الرئيسية » التاريخ » تدوين تاريخ الكورد وكوردستان الحلقة السادسة

تدوين تاريخ الكورد وكوردستان الحلقة السادسة

وستعرض على البرلمان ولربما يصير تحوير في بعض المواد فاجابه السيد بالموافقة على كل تحوير ماعدا ثلاث مواد ؟ المادة الاولى: وفيها يلقب بسلطان الكورديتين والرابعة وفيها طلب اسلحة وضباط والمادة العاشرة المشتملة على ثلاثة ملايين من الليرات ومخصصات اخرى وقال المستر بول(ساكتب طالباً تثبيت تلك المواد وسألتمس جعل ولدكم ولي عهد جلالتكم) فاجابه السيد(بارك فيك هكذا اريد) ثم رجع السيد الى اهله وكانت النتيجة نشر هذه الوثيقة المذيلة بختم وامضاء السيد عبدالقادر في اثناء محاكمة ثوار الكورد وفي مقدمتهم الشيخ سعيد وعلى ذلك حكمت محكمة الاستقلال باعدام السيد عبدالقادر وولده وكاتبه كور حسين وكانت الدهشة عظيمة حينما علم الناس ان هؤلاء السادة هم الذين يتهافتون على طلب العلى بحماية وسطوة دولة بريطانيا العظمى .(انتهى)
فهذه اراجيف اراد بها جلب الانظار ودفع الناس الى التحامل على السيد الشهيد ورفقائه الشهداء المظلومين ونفور الكورد منهم وميلهم الى تحبيذ اعدامهم لان الكورد الذين لم يكترثوا بأوامر الكماليين في لبس القبعة وفدوا ذلك بارواحهم واموالهم قد جمع الاتراك منهم ما يزيد على عشرين مليون ليرة ولابد من ان يرتسم في اذهانهم وجوب التجنب لما جاءت به محكمة الاستقلال والكل يعلم ان السيد عبدالقادر كان منزوياَ في داره مبتعداَ عن السياسة كما انه ثبت اثناء المحاكمة عزمه على السفر الى بيت الله الحرام واختيار الاقامة في المدينة المنورة وان الورقة التي نشرتها محكمة الاستقلال نظمت بأيدي الاتراك بعد القاء القبض عليه لاقامة الحجة على الرجل (كحجة الذئب على الحمل) كما فعلوا بأشخاص هم من كبار القوم من قبل،وحتى باعاظم الاتراك.
ويقول طيب عبد الله سليمان في تقييمه لكتاب محمد باشا الراوندوزي والاسباب المؤدية الى سقوط امارته مع نبذة من تاريخ حياة العلامة محمد الختي مفتي امارة سوران لمؤلفه طاهر عبد الله سليمان قائلا(ورأيت المؤلف اظهر الحق المخالف لما نسب الى هذا العالم بعض من عد نفسه من عداء المؤرخين بهتانا وزورا وطعنا في علماء الدين ليتوسل بذلك الى الطعن في الدين ونشر هذا البهتان في بعض المجلات فالقى في افواه من يحذو حذو هذا الباحث فصاح جوا في اسماع الناس فكادوا ان يصدقوهم(
وفي الربع الأخير من القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين شاركت شخصيات كوردية مثقفة في حركة الإصلاح ودأبت على العمل السياسي الهادف إلى التغيير في أوضاع الإمبراطورية العثمانية العامة إلى جانب القوميات العثمانية الأخرى التركية والعربية والارمنية وغيرها لم يكن أي من تلك القوميات إذ ذاك يفكر في الانفصال والاستقلال كان الوعي القومي محدداَ بإطار عثماني(99)ولكن بعد أن قامت جمعية(تركيا الفتاة) بزعامة مجلسها التنفيذي المسمى بـ(الاتحاد والترقي) بالانقلاب على السلطان عبد الحميد الثاني في العام (1908م) وتسلم مقاليد الحكم في اسطنبول وتجميد صلاحيات السلطان عبد الحميد الثاني فإنها انتهجت نهجاَ عنصرياَ واستخدمت سياسة (فرق تسد) ضد القوميات الأخرى غير التركية حينذاك شعرت النخبة المثقفة الكوردية بالغبن ونشات حركة الوعي القومي الكوردي في القسم العثماني، فأنهم قاموا بتأسيس التنظيمات والجمعيات الثقافية ذات المغزى السياسي ومن اجل إثبات الوجود الكوردي وانخرطوا في عمل النضال السياسي بهدف الحصول على الحقوق المشروعة للشعب الكوردي، وبذلت جهود حثيثة في هذا المجال وقد انخرط المتنورون والمثقفون الكورد في الجمعيات والمنتديات الأدبية الكوردية(102)التي نشأت بعد انقلاب(1908) في اسطنبول وقام الطلاب بتأسيس تنظيم طلابي تحت اسم(هيفي) في استانبول عام 1910وانظم إليه المحامون والأطباء وعلماء الدين .وأعلنوا عن مشاعرهم القومية في وضح النهار. وعلى مدى أكثر من القرن وربع القرن من النضال بغية وضع القضية الكوردية في مسارها الصحيح وبأبعادها الحقيقية ووضعها أمام أنظار الرأي العام العالمي لحث دول العالم بالالتفات إلى هذا الشعب الذي تعرض للاضطهاد ولابشع أنواع القمع والتنكيل، وعوملوا بقسوة وشدة وتعرضوا لحملات الإبادة الجماعية، وسلبت منهم حقوقهم المشروعة والتي اعترفت بها الاتفاقيات الدولية منها اتفاقية سيفر في بنودها 61، و62و 63،وقامت التنظيمات الكوردية بنشاطاتها السياسية والثقافية وعملت في جميع الظروف التي مرت بها أبناء الشعب الكوردي في كوردستان تارة كانت تعمل علنياَ وتارة أخرى تعمل سراَ. وبالمقابل ألحقت أعداء الشعب الكوردي تهماَ باطلة وسخيفة لا أساس لها من الصحة الهدف منها تشويه مواقفه وسياسته الوطنية ومن هذه التهم الجزافية تهمة مشاركة الكورد بقتل الأرمن في الوقت الذي تعرف كل دوائر الأستخباراتية الأوربية بان هذه الجريمة تم إعدادها من قبل الأتراك((واعد الألمان بمساعدة الشباب الأتراك خطة لإبادة الأرمن الذين يعيشون داخل حدود الإمبراطورية العثمانية،وبدا العمل بالخطة في عام 1915م واستمر حتى عام 1918م حيث لجأت سلطات اسطنبول إلى مختلف السبل الشيطانية لإنجاح عملية إبادة جماعية لشعب بأسره.وكان كل مرؤوس عثماني يظهر اقل كراهية لهذه السياسة يعد خائنا ويستحق أشد العقوبات.. ورغم ذلك بذل الكثير من الكورد أموالهم وأنفسهم في سبيل حماية الأرمن الموجودين في مدنهم أو مناطقهم أو قبائلهم كان أبناء(مادن)من بين الذين عملوا على حماية الأرمن في مدينتهم من وحشية الجنود والعساكر والدرك ومجرمي القانون العام الذين يطلق سراحهم في مثل هذه الظروف،وفي عام 1919م ساعد الكورد الأرمن في اللجوء إلى سورية وفي ذلك التاريخ احتضن أهلي الفتاة الارمنية اليتيمة(جاجو) التي كان اسمها الحقيقي(ماجدة)))(103) وكذلك اتهام سمكو شكاك باضطهاد الأشوريين وقيامه بقتل زعيمهم مار شمعون، وقيام الساسة الأتراك باتهام الكورد((بمحاولتهم لاقتطاع جزء من البلاد وتشكيل دولة مستقلة)) إن هذه الأقاويل والشعارات والتهم الجزافية لاأساس لها من الصحة.وبالرغم من كل وسائل القمعية والتنكيل التي مورست ضد أبناء شعبنا الكوردي ظل أبناؤه مخلصين لقضيتهم ولم ينجروا إلى منزلقات ومواقف سياسية خاطئة ولم يتوانوا عن النضال واخذ المناضلون والنخبة المثقفة من أبناء الشعب الكوردي على عاتقهم توعية الجماهير الكوردية توعية وطنية.ولكن مازال كثير من أبناء شعوب منطقة الشرق الأوسط وخاصة الدول التي يعيش فيها الكورد يجهلون القضية الكوردية ولا يعرفون شيئاَ عنها إلا الشيء اليسير وان الكثير من الكتاب والمؤرخين لا يزالون يعتقدون بان الكورد ليسوا امة، وان المؤرخين الأتراك يعتبرونهم من العنصر الطوراني والمؤرخون العرب يؤكدون في كتاباتهم بأنهم من أصول عربية كما نلاحظ عند المسعودي في كتابه الموسوم بـ(مروج الذهب)وهناك نظريات تنحدر إلى منزلة الخرافة إذ تنسبهم إلى الجن كما تطرق إلى ذلك رشيد الفيل في كتابه الموسوم بـ(الكورد في نظر العلم)(104) وحتى أن الشيخ يونس السامرائي ألف كتاباً تحت عنوان((البيوتات العربية في شمال العراق)) بتوجيه وتكليف من ولي نعمته المجرم صدام حسين بوضع كتاب يؤكد فيه بان اغلب العشائر الكوردية تعود أصولها إلى العرب إن هذه النظرة الشوفينية لا تخدم القضية الأساسية ولا تصب في الصالح العام بل سوف تزيد الطين بلة كما يقول المثل الشائع.ومن خلال هذه النظرة الشوفينية لبعض العنصريين من الأتراك والعرب والفرس باتجاه الكورد فمن واجب النخبة المثقفة الكوردية أن تضاعف جهدها الثقافي في الأوساط العربية والفارسية والتركية لتفنيد مثل هذه الآراء الخاطئة عن الكورد وبذل المزيد من الجهد لنشر الثقافة الكوردية الأصيلة البعيدة عن العنصرية والشوفينية. ونحن الكورد لم نكن مع الفكرة العنصرية التي طرحها الكاتب الكوردي عبدالعزيز ياملكي في كتابه الموسوم بـ(كوردستان وكورد اختلالري يه وه ى) والذي كتبه باللغة التركية والذي طرح فيه فكرة حسب اعتقاده بأن العائلة الساسانية التي حكمت إيران يرجع أصولها إلى كورد أي هم في الأصل الكورد. وكذلك يعتقد الكاتب بان العرب الذين سكنوا كوردستان أيضا في القديم قبل أن يقيموا دولتهم كانوا في الأصل كوردا))(105) نحن لا نؤمن بمثل هذه الأفكار العنصرية والشوفينية وفي الوقت الذي أشار الجنرال إحسان نوري باشا في كتابه الذي وضعه باللغة الفارسية والموسوم بـ(تاريخ ريشةى نذادي كورد ـ تاريخ أصل الكورد)والذي كتبه بالفارسية يعتقد بان((حكام إيران كانوا يعيشون على أكتاف كوردستان ولهذا عندما نبحث عن أصل وجذور حكام إيران سوف نجدهم يرجعون في الأصل إلى رؤساء العشائر الكوردية))(106)

*طالب الدكتوراه التاريخ الحديث(العثماني)
التآخي