الرئيسية » مقالات » الشراكة السياسية

الشراكة السياسية

مقدمة

بالنظر إلى طبيعة الإنسان الاجتماعية والتي لا تجعله في أي حال من الأحوال أن يؤدي رسالته ويقوم بواجباته في دفع عجلة الحياة إلى الأمام بمفرده وصولا إلى الرقي الذي يطمح له كل فرد في المجتمع مهما بلغت قدرات ذلك الفرد، فلابد له من الحاجة إلى الآخر كما حاجة الآخر إليه.

وعلى هذا الأساس نشأة المجتمعات وقامت الدول على مبدأ “الشراكة” وتكونت نواتها الأولى من شراكة المرأة والرجل وهي أصغر نواة لتشكيل الأسرة والمجتمع وصولاً إلى شراكة الدول في التعايش مع بعضها الآخر من أجل تحقيق غايات ومصالح مشتركة، كما هو الحال في أوربا في وقتنا الحاضر والتي شكلت بما يعرف اليوم بالاتحاد الأوربي أو “الشراكة الأوربية”.

ولأهمية هذا الموضوع وللحاجة الماسة لمعرفة هذه الأهمية في عالمنا العربي والإسلامي بصورة عامة وفي العراق بصورة خاصة، صار لابد من الوقوف على هذا المفهوم للاستفادة من بناء كيان سياسي مستقر يشعر به الجميع بأنهم أصحاب قرار وغير مهمشين وشركاء حقيقيون في الحقوق والواجبات.

تعريف الشراكة لغوياً:

الشراكة هي اتفاق بين عدد من الأطراف لتحقيق هدف أو أهداف مشتركة بواسطة إنجاز عدد من الأعمال المشتركة مع الأخذ بعين الاعتبار المصالح الخاصة لكل شريك. وهذا العمل الجماعي المشترك يتم على أساس تعاقد بين الأطراف المشاركة وإن اختلفت دوافعهم ومصالحهم، بمعنى آخر:

التعاون مع أطراف أخرى لتحقيق هدف أو أهداف لا نستطيع تحقيقها بمفردنا مطلقا أو لا نستطيع الوصول إلى النتائج المرجوة منها بالعمل المنفرد.

أنواع الشراكة:

هناك عدة أنواع للشراكة منها:

1- الشراكة الأسرية: وهي الشراكة القائمة بين أفراد الأسرة الواحد والتي أساسها الأول هو الشراكة بين المرأة والرجل لإبرام عقد بينهما يقضي بتأسيس نواة المجتمع وهي الأسرة وقيام كل طرف بتحمل مسؤولياته والالتزام بتعهداته تجاه الآخر من أجل الوصول إلى تحقيق الهدف الذي من أجله تمت الشراكة.

2- الشراكة المجتمعية: تعني إشراك شرائح المجتمع المحلي في آلية أو تنظيم مؤسسي محلي لا مركزي، يشارك في مختلف مجالات التنمية الشاملة المرتبطة بالعمل البلدي في الدولة سواء كانت خدمية أو ثقافية أو اقتصادية أو اجتماعية، على شكل مجموعات أو جماعات في مؤسسات غير ربحية، منتخبة أو معينة، تتلقى دعماً رسمياً وشعبياً وتفويضاً في مؤسساتها ومشاريعها التنموية.

3- الشراكة الاقتصادية: وهي شكل من أشكال التعاون والتقارب بين المؤسسات الاقتصادية باختلاف جنسياتها بقصد القيام بمشروع معين حيث يحفظ لكلا الطرفين مصلحتهما في ذلك.

4- الشراكة الدولية:هي اتفاق عدد من الدول لتحقيق غايات أو مصالح معينة تهم الدول المشتركة أو تشمل دول أخرى غير مشتركة معها (مثل الشراكة الدولية من أجل القضاء على مرض معين أو ظاهرة معينة وهي غايات إنسانية أو تكون الغايات سياسية كالشراكة الأوربية).

5- الشراكة السياسية: وهي شكل من أشكال بناء الدولة على أساس ديمقراطي تعددي يضمن حق جميع المكونات بالمشاركة في صنع القرار.

تعريف الشراكة السياسية:

تعني إشراك جميع مكونات الشعب السياسية في صنع القرار بنية الوصول إلى المصلحة العامة والى الهدف المشترك دون استأثر أي طرف من الأطراف بالتمسك بحق النقض (الفيتو) الذي من شأنه أن يخرج الشراكة من مفهومها الحقيقي إلى مفهوم المحاصصة، مع مراعاة الأغلبية الأخذ بنظر الاعتبار وجهة نظر الأقلية كي لا يصل الأمر بالاستبداد من قبل الأكثرية.

ويجب أن تتضمن حيزا لمعالجة الشراكة كمفهوم إلا أن اهتمامنا الأكبر أيضا حول سعي القوى السياسية المتصارعة المتنافسة لترجمة الشراكة إلى مكاسب معينة تصب في مصلحتها الخاصة مصلحة القاعدة المؤيدة دون المصلحة العامة.

إن مفهوم الشراكة السياسة بهذا المعنى، أي القائم على المصلحة والفائدة التي تعود لقاعدة التأييد لكل من الحكومة والحزب والحركة، هي المحرك الأساسي ربما ليس الوحيد لسلوك القوى السياسية سواء الداخلة في الشراكة أو التي خارجها.

كما يجب الأخذ بنظر الاعتبار صفة الشراكة التاريخية بمعني إن المصلحة الطبقية والاجتماعية والجهوية لأطراف الشراكة قد تتطابق مع المصلحة الوطنية العامة حيث يمكن أن يفضي تحقيق قوى الشراكة لمصالحها تحقيق المجتمع لمصلحته العامة، كما انه بذات القدر الذي تجد فيه قوى الشراكة الفرصة لتحقيق مصلحتها وتجديد قواها الاجتماعية يجد المجتمع أيضا فرصة في الشراكة لتجديد قواه باتجاه نهضته إلى الأمام.

ومثال ذلك صعود دور البرجوازية في أوربا التي عملت بتحقيقها لمصلحتها على نهضة المجتمع كما إن ذات التجربة موجودة حديثا في تجربة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في جنوب أفريقيا إذ شكل برنامجه الخاص برنامجا وطنيا وجدت فيه قطاعات عديدة من المجتمع صدي لمصلحتها ومصلحة المجتمع ككل كما وجدت فيه صدي لقوي اجتماعية صاعدة باتجاه المجتمع ودفعه للأمام .

مفهوم الشراكة السياسية:

إن مفهوم الشراكة يقوم على العلاقة بين مركز السلطة القائم والقوى المعارضة سواء سلميا أو عسكريا بحيث تقوم العلاقة على مبدأ تخصيص أي تقسيم السلطة إلى حصص متساوية بين طرفين أو أكثر، وهو التوزيع المتساوي للسلطة إلا إنه لا وجود لهذا التقسيم المثالي القائم على مبدأ المساواة المطلقة لأنه في كثير من الأحيان يوجد طرف يأخذ أكثر أو أقل من الطرف الآخر لأن علاقات السلطة لا تقوم على التساوي المطلق، وهي في جوهرها علاقة غير متساوية فكل طرف يأخذ ما يتناسب معه .

وعلى أية حال فإن الشراكة السياسية كمفهوم تبتعد عن التوزيع المتساوي أو شبه المتساوي للسلطة إلى التوزيع المتناسب للسلطة وبهذا المفهوم الواسع للسلطة الذي تجاوز “المشاركة في الجهاز التنفيذي أو حصة البترول” فإن التقسيم التناسبي بين عدة أطراف أفضل من التقسيم المتساوي بين طرفين وحتى وان ادعى هذان الطرفان تمثيلهما لبقية الأطراف الأخرى وان دعا ذلك إلى ضرورة حصر التفاوض بين الطرفين الأقوى تنظيماً.

نماذج الشراكة السياسية:

هناك عدة نماذج للشراكة السياسية:

النموذج الأول: هو شراكة التسوية التاريخية كما حدث في جنوب أفريقيا حينما عجز كل طرف عن هزيمة الطرف الآخر ولكنهما قدما تنازلات أفضت إلى حفظ مصلحة الطرفين في إطار وحدة البلاد.

والنموذج الثاني: هو نموذج شراكة التمرد والاستيعاب وقد حدث هذا النموذج في أنغولا حينما استطاعت الحكومة الأنغولية امتصاص ضربات المعارضة المسلحة وتمكنت من توظيف مواردها من بترول وماس وذهب للتسلح بهدف اقتلاع المعارضة المسلحة من جذورها مع تقديم إغراءات كبيرة لقادتها للمشاركة في هيكل السلطة القائم.

النموذج الثالث: فهو شراكة الاحتمال والمصالح المتبادلة حدث هذا النموذج في موزمبيق حينما دفعت تطورات نهاية الحرب الباردة طرفي الصراع إلى طاولة المفاوضات ورغم التباعد الأيديولوجي بينهما إلا إنهما وافقا على الدخول في شراكة ثنائية كيفت وشكلت طبيعة النظام السياسي فيما بعد حيث أبعدت القوى السياسية الأخرى من المشاركة وتمترس كل طرف في موقع من مواقع السلطة في جزء من أجزاء البلاد حماية لمصالحه الخاصة في إطار شراكة ثنائية قمتها ومداها الريبة والشك وليس الثقة وقبول الآخر.

تجارب الشراكة السياسية:

إن مفهوم الشراكة دخل القاموس السياسي متسللا من دنيا المال والأعمال حيث تقوم الشراكة على الارتباط القانوني بين طرفين أو أكثر لأداء عمل يقتسم الشركاء أرباحه ويتحملون خسائره، واثبت في معناه السياسي مدلولا مثاليا يعتمد علي الاقتسام المتساوي للسلطة الذي قل أن يتحقق في دنيا الواقع إذ إن الشراكة السياسية لا تعدو أن تكون تحالفا سياسيا يمثل المصلحة الوقتية للأطراف الداخلة فيه وتتحدد سلطة كل طرف حسب وزنه وأهميته لاستمرار هذا التحالف ومثل، هذا التحالف لا يعمر طويلا وان كانت هناك أمثلة نادرة لتحالفات سياسية أفضت في نهاية الأمر إلى الاندماج في كيان واحد وأشهرها التحالف الانتخابي الذي أقامه الحزب الليبرالي البريطاني مع الحزب الديمقراطي الاشتراكي البريطاني مطلع الثمانينات وانتهي عام 1988م إلى اندماجهما معا في الحزب الليبرالي الديمقراطي.

وان الشراكة التي تقوم على تحالف بين طرفين أو أكثر هي أمر مؤقت تمليه مصلحة عاجلة للأطراف ويعيش ما دامت الحاجة له قائمة والظروف مواتية، ومثل هذا التحالف يكون في اضعف حالاته عندما تكون المواقف المبدئية للأطراف المكونة له متناقضة ومصالحهما متعارضة.

الفرق بين الشراكة والمشاركة:

المشاركة مفهوم مختلف لا يرتبط بالوصول إلى سلطة تنفيذية معينة أو الحصول على منفعة محسوبة وإنما تعني حق الجميع في صنع القرار بالمعني الأشمل بحيث يكون للمشارك صوت مسموع في الشأن العام لا في السلطة التنفيذية حصرا، وهي ركيزة للعمل الديمقراطي إذ يستطيع الفرد أو الجماعة المشاركة حتى من موقع المعارضة.

ولذلك لابد من فهم الشراكة باعتبارها وسيلة للاستحواذ على السلطة أو التعبئة للوصول إليها. بينما المشاركة هي محاولة لإشراك الجميع في صناعة القرار عبر قنوات متعددة، “فالنموذج السوداني على سبيل المثال وكما أشار إليه البعض في كتاباته هو أحد النماذج من التحالفات، إذ عرف السودان التحالفات حينما مثلت جمعية اللواء الأبيض تحالفا مدنيا عسكريا لم يعتمد على قوى التجمع التقليدي وإنما اعتمد على المثقفين والتجار والجنود والعمال، أما التحالفات في العهود الديمقراطية فقد كانت قصيرة وكانت دائما ما تعطي طرفا ضعيفا في المعادلة السياسية قوة أكثر من حجمه الحقيقي”.

الشراكة والمشاركة وحكم الأغلبية:

يبرز مبدأ “الشراكة والمشاركة” كبديل لمبدأ سيطرة وحكم “الأغلبية” ليشكل مبدأ وأساساً أكثر تجسيداً لحق الإنسان في المشاركة في الحكم وفي صنع القرار، وهو أكثر تعبيراً للديمقراطية المتقدمة التي تحتاج لها البشرية اليوم وهو الأكثر استيعاب للواقع المعاش وبالذات واقعنا العربي.

ثم أن الحياة السياسية القائمة اليوم ومنها المستندة لمبادئ “التعددية والتداول السلمي للسلطة والأقلية تخضع للأغلبية والأغلبية تحكم والأقلية تبقى تعارض، تظل تواجه بالقمع والإذلال والحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية إبتداء من حق المواطنة والكرامة مرورا بالوظيفة والعمل وإنتهاء بالأمن والحياة و الاستقرار”.

هذه المبادئ التي ندعو إلى إعادة النظر فيها ومراجعتها ليست “نصوص قرآنية”، أو نصوص لديانة سماوية، لكنها خلاصة ثقافة وحضارة وأفكار إنسانية وجميعها خاضعة للتطوير والتغيير مستندة إلى أن غاية الفكر الإنساني هو توفير السعادة للناس .. وبالتالي فإن من حق الناس مراجعة وتغيير وتعديل أي أسس ومبادئ وقوانين ودساتير طالما هي لصالح الناس ” حيث لا يحق لجيل معين أن يتحكم في الأجيال المقبلة ”

وإذا كانت الثقافة والحضارة والأفكار الإنسانية تستند إلى مكونات العقل والإبداع المتواصل الذي يتفاعل ويتجاوب ويجاري مسار التاريخ والحياة والحضارة فإن مبادئ وأسس الحياة السياسية لابد أن تجسد حاجة الإنسان والتطور الإنساني.

وإستناداً إلى ما سبق تناوله فأنه لا يجب أن تقف بعض المبادئ والمفاهيم التي شملها القاموس السياسي و الديمقراطي والتي هي أيضا خضعت وتخضع لتأويل وتفسيرات وإعادة صياغة من قبل الحكام .

بل لا يجب أن تقف عقبة أمام البحث عن بدائل ومعالجات للصعوبات التي تواجه وتقف أمام تطور الحياة السياسية والإنسانية لمواكبة وتطور مسار حركة التاريخ والشعوب والحياة السياسية والمدنية والديمقراطية نفسها.

ولا يجب أيضا أن تبقى مفاهيم القاموس السياسي والديمقراطي جامدة .. بل لا بد من التعامل معها كعلم وفكر إنساني وحضاري و بحركية متواصلة يستوعب ويتفاعل ويستجيب لحاجة الإنسان وتطوره أولا وللحضارة الإنسانية التي تعتمد في أرجاء المعمورة ثانيا .

ولهذا أيضا لا يجب أن تبقى تلك المفاهيم التي تقول أن حزب الأغلبية عليه أن يحكم ويشكل الحكومة وعلى البقية أن يبقوا ليراقبوا ماذا سيحصل.

إن بناء الأوطان وتنميتها وتطورها لا يجب أن يبقى محتكراً بيد شخص أو فئة أو حتى جزء من الشعب مهما كانت نسبته، بل يجب أن تكون هذه المهام والأهداف متاحة لكل الشعب من خلال الشراكة والمشاركة التي تجسد الديمقراطية الحقيقية بمفهوم ها الحضاري والإنساني على الأقل في ظرفنا الراهن، مع احترام الآخرين لحجم الأغلبية وتمثليها الشعبي.

أي أن تحديد المفاهيم و أنماط الحكم وحتى تعريف الديمقراطية ولابد أن يخضع لقراءات الواقع التي تتم فيه التطبيقات، وتخضع لمسار تطوره الثقافي والاقتصادي والاجتماعي والحضاري. “والأهم من ذلك أن تكون مستوعبة لحاجة الناس وحقهم في المشاركة في الحكم والتنمية وصنع القرارات، دون إستبعاد أو إهمال أو تجاوز أي قوة سياسية تحت مبرر أنها أقلية أو أن على الأغلبية أن تحكم وعلى الآخرين أن يبقوا معارضين وتكون النتيجة خلل في كل شيء، في الحكم وفي التنمية وفي إحترام حقوق الناس، وقهر وظلم ومعانات لجزء من السكان”.

ولكن كل ذلك مبني على شرط أن تكون تلك القوى السياسية “الصغيرة في التمثيل “تعمل من أجل المصلحة العامة وتعمل ضمن الإطار الوطني والمصلحة العليا للبلد، ولا تكون عائق يقف بوجه التطلعات العامة بحجة إنها شريكة في صنع القرار.

مشاكل الشراكة السياسية:

يدرك الجميع بأنه لا وجود لجمهورية أفلاطون، وهو أمر قد يكون مفضلا لأي سلطة تحكم البلد وهو يعج في حالة من الفوضى السياسية، إلا أن الجهات السياسية المعارضة قد لا ترى في ذلك أكثر من عقد سياسي غير متكافئ يرسخ اتجاهات سياسية محدودة جدا على حساب وأد الاتجاهات الصغيرة المتنامية، التي هي بأمس الحاجة إلى الشراكة الأخلاقية بجانب الشراكة السياسية بوصفها ضمانة الحراك الديمقراطي التي تدفع تجاربه للأمام.

فما نعتقده هو أن التعددية الحزبية ليست سوى هياكل تنظيمية عامة لتوزيع خارطة النظام السياسي للدولة، وأن قيمة عقود الشراكة يتمثل بعدها الحقيقي في قواسم التفاعل الإيجابي بين السلطة والمعارضة في التأثير على الحياة السياسية، والاقتصادية، والثقافية والاجتماعية والديمقراطية وغيرها، وكذلك في رسم اتجاهات مسارات العمل السياسي الوطني الأساسية.

ولعل المنطق الأكثر فصاحة بمقتضيات الشراكة المنشودة يجب أن يرتكز إلى استراتيجيات واضحة ومقدسة للعمل الوطني بما لا يقبل التأويل واللبس بين ما هو ثابت وطني، وما هو غير ذلك، وبين ما هو مشروع وما هو انتهاك.

حيث أن أي خلط في ذلك “مقصود أو غير مقصود” قد يتحول إلى خرق صارخ لعقد الشراكة مع السلطة، يبيح لها إلغاء قيمة الآخر السياسية، والتسبب بخسارة فادحة لمستقبل الجماهير.

إن عظم مشاكل الشراكة السياسية القائمة في عدد من الدول هي أن “المعارضة تنظر إلى السلطة على أنها المعني الوحيد بالتنفيذ الحرفي لبنود عقد الشراكة، لذلك نجدها تتشبث بكل وسائل الضغط التي تطولها- بما في ذلك الاستعانة بالخارج أحيانا- لخلخلة الثقة بالسلطة”، في ذات الوقت الذي يتم تفسير أي دعوة من قبل السلطة للمعارضة للإيفاء بالتزاماتها الوطنية التي تمليها الشراكة، على نحو يحرج السلطة، ويضطرها أحياناً لتجاهل الأمر أو الكف عنه، وهو ما يعني إخفاق الشركاء في بلوغ غايات العقد السياسي- وهنا تكمن الإشكالية!

يبدو لي أن بعض الشراكة السياسية تصبح ضعيفة جراء محدودية إمكانيات بعض أقطاب المعارضة السياسية أو المادية- وهذا أمر متوقع جدا في دول الديمقراطيات الناشئة “الفتية” التي أغلبها بلدان فقيرة.

وحيئنذ تبرز أهمية العقود الأخلاقية السياسية للسلطة مع قواها الوطنية المعارضة، لأنها وحدها من يلزم السلطة بمسئولية تعزيز قوة المعارضة، وتهيئة فرص تمكينها من التأثير الإيجابي باتجاهات القرار السياسي للدولة، ولعب أدوار تقويمية لأداء الحكومة.

أهمية الشراكة السياسية:

تكمن أهمية الشراكة السياسية في:

أولاً: تداول السلطة بطريق ديمقراطي بشكل يضمن التعددية ويصونها و يؤمن الشفافية عبر انتخابات التمثيل النسبي.

ثانياً: جعل جميع الأطراف السياسية تشعر بأهميتها في عملية صنع القرار وبناء مؤسسات الدولة.

ثالثاً: الشعور العام من قبل الأطراف السياسية مهما يكن حجمها بأنها شريك لا يمكن تجاهله وبالتالي سوف يعمل على أن يكون طرفاً ايجابياً وليس سلبياً في العمل السياسي.

رابعاً: تساعد وبصورة كبيرة على استقرار الوضع السياسي والأمني والاقتصادي ودفع عجلة التقدم إلى الأمام.

خامساً: شعور جميع الأطراف السياسية الداخلة في الشراكة بمسؤولياتها الوطنية باعتبارها طرف مساهم ومشارك في صنع القرار.

شروط نجاح الشراكة السياسية:

لا يمكن لأي شراكة سياسية إن تدرك أو تصل إلى النجاح في أداء عملها السياسي إلا إذا توفرت فيها الشروط التالية:

1- يجب أن تكون هناك ثقة متبادلة بين جميع الشركاء في العمل السياسي.

2- التعامل بشفافية مطلقة بين الشركاء السياسيين ليقنع كل طرف مؤيديه ومريديه من خلال العمل الجاد والحرص على المصلحة الوطنية العامة.

3- حل جميع المشاكل بين الشركاء السياسيين بموجب القوانين والأنظمة التي تحكم البلاد والتي يجب آن تكون محترمة من قبل الجميع.

4- جعل الشراكة وسيلة للنهوض بالعمل السياسي الجاد والمثمر لبناء مؤسساتي رصين وعدم اتخاذ الشراكة السياسية وسيلة الغاية منها الوصول إلى السلطة.

5- العمل الجدي في الوصول إلى الحلول الايجابية في حال حصول أي اختلاف بوجهات النظر بين الشركاء السياسيين.

6- تشريع قوانين وأنظمة تلزم الشركاء بعدم التنصل من مسؤولياتهم في حال تتعارض مصالح الشراكة العامة مع مصالح الشريك الخاصة.

الشراكة والديمقراطية:

رغم إن الديمقراطية هي فعل إنساني قادرة على تهذيب السلوك الاجتماعي وتنمية الوعي وبناء المجتمعات والشعوب على أساس من التنافس الايجابي المثمر من خلال التكتلات المتمثلة في المنظومة الكبيرة المتكونة من الشعب بأحزابه وتنظيماته السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وكذلك المتكونة من الدولة بسلطاتها ومؤسساتها وهيئاتها، مما يؤكد أن الديمقراطية في مفهوم آخر هي شراكة الشعب والدولة.

إلا إن هنالك بعض التفصيلات السلبية المؤثرة على الديمقراطية كمفهوم عام لممارسة خاطئة ناتجة من شدة المنافسة في المعتركات الانتخابية، فما يحدث من قبل حزب أو مجموعة أحزاب تجاه مؤسسة من المؤسسات الحكومية حيث تتخذ بعض الأحزاب والتنظيمات السياسية موقفاً عدائياً من هذه المؤسسات وتطلق العنان للصيغ الاتهامية بأشكال مختلفة حتى تشعر إن ما بين هذه الأحزاب والمؤسسات شيء ليس بالأمر الطبيعي.

وان الأحزاب حاضرة بكياناتها غائبة في روحها وهي ما تزال تعيش حالة اللاحزبية أو إن تأثيرات العمل الحزبي السري في زمن مضى تلقي بظلالها على زمن اليوم زمن الديمقراطية والحرية والتعددية.

ومن المؤسف إن الأحزاب اليوم على رغم كل المقومات الديمقراطية تنظر إلى الواقع بعيون لا تسمح بالنظر إلى ابعد ما دونها وأنها غالباً ما تتقيد بسياسة وثقافة التقيد والارتياب من الآخر وبذلك تحاصر نفسها بجملة كبيرة من العدائيات ضد الآخر إلى حد يجعل الآخر يعاديها ويرفضها فكراً وسلوكاً وممارسة.

وهذه الثقافة والتي يمكن أن نطلق عليها اسم”ثقافة الارتياب” قد أثرت سلباً على العمل الحزبي ألتعددي وهذا ليس تخميناً ولكن هذا الذي بات يلاحظ بصورة واضحة على الحزبية في بلادنا خلال الفترة الماضية عن طريق العمل العلني الذي لم يحقق الفائدة أو الطموح سواء للأحزاب أم للجماهير.

فالشيء المهم بالنسبة لنا هو كيف يتسلح الشعب بالوعي الثقافي والفكري وصولاً إلى الإدراك الجدي والحقيقي في بناء قائم على أساس الشراكة تحت خيمة الوطن الواحد دون إلغاء الآخر لنتعلم من تجارب الشعوب كيف تبنى الأوطان وتحترم القوانين.

الشراكة والتعددية

إن أقرب مفهوم للشراكة السياسية هو مفهوم التعددية السياسية والذي عني به سماحة الإمام الراحل السيد محمد الشيرازي (رحمه الله) في العديد من مؤلفاته للوصول إلى إقامة الحكومة العادلة التي تحترم جميع المكونات في بلدان العالم بصورة عامة وفي البلاد الإسلامية بصورة خاصة.

والتعددية تعني في أي شكل من أشكالها: مشروعية التعدد، وحق جميع القوى والآراء المختلفة في التعايش، وفي التعبير عن نفسها، وفي المشاركة على صعيد تسيير الحياة في مجتمعها.

أما التعددية السياسية وكما تناولها الشيخ عبد الله اليوسف في دراسة له حول فكر السيد الشيرازي فإنها تعني: مشروعية تعدد القوى والآراء السياسية وحقها في التعايش وفي التعبير عن نفسها وفي المشاركة في التأثير على القرار سياسياً في مجتمعها.

ومصطلح التعددية السياسية يعني أولاً: الاعتراف بوجود تنوع في مجتمع ما بفعل وجود عدة دوائر انتماء فيه ضمن هويته الواحدة.

ويعني ثانياً: احترام هذا التنوع وقبول ما يترتب عليه من خلاف أو اختلاف في العقائد والألسنة والمصالح وأنماط الحياة والاهتمامات، ومن ثم الأولويات.

ويعني ثالثاً: إيجاد صيغ ملائمة للتعبير عن ذلك كله بحرية في إطار مناسب وبالحسنى، بشكل يحول دون نشوب صراع يهدد سلامة المجتمع، وإن اشتراك جميع فئات المجتمع في هذا الإطار بآرائهم هو ما يصطلح على تسميته بالشراكة أو المشاركة السياسية.

وقد كان في دولة المدينة وفي عهد رسول الله (ص) مجموعة من القوى السياسية وقد تعامل النبي مع كل تلك القوى والجماعات السياسية ولم يعمل على إلغائها و إضعافها وذلك من أجل الحفاظ على التوازن الاجتماعي والسياسي المطلوب، بالإضافة إلى أن تكوين القوى والتجمعات السياسية هو حق من حقوق الحرية السياسية.

ومفهوم التعددية السياسية يشير إلى حق “المعارضة” في ممارسة أنشطتها، وقد كفل الإسلام للمعارضة السياسية السلمية كافة الحقوق المشروعة، كما أن في التجربة الإسلامية الأولى دلائل وشواهد تؤكد شرعية المعارضة السلمية والتعددية في الإسلام.

وقد أرسى الإمام علي (ع) حق “الرأي الآخر” والتعبير عن ذلك الرأي بأي وسيلة مشروعة، فلم يسجن أحداً لمخالفته له في الرأي، ولم يمنع أحداً من العطاء لأنه لا يتفق معه في موقف أو في رؤية، ولم يبطش بأحد خالفه في الفكر أو المعتقد.. بل سمح لكل الآراء أن تعبر عن ذاتها، ولو كان ذلك التعبير على شكل مظاهرة سلمية، أو إضراب مدني.

يقول الإمام السيد الشيرازي (قدس سره ): لقد سمح النبي (ص) والإمام علي (ع) للمعارضة سواء كانوا أفراداً أو جماعات أن يقوموا بدورهم تعليماً للأمة في السماح للمعارضة، وإن كانا هما معصومين، وقد ورد في القرآن الكريم في النبي (ص) : “وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى”. وقال (ص) في الإمام علي (ع): “علي مع الحق والحق مع علي”، وعليه فلا يحق للحاكم مهما كان أن يكبت المعارضة، فإن ذلك بالإضافة إلى كونه خلاف السيرة خلاف العقل والمنطق، ويوجب كراهة الناس للحاكم مما ينتهي إلى سقوطه.

الشراكة السياسية في العراق:

إن تجسيد التعدد والتنوع السياسي كما المذهبي في الواقع العراقي ضمن شرطي الاعتدال والانفتاح على الآخر، يعد حاجة ملحة لضمان الحاضر، بل وأحد مقومات المستقبل، فالعراق بلد التنوع والتعدد وبلد الثقافات والحضارات المختلفة.

وهو في تشكيلته السكانية العامة يحمل كل صفات الشراكة الوطنية، فالكل شركاء في هذا الوطن منذ الأزل، وشراكة العراقيين في وطنهم متمثلة في التعايش بين أبناء هذا الوطن، فهم شركاء في هوائه ومائه وأرضه وسمائه وفي جميع خيراته، حتى إنهم وعلى مر السنين شركاء في الحزن والفرح، إلا أن السياسة غير الواعية التي حكمت العراق هي التي تسببت في خلخلة هذه الشراكة والتنصل من مفهومها الوطني العام.

فلم يكن المواطن العراقي يشعر بمفهوم المواطنة في ظل النظام الدكتاتوري السابق، ولم يعي معنى الوطنية الحقة إلا في الشعارات البراقة التي أكل عليها الدهر وشرب في جمهورية الخوف التي حكمت البلاد بسياسات عديدة هدفت إلى إلغاء الهوية الوطنية للفرد العراقي من خلال تفعيل حالات الإقصاء الطائفي والقومي والعرقي تحت شعار.

وبعد سقوط هذا النظام الفاشي انتقلت السلطة من أفراد من منطقة معينة يحكمون العراق ويلعبون بمقدرات الشعب وثرواته إلى يد الشعب نفسه وهذا الأمر تطلب تغييرات جذرية على الساحة السياسية العراقية.

فانتقلت حالة العراق من انغلاق فكري وسياسي استمر أكثر من ربع قرن إلى انفتاح عولمي لا يتناسب بأي شكل من الأشكال مع ما كان سائدا، ومن هنا حدثت الانتقالية التاريخية للحركات السياسية والتيارات والأحزاب من دور المعارضة والرقيب إلى دور المبادر.

بمعنى آخر إن هذه التيارات انتقلت من مرحلة الزهد في الحكم ولعب دور المتفرج إلى دور المشارك الفاعل في صنع القرار السياسي العراقي وهذا ما ألب بعض الأشقاء الذين لم نر منهم إلا الشقاء إلى لعب دور آخر في المنطقة محاولين إجهاض هذه التجربة بدعاوى إن أميركا هي التي أسقطت النظام المقبور في العراق وليس الشعب، وهذا الأمر يطول الحديث فيه لما فيه من لبس مقصود يحاول أن يسوغ للبعض تصفية حساباته مع أميركا في العراق على حساب الشعب العراقي المغلوب على أمره.

وبعد كل ما جرى في العراق من تغير بعد سقوط البعث لم يعد المواطن العراقي بأفضل حال من ذي قبل فإذا كان في السابق لم يشعر بروح المواطنة انعدمت تلك الروح لدى المواطن في ظل حالة الفوضى التي أوجدها المحتل ورجال السياسة الذين لا يهمهم سوى التمسك بمناصبهم والاستئثار على حساب الموطن الذي فقد إحساسه بالانتماء إلى الوطن.

وبالتالي صار الكثيرون ممن يحسبون أنفسهم على السياسة يقومون بدور الهدم في أية عملية بناء سياسي تتماشى مع تطلعات الشعب ومتطلبات التغيير الذي يحصل في العراق، وأصبح فعل أغلب الأحزاب السياسية هو الإقصاء وعدم تقبل الآخر، بل وصل الأمر إلى عدم تقبل الشريك السياسي حتى في الكتلة السياسية الواحدة.

ونتيجة لذلك أصبح الحال في العراق من سيء إلى أسوء بسبب عدم الفهم الجيد للعمل الحزبي والافتقار إلى التنظيم والفهم الخاطئ لصنع قيادة واعية تستطيع أن تأخذ على عاتقها جعل العراقيين تحت عنوان واحد اسمه الوطن.

ورغم جميع المحاولات لبناء شراكة سياسية إلا أنها لم تتعدى حيز الشعارات ووسائل الإعلام بسبب عدم الجدية في المحاولة وبسبب تغلب مفهوم المحاصصة الحزبية بصبغة طائفية على جميع المفاهيم، أدى كل ذلك بالنتيجة إلى عدم وجود شراكة سياسية حقيقية في العراق.

وبغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع هذا المذهب أو ذاك، فالأصل أن التنوع المذهبي دليل حيوية وعافية بعكس الأحادية المذهبية التي تحتكر الدين ورسالته كما تحتكر السلطة الحاكمة الدولة بكافة إمكانياتها، وكلا الأمرين يضران بالمواطنة المتساوية ويؤديان إلى تعصب مقيت وربما أعمى.

وفي مقابل أهمية حوار الأحزاب السياسية ينظر بنفس الأهمية إلى حوار المذاهب الذي يُعد في نظر البعض من الكتاب ضرورة وطنية تفرضها تداعيات أحداث وأعمال عنف يومية، وما تجلبه “الفتنة السنية – الشيعية” في المنطقة من توترات لا يقتصر خطرها على هذا القطر أو ذاك.

وعلى المرجعيات الدينية في كل الطوائف دور يفترض أن تضطلع به اليوم قبل الغد، لا بهدف تعميق خطاب “طاعة ولي الأمر” وإنما بهدف تقليص الهوة بين المذاهب في العراق والتقريب بينها على أساس الوحدة في إطار التنوع وحق الاختلاف.

الخلط بين الشراكة والمحاصصة:

وقعت الأحزاب السياسية العراقية- من حيث تعلم أو لا تعلم- في شراك المحاصصة الحزبية والتي تم تغليفها بالطائفية منذ الأيام الأولى للتغير الذي حصل في العراق، ومنذ ذلك الوقت استفحلت تلك المشكلة السياسية للتحول إلى ظاهرة اجتماعية لم يشهدها الواقع العراقي من قبل.

ورغم الدعوات التي وجهها بعض السياسيين بتشكيل حكومة شراكة وطنية بعد إصرار بعض الجهات السياسية على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية بعيد ظهور نتائج الانتخابات إلا أن تلك الدعوات لم تلقى آذان صاغية أو أنها كانت مجرد للاستهلاك الإعلامي الغرض منها إلقاء الكرة في ملعب الطرف الآخر.

وبالتالي تم بناء مؤسسات الدولة الرئيسة والهامة على أساس طائفي وهو حصة الحزب المنتمي إلى الطائفة وليس حصة الطائفة المنتمي إليها الحزب، وعليه صار تقاسم السلطة السياسية باسم الطوائف وأصبح الاحتقان طائفياً بينما في حقيقة الأمر هو تقاسم للسلطة بين الأحزاب السياسية التي استطاعت أن تصل إلى غاياتها بمسميات طائفية.

ونتيجة لكل ما تقدم تم إقصاء الأحزاب والحركات التي لم تستطيع أن تحصل على أصوات تؤهلها لتمثيل نفسها كي تصبح مؤثرة في التصويت على صنع القرار ومن ثم استبعدت من المشاركة حتى في أدلاء رأيها بالسياسة العامة للبلاد.

وبذلك استوجبت كل تلك الأمور في وجود لبس واضح في الفهم الحقيقي للشراكة السياسية واختلاط تلك المفاهيم في بودقة المحاصصة الحزبية أو الطائفية.

إن الشراكة التي يريدها العراقيون هي شراكة عامة وشاملة ليست بين الكتل الكبيرة فقط وإنما أثبتت المحاصصة عدم نجاعتها وتعمل على تعميق الخلاف كما أنه لا يجوز أن تدور الشراكة بدائرة الأحزاب التي فاز ممثلوها في الانتخابات أو حضروا مؤتمر ما، فمن لم يحالفها الحظ في الدخول البرلمان والحصول على الحد الأدنى من المشاركة فيه من الضروري أن يأخذ دوره ووضعه بهذه الشراكة حيث أن الانتخابات البرلمانية الأخيرة ليست هي المعيار، مع الأخذ بعين الاعتبار إن تلك الأحزاب الفائزة في الانتخابات لها تاريخ نضالي واسع منذ السنوات الأولى لسيطرة البعث على السلطة في العراق، وأن سجلات أسر الشهداء تشهد وكذلك المعتقلات على الكثير من عناصرها وقادتها بتقديم الثمن النضالي.

إن الواقع الحالي لا يلغي التاريخ النضالي لكل العراقيين إذ أن هذا النضال سلسلة متصلة من العمل وتقديم الفرائض ودفع الثمن فالجميع هذه الأيام يرفض أن يتنكر له الأجيال القادمة.

التوصيات:

من خلال معرفة أهمية الشراكة بصورة عامة والشراكة السياسية بصورة خاصة فانه يجب علينا إيضاح ما يلي:

1- مادام الإنسان اجتماعياً بطبعه فلابد له أن يعيش مع المجتمع ويشاركه العيش بكل ما تحمله تلك المشاركة من ايجابيات ومن سلبيات، وعليه فلابد للسياسيين أن يدركوا تلك الحقيقة قبل الآخرين.

2- لا يستطيع الفرد القيام بمهام اجتماعية أو اقتصادية أو عسكرية ……..الخ بصورة صحيحة بمفرده، فكيف إذا كانت المهمة هي بناء دولة بمؤسساتها.

3- بما إن الجميع متساوين في الحقوق والواجبات بنص الدستور فلابد أن يكون لهم رأي في صنع القرار على أن لا يعتبر ذلك الرأي ملزم للآخرين.

4- استبدال كامل لنهج المحاصصة الطائفية بمبدأ المشاركة السياسية الحقيقية.

5- إلغاء الهوية الطائفية والعرقية والقومية من القاموس السياسي ورفع الهوية الوطنية وجعلها فوق كل الانتماءات.

6- أن للرأي الآخر مكاناً في ديننا الحنيف، وأن الإسلام يكفل كافة الحقوق المشروعة للمعارضة السياسية السلمية، أما المعارضة المسلحة ضد الدولة التي تنتهج الإسلام منهجاً لها وتضعه في أولويات تشريعاتها أو تلك التي تأتي بإرادة الشعب واختياره فلا شرعية لها، إذ لا شرعية في محاربة الشرعية.

* مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث
http://shrsc.com