1-(حكم قراقوش)
الفاشوش في حكم قراقوش،كتاب رائع أنصح العراقيين بقراءته وفهم مراميه،ففيه من العبر ما يغني عن مجلدات،وفيه من الفكاهة ما يزري بكل المسرحيات التجارية الهابطة،والمسلسلات التلفزيونية التي تصف الواقع العراقي بأسلوب فكاهي ساخر،ومؤلف الكتاب أبدع في تصوير فترة أتسمت بضياع الضوابط وفقدان المقاييس في الإدارة السليمة للبلاد المصرية،وشر البلية ما يضحك،أو كما يقول المتنبي:وكم في بلادي من المضحكات ولكنه ضحك كالبكا
فقد استبشرت قبل أيام بصدور قرار لحل مشكلة طلبة الدراسات العليا ،بتخصيص مبلغا قدره خمسون ألف دينار شهريا للطلبة الذين لا يتقاظون رواتب من خزينة الدولة العراقية،فهذا القرار الجماهيري التاريخي،هو أول قرار أنتفع منه بعد التغيير،فهو يشمل اثنان من أبنائي قيض لهم(سوء الطالع) أن يكونوا من الأوائل فكرموا من الوزارة بتعينهم كمعيدين في جامعة بابل،والقبول بالدراسات العليا بمنحهم أجازة بدون راتب طيلة فترة الدراسة،ولكن الفرحة لم تتم كما يقول المثل(بعرس اليتيمة غاب الگمر)فقد فسر جهابذة القانون ودهاقنة الإدارة في الجامعة عدم شمولهم بالمكرمة،لأنهم موظفين على الملاك الدائم للجامعة،وعند مناقشة الأمر مع الإدارة الجامعية بأنهم لا يتقاظون الراتب في الوقت الحاضر،أحالت الأمر إلى السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي المحترم،وأن سيادته أمر بعدم شمول الموظف بالمكرمة حتى إذا كان لا يستلم راتبا.
وأتساءل أين المساواة والعدالة الاجتماعية في هذا التصنيف الجائر،ولماذا يبخل السيد الوزير على طلبة الدراسات العليا بهذه المنحة،وهل ستؤثر على الموازنة المالية الانفجارية،أم يخشى أن تتحول إلى (انتحارية) إذا شمل بها حفنة من الطلبة قيض لهم حظهم العاثر أن يكونوا من النابهين في بلد لا يحترم المواهب والأوائل،وليست هذه التجربة الوحيدة مع وزارة التعليم العالي الموقرة،فقد سبق لها أن ابتلعت هدية السيد وزير الصناعة والمعادن للطالب الأول في كلية الهندسة جامعة بابل،حيث أوعزت بإرسال مأمور لاستلامها،إلا أن الهدية ذابت بين دهاليز الوزارة وأزقة الجامعة،فاضطررت أن أنوب عن السيد الوزير،وأقدم له هدية راعيت أن تكون مهذبة وبسيطة،فكانت سيلا من الشتائم العراقية لكل الأوائل والمتميزين،فلو كان من الطلبة الفاشلين دراسيا،لأصبح شرطيا يتقاضى راتبا يوازي راتب عشرة من المهندسين والمدرسين والإعلاميين والمذيعين،وما يتبعه من (قومسيون) يستطيع الحصول عليه إذا سار في(الدرب الوسطاني)وتناسى ما علمته من الأخلاق والمثل العليا.
ولا أدري هل يتهامس القراء بأني أسعى وراء مكاسب شخصية،وأمور ذاتية،ولكن ..لست الوحيد في هذا، فهناك الكثيرون غيري من عباد الله المساكين الذين انهالت على رؤوسهم(طراگيع)الزمن العاثر وابتلوا بمن يفسر القوانين على مزاجه،بطرق ما أنزل الله بها من سلطان…..قاطعني سوادي الناطور ضاحكا(شوف لن ألشغله من يمك،وشرت منجلك زين،وگمت تسوگ عامي شامي،وديتها للصناعة ورديتها عالتعليم، وذبيتها عالجامعة،وكلها على حساب خمسين ألف دينار،الله يساعد الجيش المنحل صار الهم أربع سنين ينطوهم بالشهر خمسه وسبعين ألف دينار،وعدهم عوائل،وعليهم مصرف بيوت،وما سمعتك يوم جبتهم بالطاري،لمن أجت الشغلة يمك فكيت حلگك،وترست عبك حجار ،وطحت للوادم دگه دگه،جا هاي المباديء الگرعت روسنه بيها،واللي يسمعك إذا حجيت يگول هذا عنده(نكران ذات) وتاليها لا ذات ولا بات،حالك حال الو ادم،كلمن يحوز النار الگرصته،وكل واحد يصيح يا روحي،ويا هو ليصير بظافرة طحين،وأيده تگوم تنوش،يفصل القانون على گده،وشوف رواتب مجلس النواب والوزراء والمدراء والعظماء وكل واحد ينتهي أسمه بالئاء، حسبا لك الله خلق العراق بس الهم،وخيراته من حصتهم،وسوادي وربعه يأكلون حو…!!!
2-(مهنة البحث عن المتاعب)
للصحافة أسماء متعددة،فقد سميت بالسلطة الرابعة،ووصفت بمهنة البحث عن المتاعب،وكان لها عبر بعض العهود مكانة متميزة في المجتمع العراقي،فالمسئولون يخشون قلم الصحفي،ويتجنبون الاصطدام به لأنه قادر على قصم ظهر البعير بقلمه السليط،الذي يحيل أكبر مسئول حكومي إلى عصف مأكول،وكانت دوائر الدولة ملزمة قانونا بالرد على الشكاوى والمقترحات التي تتناولها الصحافة،بل أن البعض من الطارئين على المهنة كانوا يأخذون الإتاوات من رؤساء الدوائر خوفا من نشر غسيلهم،أو الكتابة عن إخفاقاتهم،وكثيرا ما أولمت الولائم الباذخة لرجال الصحافة لقطع ألسنتهم،ودفعت لهم الإكراميات،ولا زال البعض من أولئك الطارئين على العمل الصحفي والإعلامي،يتمتعون بهذا الامتياز،وأن كان ذلك على نطاق ضيق،فعلينا الإشارة إليه حتى لا نتهم بعدم الحيادية ممن سنهاجمهم أو نكشف سوأتهم ،ونكيل لهم الصاع صاعين،في سهامنا الموجهة إلى عقولهم التي تنظر إلى الصحفي نظرة شبه عدائية أن لم نقل أزد رائية،ولا تختلف عن الشرطة السعيدية التي جاء بهامش تاريخها في محاكمة الرفيق الخالد(فهد) عندما وجه سهام إلى نحور الحكام الظلمة،وفضح أعمالهم المعادية لطموحات الشعب،فأمر القاضي الشريف بطرد الصحفيين حتى لا يذاع دفاعه وينتشر بين الناس،فهجم الشرطة على الصحفيين طالبين منهم مغادرة القاعة وعندما أعترض أحدهم قال له الشرطي(وين ماكو حافي،صاير صحافي)والظاهر أن الدوائر الجديدة ،لا تزال تنظر إلينا بمنظار شرطة نوري السعيد،فالسادة المسئولين ابتداء من موظف الاستعلامات وانتهاء بقمة الهرم،لا يجدون ضيرا في طرد الصحفيين،وعدم استقبالهم أو أجراء الأحاديث معهم،أو السماح لهم بدخول دوائرهم لطرح معانات المواطنين تحت ذرائع واهية،وحجج باهتة،وعندما يحاول الصحفي أبراز عضلاته،أو التلويح بأقلامه البارزة على صدره الهزيل،ربما يكون للحمايات الجديدة دورها في تقديم التكريم الملائم لشخصه الكريم،ليجد نفسه خارج الدائرة،يلعن الأقدار التي جعلته إعلاميا في ظل الشفافية المفرطة،التي نخشى عليها أن تنكسر لأنها من الكريستال الثمين الشفاف،ولعل البعض يراني مغاليا أو متطرفا أو مضخما للأمور،ولكني أدعوه لولوج هذا المعترك الصحافي ليرى بأم عينيه ما سيحظى به من أكبار وتعظيم وإجلال وتكريم،وسيقبلني بين سحري ونحري على مصداقيتي في نقل الصورة الرائعة للتعامل مع الإعلاميين.وربما هناك جانب فيه من الأدلة الثبوتية،ما لا يستطيع أمهر المحامين أيجاد ثغرة لينفذ منها في الدفاع عن المسئولين،فالصحف العراقية التي تجاوزت المئات تنشر عبر صفحاتها الكثير من الشكاوى والاعتراضات والاقتراحات في لفت أنظار المسئولين لظلم مقصود،أو خطأ موجود،أو ظاهرة خاطئة،أو مشكلة مستعصية،متوسمين في الصحافة السلطة الرابعة المؤثرة،التي ليس في وسع الدوائر التغاضي عما يطرح فيها…ولكن لم أجد على كثرة ما قرأت أن صغار المسئولين ولا أقول كبارهم قد كلف نفسه عناء الرد أو التوضيح،ولا أعتقد أن أحدهم يقرأ صحيفة أو يطالع مقال،فهم مشغولون والشهادة لله،بمتابعة المشاريع وإنجاز معاملات المقاولين المساكين،وتوقيع العقود،ورعاية لجان المشتريات،لما في تلك الجوانب من منافع كبرى وأهمية قصوى في نفخ الكروش،وبناء )العشوش( ،وإرضاء ربة الدار،والتقرب إلى الله بما تيسر من مال ينفقوه في وجوه البر والإحسان…قاطعني سوادي الناطور(أشو هاي منين ما تجيبها سوده مصخمه،حسبالي بس أحنه المواطنين من ألدرجه ألثالثه الطايحين جوه الحگه،أثاريها كلها ربع سوادي،گلنه راح صفر جانه ربيع،تاليها أيامنه صارت كلها صفر،وبعد لا ينفع كسر شراب،ولا دعوه التستجاب،وعادت حليمة ألعادتها القديمة فلان مسعول وفلان منعول،وهنياله لعايش بجزيرة ،حتى لا عين التشوف ولا گلب اللي يحزن،لكن وين أهج،إذا أنته وراي ما يطول غطاي،ويوميه جايني بسالفة جديدة،وما ورآك غير الهم والغم والبلاوي،وساعة السود ه لعرفتك بيها وفكيت عيني،لو ضال أعمى هواي أحسن،حالي حال الو ادم الياخذ أمي يصير عمي،تاليها خليتني مناحر الماي الجاري،وأگول 1+1=2 وما أگول أربعه لو يگصون لوزتي…!!!
3-(تعال باجـــر)
ليس فيما أقوله من جديد،فالكثير من المواطنين عانوا ولا زالوا يعانون من الروتين القاتل والبيروقراطية المقيتة لدوائر الدولة بكل قطاعتها،هذا الروتين الموروث المبني على الأسس القديمة لتأسيس الدولة العراقية،عندما كان العالم يمتطي صهوات الجياد،ويقاتل ب(الفالة والمگوار) ويقطع على قدميه المسافات الطويلة للتنقل من مكان إلى آخر،والظاهر أن دوائرنا العتيدة التي تتقيد بآثار السلف الصالح لا تنوي مواكبة العالم،وتفضل البقاء على عقليتها السابقة في أنجاز معاملات المواطنين،لأن اللحاق بالغرب في تطوره الصاروخي والاستعانة بالطرق الحديثة في مختلف المجالات رجس من عمل الشيطان،وعلينا المراوحة في مكاننا،حفاظا على موروث الآباء والأجداد،لأنهم القدوة التي تحتذي،والأسوة الحسنة الواجب أتباعها.لقد ورث جهازنا الحكومي الكثير من التعليمات البالية التي تجاوزها العالم،ولا زال رهن الأساليب المعقدة في التعامل مع المواطن،فالموظف الكريم الذي وفرت له الدولة الرواتب المجزية،وسمحت له بالتعالي على المواطن،وأخذ الرشوة والفساد،و(دللته) إلى أقصى حدود الدلال،لا يؤدي ما أوكل إليه من مهام،فالدائرة التي يستطيع عشرة موظفين إدارتها،فيها من الموظفين العاطلين ما يزيد على المائة،وهؤلاء إذا حضروا أضروا بالعمل لإلهائهم الآخرين عن أداء أعمالهم،وإذا غابوا زاحموا المواطن المسكين في العمل الحر،وأعرف أحدهم وهو الحاج(جوكر) يتقاضى راتبا تقاعدي،ويعمل في الليل حارسا بعقد،وفي النهار (خردة فروش) ورأيته يراجع للحصول على راتب الرعاية الاجتماعية،(ألف عافية للي يجيب نقش) وهؤلاء الموظفين النجباء أصبحوا يشكلون عبئا على المواطن المسكين،فإذا راجع أحد عباد الله المساكين،الذين ليس لهم(في الخيل خيال)ولا يرتبطون بعضو مجلس محافظة،أو مجلس بلدي،أو مسئول كبير،أو كادر حزبي متقدم في أحزاب هذا الزمان،فعليه الصبر على الدوامة القاتلة للمراجعات،وكلمة(تعال باجر) تصدمه ابتداء من الحمايات الخاصة وانتهاء بفراش السيد المدير،والكل يقول (تعال باجر)،وما فتأ(باجر يأكل باجر)حتى يرحمه الله برحمته الواسعة،وتنفجر به أحدى المفخخات،أو يصاب بضربة شمس،أو مرض الفقرات بسبب الوقوف لساعات،أو (البواسير)لجلوسه القرفصاء بانتظار نهاية الدوام الرسمي،والعودة إلى أهله(أيد من وره وأيد من جدام)أو ترك المعاملة وانتظار (الحكومة الإلكترونية) التي شاهدها في أفلام الكارتون،ومثال بسيط على (الونسة) التي يعانيها المواطن للحصول على بطاقة السكن،هذه البطاقة اللعينة التي لم أستطع الحصول عليها من النظام السابق إلا بعد أشهر من المراجعات والوساطات والرشوات ،واليوم يطالب المواطن بالحصول على أخرى جديدة،ليمر بدوامة من الطرق الملتوية التي سنتها الإدارة الفيدرالية المؤقتة للمحافظة،فعلى المواطن استنساخ البطاقة التموينية،وشهادات الجنسية،وبطاقات الأحوال المدنية لأفراد الأسرة،وتأييد من المختار والاختيارية،واستنساخ عشرة استمارات معلومات،وجلب كتاب صحة صدور البطاقة التموينية من التجارة،وتأييد من الجهات الأمنية بحسن السيرة والسلوك،وثلاث صور شخصية،وهذه المعاملة تتطلب صرف مبلغ لا يقل عن 15 ألف دينار وأسابيع من المراجعات،والمواطن يدور في هذه الدوامة المهلكة ليثبت أنه يسكن في عنوانه الحالي،وبأ مكان الدولة الاستعانة بالمختار فقط الذي يستلم راتبا محترما،وإرباح طائلة من بيع الغاز ولنفط ،لتوفير هذه البيانات بالتعاون مع دائرة الأحوال الشخصية،ودائرة المعلومات،دون أرباك المواطنين الفقراء للركض في الدوائر والوقوف في الطوابير لأيام وأسابيع لإكمال بطاقة يمكن إنجازها بعشر دقائق لو توفرت النية لمساعدة المواطن… قاطعني سوادي الناطور قائلا( بيش بلشت يا بو بشت” والله أتهوه أواجه عزرايين ولا أراجع دائرة بها الأيام،وين ما تروح تعال باجر،والباجر يصير باجر،”وعله هالرنه طحينج ناعم”وأحنه خلص عمرنه بالباجر،يسو لفلي واحد من أولاد أخوك كريم،جان لاجيء سياسي بالسويد،وسوده بوجهي على أهل السويد،شابعين ضيم وقهر،وماكليها معلسه من الروتين،يگول إذا تريد جواز أطلعه بساعة،وإذا تريد تأشيرة تحصلها بالتلفون،وإذا تحجز طياره حسبا لك مأجر تكسي،وأحنه ردينه ليوره،يوم قدمت عريضة المسعول جبير،طلع أضبط من الموظفين،كتب على عريضتي”تعال عگب باجر:….!!!