الرئيسية » بيستون » الكرد الفيليين أقلية !!! هل هي مؤامرة أم هلوسة ؟

الكرد الفيليين أقلية !!! هل هي مؤامرة أم هلوسة ؟

إن ( كردستان ) بالمفهوم الواسع ، يقصد بها ديار الكرد بوصفهم مجتمعاً ذا وحدة قومية متجانسة ( Homogeneous) وهذه الديار مجزأة بين تركيا والعراق وإيران ، فضلاً عن نتوآت داخلة في الاتحاد السوفيتي وسوريا، ولذلك لم تدخل تخومها ضمن أية حدود دولية أو أقسام إدارية داخلية . وتخومها الشمالية تتبع تقريباً خطاً يمر بأريفان وارض روم وأزربيجان ( ارزنكان ) ثم تمر بشكل قوسي متجهة إلى حلب من مرعش ( مرش ) ومن الجنوب الغربي تمتد على طول سفوح الجبال المنتهية بضفاف دجلة ثم تشرق مجرى النهر ولا تبتعد عنه كثيراً ممتدة من خط جبل حمرين حتى تصل نقط إلى الحدود الإيرانية تبلغ نهاية أرض الكرد خطا نازلا من جنوب شرق ( أريفان ) لتضم اصقاع ( ماكو ) وقسماً من ( كوي ) ورضائية ( أرومية ) ومهاباد ( صاوج بولاق ) وسقز وسنة حتى ( كرماشان ) . إن الطريق السلطانية العريضة الممتدة من كرماشان إلى ( كرند ) يليها الخط المستقيم المنتهي بمندلي ، وهو على وجه التقريب الحد الفاصل بين بلاد الكرد الأصيلة وبين ذوي قرباهم ( اللر ، واللك ) الذين يعدون من ضمن الشعب الكردي * فعليه نرى إن الشعب الكردي يتمتع بأهم مقومات الأمة الواحدة ألا وهو أرضهم التي هم سكانها الأصليين علاوة على معايير أخرى وأهمها :
أولاً : أنهم يتكلمون اللغة الكوردية بلهجاتها المختلفة والتي هي زازا ، كرمانجي ، وسوراني، وكوراني وغيرها ، وتشمل اللهجة الكوردية الجنوبية:
أ-الكلهرية – الكورانية وتنتشر هذه اللهجة الكوردية على الأغلب في كرماشان وأجزاء من إيلام وإيوان وبين بعض الطوائف الكوردية وهي تختلف قليلاً عن اللهجة الكوردية الفيلية من ناحية تصريف الأفعال وبعض المصطلحات والتي لا تتجاوز على الأكثر 50 مصطلحاً .
ب-اللهجة الكوردية الفيلية والتي يتكلم بها أهالي إيلام ، مهران ، شيروان ، جرداول ، بدرة وأقسام من جنوب إيلام مثل دهلوران ودره شهر وآبدانان ومندلي وخانقين وبدرة مع بعض الاختلافات البسيطة .
ج-اللهجة الكوردية اللكية والتي تنتشر في لرستان ، كرماشان , وإن هذه اللهجة تختلف بشكل واضح عن اللهجتين الكورديتين الجنوبيتين الأخريين أي الكلهرية – الكورانية والفيلية وفي بعض من خصائصها تقترب في مجال تصريف الأفعال من اللهجات الكوردية السورانية والهورامية . *
ثانياً: والذي قد يعتبر أهم من أي معيار آخر هو الإحساس القومي لدى من يعتبرون أنفسهم كورد ولا يزالون متمسكين بقوميتهم الكوردية على الرغم من أنهم أرغموا على ترك مناطق سكناهم وقطع أية صلة بينهم وبين بني قومهم ولعقود من الزمن ، ويمكن هنا الإشارة إلى الجماعات الكوردية التي رحلت من مناطق سكناها الأصلية وابعدوا من قبل الحكومات الشوفينية التي تتوزع فيها أراضي كوردستان ومنها على سبيل المثال لا الحصر إلى المناطق الشرقية لإيران حيث قطع أي نوع من الارتباط بينهم وبين الكورد الساكنين في أراضي كوردستان المشتتة بين إيران وتركيا والعراق وسوريا وروسيا إلا إنهم لا يزالون يعتبرون أنفسهم كورد . وكذلك مئات الآلاف من الكورد الذين هجرهم النظام البعثي قسراً إلى إيران وهم من الكورد الفيلين أو رحلهم من مناطق سكناهم في خانقين ومندلي وزرباطية وبدرة وغيرها من المدن الكوردية منذ السبعينات وإلى نهاية الثمانينات من القرن الماضي لغرض تقليل عدد الكورد في هذه المناطق وتعريبها وتشتيت سكانها الأصليين في المدن العراقية الأخرى . إلا إن هؤلاء الكورد الذين تحملوا كل هذه المصائب والويلات على يد الحكومات العراقية المستبدة منذ عقود من الزمن لا زالوا متمسكين بقوميتهم الكوردية .
وقد قال القائد الكوردي الكبير المرحوم الملا مصطفى البارزاني ( إن الكورد هم الذين يحسون أولاً أنهم كورد ، كما إن النقطة المشتركة بينهم هي الانتماء القومي واللغة الكوردية.)
أما الأقلية فهي مكون من شعب ما يعيشون في دولة ما ويختلفون عرقياً أو دينياً عن مكون الأغلبية في تلك الدولة . وهذا هو التعريف العام عن الأقلية ولكن بالطبع يخضع تعريف الأقليات لوجهات نظر متعددة .
إذاً الكرد أينما تواجدوا في العراق فهم شعب واحد وإن اختلفت لهجاتهم ومناطق سكناهم أو تباينت أديانهم ومذاهبهم لأن المقوم الأول لهم كشعب هو إنتماءهم وشعورهم القومي المشترك واللغة الكردية المشتركة ومصيرهم المشترك ، وهذا ما ناضل من أجله الكرد بكافة لهجاتهم وأديانهم ومذاهبهم سواء داخل أو خارج إقليم كردستان على مدى عقود طويلة من الزمن . وعليه لا يمكن اعتبار أية شريحة منه أقلية ضمن مكونات الشعب العراقي ، لأنهم القومية الكبيرة الأخرى في العراق إلى جانب القومية العربية .
أما بالنسبة لشريحة الكرد الفيليين ، فقد شهدت الفترة بين منتصف أربعينيات وبداية خمسينات القرن الماضي باكورة نشوء الوعي السياسي المواكب للعصر في صفوف الشبيبة الكردية الفيلية ولا سيما من سكان مدينة بغداد واندفاعهم بحماس للمشاركة في النضال الوطني لتحرير العراق من التبعية الاستعمارية ونيل الاستقلال وبناء الديمقراطية في البلاد . وقد نمت حركة الانتماءات السياسية في أوساط الكرد الفيليين ولا سيما في بغداد بوتائر متسارعة على مسارين رئيسيين متوازيين بين الأحزاب اليسارية والقومية الكردية ولم تسجل اتجاهات خارجة عن هذين المسارين إلا في الفترة التي رافقت ظهور ومن ثم تطور نشاط الحركات الإسلامية الشيعية لمقاومة النظام البعثي العسكري الدكتاتوري حيث انخرط فيها بعض الكرد الفيلين . ولم تمنع هذه الميول السياسية الكرد الفيليين إلى اعتبار أنفسهم متميزين ومنفصلين عن قوميتهم الكردية ولم يعتبروا أنفسهم إلإ جزءاً لا يتجزأ من الشعب الكردي والمصير المشترك الذي يربطهم مع بني قومهم ، علاوة على إن الدستور العراقي الدائم يؤكد على إن الشعب العراقي يتألف من قوميتين رئيسيتين هما القومية العربية والكردية وسائر القوميات الأخرى . ولم يشير إلى الكرد الفيليين كأقلية بين هذه الأقليات . فمن أين أتت هذه البدعة الجديدة على تمييز الكرد الفيليين على إنهم أقلية ، وما هي الأسس التي أرتكز عليها دعاتها ؟ والمرء يتساءل من وراء هؤلاء ؟ هل هناك مؤامرة تحاك ضد هذه الشريحة المظلومة من الشعب الكردي وفي هذه الفترة بالذات لصالح جهة معينة ؟ أم إنهم جماعة مغرر بها تريد الحصول على بعض المناصب أو تحقيق أحلام تراود أفرادها بالحصول على كرسي في البرلمان بعد أربع سنوات أو يراد بها زرع بذرة الفتنة الطائفية بين صفوف الشعب الكردي والعياذ بالله ، وعلى الرغم من أن عدد أفراد هذه الجماعة قليلة والحمد لله وحتى لا يمكن أن نطلق عليهم اسم جماعة إنما عدد ضئيل لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة ولكن نود أن نقول لهم اسلكوا ما تريدون من الطرق للحصول على ما تشتهون ولكن ليس على حساب الكرد الفيليين. حيث لا يجوز لأي كان التحدث باسم شريحة كردية كبيرة مثل الكرد الفيليين دون أساس شرعي يجيز لهم ما يفعلون . إن شريحة الكرد الفيليين الذين هجروا قسراً إلى إيران على يد النظام الصدامي وعلى وجبات وأشدها بداية الثمانينات كانت بتهمة التبعية الإيرانية وهي تهمة زائفة وإدامة لمؤامرة حيكت ضد الشعب الكردي منذ العهد العثماني وتشددت حين تأسيس الدولة العراقية آنذاك . والآن والحمد لله تشكل النظام الديمقراطي التعددي في العراق وأبناء شعبنا العراقي بكافة قومياته وأديانه ومذاهبه يريدون إزالة الحيف الذي أصابهم من الحكومات المستبدة ومنهم الكرد الفيليين ، وبرأي أن الشيء الذي يدفعهم إلى التأكيد على إضافة الفيليين إلى اسمهم هو تذكير حكومة إقليم كردستان والحكومة المركزية بمطالبهم ومطالبتهم بحل قضاياهم الشرعية ومنها إزالة التبعية البغيضة من على هوياتهم الشخصية وشهادات الجنسية العراقية التي تمنح لهم وبقانون يسن في مجلس النواب العراقي ويكون نافذا لا رجعة فيه أسوة ببقية أبناء العراق وكذلك إعادة ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة التي صودرت منهم على يد النظام المباد وتعيين مصير أبناءهم المغيبين الذين أخذوا رهائن حين تهجير أهاليهم قسراً إلى إيران وتعويضهم على ما أصبهم من أضرار وليس من أجل تمييزهم عن أبناء شعبهم الكردي وإبعادهم عنهم لكي يضعفوا ويصبحوا ورقة لعب بأيدي من لا ضمير له ، أياً من كان حتى لو كان ذو نية حسنة يتصور أن تشكيل جمعية أو منظمة والانضمام إلى تجمع خاص أو اتحاد زائف سيدر عليه الأرباح ويصله إلى أعلى المناصب مستغلاً الأوضاع السياسية والأمنية الراهنة التي جعلت من الساحة العراقية مأرباً لكل من هب ودب ، فيا أيها السادة تكلموا عن أنفسكم ولا تتكلموا عن اسم الشريحة الكردية الفيلية بأكملها وتعتبرونها أقلية فهي لم توكلكم وإن كان أحد منهم وكلكم فقدموا برهانكم .
__________________________
• كتاب ( كرد وترك وعرب ) سياسة ورحلات وبحوث عن الشمال الشرقي من العراق 1919-1925 تأليف سي . جي . إدموندز مستشار وزارة الداخلية العراقية 1935 -1945 ترجمة جرجيس فتح الله – طبعت في مطبعة التايمس – بغداد ص 7 .
• الفيليون ( تاريخ ، قبائل وأنساب ، فلكلور وتراث قومي ) المرحوم نجم سلمان مهدي الفيلي وبمراجعة جرجيس فتح الله . استوكهلم 2001م.