منذ فترة وإقليم كُردستان العراق يتعرض إلى تجاوزات فظة من عدة جهات تخلق لحكومة إقليم كُردستان وللعراق بعض المشكلات التي يمكن ويفترض تلافيها من خلال الحوار والمفاوضات بصورة سلمية وديمقراطية.
وأول تلك التجاوزات التي يمكن تسجيلها تنطلق من جانب قوات الاحتلال الأمريكية التي تقوم بين فترة وأخرى , رغم أنها سلمت الملف الأمني إلى حكومة إقليم كُردستان , بالتجاوز على استقلال القضاء العراقي والقضاء الكردستاني وعلى السلطة العراقية والسلطة الكردستانية والأجهزة الأمنية المختصة حين تقوم باعتقالات خارج نطاق صلاحياتها في كُردستان. فقد تم ذلك قبل عدة شهور اعتقال خمسة أفراد من مواطني الدولة الإيرانية بتهمة التجسس وتهريب الأسلحة إلى العراق , وهؤلاء الخمسة لا زالوا قيد الاعتقال لدى القوات الأمريكية. وفي الأيام الأخيرة تم اعتقال إيراني من قبل القوات الأمريكية أيضاً بتهمة كونه عضواً في الحرس الثوري الإيراني وعضواً في فيلق القدس الإيراني , خاصة وأن الولايات المتحدة أصدرت قانوناً اعتبرت فيه الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس منظمتين إرهابيتين ينبغي مطاردة واعتقال أفرادهما أينما كانوا. إن حالتي الاعتقال اللتين نفذتا من جانب القوات الأمريكية العاملة في العراق , تمتا حتى دون إعلام السلطات الكردستانية وأخذ موافقتها أو التعاون معها بهذا الصدد. من الممكن أن يكون لهؤلاء الأشخاص علاقة بالأن الإيراني أو بتهريب الأسلحة إلى العراق , ولكن ينبغي أن يتم كل ذلك عبر المسئولين في العاق وكُردستان, وما جرى يعتبر مخالفة كبيرة لأبسط قواعد احترام السلطة الاتحادية وسلطة إقليم كُردستان العراق واستقلال القضاء في المركز والإقليم. وهي عملية مخالفة من حيث المبدأ للتشريع العراقي والكردستاني وللقوانين السارية في كُردستان وللحكومة الكُردستانية التي تتمتع بالشرعية الكاملة ومنتخبة من شعب كُردستان العراق , وفيها مؤسسات دستورية ودستور ولها قضاء ومحاكم وشرطة مسئولة عن حفظ الأمن واعتقال المشتبه بهم وفق الأصول القانونية. لهذا يعتبر الاعتقال تجاوزاً على سيادة العراق وإقليم كُردستان العراق وعلى القضاء وأجهزة الأمن والشرطة الكردستانية , وهي مخالفة لأبسط قواعد التحالف الذي تتحدث به الولايات المتحدة مع العراق وإقليم كُردستان , مما استدعى قيام رئاسة وحكومة الإقليم بتقديم احتجاج رسمي أولاً , ومن ثم قام السيد رئيس الجمهورية العراقية بالاحتجاج والمطالبة بإطلاق سراح المعتقل.
إن على القوات الأمريكية في العراق لا أن تحترم سيادة العراق والإقليم حسب , بل وان تراعي ظروف الإقليم والمشكلات التي يمكن أن تنشأ من جراء تصرفات غير مدروسة وغير منسقة بين تلك القوات وبين والأجهزة المختصة في الحكومة الكردستانية , لكي يمكن تجنب العواقب السلبية لأي إجراء سياسي وعسكري من هذا النوع , وبالتالي يتسبب الوضع بمصاعب أمنية كُردستان في غنى عنها.
أما إيران فأنها اعتادت أن ترسل باستمرار الجواسيس إلى العراق بسبب صراعها المباشر مع الولايات المتحدة على الأرض العراقية من جهة , وبسبب رغبتها في الهيمنة على الوضع السياسي في حالة خروج القوات الأمريكية بحجة وجود فراغ يفترض أن يملأ بالقوات أو النفوذ والحماية الإيرانية من جهة أخرى.
وليس غريباً أن يتم إرسال جواسيس إيرانيين على شكل تجار أو مفاوضين حول قضايا اقتصادية وتجارية. إلا أن هذا التوجه غير النظيف في العلاقات الدولية لا تمارسه إيران وحدها , بل كل الدول الكبرى في العالم تمارس هذا الأسلوب في عملها السياسي والدبلوماسي والاقتصادي والتجاري والفني أو التقني والعلمي. وعلى الدول أن تراقب تحرك هؤلاء ولكن لا يجوز اعتقالهم ما داموا قد جاءوا بدعة من حكومة إقليم كُردستان.
كما أن إيران تتجاوز على إقليم كُردستان والعراق حين تمارس ضرب المناطق السكانية الآمنة في الإقليم بالصواريخ أو القنابل بحجة مطاردة عناصر من الحزب الديمقراطي الكردستاني في إيران. في حين يمكن التفاوض حول هذا الموضوع والتحري عن مدى صواب مثل هذه الاتهامات وسبل معالجة الأمر, إذ ما هو ذنب الناس الأبرياء في تلك المناطق لكي تتحمل قصفها بصواريخ وقنابل إيرانية تقتل البشر وتهدم البيوت وتحرق المزروعات.
طالبت الحكومة الكردستانية والحكومة العراقية من إيران مراراً وتكراراً بالتوقف عن القصف الجوي للمناطق الآمنة , ولكن كل النداءات ذهبت أدراج الرياح , وهو ما يثير الناس على إيران ويسيء إلى العلاقات الطيبة التي يفترض أن تسود وتتطور بين العراق وإيران ,وكذلك بين حكومة إقليم كُردستان وإيران.
وأخيراً اتخذت حكومة الجمهورية الإيرانية إجراءً غير معلل قانونياً ولا مقبولاً في العلاقات الدولية حين أقدمت على الانتقام من الشعب الكردي وحكومة الإقليم بغلق الحدود التجارية بين إيران والعراق في مناطق كُردستان , وهو إجراء طائش ولا يأخذ بالاعتبار ضرورة العمل من أجل حل الإشكالية بالطرق السلمية ويؤذي الطرفين.
إن الدعوة موجهة إلى كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإيران , بأن لا ينقلوا صراعاتهم إلى العراق ويمارسونها على الأرض العراقية , سواء أكان ذلك في الوسط والجنوب أم في إقليم كُردستان. إن على إيران إيقاف قصفها الجوي وفتح الحدود ثانية بين البلدين , فالخسائر في التبادل التجاري ليست وحيدة الجانب , بل يتحملها الطرفان. كما لا بد للقوات الأمريكية أن تكف عن العمل الاعتباطي في الاعتقالات دون العودة إلى حكومة إقليم كُردستان. ومن الضروري إطلاق سراح الشخص الذي أشارت الحكومة الكُردستانية إلي أنه جاء بناء عل دعوة رسمية من جانب الحكومة.
26/9/2007 كاظم حبيب