الرئيسية » مقالات » رسالة في القاب الساسة والعلماء

رسالة في القاب الساسة والعلماء

وبعد فقد قال الفقير الى ربه الكريم والمحتاج الى عطفه العميم ، لقد طلب منا بعض الاحباب من السادة النجباء الاطياب ان نضع لارباب العلم والسياسة شيئا يغنيهم عن البحث والدراسة، يتعلق بالكنى والالقاب يحوي مختلف فنون هذا الباب، فاستنهضنا الهمم كي نبلغ المراد في القمم، ووضعنا رسالة عصماء في القاب الساسة والعلماء علها تنال الرضا والقبول عند ارباب الفروع والاصول وهذا نصها:
اعلم رعاك الله ان من الالقاب ما تعطى للانسان حال ولادته من قبل ابويه ومنها ما يكتسبه في حياته لأعمال يؤديها او مهام يقضيها كالصادق والامين و والكاظم والصديق والفاروق ، وهناك من الالقاب ما تنسب الى بلدان وامكنة ، مثل الشطري والكاظمي والافغاني ، كما يمكن ان ينسب الانسان الى مهنة من المهن كالعطار والنجار والسمان والباقلاني والزيات وغيرها ، كما ان هناك من الالقاب ما تنسب الى العشائر كالعنزي والعتيبي والجبوري ، وقد يكون هناك نوع من التنابز بالالقاب بين الناس مما نهى عنه الاسلام بصريح القران الكريم .
ومن الالقاب (الاعظم ) وقد اشتهر به الامام الاعظم ابو حنيفة النعمان صاحب المذهب واليه تنسب مدينة الاعظمية وفيها مدفنه ، كما كان العثمانيون يستخدمون لقب الصدر الاعظم ولعله بمثابة رئيس الوزراء، واشتهر بهذا اللقب ايضا القائد الاعظم محمد علي جناح مؤسس باكستان . ومن الالقاب الحكيم وهو من الحكمة وصار يطلق على الطبيب الحاذق خاصة الذي يشتغل في الاعشاب ، ويذكرني هذا بطبيب اطفال كنا نعالج عنده في الصغر اسمه (دكتور حكيم ) عُرف بانه رجل مبارك لاشتهاره بمساعدة الفقراء والمعوزين ، وقد كثر الحكماء في القارة الهندية وصار يطلق على المشتغلين بالاعشاب واشتهر منهم الحكيم محمد سعيد مؤسس مصانع همدرد الشهيرة لانتاج الادوية الشعبية من الاعشاب وقد ذاع صيته فصار يعالج الامراء والسلاطين والملوك، وقد كرمته حكومة بلاده بتعيينه حاكما لاقليم السند ، ولكنه قُتل من قبل مجهولين اطلقوا عليه النار وهو في طريقه الى مطبه لعلاج مئات المرضى الذين يتواجدون امام عيادته مع الفجر . كما حمل هذا اللقب علماء من الطراز الاول .وكان يسمى العالم المبرز في مجال الفقه بالحكيم المتأله ومنه صدر المتالهين .
واشتهر من الالقاب ايضا( فخر المحققين) وقد اطلق على العلامة الحلي الذي عرف بالمحقق ولعل الحلي هو اول من سمي بالعلامة في التاريخ وقد توفي سنة 676 للهجرة ، ومنها (امين الاسلام) وهو لقب اختص به الطبرسي المتوفي عام 548 ، وقيل (ثقة الاسلام) للكليني صاحب كتاب الكافي وقد اطلق لقب (شيخ الاسلام )على كثير من المشائخ المتقدمين والمتاخرين، وكان البعض منهم يختص بعدد من الاوصاف والالقاب في آن واحد كأن يقال عنه الامام الشيخ سلطان العلماء ومنتهى الفضلاء خاتمة المجتهدين فخر الملة والدين المقدس (الاردبيلي ) مثلا .
وقيل صاحب المحبرة وهي الدواة الكبيرة وصاحبها لا يكون الا عالما كبيرا نحريرا، وصاحب الدوي جمع دواة هو اقل درجة من صاحب المحبرة وكلاهما ارباب خبرة وحكمة وحل وعقد.
ومن الالقاب القديمة التي اندثرت المولى والميرزا ويعني من كان ابوه من العوام وامه من الشجرة المحمدية المباركة ، وبقي في زماننا الشريف والملا والشيخ والسيد وكلمة السيد الذي يراد منه سيد القوم صار يلقب به اي انسان لدى كتابة الرسائل و يعني ايضا السيد الشريف من اولاد الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ، وكذلك الحال بالنسبة للشيخ فيتعين معناه حسب الجملة فهو شيخ العشيرة او شيخ البلد او الشيخ المسن الكبير والشيخ رجل الدين الضالع في علوم الفقه ، وقد زاد ولع الاولين بالالقاب فصاروا يطلقون القابا واوصافا تستخدم في علم الرجال لغرض الجرح والتعديل كأن يوصف احدهم في معرض التعريف عنه بانه المحقق المدقق الامام العلامة والحبر الفهامة واحد عصره وألسن اهل زمانه واقومهم بالحجة واسرع الناس بالاستحضار .
وفي زماننا اشتهرت من الالقاب حجة الاسلام ثم اية الله العظمى وهناك اية الله الاعظم وهو خاص بالاخباريين ومنهم الاية المعظم الشيخ الاحقاقي الاسكوي نزيل الكويت وله اتباع في الاحساء والبحرين .
وقد استخدم الاوائل ولاسيما اصحاب الدواوين في البلاط السلطاني العثماني لقب (جناب الافخم والاعز) وصاحب الديوان يعرف الالقاب جيدا ولا يليق به الخطأ لانه مخالف للاعراف الدبلوماسية ، علما بان الكثير من المثقفين في زماننا يخطئون في اعطاء اللقب الصحيح للمسئول وذلك عن قلة تجربة وعدم معرفة بمناحي الثقافة العامة ، وقد كتب احد القرويين رسالة الى المرحوم عبد الرحمن عارف وصفه بها بـ مدير الجمهورية العراقية ، كما كتب احد المتملقين رسالة الى احد الامراء يستعطفه في مسئلة فكتب له : صاحب الفضيلة والسماحة سعادة سمو الامير .. ظنا منه بان الاكثار من وصم الالقاب سيؤثر على الطرف المقابل ويعجل في قضاء الحاجة دون ان يدري بانه خروج عن البروتوكول وحياد عن التزام الاصول في مخاطبة الشخصيات الكبرى.
وهناك من الالقاب التي تتقدم اسماء بعض ارباب المناصب يلزم كتابتها حفظا للمراتب مثل : (سماحة ) ويستعمل لكبار العلماء و(فضيلة ) للمتوسطين منهم ، وغبطة (البطريرك) وقداسة (البابا) ونيافة ( القمص) وعظمة ( الشيخ) وسمو (الامير ) وجلالة (السلطان او الملك) وقد الغيت في السعودية بمرسوم ملكي وصار يطلق على الملك لقب خادم الحرمين الشريفين، وفخامة (الرئيس) ودولة (رئيس الوزراء) ومعالي (الوزير)وسعادة (السفير او المدير العام ) وعطوفة ( لاادري من !) وهكذا .
وتم الفراغ من تسويد هذه الرسالة لعشر بقين من شعبان الذي يسبق رمضان.