الجماعة فلاح واقبل عليه مهرولاً ومنجله بيده يحمل اليه حفنة من الحنطة ولما كان على معرفة سابقة بالموضوع فقد تناول ملء القبضة من الحب ووضع هاملتون في يده عدداً من المسكوكات الفضية وابتسم حسن المتمسك بالخرافات ابتسامة السعادة(51).
ومن التقاليد التي لاحظها الرحالة والمستشرقون ما يتصل بالاعياد والاحتفالات ولعل ابرزها احتفالات نوروز او عيد رأس السنة الكردية التي تبدأ في (21) آذار.
لقد كتب عنها ادموندز ولكننا نعتقد انه لم يشاهد تلك التفاصيل التي رواها في مذكراته بل لقد سمع عنها او قرأها وهو في مذكراته يشير إلى مقال كتبه توفيق وهبي في مجلة سومر التي تصدر عن مديرية الاثار العامة ففي الجزء الرابع، العدد الثاني لعام 1946 كتب توفيق وهبي عن احتفالات اهل السليمانية في نوروز تحت عنوان – المنحوتات الصخرية في كهوف كندن وعلى اي حال لا نجد ما يمنع من ذكر تفاصيل الاحتفال بنوروز على الشاكلة التي وصفها ادموندز وان زالت تلك الطقوس والمراسم اليوم وانحسرت التفاصيل الطقوسية التي سنذكرها الان واتخذت احتفالات نوروز اليوم طابعاً يمكن ان نصفه بالمزيج بين مشاعر النزهة الجماعية والتعابير القومية.
يذكر ادموندز، كانت الحفلات العامة وضروب التسلية في الارض العراء شائعة في السليمانية على الدوام كما تشهد بذلك كتابات ريج وكثيراً ما اتحفه الاصدقاء بحكايات عن مهرجان او احتفال الربيع السنوي ذي الاصل العريق الموغل في القدم على نبت ازهار الربيع. الحقيقة ان نوروز يصادف في 21 آذار ولا يؤقت على نبت ازهار الربيع وان كانت ازهار الربيع تنبت في هذا التاريخ تقريباً، نعود إلى ادموندز وهو يسترسل في مذكراته اذ يقول، يخرج كل اهالي المدينة إلى ينابيع سرجنار لاحياء العيد ويبدأ باختيار رئيس العيد ويخول سلطات فعلية نافذة الحكم مع الحق بالاخلال المؤقت ببعض قواعد التصرف الاجتماعي والغاء تام تقريباً للسلطة الرسمية القائمة، وقد اشار توفيق وهبي باختصار إلى هذه العادة في معرض تعليقات له عن الفلكلور الكردي في المقال المذكور اعلاه فذكر ان اهالي السليمانية يخرجون من المدينة في صبيحة العيد ثم يلتئم عقدهم في موضع الحفل، ويتوجون احدهم ملكاً ويعينون له حرساً وبطانة ويمتطي الملك ظهر ثور ويشق به الجموع الحاشدة تتبعه بطانة نحو سرادق، ضربت فيه الخيام فيجلس المحتفلون في الدواوين وتنصب قدور الطعام ويتنكر افراد مخصصون ويلبسون جلود الغنم والماعز ليمثلوا الحيوانات الداجنة طوال فترة الاحتفال التي تستمر ثلاثة ايام كاملة وتكون طاعة الملك المتوج طاعة عمياء وله ان يفرض غرامات واتاوات على الناس حاضرهم وغائبهم ويظل متمتعاً بلقب باشا إلى مناسبة العيد التالي ويبين توفيق وهبي ان هذا التقليد هو في الواقع احياء لذكرى ثورة فريدون على الملك الطاغية (زهاك) ويزعم الكرد ان فريدون قاد قواته في المعركة وهو ممتط بقرة (82-3).
ان ما ذهب اليه ادموندز حول الاحتفالات في العراء وفي بدء الربيع من العادات الاجتماعية المعروفة في كردستان، فلو عدنا إلى اول رواية كردية مدونة شعراً ونقصد مم وزين التي نظمها الشاعر المبدع الخاني في القرن السابع عشر نجد الرواية تبدأ احداثها في يوم نوروز عندما نهضت المدينة عن بكرة ابيها لتحتفل بيوم نوروز في العراء خارج المدينة وحالة التنكر والانعتاق يمكن ان نجدها في رواية الخاني ويبدو ان مسألة التنكر التي ترتبط تاريخياً مع يوم نوروز قد اثرت على مكنونات الخاني بشكل شعوري او غير شعوري فكان للتنكر دوره في حبك احداث الرواية، ان الخاني يذكر في مقدمة روايته ان هذا الاحتفال تقليد اجتماعي توارثه الابناء عن الاباء وهنا لا بد ان نذكر ان الخاني كان يصف مدينة الجزيرة على نهر دجلة في كردستان تركيا ونجد في مدن كردية اخرى مثل مدينة زاخو ان الناس في الربيع يتركون المدينة ويذهبون إلى العراء للاحتفال بالربيع وينامون في العراء والاحتفال قائم ليل نهار لمدة تتراوح بين ثلاثة ايام واسبوع وكان هذا يجري ايام زمان…
التآخي