18/06/2007
أيتها البداية لآخرة أحزان همجية، عبرات حرة اجتمعت على مائدة حضور كلانا، آلاف المرات استهلكنا الوقت لنضيع في متاهات خجولة، حول الياسمين تدور ابتساماتنا لتصنع لنا ذاكرة صدئة، في زمن التخوين، والتكفير، والترهيب، صور عدة تآكلت وذرت رمادها بين العنفوان وحضورك المرعب، أيتها التي استيقظت أملاً لكل صباحاتي المهدورة، أبارك أوقاتي فيك كالسيل عندما يغزو الجحيم المتدلي من كلمات مجنونة، وأحرف طائشة وأنين لحظات مقعرة بآهات أنثى متيمة بعشق حبق حزين، أناشد وروداً كثيرة ملئت شكلها وجهك الكئيب، فأي قطار أنهكه أحاديث الانتصارات، لأستنجد بعربة مازالت تستقل مهزوماً مثلي، ليدفئه بأحلام تنتهي بالموت لحظة الوصول، فيعلن صفيرها بداية هزيمة يكاد يحضنني، ويرميني جثة في آخر الرواق.
لا أكتب خاطرة ولا أستشعر بقصيدة بل أسرد لحظات صباح حار كئيب كاسوداد أهلكته نجوم قرفت من وأد الأقمار في واد كان قول الحق فيه غيوماً للذنوب، لعل ساعة الليل تسكت قليلاً جراحات النهار، ولعل أنين الظلام يطفأ ألم الانتظار، نداءات الفجر تصلي حباً، ليوم جديد وألم ينتهي بعد حين، بعض من كآبات الغيوم، تهطل منها الذنوب، لعل ساعة الليل، بأسرار وأسرار تبوح، ولعل أنين الظلام يوقد شمعة تؤنس وحشة الشوق الكئيب.
محكمة استثنائية غير دستورية ولا قانونية تزج بين الفينة، والأخرى العشرات بل المئات من أبناء شعبنا السوري في غياهب سجون لئيمة، اهترأت جدرانها من هول ظلامها الدامس، سواء بحق أو على باطل، توئد أحلام العشرات من المناضلين، والتواقين لفجر يوم جديد تشرق الشمس فيها من الشرق، وتغرب من مكانها. فهل من عدالة في قضاء فقد شرعيته منذ عقود؟؟؟
محكمة أمن الدولة أصدرت حكمها يوم الأحد 17/6/2007 كعادتها القاسية على سبعة شبان سوريين اعتقلوا منذ أكثر من عام مضى، فقط لأنهم مارسوا حقهم في التعبير عن آرائهم، واعتقدوا أن الصح يمر من خلال أفكارهم، لم ينالوا من هيبة أحد، وحاشاهم من تعريض وطنهم لأعمال عدائية. حيث أصدرت حكمها بالسجن سبع سنوات طارق الغوراني، وماهر إسبر بتهمتي تعريض الدولة لأعمال عدائية، والنيل من هيبتها، بينما أصدرت حكمها بالسجن خمس سنوات على كل من عمر العبد الله، وحسام ملحم، وأيهم صقر، وعلام فخور، ودياب سرية، بتهمة تعريض سوريا لأعمال عدائية، أين هيبة الوطن التي اغتصبت بمحاكم الاستثناء، وأي خطر يعرضه شبان عزل لبلد يرون أنفسهم شموعاً تحترق من أجل ضياء ظلامها.
أمن الدولة محكمة تطلق العنان لأحكامها القاسية، لتقتل كل ربيع ينمو، وتقد كل غصن يزهر، رغم أنه يعلم القاصي، والداني، وحتى قضاة تلك المحكمة أن الدستور السوري ضمن حرية التعبير عن الرأي، والتجمع الديمقراطي السلمي. إذاً أحكامها لا تميل قيد أنملة إلى العدالة، ولا تمثل مطلقاً العدل، بالعكس تماماً فأنها تمثل رهبة، وخيفة، وقمع، واستبداد، ونيل من آراء، وأفكار، وكرامة أي سوري يرى المشهد من زاوية أخرى.
السبعة المنكوبين بقرار مخل بكل تقاليد الحق، وقوانين العدالة، اعتقلوا على خلفية نشاط شبابي ديمقراطي مستقل، ناشرين البعض من أفكارهم، كمقالات على الإنترنيت، فطارق الغوراني، وماهر إسبر اعتقلا في 19/2/2006 في حين اعتقل حسام ملحم، وأيهم صقر، وعلام فخور بتاريخ 24/2/2006 بينما اعتقل كل من عمر العبد الله، ودياب سرية بتاريخ 18/3/2006 ولبثوا في سجن بمعزل عن الكون وعن ذويهم، ونالوا نصيبهم من التعذيب، والضرب، والإهانة، كعادة كل نزيل سجن في هذا البلد الذي بات كل مثيل لهم زائراً له.
“كتابات أو خطب لم تجزها الحكومة تعرض سوريا لخطر أعمال عدائية، أو تعكر صلاتها بدولة أجنبية، أو تعرض السوريين لأعمال ثأرية تقع عليهم، أو على أموالهم، ونشر أنباء كاذبة، أو من شأنها أن تنال من هيبة الدولة أو مكانتها المالية” هي تهمة الشبان السبعة وفق المادة /278/ من قانون العقوبات السورية العام، فأين هؤلاء من هذه التهمة؟؟؟ سؤال خلق بدون إجابة!!!
تجلد ذلك الأب، بكاء تلك الأم، وأنين تلك الزوجة، وحسرات تلك الأخت، عرضت للمارة بجانب المحكمة، مشهداً دراماتيكياً لحالة مأساوية، فصمت الزمان، وبدأ المكان بالكلام، بالعويل، والصراخ، بالحزن، والأسى على أيام ستمضي، وسنين سترحل، ويقبع سبع شبان خلف قضبان تبكي في كل لحظة دم، وتذرف عبرات من ألم، نعم ستمضي اللحظات البائسة ببطء على أفراح تعسة. هكذا يبدو الصباح عندما يغتال الظلام ضياء الشباب.