يشهد مجتمعنا العراقي بعض الممارسات التي لم يألفها على مدى تاريخه العريق الذي يمتد لاكثر من ستة الاف عام حتى ابان تعرضه للغزوات المغولية البربرية ولسلسة من الاحتلال لعل اشرسها كان على يد هولاكو الذي احتل بغداد عام 1258 ودمرها وقتل علماءها وفتك برجالها وشبابها وقضى على كنوزها الثرة من العلوم المعرفية فاحرق انفس كتبها ومخطوطاتها واغرق القسم الاكبر في نهر دجلة الى درجة تلونت باللون الازرق لشدة كتاباتها بالاحبار الزرق وقد استمر الاحتلال على ماينيف عن تسعين عاما ولكن الغريب في هذا الاحتلال ان اولاد هولاكو ايا فاخان واوزون خان وغيرهم اعلنوا اسلامهم وهداهم الله الى طريق النور والهداية وباسلامهم اسلم جميع من في مدن واقاليم الامبراطورية الاليخانية وظهر منهم علماء بارزين كالامام البخاري والامام الترمذي وغيرهم ولكن التاريخ لم يذكر في تلك الفترة ان قام هؤلاء بتعليم مؤيديهم بتهجير مناوئيهم كالذي نشاهده في ايامنا هذه بعد سقوط النظام البائد عام 2003 والتي شهدت الكثير من الفوضى والنهب والسلب وقتل الناس على مختلف طوائفهم واعرافهم دون تفرقة او تمييز بين عالم وجاهل.. عامل وعاطل.. نساء ورجال..
شيوخ واطفال وتهديم دور العبادة للمسلمين والمسيحيين وغيرهم مما ادى الحال لهجرة غالبية اهاليها الى البلدان المجاورة بحثا عن الملاذ الامن او خشية قتلهم عمدا بسبب العبوات الناسفة والعربات المفخخة والعصابات الاجرامية وقد ازداد الامر تعقيدا بسبب الصراع الفكري والسياسي الذي يهدف تهميش الاخرين فاخذ بعضهم يهجر جاره وصديقه الذي تعايش معه على مدى جيله واجيال ابائه واجداده فبعد ان كان لايفارقه ويندم على سفره ولايطيق فراقه اودت به نيران الفتنة ان يهجر جاره غصبا ويستولى على داره مما شجعت هذه الحالة الكراهية والبغض والحقد بين اطياف الشعب الواحد فبدلا من ان ترأب الصدع ساهمت في انهيار اركان صرح المجتمع المرصوص فاين هؤلاء من حديث النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم ) بقوله ((لايزال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت انه سيورثه)) ورعاية حقوق الجيرة من باب الايمان الذي اكد عليه الديانة الاسلامية في اكثر من موضع وقد قال خاتم الانبياء رسولنا الكريم (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) ((والله لايؤمن، والله لايؤمن والله لايؤمن. من لايأمن جاره بوائقه)) وفي حديث اخر يقول ((من بات شبعان وجاره جائع فليتبوأ مقعده في النار)).
فعلى المسلم ان يتحرى جاره ويحسن معاملته ويهديه من الذ واشهى طعامه ولباسه ويكرمه احسن تكريم مهما كان ديانة ومذهب جاره اقتداء بالسنة النبوية الطاهرة التي سار عليها اجدادنا واباؤنا ويذكر التاريخ بان نبينا الكريم عند قدومه الى المدينة عقب الهجرة اجتمع بالمهاجرين والانصار في دار انس ابن مالك وكانوا تسعين رجلا نصفهم من المهاجرين ونصفهم من الانصار فاخى بينهم على المساواة ويتوارثونه بعد الموت دون ذوي الارحام الى حين غزوة بدر فلما انزل الله تعالى الاية الكريمة ” واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله” رد التوارث الى الرحم.
والاحاديث كثيرة في هذا المجال. وان الرسول ضرب اروع الامثلة في تفضيل المهاجرين اذ اثر اهل الصفة من فقراء المهاجرين على ابنته الحوراء الانسية “فاطمة الزهراء” البتول (عليها السلام) وعلى رسولنا المختار افضل الصلاة والتسليم فما احوجنا في ايامنا العصيبة هذه ان نرجع الى عهد الرسالة الاسلامية منذ بزوغ فجرها الصادق باشعاعاته النورانية التي بهرت العالم..
وما احوجنا ان نخرج من هذه الفتنة والمحنة صابرين صادقين لنشارك اخواننا وديارنا واموالنا كالذي فعله الانصار مع المهاجرين وابداء المساعدة لاهلنا واحبتنا وفتح ابوابنا لاستقبالهم ومساعدتهم ماديا ومعنويا وعدم ايصاد الابواب عن ايواء ابناء الوطن والعمل جهد الامكان لادخال السرور الى قلوبهم لحين زوال هذه المحنة وهو ابتلاء رباني لمدى صدق ايماننا يقدرها الله للمؤمنين ليكشف ما في صدورهم وليمحص مافي قلوبهم.
فهنيئا لمن خرج من المحنة صادقا وجعل لاخوانه نصيبا من كسبه.
وقد قام بعض المواطنين ببذل جهود حثيثة مضحين باموالهم وانفسهم وراحتهم من اجل اسعاد ومساعدة المهجرين كما ان رئيس اقليم كوردستان العراق السيد مسعود البارزاني ومن باب الشعور بالمسؤولية العالية وللحفاظ على اللحمة العراقية لاطياف الشعب العراقي بعربه وكورده وتركمانه وسائر اقلياته فتح ابواب مدن اقليم كوردستان للمهجرين الذين يلجأون اليها ومساعدتهم بتسهيل كل مستلزمات ايوائهم وهذا دليل على مدى حرصه على ابناء العراق والذي يحاول اعداء العراق تفكيك هيكله الرصين بشتى الذرائع الواهية للنيل من وحدة العراقيين المتينة
التأخي