الرئيسية » مقالات » وقائع أغرب من الخيال!!

وقائع أغرب من الخيال!!

إن ما يحدث في العراق من قتل على المذهب والطائفة والقومية والدين والعرق لم يحدث في أنحاء المعمورة، وإن حدث ذلك فإنه نادر ما وصل إلى ما وصل إليه ما يحدث الآن في العراق، وخاصة في الوسط والغرب، حيث شرعة الغاب منتشرة في كل مكان والقتل لمجرد القتل والإنتقام المذهبي والطائفي والديني والقومي وحتى بين الأخوة والأعمام يفوق الخيال ، منذ إرتكاب الجريمة الأولى في حياة البشرية وحتى الآن لم نسمع ما يحدث في العراق، ولن يتصور أي إنسان أن تصل الأمور إلى ما آلت إليه في العراق من جرائم يومية ترتكب بحق الأبرياء أي كان إنتماؤهم وقومياتهم وهوياتهم وأسماؤهم، ولا يتصور أي إنسان أن تصل الأمور في أن يقتل إنسان بسبب مجرد أن إسمه علي أو عمر أو حسين أو عثمان، وأنه يصلي في الجامع أو في الحسينية أو يعرج على كنيسة، أو يحضر مراسيم دينية أو مذهبية معينة، غير أنه يفقد حياته لمجرد الإشارة إليه أنه من المذهب أو الطائفة أو الدين الفلاني، ولا تجده إلا جثة مجهولة الهوية في اليوم التالي في أحد الأحياء مرمياً على قارعة الطريق لذنب وحيد أنه عراقي أراد أن يعيش حياة الحرية بعد زوال الظلم والدكتاتورية، غير أن الأيدي الخبيثة والحقد الدفين الممتد من خارج كافة حدود البلاد لا يريد لهذا العراقي أن ينعم بالراحة والهناء والسعادة وينهل من خيرات هذا البلد التي تسرق في وضح النهار كما كان النظام البائد يسرقها كي يوزعها على أزلامه وعملائه الدوليين في الخارج والشعب العراقي كان محروماً منها يعيش عيشة كفاف!!!
لم تكن بغداد كما الآن حيث لا تأتمن على حياتك، فالمرء عندما يخرج من منزله يقبل أطفاله وزوجته وأخوته أو والدته خوفاً ألاّ يعود ظهراً أو في المساء لأن القتل له بالمرصاد في كل زاوية ومكان، من مفخخات وعبوات ناسفة وهجمات إرهابية إنتحارية وقتل على الهوية والإسم والمذهب والقومية والعرق وحتى على اللون والمظهر والزي !!! كما أن الإنسان لا يعرف متى يختطف ومتى تأتيه رصاصة طائشة والسبب هو أن هناك أيادي خفية حاقدة على هذا البلد الذي قهر الظالمين والأعداء من الطامعين وتاريخه موغل في القدم وإنجازاته الإنسانية لا تعد ولا تحصى، لذا فقد جاء الوقت والفرصة المواتية لأعدائه للإنتقام منه ومن شعبه وإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء والقضاء على كل التقدم والتطور الذي شهده البلاد منذ فجر التاريخ، وكل ما يحدث في العراق من أحداث يومية غريبة وعجيبة لم تشهد المسيرة البشرية نموذجاً لها، هو من هذا الباب وهو للقضاء على المثل والقيم العليا في هذا البلد وإعادة الإنسان العراقي إلى زمن الغاب حيث لا يحكم شيء سوى القتل والقوة كي يينشغل الجميع بتلك الأمور الجانبية، ويمرر الأعداء مؤامراتهم ونهبهم لثروات البلاد.
كنا في بغداد نتجول في كافة أحياء المدينة وأماكنها العامة وفنادقها وجامعاتها ومعاهدها وأسواقها وشوارعها، ولم نكن نفرق بين هذا وذاك، أهو عربي أو كوردي أو تركماني أو آشوري أو كلداني، سني أو شيعي أو مسيحي او صابئي أو كاكائي أو يزيدي، بل كنا جميعاً مواطنين في هذا البلد نشارك في السراء والضراء، عدا كون النظام كان يمارس العنف والظلم ضد الجميع ويزج بالجميع وقوداً لمغامراته وحروبه الخاسرة ويكبتهم في حريتهم وينغص عليهم حياتهم، لكن الآن وبعد أن زال الغم والهم عن صدور العراقيين وزالت الدكتاتورية والحكم العنصري ولاحت بوادر الديمقراطية، هل أن ما يحدث هو لإعادة عجلة التقدم والتغيير إلى الوراء والعودة بالنظام البعثي الدكتاتوري ليحكم العراق من جديد بالحديد والنار ويذيب الإنسان العراقي في أحواض السيانيد وينهب ثروات البلاد ويهضم حقوق الجميع ليوزعها على عملائه وأزلامه؟؟؟ من غير الممكن أن يكون ذلك هو السبب، بل السبب في نظري هو أن هناك أيادي خفية لا تريد الإستقرار والتقدم لهذا البلد ولا الهناء والسكينة لأهل العراق ليبث سمومه ويحث فاقدي البصر والبصيرة إلى قتل الأبرياء وتعميم الفوضى في البلاد ليسودوا هم ويمرروا مخططاتهم ومؤامراتهم، وإلاّ فإن ما يحدث في العراق ليس من شيمة العراقيين ويندى له جبين الإنسانية !.
لم يحدث في تاريخ العراق أن يقتل طفل كونه من هذه أو تلك الطائفة أو القومية أو الدين أو العرق، غير أن ما حدث لم يكن ليفكر فيه سوى وحوش الغاب، وليس الإنسان، فقد عمد الإرهابيون في احد احياء بغداد إلى إختطاف طفل صغير من أطفال تلك الأسرة وقتلوه ببشاعة ، ولم يكن امام عائلته سوى الهرب والنجاة بجلدهم من الجحيم وعدم نسيان مصيبتهم الكبرى، واللعنة على اليوم الذي اوصل الحاقدون والأعداء فيه الإنسان في العراق إلى هذا المنزلق الخطير وفعل ما لا يفعله سوى الوحوش والعودة بالجهلة إلى زمن الغاب وشرعة الغاب حيث لا منطق سوى للقوة والغدر والبقاء للأقوى !!! فالظلم لن يدوم وعلى العقل أن ينتصر على الجهل وسيسود السلام مهما طال الظلم والظلام !!!

التآخي