الرئيسية » مقالات » مؤامرة الانقلاب العسكري في العراق .. حقيقة أم أوهام ؟

مؤامرة الانقلاب العسكري في العراق .. حقيقة أم أوهام ؟

التطورات الخطيرة التي تطرأ هذه الايام على المشهد العراقي لتنذر بوجود مؤامرة خطيرة اخرى ضد بلاد الرافدين وشعبه وحكومته الوطنية المنتخبة حيث أن القضية العراقية على وشك الدخول في عقدة مستحيلة لم تعد الكلمات قادرة من وصف مدى تشابك السياسات التآمرية والحقيقية فيها هناك تلك السياسات التي تقف من ورائها مجموعات عراقية وعربية واحتلالية يجب أخذ الحيطة والحذر منها وعدم تجاهلها.

لست مبالغا حين أطرح وجود مثل هذه السياسات التآمرية ضد العملية الديمقراطية في العراق خاصة واذا ما تمعنا مليا بما قاله رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يوم الاربعاء الماضي في كلمته خلال المؤتمر الأول لقادة الفرق العسكرية لعام 2007 حيث قال :” إن كرامة العراق والعراقيين أمانة في اعناقكم ، فأضربوا بيد من حديد كل من يفرش سجادة حمراء أو ينثر الزهور بطريق من يريد الدخل في شؤوننا” وأضاف”إن أيام الانقلابات قد ولت مع النظام السابق ولا عودة الى أيام الجهل والتهميش والاستبداد … ولانرضى إلا بما تفرزه الديمقراطية”.

خاصة وان هذه التصريحات تأتي متزامنة مع التحذير الذي أطلقته المرجعية الرشيدة في العراق من “اختلاف الكلمة” بين الصف العراقي الموحد معتبرة ذلك هو “الخطرالاكبر” في العراق فضلا عن الاهتمام ب”المصالح الفردية” بدلا من المصلحة العامة للشعب والوطن .

حيث أكد سماحة المرجع الكبير السيستاني أن”أخطر مشكلة يعاني منها العراق حاليا هي اختلاف الكلمة ونقض العهود والتفكير بالمصالح الفئوية والشخصية” داعيا الجميع الى ” وحدة الكلمة ونسيان الذات وذلك في سبيل الهدف والمصالح العليا … واعتبار قضية خدمة الشعب على رأس أولويات عمل جميع الفئات”َمشيرا الى “المواقف المزدوجة التي تعاني منها الاجهزة الامنية والعسكرية العراقية والاجنبية في البلاد”.

هذه الامور لتؤكد أن العراق أضحى قدرا يغلي بحوادث خطيرة لاتحمد عقباها اذا ما أتخذ أبناء العراق القرار المناسب للتصدي لمثل هذه المؤمرات التي تحاك ضده داخليا واقليميا واجنبيا احتلاليا وذلك بما يملكه من التعقل والحنكة والحكمة والوعي السياسي وبفضل وجود مرجعية رشيدة حاذقة و قادة وطنيين واسلاميين نبلاء همهم الاول والاخير استقلال العراق وشعبه وحريته وكرامته وعزته حيث قدموا وطيلة العقود الاربعة الماضية جنبا الى جنب مختلف قطاعات ابناء العراق الشرفاء بمختلف قومياتهم مذاهبهم واعراقهم الغالي والنفيس من أجل الوطن .

رغم أنه من الاستحالة بمكان التفكير بشئ غير توحيد الصف لمواجهة المؤامرات الخطيرة التي تريد بنا جميعا ولكن من السهل تحديد الوقائع الجديدة التي يجب أخذها في الحسبان خاصة بعد أن كشفت مصادر اميركية مؤخرا من “ان مسؤولين من قوات الاحتلال اجروا حوارات وجها لوجه مع الجماعات المسلحة (تلك التي تستهدف أبناء العراق الابرياء يوميا) وأن هذه الخطوات قد أحرزت تقدما حتى الان ، مضيفة أن القادة الذين اجروا الحوارات أوضحوا أن هذه الجماعات طالبت بمنحها «وظائف وحصانة» مقابل السلام!!.

وقد عزز ذلك ما كشف عنه تقرير لصحيفة “واشنطن بوست” تصدر صفحتها الأولى ” أن دبلوماسيين وقادة عسكريين أميركيين في العراق أعدوا إستراتيجية جديدة تقوم على إقصاء من وصفوا ب”الطائفيين” أو في الحقيقة (المخلصين) عن الأدوار الرئيسة في البلاد.

ووفقاً لكاتبة التقرير “آن سكوت تايسون” فإن هذه الإستراتيجية التي وضعها قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال “ديفد بتريوس” والسفير الأميركي في العراق “رايان كروكر” سياسية أكثر منها عسكرية، وتهدف إلى التفاوض مع الفصائل المسلحة للوصول إلى صفقات سياسية تنزع فتيل الحرب والعمليات العسكرية ضد القوات الاميركية وحليفاتها في ال! عراق.

ومن ضمن أبرز النقاط التي تتضمنها الخطة تحديد مجموعات من الأشخاص- من ضمنهم سنة متطرفون وميليشياتهم المسلحة لمشاركتهم في السلطة ومنحها مناصب مهة حساسة في الحكومة العراقية الجديدة المزمع تشكيلها اثر انقلاب عسكري ضد الحكومة الوطنية وذلك “باداشا” منها لبقاء هذه المجموعات وفيه باتجاه مصلحة الادارة الاميركية وعمالتها لها .

هذا في وقت أعترف فيه الجنرال الاميركي المتقاعد “ريكاردو سانشيز” الذي قاد قوات التحالف في العراق خلال السنة الاولى من الاحتلال وفي اول مقابلة يجريها منذ تقاعده العام الماضي .. أعترف “ان الولايات المتحدة لن تحقق النصر في الحرب في العراق” مشددا “انني مقتنع تماما ان اميركا تعاني من ازمة في القيادة في هذا الوقت”.

وأفصح العسكري الاميركي البارز والمقرب من مثلث الصقور في البيت الابيض وخلال هذه المقابلة التي أجراها مع وكالة الانباء الفرنسية (أف ب) قبل أيام عن وجود تعنت شديد لدى ادارة “بوش” من التعامل والتعاون مع حكومة المالكي حيث شدد بالقول .. “اعتقد اننا لو اتخذنا الخطوات السليمة سياسيا واقتصاديا مع الحكومة العراقية الحالية لكنا تمكنا على الاقل من تجنب الهزيمة”.

كما أن الاتهامات التي أطلقها نوري المالكي قبل أيام للبعض في زعزعة أمن وأستقرار العراق والعمل على تصعيد العنف لم تأت اعتباطية خاصة وان هناك مؤشرات قوية على تعاون وتعامل شخصيات عراقية حكمت العراق لمدة وجيزة وظهرت على الساحة بعد سقوط الطاغية تلعب على نار التف! رقة في الداخل العراقي والمحاباة والمماشاة مع الاحتلال دفعا منها لضمانة مصالحها الفئوية والشخصية والحزبية وبدعم عربي اقليمي يحتضنها ويمدها يالمال والارهابيين والسلاح لتمرير مؤامراتهم ضد العراق وشعبه .

ففي هذا الاطار نرى الذين يحملون نوايا خبيثة وحاقدة على الشعب العراقي بغالبيته وأقليته من أمثال اياد علاوي وطارق الهاشمي وعدنان الدليمي ومشعان الجبوري وعدنان الباججي وصالح مطلك وآخرين لن يقتنعوا بما منحتهم اياه حكومة الوحدة الوطنية للمشاركة في السلطة الجديدة … فهاهو رئيس جبهة الحوار الوطني “المطلك” يفصح دون استحياء “انه يسعى لتشكيل تحالف قوي مع جماعات برلمانية اخرى لمواجهة الحكومة التي يقودها المالكي مهددا من الانسحاب من البرلمان اذا ما أخفقت هذه الجهود”!!.

كما أن أياد علاوي الموجود خارج العراق، قد دأب ومنذ انتهاء مهمة حكومته التي كانت اسوأ ما شهدها العراق بعد سقوط النظام البائد ، قد دأب على انتقاد أسلوب إدارة البلاد، وسبق أن طعن بنزاهة الانتخابات التشريعية ا! لأخيرة، وحمل على الطائفية التي قال إنها تفاقمت بعد أن تسلمت الحكومتان المؤقتة برئاسة الجعفري والدائمة برئاسة المالكي مقاليد السلطة في العراق!!.

اما نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي فهو الاخر قد دعا وفي تصريح واضح الى التدخل الاجنبي في شؤون العراق للحد من مهام حكومة المالكي المنتخبة في اتخاذ القرارات اللازمة التي تعكس رغبة وارادة الشعب العراقي ومنها العمل بقانون اجتثاث البعث الذي مازال معطلا جراء الضغوطات العربية والاحتلالية له ،دعا أميركا وبريطانيا والأمم المتحدة على النهوض بدورها ومسؤوليتها الإنسانية!! والقانونية!! في مجال حقوق الإنسان في العراق!! . مبديا قلقه الشيديد ليس على تصعيد العنف واراقة دماء الابرياء من ابناء الشعب العراقي وانما حيال قضايا المعتقلين العراقيين من البعثيين المجرمين و الارهابيين التكفيريين ، مجددا الدعوة إلى إطلاق سراحهم جميعا باعتبار ذلك مطلبا أساسيا لتحقيق الوفاق الوطني!!.

كل ذلك يعزز ما وصفه “سانشيز” عن الوضع الحالي في العراق بانه قاتم وعزا ذلك الى “الاداء السيء للادارة الاميركية حتى الان هناك” وانتهاجها سياسة متباينة ومراوغة مع المجموعات السياسية العراقية واتفاقاتها الخفية مع بقايا النظام البائد في الاردن ومصر والسعودية وسوريا .. ومعترفا ايضا بأنه كان شخصيا كان من بين الذين ارتكبوا اخطاء كثيرة من مثل ذلك خلال المراحل الحاسمة في العراق بعد الاطاحة بصدام ونظامه الدموي . وهو ما يؤكد أن مؤامرة الانقلاب العسكري على ارادة الشعب العراقي هي أمر حقيقي وليس تصورات وأوهاما كما يدعي البعض.