في صباح يوم الأحد المصادف 16/7/2007 وإثر التفجير الإرهابي الدموي في مدينة كركوك سقط عدد كبير من المواطنين الآمنين شهداءً وجرحى وكان من بينهم الكاتب والصحفي مصطفى كه رمياني أمام مقر عمله في جريدة كركوك ئه مرو لسان حال جمعية كركوك الثقافية والإجتماعية.
انّ هذا التفجير الإجرامي ليس الأول، ولا يكون خاتمة للتفجيرات التي يقوم بها الإرهابيون القتلة من الزمر التكفيرية والوهابية الظلامية والصدامية الضالة، والذين يواصلون عملهم الدنيء والمقزز في إرتكاب الجرائم الوحشية البشعة بحق العراقيين والكوردستانيين من العرب والكورد والتركمان والكلدوالآشوريين السريان والأرمن، ومن المسلمين والمسيحيين والإيزديين والصابئة المندائيين على حد سواء.
تأتي سلسلة هذه التفجيرات في خضم أوضاع عصيبة للحكومة المركزية في بغداد، والتي تعيش ضمن صراعات وعقبات وحالة الفلتان الأمني التي أثّرت على مزاج الجماهير وعدم تبّني مطاليبها العريضة في إيجاد العمل والعيش بسلام وطمأنينة، والعمل على حل معضلاتها اليومية كأزمة الكهرباء والماء.
تأتي هذه التفجيرات الدموية والعملية السياسية في العراق يشهد تطورات خطيرة من مضاربات القوى الرجعية وبقايا البعث لتعطيل عمل البرلمان، وتدخلات دول الجوارالرجعية والدكتتورية في الشأن الداخلي، ومدفعية الدولة الطورانية في تركيا الكمالية تقصف وبإستمرار المناطق الآمنة في كوردستان.
لقد كثرت الأحاديث في الأونة الأخيرة عن قيام أياد علاوي وبمساعدة أمريكية السيطرة على زمام الحكم في العراق والعودة بهذا البلد إلى أحضان البعث المقبور بطريقة حضارية!!، وأياد علاوي غني عن التعريف، فهو البعثي الذي خدم في جهاز حنين القمعي وبعد سقوط النظام الدكتاتوري في العراق أصبح رئيساً للوزراء، وأثناء فترة حكمه قلّدّ سيده المقبور صدام حسين وظهر في فلم كالأيام الطويلة لكي يثبت للعراقيين بأنه نسخة طبق الأصل للدكتاتور الأرعن.
انّ الرجعية العربية ودول الجوار ذات الأنظمة الشمولية كالسعودية ومصر وسوريا والأردن والإمارات تساند أياد علاوي، وهذه الدول فتحت أبوابها له، كما إستقبلته وأحتضنته، لأنّه خادم ذليل لتحقيق أهدافهم وغاياتهم القذرة في العراق.
انّ القوى الرجعية والشوفينية تعمل على إثارة المشاكل وخلق بلبلة في العراق، وهاهو الدكتور طارق الهاشمي (الإسلامي) نائب رئيس الجمهورية يرفض التوقيع على قرار أصدره مجلس النواب العراقي يوم 7/5/2007 والقاضي بإلغاء قرار ذي الرقم (199) الصادر من قبل السلطات البعثية البائدة عام 2001 والمتعلق بعمليات التعريب في كوردستان العراق.
ان موقف (الإسلامي) طارق الهاشمي ينبع من أعماقه العفنة ومن أفكاره الحاقدة ومساعيه الخبيثة التي تهدف إلى عرقلة تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي.
ان التكالب الرجعي من قبل الجماعات والأبواق البعثية داخل البرلمان بالتمازج مع مواقف طارق الهاشمي وتدخلات دول الجوار المحيطة بالعراق وتحركات أيتام أتاتورك محاولة لتعطيل تنفيذ المادة 140 والإلتفاف ضد تطلعات شعبنا الكوردي.
ان هؤلاء الرجعيين الشوفينيين يتشوّقون إلى أيام الدكتاتورية المجرمة لنظام صدام حسين الذي إتبع سياسة تعريب أجزاء واسعة من أرض كوردستان من مندلي وخانقين مروراً بكركوك إلى مخمور وعقرة والشيخان، وإتباع أسلوب الإعتقالات الكيفية وسياسة الإخفاء القسري للبشر، والقيام بالقتل المتعمد للجماعات القومية والإثنية من خلال عمليات الأنفال السيئة الصيت.
ان الإرهابيين الذين يعملون تحت غطاء مزّيف باسم “”المقاومة”” يستمدون قوتهم من بقايا الصدامية والتكفيريين والقوى الإرهابية وبمساعدة دائمة من الدول الرجعية والشوفينية في المنطقة، ويقومون بخطف وقتل المواطنين الأبرياء بالجملة، ولا فرق بين مسلم ومسيحي، وبين إيزدي ومندائي، وقد تعلموا من سيدهم المقبور صدام حسين الذي تفنن ووزع ظلمه وقسوته على الجميع بالتساوي. فهم يقتلون الإيزدي في الموصل، والمندائي في بغداد، ويهجمون على كنيستي السريان الأرثودكس ومريم العذراء في كركوك، ويقتلون التركمان في آمرلي، كما يقتلون الجميع مع الكورد في كل مكان، ان التدخلات الأقليمية تؤّثر على تعميق الخلافات وتردي الأوضاع، اضافةً الى نشاط الارهابيين والتكفيريين الذين لا يميزون بين أحد من العراقيين في توجيه نشاطهم التخريبي.
يمكن القول بأنّ العراق أمام فترة حبلى بالمفاجئات.
وفي الوقت الذي تؤيد الأحزاب التركمانية الطورانية وترّحب بالتدخل التركي إلى أرض كوردستان، تتدخل القوى التي تدعي القومية العربية وتطرح آراء متناقضة وأفكارمختلفة، فرئيس الحزب الجمهوري العراقي أحمد العبيدي مثلاً صرّح أخيراً بإن «الأحزاب العربية ترفض التدخلات الاقليمية في الشأن الداخلي للعراق، ولكنّه يؤكد بأنّ تصريحات الحكومة التركية بدخول أراضي كوردستان لا تمثل خرقاً أو تدخلاً في الشأن العراقي الخاص، بل هي وجهات نظر اقليمية وعلى الحكومة العراقية احترامها».
في حين اعتبر بيان رئاسة ديوان حكومة اقليم كردستان السبت تصريحات رئيس الوزراء التركي رجب أردوغان «تدخلاً في الشأن العراقي الداخلي ولا يخدم مساعي الحكومتين العراقية واقليم كردستان إلى تطوير علاقاتهما»، وشدد البيان على ان «الأكراد يسعون الى تطوير العلاقات مع تركيا على أساس احترام متبادل لسيادة الدولتين»، مشدداً على أن «قضية كركوك ستتم معالجتها وفق المادة 140 من الدستور العراقي الدائم، ونحن كأكراد ملتزمون تطبيق مواد الدستور وبنوده».
ويحاول البعض إشراك جامعة عمرو موسى “” الجامعة العربية “” في إيجاد حلول للأوضاع السياسية في العراق، لان العراق عضو مؤسس وفعال بالجامعة مثلما يدعون.
أن رحيل المترجم والكاتب والصحفي والباحث مصطفى كه رمياني الذي ترك ملذات وترف الحياة الأوربية وعاد إلى مدينته الحبيبة كركوك ليعمل جنباً إلى جنب مع أبناء مدينته وشعبه، ويعمل في صحيفة كركوك ئه مرو (كركوك اليوم) خسارة كبيرة للثقافة والصحافة الكوردية، وهو بحق شهيد القلم والصحافة، وبهذه المناسبة الأليمة لا يمكن للمرء إلا تقديم التعازي إلى رفيقة دربه الشاعرة والكاتبة الكوردية المناضلة مهاباد قره داغي، وإلى الأعزة الأخوة الأفاضل عبدالله قره داغي وقيس قره داغي، وإلى كل محبي ومناصري الثقافة الكوردية.
العار للفلول الإرهابية والزمر التكفيرية والوهابية والبقايا الصدامية وأنصارهم من القتلة والمجرمين.
19/7/2007