الرئيسية » مقالات » علاجنا خارج العراق

علاجنا خارج العراق

تتم معالجة المسؤولين خارج العراق ، ويتم فحص المسؤولين في الأردن ، وتتم معالجة بعض منهم في أيران ، ويفتقر المواطن العراقي لأبسط مستلزمات العلاج .

وتقوم قناة فضائية بمد يد العون الى أطفال وأناس يستحقون المعالجة فتنفق عليهم من مال مالكها ، ويمد بعض الأغنياء أياديهم لأنقاذ بعض العراقيين المرضى ، لمعالجتهم خارج العراق ، وهكذا صار من يريد الثواب إن ينفق على بعض مرضى اهل العراق !! .

في حين يبقى المواطن العراقي تحت رحمة الأدوية التي انتهى مفعولها ، أو غير المعتمدة طبيا ، وغير ذات الصلاحية والفعالية التي تعتمدتها شركات الدواء ، ويبقى المواطن العراقي يتحسر على وجود مستشفى يليق بالأنسان ، ويتوفر بها الدواء الذي يعالج الأمراض التي انتشرت بين اجساد العراقيين ، انتشار النار في الهشيم .

لم يزل السؤال راكسا في صدر المواطن العراقي ، الا تكفي اربع سنوات لبناء مستشفى تليق بالعراق ؟ مستشفى واحد ولو في كوردستان ؟ هل لم تعد تكفي الاموال أو ايرادات النفط التي لم يشمها العراقي الا في صور الصحف والمجلات ؟

كيف فات على المسؤولين في عراقنا الجديد إن يقوموا ببناء مستشفى يستقبلهم وحدهم شخصيا مثلما تستقبلهم المنطقة الخضراء ، كيف فات عليهم إن يخصصوا تلك المستشفى التي تتوفر بها الأجهزة والمعدات الحديثة لمعالجة أقاربهم واهاليهم فقط ، فأن المواطن العراقي يشعر كم العراق بحاجة لهم وهم يضيعون وقتهم الثمين ويرسمون العراق الجديد ، وسيضمن اربع سنوات اخرى لهم في مراكز المسؤولية لعل خاطرة ما أو فكرة تخطر في بال احدهم فلا يكلف نفسه عناء السفر الى دول الجوار ، ويتم تشييد مستشفى مثل مستشفيات العراق في الزمن البائد .

كيف لم يفكر المسؤولين وهم يتنافسون في السفر الى دول الغرب ( للعلاج ) أو النقاهة ، ليقوموا بتشييد مستشفى واحدة خلال مدة الأربع سنوات التي تعني اكثر من الف واربعمائة يوم بحرها وبردها ، وبقضها وبقضيضها ، دون إن تخطر على بال احدهم في برلمان العراق الجديد إن يدعو لتشييد مستشفى ومعها الاجهزة الحديثة ، حتى وعلى الأقل إن يتم اختصار المسافة وعناء الطريق ومفاجأت الإرهاب وقاكم الله شره المستطير .

كل المسؤولين يهرعون الى خارج العراق للعلاج والفحوص الا المواطن العراقي ، وكل المسؤولين يخشون على قلوبهم واجسادهم المتهالكة ، الا المواطن العراقي ، وكل المسؤولين يقطعون كل تلك المسافات بالطائرات الا المواطن العراقي ، وكل المستوصفات التي يقصدها المواطن العراقي لاتعالج قلبه ولا جسده المتعب والمليء بشظايا الانفجارات ورصاص الأخوة الأعداء ، غير إن للمسؤولين لغة اخرى وخطة اخرى لايستوعبها المواطن العراقي ولايفقه ما فيها ، فعودة العلاج الى الأعشاب الطبية والتداوي بالأدعية طريق لابد من سلوكه ، ورحمة الله وعنايته خير من الف طبيب .

ولذا قرر المواطن العراقي إن يترك امره وأمر القائمين على حكومته من المسؤولين الى الله ، ويترك ايضا الحكم لله بعد اربع سنوات عجاف ذاق بها الأمرين ، ودون إن يجد مستشفى واحد في العراق يجهز باجهزة تعالج وتشخص امراض اهل العراق .

فلا اهل البصرة يستحقون ذلك المر ولاحتى اهل كوردستان ، ولايمكن إن تكون المستشفى بالحلة أو حتى الانبار والنجف ، وقد زاحمت الكتل الكونكريتية في بغداد كل المساحات فصار امر انشاء مستشفى عسيرا على الغيارى من المسؤولين ، ولايعتب المواطن العراقي حتى لو تم تشييد المستشفى داخل المنطقة الخضراء نفسها !!

ومادام الأمر يتعلق بمخصصات السفر ومنحة العلاج ، ومادام الامر يتعلق بأماكن طبية لاتشخص المرض فقط ، بل تعطي الدواء الحقيقي والعلاج الشافي ، فلينتظر ابن العراق اربع سنوات اخرى وسيرى إن المستشفى قد وضع حجر الاساس له من قبل المسؤول وسيتم تشييده إن بقي حيا بأذن الله .

للمسؤول افضلية على العراق والعراقيين ، ولهذا يستوجب الامر إن نزف له التهاني بعودته من علاجه خارج العراق ، وعلى المريض العراقي إن يرتفع على جراحه ونكبته الصحية ويسارع للهتاف والتصفيق فقد عاد ابنا بارا للعراق من علاجه في الخارج ، وعاد الى مكانه الشاغر الذي لم يستطع إن يشغله احد ، ولله في خلقه لشؤون .

عاد المسؤول ومكانته ومكانه محفوظين ، ورواتبه ومخصصاته محفوظة ، وسيصرح في الفضائيات بأنه يناضل من اجل عراق موحد تسوده العدالة ويعمه الخير ، وليس للمواطن إن يسأل اين هو الخير ؟ فثمة غيوم قادمة تحمل مطرا واملاً منذ سنوات القحط ، وسيعمل على إن تكون للمواطن العراقي مستشفى لاترغمه السفر الى خارج العراق للعلاج ، فنحن بلد نفطي ولانختلف بشيء عن اخوتنا اهل الخليج ، بالرغم من ازمة النفط والبانزين والغاز التي نمر بها منذ سنوات وهي أزمة مفتعلة تركها لنا ارثا النظام الصدامي البائد لعنه الله .

وحتى يمكن إن يفكر المسؤول في وزارة النفط بان كلماته ستحل محل الأمل وسيعلقها اهل العراق لافتات في بيوتهم ، ومن ثم يقوموا بتفصيلها ملابس لأولادهم ، عليهم إن يتحملوا الأزمة التي ستحل قريبا بأذن الله ، فثمة اربع وزراء للنفط تعاقبوا على كرسي الوزارة المتين لم يستطيعوا حلها ( لشدتها ) ولعدم تعاون الأعداء من الإمبرياليين والصهاينة على ذلك .

ياسبحان الله على مشاكل المواطن العراقي الذي يريد كل شيء ويضع فوق كاهل المسؤول احمالا ثقيلة ، بالرغم من مرضه وحاجته للسفر خارج العراق للعلاج .

وكي يضطر المسؤول الى كشف حقيقة لامفر من كشفها ، لابد من أن نسأله هل إن الأطباء في بلدنا غير قادرين على تشخيص الأمراض ؟ وهل تتوفر فيهم تلك الطاقات والأمكانيات التي توفر ثقة المسؤولين بعملهم ؟ وهل إن الأجهزة التي يعملون عليها تتناسب مع التطور الطبي والفني المنسجم مع تطور دول الله ؟ وهل يتم اعطاءه دواء انتهى مفعولة أو انتجته شركة محلية غير معروفة ؟ هل فكر هذا المسؤول بأعداد العراقيين ممن يحتاج الى علاج بهذه الأجهزة ؟ وهل فكر هذا المسؤول في توفير الدواء الفعال والمعتمد دوليا في العلاج ؟

ترى ماهو دور المؤسسات الحكومية وهي تشاهد العطف والمساعدات التي يمنحها بعض على شعب البترول العراقي ؟ وما ذا تم توفيره من خدمات لهذا المواطن الذي بح صوته من الهتاف والصراخ ، معترضا تارة واخرى تأييدا لهذا المسؤول حتى يمكن إن يستقر في مركزه الذي يسمح له بالعلاج خارج العراق ( على نفقته الخاصة ) والعهدة على الراوي .