القاهرة..
توفيت يوم الاربعاء الماضي الشاعرة العراقية الرائدة نازك الملائكة بمستشفى السنابل فى منطقة سراى القبة وسط القاهرة-التي انتقلت اليها بعد 2003 – عن عمر يناهز 85 عاما إثر هبوط حاد فى الدورة الدموية وبعد أن عانت من أمراض الشيخوخة في أيامها الأخيرة. وابلغت الشاعرة العراقية ريم قيس كبه وهي من اسرة الملائكة ان نازك الملائكة عانت من أمراض الشيخوخة في الايام الاخيرة تدهورت صحتها فجأة ثم فارقت الحياة.
ولدت نازك صادق الملائكة في بغداد يوم 23 اب عام 1923 في أسرة تحتفي بالثقافة والشعر فكانت أمها تنشر الشعر في المجلات والصحف العراقية باسم أدبي هو “أم نزار الملائكة” أما أبوها صادق الملائكة فترك مؤلفات أهمها موسوعة “دائرة معارف الناس” في عشرين مجلدا.
ودرست الشاعرة الراحلة اللغة العربية فى دار المعلمين العالية وتخرجت فيها عام 1944 كما درست الموسيقى بمعهد الفنون الجميلة. ثم درست اللغات اللاتينية والانكليزية والفرنسية وأكملت دراستها فى الولايات المتحدة عام 1954 حيث حصلت بعد عامين على شهادة الماجستير في الادب المقارن من جامعة وسكنسن.
والملائكة لقب أطلقه على عائلة الشاعرة بعض الجيران بسبب ما كان يسود البيت من هدوء ثم انتشر اللقب وشاع وحملته الاجيال التالية.
وعملت الملائكة بالتدريس فى كلية التربية ببغداد ثم بجامعة البصرة ثم بجامعة الكويت وتعد من أبرز رواد الشعر العربي الحديث الذين تمردوا على الشعر العمودى التقليدي وجددوا في شكل القصيدة حين كتبوا شعر التفعيلة متخلين عن القافية لاول مرة في تاريخ الشعر العربي.
ونشرت الشاعرة قصيدتها الشهيرة “الكوليرا” عام 1947 فسجلت اسمها في مقدمة مجددي الشعر مع الشاعر العراقي الراحل بدر شاكر السياب “1926-1964” الذي نشر في العام نفسه قصيدته “هل كان حبا” واعتبر النقاد هاتين القصيدتين بداية ما عرف فيما بعد بالشعر الحر.
وسجلت نازك الملائكة في كتابها “قضايا الشعر الحديث” أن بداية حركة الشعر الحر كانت سنة 1947 في العراق. وكانت أول قصيدة حرة الوزن تنشر قصيدتي المعنونة “الكوليرا” وكنت قد نظمت تلك القصيدة 1947 أصور بها مشاعري نحو مصر الشقيقة خلال وباء الكوليرا الذي دهمها وقد حاولت فيها التعبير عن وقع أرجل الخيل التي تجر عربات الموتى من ضحايا الوباء في ريف مصر. وقد ساقتني ضرورة التعبير الى اكتشاف الشعر الحر.
وأصدرت الملائكة 7 دواوين شعرية و4 كتب هي، “عاشقة الليل “1947،”شظايا ورماد” 1949 “قرارة الموجة” 1957 ، “شجرة القمر” 1965، “مأساة الحياة” و”أغنية للإنسان” 1977، “للصلاة والثورة” 1978، “البحر يغير ألوانه” -أكثر من طبعة-. و سادت قصائد ديوانها الأول “عاشقة الليل” الذى صدر عام 1947 مسحة من الحزن العميق، فيما أثار ديوانها الثاني شظايا ورماد عام 1949 ضجة عارمة في قضايا الشعر المعاصر.
كما طبع لها الأعمال الكاملة بمجلدين -أكثر من طبعة-، أما دراساتها الادبية فهي “قضايا الشعر الحديث” عام 1962 و”سايكولوجية الشعر” عام 1992 ، فضلا عن دراسة في علم الاجتماع عنوانها “التجزيئية فى المجتمع العربي” عام 1974. كما أصدرت الملائكة مجموعة قصصية في القاهرة عام 1997 بعنوان “الشمس التي وراء القمة”. ورغم غياب نازك الملائكة عن المنتديات الثقافية فى السنوات الاخيرة فانها ظلت فى دائرة الضوء اذ حصلت على جائزة البابطين عام 1996 وجاء في قرار منحها الجائزة أنها شقت منذ الاربعينيات للشعر العربي مسارات جديدة مبتكرة وفتحت للاجيال من بعدها بابا واسعا للابداع دفع بأجيال الشعراء الى كتابة ديوان من الشعر جديد يضاف الى ديوان العرب… نازك استحقت الجائزة للريادة في الكتابة والتنظير والشجاعة في فتح مغاليق النص الشعري.
كما أقامت دار الاوبرا المصرية يوم 26 ايار 1999 احتفالا لتكريمها بمناسبة مرور نصف قرن على انطلاقة الشعر الحر في الوطن العربي” وشارك في الاحتفال الذي لم تشهده نازك الملائكة لمرضها شعراء ونقاد مصريون وعرب بارزون فضلا عن زوجها الدكتور عبد الهادي محبوبة الذي أنجبت منه ابنها الوحيد البراق.

