في لحظة خاطفة كوميض برق وكانطلاقة رصاصة توقف قلبه الكبير في 1993/6/25م كف ولم يعد الخفقان ينبض في صدره بحب الناس قبل اربع عشرة سنة ..الذكريات تضج وتصطخب في رأسي ذكريات لاحد لها ولا حصر فأنا الذي رافقته لسنوات طوال في مسيرته الادبية حتى رحيله الى الرفيق الاعلى.
كل من عرفه تساءل: ما سر نشاطه الادبي؟ وما سر حيويته الدفاقة كشلال صاخب فأقول : ان يوسف الحيدري احب الحياة حي عاشق متيم والحب عطاء انه كان يعطي ولا يأخذ يعطي بلا حساب من راحته واعصابه وبشاشته رحمه الله ولا ينتظر جزاء ولا شكورا.
كان – رحمه الله- تربويا ناجحا وقاصا مبدعا عرفته الاوساط الثقافية من خلال قصصه التي كتبها فأوجد في فن القصة الشكل الابداعي الامثل والاقرب الى نفسه اذ نشر في الستينيات من القرن الماضي في الصحف الصادرة وقتذاك (الثورة العربية وصوت العرب والتقدم والبيان والمنار والنور) والف اربع مجاميع قصصية (حين يجف البحر ورجل تكرهه المدينة ولغو المزامير وشوارع الليل) وخلف بعد رحيله اربع عشرة مخطوطة في القصة والرواية والشعر والنقد لم تطبع حتى الآن.
وفي سنة 1954 م اسس مع مجموعة من الادباء (مجموعة كركوك) ضمت الشعراء (قحطان الهرمزي ، وسامي محمود، وانور الغساني، وفاضل العزاوي ويوسف سعيد) والقاصين (زهدي الداودي وجليل القيسي، ومؤيد الراوي وعبد الصمد خانقاه) اذ كانت الجلسات تنعقد في احدى دور الادباء من كل اسبوع يناقشون فيها بعض القضايا الادبية.
لقد كان القاص يوسف الحيدري مهتما بالادب العربي فضلا عن اهتمامه بالأدب الكوردي اذ كان معجبا بملحمة (مم وزين) للشاعر الكوردي الخالد احمد خاني والدراسات التحليلية عنها وقد اكد حقيقة مهمة وهي ان التراث الفكري الكوردي يحتوي على الروائع الشعرية الملحمية الكثيرة.
ومن الجدير بالذكر ان قصصه ترجمت الى لغات عالمية (الانكليزية والفرنسية والالمانية والرومانية والاسبانية واليوغسلافية والروسية) وكان يرى الترجمة وسيلة من وسائل التوصيل والتعريف بأداب الامم المختلفة وثقافاتها شرط ان يكون المترجم مبدعا عبر اتقانه للغة التي يترجمها. وبعد رحيله الفت ابنته ميديا الكتاب الموسوم بـ(يوسف الحيدري.. دراسة فنية في ادبه القصصي) وهو رسالة ماجستير حصلت عليها من كلية الاداب/ جامعة بغداد سنة 2000م.
يحتوي هذا الكتاب القيم على مقدمة وتمهيد عن (الحيدري – حياته وادبه) وفصلين (اتجاهات قصص يوسف الحيدري وسمات البناء القصصي لدى يوسف الحيدري) وخاتمة وملحق البحث.
تقول المؤلفة في نهاية الكتاب : (والدي ايها المبدع الصادق هل يكفي كل ما في الروح لان يعيد قهقهاتك، او احزانك او روحك التي ملأتها بالحب والمشاعر الصادقة والتواضع الجم والابداع الجميل اقول: لا يكفي كل شيء لان رجلا ترك المدينة ولم يقل وداعا بكته المدينة فلا تكفي كل الدموع تعزية وسلوى رحلت ولم تبق منك الا كلماتك التي تفيض حبا وابداعا عسى ان اكون قد وفقت في ايصالها الى كل قارئ واع، وناقد صادق.(
رحم الله القاص الكوردي يوسف الحيدري واسكنه فسيح جناته لأنه كان قاصا مبدعا اذ ازدانت المكتبات العراقية والعربية بمؤلفاته القيمة كما كان وطنيا مخلصا عرف بمواقفه المبدئية الصادقة.
التآخي
الرئيسية » شخصيات كوردية » بمناسبة الذكرى الرابعة عشرة لرحيله.. رسالة وفاء الى روح القاص الكوردي يوسف الحيدري