هو الزعيم الكوردي وقائد الحركة التحررية الكوردية في الثلث الاول من القرن العشرين الشيخ محمود بن الشيخ سعيد بن الشيخ محمد بن كاك احمد الشيخ البرزنجي . ولد في مدينة السليمانية سنة 1881 الميلادية ، درس علوم الشريعة والفقه ومباديء التصوف عند فقهاء تلك المدينة الحيّة.اشترك عندما كان شاباً اثناء الحرب العالمية الاولى على رأس قوة مسلحة كوردية في حرب الانصار في جبهة الشعيبة ضد الاحتلال البريطاني وعندما انسحبت القوات العثمانية في اواخر الحرب من منطقة السليمانية ، شكل الشيخ محمود حكومة كوردية في كوردستان الجنوبية في 15-11-1918 وعيّن البريطانيون الميجر نوئيل حاكماً سياسياً في تلك المنطقة واعترف بحكمدارية الشيخ الحفيد وحكمه . ثم وصل الى السليمانية من بغداد الكولونيل (لي. تي. ولسن) الحاكم الملكي البريطاني العام في العراق بتأريخ 1-12-1918 ليجتمع مع الشيخ محمود للتباحث حول مستقبل كوردستان العراق السياسي ، ثم اجتمع برؤساء العشائر الكوردية واوضح لهم علاقة الحكومة البريطانية بالكورد واستفتى آراء الحاضرين حول حكومة الشيخ الحفيد ونوعية الكيان السياسي للكورد، وتبيّن لـ (ويلسن) ان بعضاً من رؤساء العشائر كانوا يرغبون في انشاء كيان سياسي كوردي مستقل ، وبعضهم كان يريد انشاء حكومة كوردية تحت رعاية بريطانيا.يقول ستيفن لونكريك في كتابه (العراق بين 1900-1950) حول حكم الشيخ محمود : ((كانت سلطة حكومة الشيخ محمود تشمل مناطق حلبجة والسليمانية الى رانية ورواندوز وبعض الاحيان الى كويسنجق وانضم العشرات من رؤساء العشائر الكوردية الى حركة الشيخ الحفيد واصبحت الكوردية لغةً رسميةً لحكومته وكان موظفوها من الكورد لا غير)). لم ترق للشيخ محمود سياسة الانكليز المزدوجة ، حيث كانوا يظهرون انفسهم كل حينٍ بشكلٍ ، ففي الوقت الذي كانوا يوعدون الكورد بتحقيق مطالبهم القومية ، فأنّهم كانوا يتنكرون لوعودهم ومواثيقهم بعد حين . لذا اعلن الشيخ محمود في 21-5-1919 استقلال حكومته الكوردية وطرد القوات البريطانية من منطقة نفوذه والقى القبض على موظفيهم ولكن في نهاية الامر أُسر الشيخ الحفيد جريحاً في معركة دربند بازيان يوم 19-5-1919 بعد مقاومة شديدة عند صخرة سميت فيما بعد باسمه بـ (صخرة البطل). أُرسل الشيخ الاسير الى بغداد ليحاكم امام المحكمة العرفية العسكرية فحكم عليه بالاعدام شنقاً الا ان حكمه الجائر هذا قد خفف لأسباب سياسية الى سجن مؤبد ونفيه الى الهند . لكن الاوضاع في كوردستان لم تستقر بعد ابعاد قائد الحركة الكوردية لذا فكّر الانكليز في اعادة الشيخ الحفيد الى السليمانية ، فعاد الى السليمانية في خريف 1922 وشكل حكومته الثانية في تشرين الثاني من تلك السنة واعلن نفسه ملكاً على كوردستان واعترف الانكليز وحكومة الملك فيصل الاول ملك العراق بحق الكورد في تكوين كيانه السياسي وفق معاهدة سيفر التي كانت حينذاك سارية المفعول. الا ان الانكليز نقضوا وعودهم التي قطعوها لملك كوردستان واخذوا يعرقلون أُمور حكومته ولا سيما بعد زوال الخطر التركي على ولاية الموصل ودحر حركة (اوزدمير) التي كانت تطالب باعادة تلك الولاية الى تركيا. ففكّر الشيخ الحفيد حينئذٍ باجراء اتصالات مع الحكومة الروسية الاشتراكية السوفيتية ووجه رسالة تأريخية في 20-1-1923 بتوقيع ملك كوردستان الى قنصل روسيا السوفيتية في تبريز بايران طالباً العون العسكري والاعتراف بالحقوق القومية للكورد وتزويدهم بالسلاح والعتاد واقامة العلاقات الدبلوماسية معها . وعندما علمت بريطانيا بموضوع تلك الرسالة الموجهة الى روسيا اسرعت في القضاء على حكومة الشيخ محمود وقامت بقصف مدينة السليمانية في ربيع تلك السنة عدة مرات لأخراج قواته من المدينة ، فاضطر الشيخ الثائر حينئذٍ الى مغادرتها واللجوء الى كهف (جاسنة) بجبل سورداش ليعتصم به من شر قصف القوات البريطانية والاستمرار في النضال المسلح ضد المحتلين . وعندما انسحبت القوات البريطانية من السليمانية عاد الشيخ الجليل اليها لكنه اخلى المدينة نهائياً بعد قصفها سنة 1924.واجه الشيخ محمود القوات البريطانية والعراقية سنة 1926 مرةً اخرى ولكنه في هذه المرة ايضاَ اضطر الى الانسحاب بسبب عدم التكافؤ في القوى المحاربة ونوعية السلاح الى كوردستان ايران ولم يتخل عن القضية الكوردية بل جمع قواته مرة اخرى ليصطدم بالقوات العراقية المدعومة من بريطانياً في معركة (آوباريك) سنة 1931 لكن بسبب قلة افراد قواته المقاتلة ونقص في السلاح والعتاد لم ينجح في محاولته الاخيرة ايضاً في سبيل اقامة كيان سياسي للكورد فتم اسره وابعاده الى جنوب العراق ثمَّ جيء به الى بغداد ليقيم فيها تحت الاقامة الجبرية . الاّ انه استغل قيام حركة رشيد عالي الكيلاني ضد الانكليز في 2 مايس 1941 ، فعاد الى منطقة السليمانية ليستقر في قريته الخاصّه (داري كه لي) ولم يعدْ الى بغداد مرةً اخرى الى ان وافاه الأجل المحتوم في احد مستشفيات بغداد في 9-10-1956 ونقل جثمانه الطاهر الى مدينة السليمانية ليدفن في الجامع الكبير بجوار قبر جد والده كاك احمد الشيخ ، فألف تحيةً الى روحه الطاهرة في جنة الخلد .
المصادر:
– 1مير بصري – اعلام الكورد – ط (1) لندن 1991 .
-2السيد عبد الرزاق الحسني – تأريخ العراق السياسي الحديث – ج (3) بغداد 1985 .
التآخي