الرئيسية » مقالات » الكورد: لنقرع أجراس الحرية في سوريا

الكورد: لنقرع أجراس الحرية في سوريا

شوارع تبكي عويل الحرية، والغبار يتشبث بالأفق وهو يتأمل تلك الأصابع الملوثة بدماء المتظاهرين، هتافات تشق عباب السماء، وثياب ملونة جميلة تزفّ ربيع الحياة القادمة، لكن الأقدار التي أضحت مرسومة بأنامل الجلادين من قوات الأمن السورية ومخابراتها وهروات البوليس الذي فقد إرادته، وأصبح ألة أوتوماتيكية مهمته القتل والضرب والقمع، وأساليب وحشية مخالفة للقيم الإنسانية!!!

أكثر من ثلاثة آلاف كردي من أنصار حزب العمال الكردستاني، وحزب الاتحاد الديمقراطي، ومواطنين كورد شاركوا تعبيرا عن صوتهم المسجون، وتظاهروا في حي هليلية ( 2112007 ) أحد الأحياء الفقيرة في مدينة قامشلو الكوردية، في محاولة منهم للتعبير السلمي والديمقراطي عن مناهضتهم للسياسات التركية ضد إخوتهم من الشعب الكوردي في كردستان تركيا والعراق، وخاصة بعد قرار البرلمان التركي بمنح حكومة أردوغان صلاحية إعطاء الأوامر للجنرالات والجيش التركي في اجتياح إقليم كوردستان العراق، بحجة ملاحقة مقاتلي العمال الكردستاني.


طبعا، كانت العملية العسكرية المباغتة من مقاتلي “بكك” ضد القوات التركية المحتشدة على حدود الإقليم الكوردي، وقتلهم لجنود أتراك وأسر ثمانية آخرين، خمسة من بينهم كورد، مدينة ديار بكر الكوردية، بمثابة الصدمة للحكومة التركية، التي فقدت توازنها وبدأت طرق الأبواب الدولية، خاصة الأميركية مستنجدة في ذعر.

الدبلوماسيات الدولية والحوار، كانا الصوت الذي عمّ العالم أجمع لحل الأزمة الكوردية- التركية، لكن عنجهية الطورانيين أشعلت البيادر، فعمّت المظاهرات الكوردية جميع أنحاء كوردستان، لتشمل معظم العواصم الأوروبية تنديدا باجتياح الجيش التركي لأراضي الإقليم، ومحاولة الترك تهميش الدبلوماسية الكوردية ودعوتهم لضبط النفس والحوار للوصول لأفضل النتائج.

كوردستان سوريا وكوردها، تفاعلوا وتأثروا مبكرا بما يجري في المنطقة، وبروز خطر تركي على القضية الكوردية، وخاصة أن معظم مقاتلي وقيادات العمال الكوردستاني هم من مواطني كورد سوريا، ومن صبّ الزيت على البيادر الكوردية لتشتعل، تصريح الرئيس الأسد، ووزير خارجيته وليد المعلم، بإطلاق يد الجيش التركي في العمليات العسكرية ضد الكورد، واعتبارهما حزب العمال الكوردستاني منظمة إرهابية، لاتشكل خطرا على تركيا فقط، بل على إيران وسوريا!!!!!


فهكذا سياسييون مصنوعون في ظلال الشمولية والحكم الفردي والعائلي، مع فقدانهم للرؤية المستقبلية المنعكسة في أقوالهم وأفعالهم، يدفعون المنطقة إلى الاهتزاز وعدم الاستقرار. وكانت أولى ردود الفعل الكوردية، هي استنكار المواقف السورية والتركية والإيرانية، ومعها محاولات بعض القادة العراقيين كالمالكي، في كل ما يطبخ ضد الكورد. فكانت مظاهرة قامشلو وكوباني السلمية، وتعامل الأمن السوري معها بالقتل والقمع والإرهاب والغاز المسيل للدموع، وثقافة العنف المعروفة لدى نظام دمشق.

المظاهرة التي تركت وراءها شهيدا( عيسى خليل ملا حسن ) وجرح العشرات بإصابات خطيرة، واعتقالات عشوائية بين قيادات الكورد من الحزبين المتظاهرين وأنصارهما وصلت الى المئات. وما زال الوضع غير مستقر نسبيا، وحالة العسكر والأمن مستنفرة، وسط الغضب الكوردي، الذي قد ينفجر ويتحول إلى انتفاضة آذارية أخرى!!

المعارضة الكوردية في سوريا، عبّرت عن استنكارها وشجبها لأعمال الأمن السوري وقياداته في اللجوء للقتل والرصاص والعنف بحق المتظاهرين الكورد الأبرياء، داعية إلى محاسبة القتلة والمسئولين. جاء ذلك في بيان لم يكن بالمستوى المطلوب، وكان جديرا من تلك المعارضة الدعوة إلى مظاهرات سلمية في جميع أنحاء سوريا والخارج، وبمشاركة القوى الأخرى من المعارضة السورية الديمقراطية، لوقف جموح وتعطش القيادة السورية وأجهزتها لحمامات الدم بحق المواطنين الكورد. فالنظام، يزداد رعونة ووحشية وإرهابا كلما تظاهر أحد ما في وجه سياساته الضبابية الرعناء، حتى بات أرقى أنواع الوعي الفكري لديه هو القتل بالرصاص الحي، والمباشر للمتظاهرين الكورد.

إن المعارضة الكوردية، ومنذ الانتفاضة في 2004 استوعبت كل شيء بعد أن اصبح في جعبتها 31 شهيدا كورديا، في سبيل الحرية والقضية الكوردية، والديمقراطية السورية، وحقوق الإنسان.

وحدة الصف الكوردي وخطابه السياسي، والتنسيق المباشر مع قوى المعارضة السورية الديمقراطية في الداخل والخارج، هو الحل في هذه المرحلة الحساسة، التي تشهدها سوريا. وأيضا، على المجتمع الدولي التحرك وبجدية لأجل حماية المواطن السوري وخاصة الكوردي، وصون حقوقهم القومية والإنسانية، وإلزام نظام دمشق الديكتاتوري الدموي بالتوقف عن اضطهاد السوريين، وحل القضية الكوردية، والكف عن قمع المظاهرات السلمية بالأساليب الإرهابية.

الكرة الآن في ملعب المعارضة السورية كلها، والداخل السوري اشتعل من جديد للمرة الثانية من قامشلو، والمواطنون الكورد غاضبون من الصمت الذي يخيم على الوطن وشعبه، فإلى متى يجثم الألم، وإلى أين يودي بنا صمتنا…؟ هل كتب على الكوردي وحده أن ينتفض ويلوّن لوحة الوطن بدمه الجميل……..!!!!؟؟؟؟

مازالت القوى التي تعتبر أنها معارضة تلتزم بالصمت، وتكتفي بطقوس الحبر والكلمات والخطابات الرنانة، وتنتظر الآخرين ليقدموا الحرية والديمقراطية وجبة جاهزة وحارة!!


أحدهم، حلم أنّ كل مواطن سوري يحمل وردة بيديه ويسعى لذاته الحرة وديمقراطية الوطن…لكنه استيقظ ليجد أنه في كوابيس تحاصره، وأنّ الكثير الكثير منهم مازال صامتا حين تقرع أجراس الكنائس، وآذان صومعة المساجد، عندما ينتفض كل شهيد كوردي لأجل وطن الحريات والإنسان.

ما زال الحلم هو الحلم … فمتى سيحمل الجميع من مواطني سوريا بأيديهم أجراس الحرية، وليتحول ربيع قامشلو إلى فصول تزهر شعبا على امتدادات الوطن السوري كله!؟

5 112007
*صحافي وناشط _بيروت ..