الرئيسية » مقالات » رسالة من الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين إلى اجتماع وزراء خارجية الدول العربية في القاهرة (6/1/2008)

رسالة من الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين إلى اجتماع وزراء خارجية الدول العربية في القاهرة (6/1/2008)

الأخ العزيز عمرو موسى المحترم أمين عام الجامعة العربية
الأخوة الأعزاء وزراء خارجية الدول العربية

من فلسطين الانتفاضة والمقاومة ومبادرة السلام العربية نتوجه لكم … ومعاً نواصل المسير نحو شمس تقرير المصير والدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، على الأرض الفلسطينية المحتلة حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967، وحق اللاجئين بالعودة إلى ديارهم وفق القرار الأممي 194، وعلى هذا الدرب وفي سبيله تتوجه منكم الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في اجتماعكم بالقاهرة (6/1/2008)، باتخاذ القرارات الوطنية والقومية بما تمثل من أولوية قصوى لكل حريص على مستقبل القضية الفلسطينية، بعد عقود من النضالات والتضحيات الفلسطينية والعربية، وبما تحتوي على إنجازات تهددها بمخاطر كارثية، محددة بالنقاط التالية:
أولاً: لا مفاوضات مع الاستيطان الصهيوني، والمطلوب موقف عربي رسمي واضح وصريح من الاستيطان قولاً وعملاً، وربط المفاوضات بالوقف الكامل للاستيطان وبناء الجدار العازل.
إن ربط المفاوضات بالوقف الكامل للاستيطان الصهيوني في أراضي عام 1967، هو مقدمة لنقلة هامة لدور عربي، ومقدمة لتثبيت دور إقليمي عبر عدم الانصياع للضغوط والتهديدات، وفرض الإرادة العربية الموحّدة خاصةً في فلسطين، ويبدأ بأن يصدر عن اجتماع الجامعة العربية.
سبق وأن صرحت وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس حول الاستيطان الصهيوني، في مؤتمر صحفي 7/12/2007، وعلى هامش اجتماع لوزراء خارجية حلف شمال الأطلسي، بقولها: “خطة البناء (الاستيطان) لا تساعد على بناء الثقة، يجب ألا يكون هناك أي شيء يحكم مسبقاً على مفاوضات الوضع النهائي”. وجاء رد زئيف بويم وزير الاستيطان في حكومة أولمرت في اليوم التالي: “لا يمكن في كل مناسبة ربط (عملية السلام) بالتوقف عن البناء في القدس، يقع هار حوما (جبل أبو غنيم) ضمن حدود بلدية القدس، حيث يطبق القانون الإسرائيلي، لذلك لا يوجد شيء يمنع البناء هناك، تماماً كما لا يوجد شيء يمنع البناء في أي مكان آخر في إسرائيل”.
يعيدنا بويم إلى حكومة شامير في التسعينيات، عندما كان شارون وزيراً للاستيطان، ودوره في خلق “وقائع استيطانية على الأرض، لا يمكن التراجع عنها”، تقرر مستقبل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، ويعيدنا أيضاً إلى موقف شامير الذي لم يؤمن بـ “السلام لأنه شيء تجريدي، ولن نعطي الأرض مقابل السلام مرة أخرى كما حدث في سيناء، بل فقط السلام مقابل السلام”.
وبذات الشأن بخصوص مرجعية خريطة الطريق، والتي تحفظت عليها “إسرائيل ـ شارون” بأربعة عشر تحفظاً، حظيت بموافقة أمريكية تنسف حماية الأرض الفلسطينية عام 1967 بعدم إخضاعها لقرارات
الأمم المتحدة في تواصل العدوان عليها، وعدم حمايتها من كوارث الاستيطان الصهيوني، وكوارث أخطاء أوسلو؛ بالتهام الأرض مع المفاوضات والمجازر الدموية على قدمٍ وساق.
يحسم تصريح وزير الاستيطان الصهيوني، وبدون عناء اجتهاد الموقف من التجمعات الاستيطانية الكبرى في الضفة الفلسطينية، ويحسم موضوع القدس، باعتبارهما خارج نطاق جدول أعمال المفاوضات النهائية، وتحويلها إلى حالة عبثية. ومع تزامن وتواصل تصريحات الوزراء في الحكومة الإسرائيلية، عن
اقتراب عملية عسكرية واسعة لقطاع غزة، تستهدف إعادة احتلال محور صلاح الدين، ومع تواصل
المسلسل الدموي والحصار والمجازر التي تقترف أمام سمع وبصر العام، وقد وصلت الضحايا ما بعد اجتماع أنابوليس إلى أكثر من مئة حتى تاريخه.
ثانياً: انقلاب حركة حماس العسكري في قطاع غزة، والسبيل إلى إنجاز حل سلمي وديمقراطي للأزمة الداخلية الفلسطينية. لقد عرضت الأزمة الداخلية الفلسطينية، الكيان الوطني الفلسطيني لخطر التمزق وتبديد المنجزات الوطنية والعربية عبر عقود مديدة من النضال والإنجازات، ويهدد استمرارها إلى مخاطر كارثية، في استمرار الانقسام الفلسطيني ـ الفلسطيني، وسياسة المحاصصة الثنائية الاحتكارية بين فتح وحماس، وتكريس الفصل السياسي والمؤسسي بين الضفة الفلسطينية وقطاع غزة.
إن أي حل للأزمة الراهنة يتطلب بالضرورة توافقاً وطنياً شاملاً لا سبيل بالتوصل إليه إلا بالحوار، الذي لا بد من توفير شروط نجاحه بإزالة آثار الحسم العسكري في قطاع غزة، ولا بد من استبعاد صيغة الحوار الثنائي المحكومة بأن تنزلق نحو المساومة على تقاسم النفوذ والمحاصصة، واعتماد صيغة الحوار الوطني الشامل الذي أنتج البرنامج المشترك ممثلاً بإعلان القاهرة ووثيقة الوفاق الوطني التوحيدية، والذي يكفل المشاركة الفاعلة لجميع ألوان الطيف السياسي الفلسطيني، والشخصيات الفاعلة ومؤسسات المجتمع المدني.
لقد سبق وصدر قرار وزراء الخارجية العرب، الذي يطالب بالعودة عن الانقلاب العسكري في قطاع غزة (اجتماع 19 حزيران/ يونيو 2007، واجتماع 5 أيلول/ سبتمبر 2007)، اللذان يطالبان بـ “عودة الأوضاع في قطاع غزة إلى ما كانت عليه قبل 14 حزيران/ يونيو (انقلاب حماس العسكري)”. كما بيدنا حلول شاملة لهذه المرحلة هي ثمار الانتفاضة والمقاومة ينبغي ألا تضيع:
ـ قرارات إعلان القاهرة، بشأن الأزمة السياسية وإصلاح النظام السياسي الفلسطيني.
ـ وثيقة الوفاق الوطني، طريق الخلاص وإعادة إعمار وبناء الوحدة الوطنية.
ـ المبادرة السياسية الصادرة عن الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، والتي تحولت إلى مبادرة ثلاثية (الجبهة الديمقراطية، الجبهة الشعبية، الجهاد الإسلامي).
إن القرارات الصادرة عن إعلان القاهرة، ووثيقة الوفاق الوطني، حُظيت بإجماع وتوقيع فصائل العمل الوطني الفلسطيني، وتأييد شعبنا في الوطن والشتات، وجميع القوى والشخصيات ومؤسسات المجتمع المدني، كما أن المبادرة الثلاثية لحل الأزمة الداخلية الفلسطينية بنقاطها الأربعة مستخلصة منها، كأساس لحل سلمي وديمقراطي للأزمة الراهنة، وكي يستعيد شعبنا وحدته وتلاحم صفه الوطني في مواجهة الاحتلال والاستيطان، ومن أجل حقوقه الوطنية في الاستقلال والعودة. كما جاء قراركم في اجتماع وزراء الخارجية
العرب (19 حزيران/ يونيو)، واجتماعكم في الخامس من أيلول/ سبتمبر، يؤكد على بندها الأول بالتراجع عن نتائج الحسم العسكري الذي نفذته حماس في قطاع غزة، والذي شكل انقلاباً على الخيار الديمقراطي،
والعمل على صون الحريات الديمقراطية والتعددية السياسية، والخلاص من سياسة “الأمر الواقع” في قطاع غزة.
وبالعودة إلى الوحدة الوطنية الفلسطينية بوابة الخروج من التمزق، وهو العودة عبر قراركم إلى وحدة ومركزية القضية الفلسطينية، باعتبارها قضية العرب الأولى.
يبدأ أولاً بموقفكم العربي الجامع من الاستيطان الصهيوني قولاً وعملاً بربط المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية بالوقف الكامل للاستيطان وبناء الجدار العازل، وبما يستلزم من تشكيل مرجعية فلسطينية عليا من الفصائل والقوى لإدارة العملية السياسية التفاوضية، ولجنة عربية مشتركة لرعاية المفاوضات على الجبهات الفلسطينية والسورية واللبنانية ـ الإسرائيلية، وهذه الآليات لتعزيز المركز التفاوضي الفلسطيني والعربي، والعودة إلى وحدة ومركزية القضية الفلسطينية وإخراجها من تناسلها الراهن إلى قضايا فصائلية فئوية واحتكارية، ووقف الهبوط والانحدار السياسي.
بالوحدة الوطنية الفلسطينية والحلول السياسية عملاً بقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وبناء جبهة مقاومة متحدة، تبدأ بتطبيق وثيقة الوفاق الوطني وقرارات إعلان القاهرة، طريق كسر الحصار المضروب على شعبنا، وكسر الضغوط والشروط الأمريكية ـ الصهيونية، طريق انتصار قضية الشعب الفلسطيني، شرط النصر الأول، وشرط بناء التضامن العربي ـ العربي ثانياً، والإسلامي والدولي.
من دروس النصر لشعبنا والشعوب العربية نحييكم، نحو فلسطين حرة سيدة مستقلة، ومعاً إلى القدس.

الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين