بعد اتفاقية سايكس بيكو السرية التي شاركت فيها كل من فرنسا و بريطانيا و روسيا القيصرية، وذلك من أجل اقتسام ممتلكات الإمبراطورية العثمانية فيما بينها, وقسمت كردستان إلى خمسة أجزاء، وتم إلحاق كل جزء بدولة مجاورة (سورية, العراق, تركيا،إيران،أرمينيا)، علماً بأن القسم الشرقي من كردستان كان تحت سيطرة إيران منذ عام 1514م. و في عام 1917 قامت الثورة البلشفية بقيادة لينين، الذي كشف سر اتفاقية سايكس ـ بيكو، و بذالك خسرت روسيا معظم حصتها من شمال كردستان، التي ألحقت بالدولة التركية, و بقي جزء صغير تابعاً للاتحاد السوفيتي. و ردّاً على اتفاقية لوزان أعطت حكما ذاتياً لذلك الجزء الصغير في الاتحاد السوفيتي، و سمّي بكردستان الحمراء، وانتخب رئيساً لها السيد غوسين غاجييف” أي حسين حاجيف ” و عاصمتها لاجين, ومدن أخرى لها مثل كيلباجان, كوباتلي, زانغيلان, جليلابسكي. بدأت فرحة الكرد تقرع على طبول الرقص الكردي، مهللين بكردستان الحمراء. ولكن بعد وفاة لينين واستلام ستالين عرش الشيوعية بدأ الحكام الأتراك يشممون رائحة النفط إلى أنف ستالين، و بدأ ستالين يتنازل لهم رويداً رويداً حتى اندلاع ثورة الشيخ سعيد بيران، فهرب أتاتورك إلى أحضان ستالين، و طلب منه أن يقضي على كردستان الحمراء، لأن الكرد في الشمال ينظرون إلى كردستان الحمراء ويحاربون الأتراك دون هوادة لاستقلال كردستان, فلبّى طلبهم. خلال فترة الحرب العالمية الثانية، وتحديداً في عام 1944 بدأ الاتحاد السوفيتي مرة أخرى بالتهجير القسري للكرد من جورجيا وأرمينيا إلى صحراء كازاخستان وأوزبكستان وقرغيزستان و تركمانستان. و هذه المرة كان التهجير بحجة أن الأكراد من العرق الآري، وهم نفس العرق الألماني، علماً أنه كان هناك الكثير من الشبان الكرد في الجبهة ضد النازيين، بينما كانت تركيا حليفة للنازيين، ولكن لم يتّضح إلى الآن لماذا غضب ستالين على الكرد، فهجّرهم قسراً بعربات القطار، وساق بهم إلى الصحراء في الشتاء القارس. ولا يزال الكرد يتذكرون بكل مرارة تلك الهجرة التي دفنوا خلالها خير أولادهم في محطات القطار، ولا يذكرون أين قبورهم حتى يضعوا باقة من الورود عليها ?!.. يقول أكادميك نادير كريموفيج ناديروف: أول هجرة بدأت في عام1937و”شحنونا” في عربات القطار مع الحيوانات، و كان الجو قارساً جداً، و الجوع يأكل بطون الصغار، ولم نجد من يمدّ لنا يد العون, سار بنا القطار أكثر من عشرين يوماً، ومات الكثير من الأطفال والشيوخ بيننا، و كنا ندفنهم في محطات القطار، والله كنا نضعهم تحت الثلج، لافتقارنا إلى ما نحفر به الأرض. و بعد وصولنا إلى جنوب كازاخستان أعطونا الخيم، و في الربيع بدأنا نبني بيوتاً من الطين ونسكن فيها. و جاءت في الليل إلينا سيارة عسكرية، و خرج من السيارة اثنان من KGB (هذا اسم جهاز مخابرات السوفيت) و طلبا منا كل مَن عمره فوق عشرين سنة أن يذهب معهما حتى يعمل في الدوائر الحكومية، فصرخا ببعضهم: كل من كان عمره عشرين، و كان بينهم من عمره أقل من عشرين عاماً، قال لهما: إن عمره عشرين عاما، لكي يذهب إلى العمل، فذهبا بهم و لم يعودوا حتى يومنا هذا!! و من ضمنهم كان أخي و عمي و كثير من أقربائي. وبعد انهيار السوفييت فتشنا في الأرشيف، فقيل لنا:إنهم مدفونون في جنوب كازاخستان بمدينة شمكينت. والآن عملوا هناك متحفاً، و الله لا فرق بين ستالين و صدام، الاثنان وضعوا الكرد في المقابر الجماعية، هكذا كانت تعاملنا الشيوعية!!. وكتب محمد سلو بابايف بأن السيد كنياز بدربيك تخرج في كلية لينينغراد، و كتب عدة رسائل إلى القيادة الشيوعية، و طلب إرجاع كردستان الحمراء، والقيادة الشيوعية كانت تهمّش هذه الرسائل، فرحل السيد كنياز بدر بيك مع 150 من أفراد عائلته إلى تركيا. و يقول محمد سلو بابايف: كنت مدير أحد المراكز الزراعية في منطقة ماسيس التابعة لأرمينيا, وفي عام 1969 رشحوني لمنصب رفيع، وخصوصاً كنت أجيد عدة لغات:الروسية و الأرمينية, والأذربيجانية والكردية , و كل سكان المنطقة رشحوني, و قال لي المسؤول الحزبي للمنطقة: أنت تستحق هذا المنصب، ولكنك لست أذربيجانياً، ولا أرمنياً أنما أنت كردي ولا يسمح للكردي بأن يكون في هذا المنصب الرفيع!! يقول اتجهت إلى الجبل وصرخت باكياً عدة ساعات، هكذا كانت تعاملنا السلطة الشيوعية. الكردي يولد متهما لأنه كردي:
فيقول : أنا تجمّدت في مكاني، قارنونا بالقرباط و أنا نائب المدير العام. و يقول: المدير أشار بأصبعه إليّ فقال هذا أمر من موسكو …..ويضيف: أنا اتجهت إلى مكتبي وبكيت لساعات, لكن ما العمل؟ هكذا قدرنا و كأن على جبيننا مكتوب لنا أن نظلم أينما كنا…!!! يقول الاقتصادي عزيز زيا بدرخان عالييف في عام 1944: كان والدي في الجبهة يحارب النازيين الألمان والحكومة الشيوعية الستالينية هجرت عائلتنا قسراً إلى آسيا الوسطى، هكذا كان يحاربنا ستالين, تصوّروا الأب في الحرب يدافع عن حكومة ستالين، و ستالين بدأ بتهجير الكرد من ديارهم و ديار أجدادهم!! إن أغلب الأكراد في كازاخستان و قرغيزيا انحدروا من جبال القفقاس وأرمينيا وكردستان الحمراء بعد التهجير القسري لهم من قبل السلطة الشيوعية الستالينية, وتركزوا في المناطق التالية في كازاخستان : تراز و ريفها- شمكينت و ريفها- المأتأ – و ريف ألماتا, كسكيلين , إيسك, زريا فاستوكة, جانا ترمز, كمسمولسكايا, عشقي بولاك, تولكي كورغان, و غيرها . تحول الاتحاد السوفيتي بعد انهياره إلى دول مستقلة؛ وأصبحت لكل دولة سياستها الخاصة. كازاخستان من حيث المساحة هي سابع دولة في العالم، ويعيش في كازاخستان أكثر من 16 مليون نسمة و120 قومية، فتشكل في عام 1992 اتحاد الجمعيات في كازاخستان، وتأسست الجمعية الكردية في عام 1993 باسم( يه ك بون)، واختير السيد عزيز زيا بدرخان عالييف أول رئيس للجمعية الكردية في عام 1993 حتى عام 1995م، و هو مؤسس الجمعية … و من ثم السيد بدر الموسى 1997- 1995،ثم بروفيسر كنياز إبراهيم ميرزايف 1997 ،ثم أكادميك نادير كريموفيج ناديروف 2003 – 1997، ثم السيد كنياز إبراهيم ميرزايف مرة أخرى. نشاطات الجمعية: لدى اتحاد الجمعيات الكردية عدة فروع؛ فرع في شمكينت, فرع في تاكي كورغان, فرع في كركندي, وفي ألمآتا. لدى الجمعية فرق الموسيقية عدة؛ فرقة كردستان الموسيقية ومقرها في كسكيلين, فرقة ميديا الموسيقية ومقرها في جانا ترمز, فرقة ميديا الموسيقية ومقرها في شمكينت, وفرقة الدبكات الكردية, وفرقة الفلكلور الكردي للأطفال.
* شاركت في الأندية الرياضية في اتحاد الجمعيات في كازاخستان، و حصل فريق كردستان على المركز الثالث
* فتح قسم دراسات اللغة الكردية في مدرسة الأحد، و حصل مدرسو اللغة الكردية على الجوائز الفخرية. *طبعت كتب باللغة الكردية بالأحرف اللاتينية من أجل التدريس في المدارس . * تحتفل بالأعياد القومية، وعيد المرأة و عيد نوروز . *تشارك في الأعياد الوطنية و القومية الكازاخية. اتحاد الجمعيات الكردية في كازاخستان يصدر جريدة فصلية بعنوان ” جينا كرد” ويصدر مجلة” نوبار “ لا يملك حتى الآن موقعاً على شبكة الانترنيت…. و لا يملك صحفيين خاصين بجريدتهم. العشائر الكردية الموجودة في كازاخستان: توجد عدة عشائر كردية,منها: عشيرة بروكه، وهي تنقسم إلى قسمين: الأول بشكه، وأغلب أبناء هذه العشيرة متعلمون ويحملون الشهادات العليا مثل، أكادميك نادير كريموفيج ناديروف وهو عالم نفطي، و له العديد من الجوائز العالمية، مثل جائزة نابليون, وحرمت وغيره . والقسم الثاني من عشيرة بروكه هو قركه، وأبناء هذه العشيرة يختلفون عن بشكه، ونسبة التعليم بينهم قليلة، ولا يوجد بينهم لامعون . يسمونهم أكراد قفقاس . وهناك عشيرة جلاليه , مرتفه , ميليه , و اليزيديون. العلاقات الاجتماعية: أينما كنا لم ننس عاداتنا و تقاليدنا. هكذا نسمع من كل الأمهات الكرديات, النساء الكرديات أغلبهن أميات, وتوجد نسبة محددة أكملن دراستهن, تتزوج الكرديات وهن في ريعان الصبا. ولذلك لم يستطعن إكمال الدراسة. لباس النساء الكرديات في كازاخستان ينقسم إلى قسمين، الجيل الشاب يلبس الشكل الحضري، أما المسنّات فيلبسن الكوفي، و يزينّها بالفضة والخفتان الكردي، وهذا اللباس يذكرنا بأكراد سورية، و لا سيّما منطقة كوباني، إذ إن النساء هناك يلبسن اللباس نفسه، إنني لم أر” كوفي ” في كردستان العراق و لا إيران و لا تركيا, لكنه موجود في سورية. الزواج عند أكراد كازاخستان يكون في سن مبكرة: يتزوجون في سن الثامنة عشرة أوالعشرين, أغلب الزواج يكون متفقاً عليها مسبقاً من قبل الأب والأم، فيخطِبون والأولاد يوافقون، ولا يجوز أن يرفض طلب الأهل. والعروسة تكون مخطوبة في سنة مبكرة، ويتزوجن من الأقرباء، علماً أن زواج الأقرباء كان ممنوعاً في زمن الشيوعية. الأكراد في كازاخستان يحبون الأولاد أكثر من البنات. يعمل الأكراد في التجارة و المقاولات و غيرها و في التدريس والرعي . تعداد الأكراد في كازاخستان أكثر من 100 ألف نسمة. الأدباء والشعراء الكرد في كازاخستان : * حسن حجي سليمان شاعر وكاتب ورئيس تحرير جريدة ” جينا كرد“ *مجيد سليمان شاعر وصاحب قصيدة: ” ولاتي مه كردستانه جيي مه سكه ني مه كردانه ولات كانيا زيرانه كرد هه مو برانه” وتغني هذه القصيدة السيدة كلستان برور . *كنياز إبراهيم كاتب . * نادير كريموفيج ناديروف مؤلف كتاب نحن كرد كازاخستان. * علي عبد الرحمن كاتب و ناقد و شاعر” متوفى ” له عديد من المؤلفات.
ولمزيد من المعلومات عن الكرد في كازاخستان نقرأ المقابلة التي أجراها محمد أحمد برازي مع الأكاديمي الكرديالبرفسور نادر كريموفيج نادروف
* في نهاية لقائنا: كيف حافظتم على اللغة و العادات و التقاليد الكردية،بالرغم من كل هذه السنين مع بقية القوميات؟ – بصراحة نحن الكرد أينما كنا لم ننس عاداتنا و تقاليدنا مهما ابتعدنا من الوطن و الأقرباء , نحن كنا مع نظام الشيوعية، و لكن كنا نمارس التقا ليد الكردية . نتزوج من أبناء الأعمام و …… و هذا كان ممنوعاً في زمن الشيوعية , هكذا كنا نعيش .
——————— |