القرآن الكريم قدم نموذجاًَ نسائياً ايجابياً للحكم، امرأة حكمت بالعقل والمنطق وحسن التدبير وهي السيدة بلقيس ملكة سبأ، وهذا دليل قاطع لا يقبل الشك يدحض كل الأقاويل والآراء التي تدعو الى الذكورية في الحكم فقط، متناسين أن الحكم بالعدل وخدمة الرعية بما يرضي الله هو الأساس في الحكم بغض النظر عن جنس الحكم. وتبني العدل في العلاقة مع الرعية كونه أساس الحكم هو الغاية والوسيلة إذ بالعدل تأخذ الناس حقوقها وبالعدل يستطيعون أن يعيشوا باستقرار، يشبعوا حاجاتهم ويحققوا أمانيهم وأحلامهم. ومن هنا فان من يستطيع أن يحقق العدل وينشره بين الناس هو الأفضل من غيره ونعود ونقول بغض النظر عن الجنس.
فقد جاء في أعلام النساء لعمر رضا كحالة ان السلطان عمر بن صلاح الدين البنجال أحد حكام الهند في القرن الثامن الهجري. ثم توفي هذا السلطان وترك وراءه ولداً وبنتاً، الولد تسلم السلطة بعد أبيه مباشرة فأساء السيرة مع الشعب بعد أن وظف السلطة لأغراضه الخاصة فنـبذه الناس وخلعوه. ونادوا بأخـته خديجة سلطـانة على عرش أبيها وذلك عام 740 هـ فما الذي فعلته هذه المرأة، تقول المصادر أن السلطانة خديجة استفادت كثيراً من أخطاء سلفها وبما أنه أي سلفها خلعه الشعب لسوء أخلاقه وإدارته فإنها أخذت وبسرعة بالعمل وفق سياسة جديدة ميزت بها نفسها عنه فعملت مباشرة على الابقاء بالتزاماتها حيال الشعب فثبتت العدل بالتعامل مع الناس أساساً لسياستها فوظفت خيرات البلد لأهل البلد وكانت عادلة معهم دون تمييز فعمرت البلاد بزراعتها وصناعتها وبقية المرافق المهمة الأخرى التي تؤدي عملية الاهتمام بها الى نتائج ايجابية على مستوى العلاقة بين السلطان وشعبه، وبالنظر لكون زوجها فيه من الخصائص والسمات ما يمكن عدها عوامل مهمة بتوزيره، فاستوزرته ليكون أميناً على مصالح الناس، وبالفعل كان كذلك وكان ساعداً قوياً لها بتحقيق العدل واستتباب الأمن ومن أعمالها انها كانت شديدة مع الذين لا يحترمون القانون فكانت مراسيمها الملكية تكتب على سعف النخل بنصل حديدي وتنفذ باسمها إذ كانت تعتمد أجهزة تنفيذية متمكنة ومقتدرة، وهكذا شاع الأمن وتحقق الاستقرار وعاش الناس بهناء وسرور ونتيجة لذلك فقد كان رضاهم عنها واضحاً في سلوكهم وتصرفاتهم، فكانوا يدعون لها وبلسان واحد يقول (اللهم انصر سلطانتك التي اخترتها على العالمين وجعلتها رحمة لكافة المسلمين ألا وهي خديجة بنت السلطان جلال الدين ابن السلطان صلاح الدين).
وهكـذا عاشت خديجة محبـوبة بين شعبها مـدة ثلاثين عاماً وهي تقودهم بنكران ذات لا مثيـل له فعاشوا معها حياة هانئة هادئة خالية مما يمـكن عده منغـصاً ومؤلماً حتى توفيت عام 770هـ
التآخي