الرئيسية » مدن كوردية » كرماشان – الحلقة الرابعة

كرماشان – الحلقة الرابعة






pukmedia   2007-08-22    






Imageعرفت كرماشان منذ العصر الحجري أي قبل تسعة آلاف سنة ، حيث عاش الانسان في الكهوف وأهمها كهف “شكار جيان” أي رعاة الغزلان في منطقة بيستون ،وقد تم العثور على بقايا هياكل الانسان الأول في المواقع الأثرية في كنج دره وكاكية وتبه سراب ، وتم العثور على مواقع عبدت بالإسفلت قبل التاريخ وفي الألف الرابع قبل الميلاد ، حيث كانت كرماشان أحد المراكز التجارية ومحطة للتجارة بين الأمم وما تزال آثار أسواقها في كودين وكنكاور وجفا كاوانه في منطقة تسمى الآن اسلام أباد ، وما تزال آثار مراكز الإسناد والإتصال ببابل وآشور شاخصة في زاكروس، بالإضافة الى آثار الأقوام اللولوبية وكوتيه “الكوردية” وفيها عاشت حكومات متمدنة لها اتصالات مع أقوام ما بين النهرين.



إحتلت كرماشان مركزاً مرموقاً زمن الساسانين الذين كانت لهم الامبراطورية التي عاصمتها “تيسفون” “سلمان باك-المدائن الحالية في بغداد” وان خسرو الأول أوكسرى الأول بنى القصر الجميل لاصطيافه فيها مع زوجته المسيحية ، فسميت بمدينة قصر شيرين ، وكانت فتحتها الأولى مدينة “الون” التي سميت فترة “بحلوان ثم خانقين” وكانت القصور الملكية التي هي الآن طاق كسرى في سلمان باك كانت تسمى “جاي كردن” كما تسمى “كبول” في افغانستان أي محطة الرأس وبنى خسرو الثالث طاقاً شبيها له في مدينة تسمى اليوم بـ”أيوان” نسبة للطاق الرئيس.



Imageوفي القرن الثالث الهجري كانت الناس تعتبر ان كرماشان يرعاها الإله وهي مقدسة عند الكثيرين، مضافة الى مدن همدان وري وأصفهان ، وفي القرن الرابع صارت تسمى بإمارة حسنوبة وبقيت امارة طغول بك السلجوقي وبنى فيها قلعة سرماج ، وفي القرن السادس الهجري حكمها سنجر السلجوقي ، ومع هجوم المغول خربت المدينة وتعرضت للفجائع ،وجعل المغول فيها مقرا يسمى بالايل خانية ، والاها سلطانية جمجمال قرب بيستون ، وهنا فقط يذكر المستوفي ان كرماشان كانت احدى مدن كوردستان التي يديرها أمير ، وفي القرن التاسع والعاشر الهجري دخل اليها العثمانيون واستقروا في هرسين وما هي دشت وطمس اسم المدينة الى حين قيام الدولة الصفوية التي رفعت من شان المدينة زمان الملك طهماسب الأول حيث قامت فيها إمارة كلهور وعرفت أقوى إمارة بعنوان سنكر كلهور زمن الشاه صفي الدين ، حيث بدأت كرماشان تستعيد أمجادها وتبني قلاعها حتى حين هاجم الأفغان على أصفهان ، فان كرماشان تعرضت لغزو عثماني وتحملت خراباً وتدميرا جراء ذلك. لكن بزوغ فجر الدولة النرندنية الكوردية فيها على يد كريم خان زند، قلبها على العثمانين، ودخل بلاد الرافدين الى ان وصل البصرة الا انه قد جعل عاصمتها شيراز بدلاً من كرماشان، وأراد أن يسودها أخاه لطف علي خان زند الذي أسره القاجاريون 1221 هجري غيلة في عزومة اجتماعية، وكان شهيرا بالسيف البتار، وكان إبن كريم خان والياً على العراق باسم محمد علي ميرزالي، وفي بداية القرن العشرين صارت كرماشان موضوع التنافس الدولي لوجود النفط في حافاتها مع العراق، كما اسلفنا وهي أول منطقة في العالم بعد الولايات المتحدة اكتشف فيها النفط، وبدأ الاستخراج في 1901 م.



بقي ان نذكر ان مساحة كرماشان 24434 كم2 ولها حدود مشتركة مع العراق بطول 330كم ودرجة حرارتها تتراوح بين 14 درجة تحت الصفر شتاءا و 42 فوق الصفر في الصيف.



يقول باحث ألماني كما يذكر البروفسور همزائي في مجلة مهاباد العدد 75 ان ألفين وخمسمائة سنة من التاريخ المعروف للمدينة، تثبت ان الكورد كانوا جزءاً أساسياً من الحضارة العالمية خاصة في المنطقة المحصورة بين جبل “براو” والسهل المواجه له من دينور حتى هرسين وجبل “الرحمه” المذكور في رحلة برسبولس اليوناني، تؤكد مدنية الكورد ومساهمتهم في الحضارة الايرانية التي تغوص الى ألف سنة في التاريخ، وإن الكورد هم أحفاد الميديين الذين بدأوا في كرماشان وانتشروا في الشرق الأوسط، فالكورد مرتبطون بالحضارة العالمية فمنذ ما عرف التاريخ وحتى غزو المغول فان كرماشان عرفت في خرائطهم على إنها بلاد الكورد وتسمى بكوردستان، ومؤشر في شجرة اللغات على إن الكوردية فرع من فروع اللغات الهندوأوروبية.



بقي ان نستدرك ان كرماشان من خلال إمارة كلهور هي التي فتحت بغداد سنة 1592 م وسلمتها الى مراد الرابع، السلطان العثماني، وكانوا بقيادة ذوالفقار خان وصلوا كلهور، فجعلوا كرماشان وبغداد إمارة واحدة، لكن بفعل فاعل حرض ابراهيم خان أخاه ذوالفقار لإغتياله، وتم للعمثانيين الوصول الى بغداد، حيث اشتمت الدولة العثمانية رائحة النفط وكانت مفلسة في حينها من مناجم المواد الأولية كالحديد والفحم والمعادن النفيسة الأخرى، فرأت في البترول المادة التي تستعيد بها أمجادها، فأزهقت أرواحاً كثيرة، وبذلت الكثير من الأموال للوصول الى كرماشان، وحتى ألماينا التي اتفقت معها فقد تبرعت ببناء خط سكة حديد مجاناً لها، توصل العراق باسطنبول مقابل المشاركة في البحث عن النفط، ولما تأسست الشركة المستكشفة عن النفط تم تحديد حصة الباب العالي والمصرف الوطني التركي وحصة السمسار المهندس كولبوكيان 5% ولم يحدد فلساً لأهالي المنطقة من الكورد، والمفارقة العجيبة، إن الترك يريدون نفط الكورد ولا يحبون الكورد، حتى انه صدر أخيراً أقوالاً لبروفيسور معتوه في تركيا في 13/7/2007 ان لا وجود للكورد، إنما هم من أصول أرمنية وعلوية، ولا يوجد عنصر يسمى الكورد*.



 ان لهجة كرماشان كلهرية ذات أصول كرمانجية، تتحد في مفرداتها مع لهجتي سوران وبوتان، سوى انها تضيف “كه ” كما يقول اللغوي مكنزي، أما بالنسبة لكون قبيلة “اللك” التي آرزت كريم خان زند فالناس عفويا يقولون ان الكلمة تعني لر-وكلر  فالحرف الأول (ل ثم ك) يصبح (لك) لإخفاء الصفة الكوردية الملتصقة بالكلهر، المكروهين من قبل الترك وآخرين بحيث أنهم حين علموا بنسابة كريم خان زند مع إمارة كلهور تولى القاجاريون الترك محاولة القضاء عليهم فقتلوا لطف علي خان قائد قواد كريم خان زند فصارت الدولة القاجارية حتى انهم حفروا لأنفسهم نقوشاً في نقوشات تاق و سان ويرى الكثير من المراقبين ان لهجة كلهر موجودة في كركوك حتى تيسفون (بغداد) وكانوا الرديف القوي تحت إمرة السلالة الساسانية.



لقد كان الزحف المغولي التتري والتركي باتجاه الجنوب السبب في ضياع او انقطاع الحضارة عن هذه الانحاء منذ ان ظهر في التاريخ الاسلامي في القرن السادس الهجري الى بداية القرن العشرين.


*كما يرد في انصات يوم 20 /8 /2007.