تتفشى ظاهرة ختان البنات في الصومال ، اثيوبيا ، السودان ، مصر وبعض الأجزاء الساحلية من اليمن وهي المناطق التي يطغي فيها تأثير المهاجرين الأفارقة وخاصة من الصومال الذين نقلوا عادة ختان البنات الى اليمن .وفي احد اعدادها الصادرة في شهر ديسمبر من العام الماضي ذكرت صحيفة 14 اكتوبر بأن هذه الظاهرة تتفشى في محافظة الحديدة بنسبة 97 وفي حضرموت 96 والمهرة 98 وفي عدن 82 .
منذ بضعة اسابيع وبينما كنت أتصفح احد المواقع الألكترونية ،لفت إنتباهي مقال للكاتب جاسم المطير بعنوان ” صارت حقوق المرأة العراقية كلمات متقاطعة ذكر فيه ” شاعت في الفترة الأخيرة في اقليم كردستان ظاهرة ختان البنات وإن نسبة الفتيات اللواتي خضعن للختان حوالي ستون بالمئة. ” إنها نسبة عالية جدا. كيف وصلت هذه الظاهرة الخطيرة الى العراق في الوقت الذي تبذل منظمات حقوق الإنسان جهودها للقضاء على هذه الظاهرة بإعتبارها شكل من أشكال العنف ضد المرأة ؟ وحين توجهت بالسوأل الى احدى الأخوات الكرديات حول هذه الظاهرة اكدتها لي قائلة : “كانت ظاهرة ختان البنات منتشرة عند النساء الكرديات ( الفيلية ) سابقا وتعتبر جزأ من التعليمات الدينية و تعتبر صلاة المرأة غير المختنة ناقصة . فجيل امي وعماتي وبنات عم أبي جميعهن مختنات “. و عادة ما تتم عملية ختان البنات بعد السنة العاشرة من عمر الفتاة اي قبل سن البلوغ ويبدو أنها عادت الى الظهور بسبب الأوضاع التي يمر بها العراق وخاصة فيما يخص قضايا المرأة . ” كما أكدّتها اخت كردية اخرى قائلة ،” خالتي التي تكبرني بخمسة اعوام تعمل محامية وحين تقدم لها شاب للزواج ، اول شيء فكرت به هو أن تجرى لها عملية ختان استعدادا للزواج لكنها عدلت عن رأيها حين رأت بأم عينها كيف تتم هذه العملية في بيئة غير معقمة وبدون تخدير” .
إن ظاهرة ختان البنات أو ما يسمى الختان الفرعوني تشكل امتهان لكرامة المرأة تمارسه النساء الكبيرات في السن أو العرّافات بطلب من الأهل معتبرين ذلك ضمانا لبقاء الفتاة عذراء قبل الزواج .والذين يمارسون هذه العادة السيئة يحاولون إلصاقها بالدين الإسلامي والدين منها براء.فلا توجد تصوص قرآنية تفرض ختان البنات. فالدين الإسلامي رفع من شأن المرأة ،وهو الدين الذي قضى على وأد البنات. فهم يّدعون بأن قطع البظر أو جزأ منه سيحفظ عفة وعذرية الفتاة ( من يضمن ذلك؟ ). إن الله أوجد هذا العضو في جسم المرأة ، فلا يحق لأي مخلوق أن يسلبه منها .
وقد التقيت بإحدى الأخوات السودانيات واستفسرت حول هذه الظاهرة فأكدت الأخت قائلة ، ” هذه الظاهرة لاتزال منتشرة في السودان وأنها تلقى رواجا في المجتمعات المحافظة والتي تهتم بشرف المرأة . و ليس لهذه الظاهرة اي إرتباط بالدين وإنما تنحصر في التقاليد والأعراف الأجتماعية البالية المرتدية عباءة الدين الإسلامي . فهم يعللون هذه العادة بأهمية نقاء وطهارة البنت ويضمن بقائها عذراء قبل الزواج . وحتى لو رفضت الفتاة الختان ، ستجد نفسها مضطرة لذلك لأن حين يتقدم لها شاب للزواج وهي غير مختنة يطلب منها إجراء الختان كشرط للزواج ،وغالبا ما تتم عملية الختان للفتاة في سن 16ـ17 سنة وسط احتفال كبير .”
إن عملية الختان تترك آثارا سلبية كبيرة على الفتاة وهي الشعور بالظلم والعزلة والأنطواء والخجل ،كما أنها عملية إهدار لإنسانيتها ومشاعرها وأحاسيسها وتصاب الفتاة بالبرود الجنسي وهذا أحد اسباب الطلاق والتفكك الأسري .كما تؤدي هذه الظاهرة الى مضاعفات صحية كبيرة ، فقطع البظر أو جزأ منه يؤدي الى نزيف حاد ينتهي بفقر الدم أو الوفاة ، كما وتواجه الفتاة المختنة صعوبة عند الولادة مما يتطلب تدخلا طبيا لفتح الجرح وإعادة خياطته مرة اخرى وتعاني العديد من اللواتي خضعنّ لعملية الختان من بعض الآلام والإلتهابات المزمنة .( وهذا ما اكدته لي احدى الأخوات المختنات ).
على الحكومات في الدول التي تنتشر فيها هذه الظاهرة الخطيرة والتي تعد إنتهاكا لحقوق المرأة الإنسانية ، عليها أن تضطلع بدورها وتقضي عليها لأنها لاتمت الى الدين والشريعة بصلة وذلك بسن قانون يحرّم ختان البنات كما يتطلب من المنظمات والإتحادات النسائية تفعيل نشاطها لضمان حقوق المرأة والحفاظ على كرامتها وأن تقف ضد هذه العادات والتقاليد الأجتماعية المتخلفة . كما ويتطلب من المرأة أن تسعى هي نفسها لغرس الوعي الفكري والأجتماعي بين أفراد اسرتها أولأ والحث على احترام المرأة وأن تتحدى هي المجتمع وتجتاز العزلة التي يفرضها عليها وتخترق جدار التقاليد البالية . .