أثارت الاحداث الدموية الاخيرة في لبنان موجة من الغضب والاستنكار لدى كل من يتعاطف مع لبنان وشعبه، هذا الشعب الذي ذاق لعقود الأمرّين من لهيب الحرب الاهلية العبثية والعدوان الاسرائيلي المتكرر والحروب الطائفية العبثية والموجات الارهابية المتعددة الالوان، ومن تحوله الى ساحة لتصفية حسابات اقليمية ودولية، واخيراً موجة الارهاب العاتي لعصابات “فتح الاسلام” الارهابية التي أخذت على عاتقها إستئناف مهمة القتل والتدمير في هذا البلد الكريم، وتعطيل سعيه لتكريس حياة ديمقراطية دستورية وإشاعة القانون في البلاد. إن هذه المنظمات الإرهابية تقوم بتنفيذ مهمات بالنيابة عن مؤسسات ارهابية دولية مشبوهة او اجهزة ارهابية ومخابراتية اقليمية متداخلة ومتشابكة أو متعارضة في الظاهر والتي لا يروق لها الاستقرار في هذا البلد الشقيق وحتى في بلدان أخرى.
إن ما يحدث في لبنان ما هو الا تكرار وإمتداد لظاهرة القتل والتدمير المريع في العراق والعديد من البلدان العربية والاسلامية وغيرها على أيدي عصابات الإرهاب. أنه تعبير عن إنفلات أشد الغرائز وحشية لدى بعض أشباه البشر في عالم اليوم متمثلة في التيار الفوضوي الارهابي الذي إستشرى أخيراً بواجهة دينية. إنه مرض يعد أشد خطورة من أكثر الامراض التي تعصف بأرواح الناس يومياً. فما نشاهده يومياً على شاشات التلفزة بما تقوم به عصابات الارهاب من إزهاق أرواح البسطاء من الناس وتدمير المراكز التعليمية والطبية والخدماتية ودور السكن والعبادة لهو تعبير عن تطبيق برامج لهذه العصابات سداها ولحمتها تدمير كل ما بناه بني البشر من صروح حضارية وإزهاق ارواح خيرة العقول والبشر، وتدمير الدولة بمن فيها وعرقلة بناء دولة قائمة على القانون والقيم الانسانية العصرية والديمقراطية. إنهم يسعون لتنفيذ “مشروع فوضى وتدمير” ولا علاقة له بأي من المشاريع الهادفة الى إنقاذ شعوبنا من المشاكل التي تواجهها.
وما كان لهذا التيار الفوضوي أن يتخذ هذا القدر من التمكن والنشاط الا نتيجة ظاهرة إستشرت في العقود القلائل الأخيرة، الا وهي ظاهرة تسييس الدين وتصدر رجال الدين واجهة العمل السياسي وتركهم لشؤون الدين، والمبالغات في التدين والتعصب الديني الاعمى الذي يعد أداة سهلة لتحريض الناس والشباب والجهلة والعقول المريضة اليائسة والمحبطة على وجه الخصوص لإرتكاب كل عمل مناف للتسامح الديني والاخلاق والقيم الانسانية. وتشتد هذه الظاهرة خاصة اذا ما صاحبتها هذه الكثرة من اصحاب الفتاوى ومئات الفتاوى التي تنقل عبر البرامج التلفزيونية وشبكات الانترنت التي تصل الى الناس المغفلين منهم عبر القنوات الفضائية الارهابية وأجهزة الاعلام الاخرى والداعية الى القتل وتصفية الحسابات بل وحتى النهب والترويج له تحت يافطات دينية او مذهبية او بذرائع من الصراعات المذهبية والدينية. وفي الحقيقة إنه “دين جديد” لا يعمل بمبدأ “المسلم من سلم الناس من يده ولسانه”، بل بمبدأ “المسلم من لا يسلم أحد من يده ولسانه”، ولا بمبدأ “لا إكراه في الدين”، بل بمبدأ “البطش والقتل لفرض الدين بالقسوة والإكراه”، ولا بمبدأ “لكم دينكم ولي ديني”، بل “لكم دين واحد هو محو البشر”. إنه “دين” يدين بالقتل وبأخذ الخاوات والسطو على البنوك وعلى أسلحة الدولة وقتل الناس الأبرياء بالجملة وقطع أعناقهم وإرتهانهم وتحويلهم الى دروع بشرية . دين كل همه إذلال المرأة وإستعبادها وتحويل البشر الى دمى ومفخخات تدار بالرموت كنترل. إنه “دين” يلغي الدين الذي أعتنقه الآباء والأجداد، دين يسلب حقوق الخالق في كل شئ. فقد سطوا على “مفاتيح الجنة والجحيم” وأخذوا على عاتقهم حجز الاماكن فيها حسب هواهم، وسلبوا وظيفة الأنبياء والمرسلين في الدعوة لدينهم. فقد تحول ما يسمى بأمراء هذا الدين الجديد الى جلادين يزهقون أرواح الناس ، بدلاً ن عزرائيل، وينهبون العباد بدون حساب ولا قانون، إذ لا يوجد ما هو محرم لديهم. إنه دين ينبذ كل ما هو جميل وكل تقدم وإزدهار وبناء في أي بلد. إن ما زاد الطينة بلة في هذا الدين الجديد وفضاعته هو إنتقال هذه التطرف في التدين الى ميدان المضاربات المذهبية والطائفية بحيث أدى الى تفتيت النسيج الوطني في جميع مجتمعاتنا. فالطرف المتطرف السني يقتل ويحرق مساجد الشيعة في باكستان والعراق وغيرها بكل همة واندفاع وكذلك يقوم الطرف المتطرف الشيعي بالإنتقام بشكل عشوائي، ويقوم الطرفان حتى مساجد من لا يسير معهم من أقرانهم كما حدث في تفجير مرقد الشيخ عبد القادر الكيلاني قيل ايام في بغداد. وأصبحنا الآن نعيش حالة من الجنون والعربدة الطائفية والهلوسة “الدينية” لم يعيشها آباؤنا وأجدادنا.
وما كان لهذا التيار أن يتعاظم ويفرض نفسه الا بفعل تحالف النفط والارهاب. فقد تحولت الواردات الضخمة لدولارات النفط في البلدان العربية وإيران، والخليجية على وجه الخصوص، الى مصدر تمويل لهذا التيار وتحوله الى “بيزنس” خطير. و”تألق” هذا البزنس منذ أن تدفقت المليارات من الدولارات النفطية على قوى التخلف في أفغانستان وباكستان والى جيوب متطرفة متخلفة في دول خليجية ومصر وسوريا وفلسطين والجزائر والمغرب ودول أخرى. وأدى ذلك الى تحول هذه الزمر الى أخطبوط مالي ضخم يصعب السيطرة عليه، ويتحكم في مصير أعداد غير قليلة من المهوسين والعاجزين والمعوزين ويحولهم الى روبوتات مفخخة تحرق الاخضر واليابس. فالسعودية التي صرفت المليارات على هؤلاء في بداية “الجهاد” وبذرائع مواجهة الكفار في افغانستان، تصرف الآن مليارات إضافية لردعهم ومنعهم من تدمير الدولة السعودية. ويكفي أن نشير على سبيل المثال الى أن الخلية التي تم القضاء عليها أخيراً في السعودية، وجد في مخبأها مبلغ 20 مليون ريال سعودي، وهو مبلغ مالي لا تحلم به أية حركة سياسية مدنية في عالمنا المنكوب بهذا المرض. وعلى الرغم من المواجهة الساخنة بين الحكومة السعودية وهذا التيار الإجرامي، الا أنه مازال لهذا التيار من “فقهاء” يساندونه علناً في البلاد ويدعون الى تكفير الآخرين، وأثرياء يزودونه بكل ما يحتاجه ودعاة يعملون علناً وأمام أجهزة الأمن على تكفير الآخرين ويجندون الارهابيين لإزهاق ارواح العراقيين وغير العراقيين. لقد تحول هذا “الدين” الجديد الى قوة مالية ضخمة تبتز الناس وتشتريهم في بقاع الدنيا وبما فيها دول أوربية، وتجند اللاهثين وراء المال. إن جولة في العديد من المدن الرئيسية الغربية تكفي لتؤكد لنا حجم مراكز تجنيد الأرهابيين والمرافق الإقتصادية التابعة لهذا الدين الجديد. هذه المرافق التي تعود على هذا الدين الجديد بموارد مالية مضاعفة تغذي هذا الارهاب السرطاني الطاغي في عالم اليوم. إن هذا التيار الخطير يبتز دولاً بأكملها من أجل الحصول على المصادر المالية والتستر على نشاطاته وحركته. فدولة مثل الامارات اذعنت لإبتزاز هذا التيار المتطرف وتتجاهل نشاطات هذه العناصر المالية وغير المالية كي تتجنب قيام هؤلاء بكل ما يضر بأمن دولة الامارات مقابل صمتها وتجاهلها لتخريب هؤلاء المجرمين في دول أخرى مثل العراق ولبنان. إننا أمام مجمع مالي إرهابي ضخم يفوق التصور ولا ينبغي الاستهانة به يغذي طاحونة الموت والتدمير في بقاع من العالم، والعراق مثل مثير لافعال هذه الطغمة المالية الارهابية الفاشية. وبالرغم من دعوات تطويق هذا التيار الارهابي، الا أنه ما زال ناشطاً في جمع الاموال في دول الخليج خصوصاً وأمام أعين المسؤولين ورجال الأمن فيها.
وما كان لهذا التيار أن يتعاظم الا بفعل الانحطاط والرياء في العمل السياسي في بلداننا. فقد شرعت أطراف دينية وعلمانية “بتأجير” هذه الزمر لتنفيذ مهمات سياسية مشبوهة والدفع لها بسخاء حسب القطعة أو توفير التسهيلات اللوجستية والملاذ الآمن أو التغاضي عن نشاطات المجاميع الارهابية، مما أغرق العالم العربي والأسلامي بموجة من الفوضى والقتل الجماعي والتدمير قل نظيره. إن دولة مثل قطر هي أحدى حواضن الأرهاب الدولي. فهذه الإمارة وبالرغم من كونها تستضيف أكبر قاعدة توجيه عسكرية أمريكية في المنطقة ولها علاقات مميزة مع إسرائيل، الا أنها تستضيف، وهو لغز من ألغاز هذه الإمارة العجيبة، اعداداً من الارهابيين وفلول الانظمة الديكتاتورية المنهارة ومنهم رجالات صدام حسين الذين أعيد إستخدامهم في مؤسسات الدولة القطرية، وتسعفهم إعلامياً عبر قنواتها الفضائية وخاصة الجزيرة، وفي جزء منه نكاية بالسعودية وتصفية الحسابات السياسية الضيقة معها. فلا تكتفي هذه الدولة بهذا الموقف، بل تتعداه مثلاً في السعى حتى الى عرقلة انشاء المحكمة الدولية الخاصة بمحاكمة قتلة رفيق الحريري في لبنان والتغطية على الارهابيين القتلة مستغلة عضويتها الدورية في مجلس الأمن. ولا يشذ عن هذه الإنتهازية السياسية أطراف إقليمية أخرى مثل حكام سورية وأيران وحتى عناصر في الطغم الحاكمة في عدد من الدول العربية. إن حكام سورية على سبيل المثال يقدمون كل المساعدات اللوجستية والدعم والإحتضان للمنظمات الارهابية وفلول صدام بذريعة دعم “مقاومة” بائسة لا هم لها سوى قطع رقاب العراقيين وتهديم البنى التحتية والمرافق المدنية. وأصبحت سوريا ملاذاً وجسراً لانتقال الارهابيين من دول العالم البائس الى العراق ولبنان بهدف تحويل هذه الدول الى ميدان لتصفية حساباتها الاقليمية والدولية. ويعترف رئيس الجمهورية السورية بهذا الدور ويعلن صراحة “إن سوريا ليست اللاعب الوحيد في العراق، بل هي اللاعب الرئيسي!!”. إنه اعتراف مخجل وإعتراف بالاتهام الموجه للحكومة السورية حول مسؤوليتهاعن قتل الآلاف من العراقيين على يد الارهابيين حلفاء الحكم في سوريا. ولا تشذ حكومة التطرف الديني في ايران عن هذا النهج المدمر فتساهم في مأساة العراق ولبنان بهدف مد نفوذها وتأثيرها ف المنطقة. فلا غرابة في ذلك فهي حليفة للحكم السوري وتنسق معه في كل شؤون المنطقة. إن مجرد قبول الحكومة الإيرانية بالتفاوض مع الولايات المتحدة حول الوضع المأساوي الأمني في العراق لهو دليل على ضلوع هذه الحكومة في نشاطات مدمرة في العراق. إن الكثير من الدلائل تشير الى ضلوع الحكومة الايرانية في دعم الارهابيين من القاعدة وتستضيفهم خاصة بعد الإطاحة بنظام الطالبان المقيت في افغانستان، اضافة الى دعمها لأنصار الإسلام الكردية وغيرهم للتغلغل الى العراق. كم أن حكومة التطرف الديني في إيران تزود الزمر الإرهابية والميليشيات العبثية بالاسلحة الايرانية وغيرها من التسهيلات اللوجستية التي لم تعد خافية على أحد. كما أنها تتدخل بصلافة في الشأن العراقي الحساس في المناطق الجنوبية، وتدعم مالياً وعسكرياً منظمات إرهابية طائفية كثأر الإسلام وحزب الله وجيش المهدي وغيرها بهدف عرقلة الاستقرار وتفليش العملية السياسية الجارية في البلاد. ولا تشذ عن هذه الممارسة الانتهازية دول تدين الإرهاب وتواجهها عندما ينشط في داخل بلدانها الا أنها تشجعها بشكل مباشر أو غير مباشر للقيام بأعمالها الإجرامية في بلدان أخرى مثل العراق أو لبنان لدوافع طائفية أو من باب الضغوط السياسية. ولا تشذ عن هذه الممارسة المشينة حتى بعض الحركات السياسية التي تمد الخيوط المباشرة او غير المباشرة مع المنظمات الارهابية لتوظيفها في المواجهات الساخنة مع رقبائها. إن الموقف الاخير لحزب الله في لبنان من قضية مواجهة الجيش اللبناني لمنظمة “فتح الاسلام “الارهابية والتستر والدفاع الضمني عنها واستخدامها كورقة للضغط السياسي في الازمة اللبنانية مثال واضح على هذه الممارسة الخطرة المشجعة للارهاب. ولا تشذ حركات سياسية عراقية مشاركة في العملية السياسية الجارية في البلاد عن هذه الممارسة ضمن المواجهات الساخنة المدمرة في العراق. إن جبهة التوافق والحوار والتحرير وغيرها تتستر بل وتدافع عن هذه المنظمات الارهابية وبضمنها “الدولة الاسلامية الدموية للقاعدة” والجيش الاسلامي وكتائب وجيوش أخرى بهدف توظيفها في الصراع المدمر الجاري في العراق وليس دفاعاً عن مقاومة مزعومة. ويقوم الطرف الطائفي المقابل بنفس الممارسة المشينة عندما يتم التغطية على جيوش وممارسات المنظمات الارهابية المدعومة من ايران مثل ثأر الله وحزب الله وجيش المهدي وغيرها كوسيلة للضغط والصراع والمناوشات مع الطرف الطائفي الآخر.
وما كان لهذا التيار المتطرف الارهابي أن ينتعش الا بفعل دعم إعلامي واسع من قبل دول ومؤسسات اعلامية مؤثرة. ولا يخفى على أحد الدور المريب التي تقوم به قناة الجزيرة للترويج للمنظمات الارهابية والعنف بل والتعاون معها بدليل ان العديد من مراسليها هم اعضاء فعالين في منظمة القاعدة الارهابية ويقضي بعضهم مدة عقوبتهم في سجون اوربية. والغريب انه بالرغم من كل هذه الدلائل فإن هذه القناة التي أنشأتها الحكومة القطرية مازالت تبث برامجها على الاقمار الصناعية الاوربية والعربية دون إتخاذ اي اجراء ضدها. كما تستضيف الحكومة المصرية والإماراتية عدداً من القنوات الفضائية المتسترة على الارهاب والتي تبث برامجها على قمر “العربسات” الذي تملكه الاوساط الرسمية المصرية. إن غالبية هذه القنوات لا تتقيد بالحد الأدنى من المهنية والصدق والتقيد بالضوابط الإنسانية ونبذ العنف التي يلتزم بها الإعلام العالمي. فقد أضحت ابواقاً للإرهابيين ومروجب العنف والقتلة، وتنشر اشرطة قطع الأعناق والتدمير التي تمارسه “بفخر” هذه التنظيمات الإرهابية.
وعلى الرغم من كل المصائب والويلات التي جلبها ويجلبها هذا التيار الإرهابي على بني البشر، وعلى الرغم من كل السمعة السيئة التي الحقها ويلحقها هذا التيار المدمر بالإسلام والمسلمين، الا أن الموقف منه ومكافحته يتعرض الى موقف أنتهازي وتبريري من قبل وسط غير قليل من الوسط السياسي والشعبي فب البلدان العربية والإسلامية. إن هذا السلوك الطاغي على هذا الوسط يأتي من قناعته بمقولة “عدو عدوي صديقي”، هذه المقولة التي صاغت الكثير من شعاراتنا السياسية وأوقعتنا في السابق وحتى الآن في فخ النازية والفاشية والتطرف القومي واليساري تارة، والآن في فخ التطرف الإرهابي الديني. إن مجرد إعلان هذا التيار عدائه لفظياً للولايات المتحدة على سبيل المثال، وهو الذي كان قبل سنوات خير حليف للولايات المتحدة في “الجهاد” ضد الكفار، يلقي التبرير من قبل طيف يتجاوز التيار الديني المتطرف ويشمل حتى اوساطاً قومية وعلمانية ويسارية متطرفة وغير متطرفة ترفع شعار العداء للأمبريالية والتحرر من نفوذ الأجنبي بدون النظر الى ما يحمله هذا التيار المتطرف من موت ودمار للمسلمين والعرب قبل غيرهم. لقد أصبحت المتاجرة بالقضية الفلسطينية ومنذ نكبة هذا الشعب وسيلة مناسبة وسوق رائج لكل المتطرفين والارهابيين كي يفرضوا برامجهم المتطرفة التي لا تقدم شئ لهذا الشعب، بل ولا علاقة لها بقضيته. إن “فتح الاسلام” في لبنان لا تسطو على البنوك الاسرائيلية والامريكية، بل تبادر الى السطو على البنوك اللبنانية وتذبح العشرات من الجنود اللبنانيين بنفس هذا الشعار الذي اصبح “كالوباء” على حد قول الكاتب الفلسطيني شاكر النابلسي، وفي قضية لا علاقة لها بلب القضية الفلسطينية، بل من اجل عرقلة قيام المحكمة المتعلقة بإغتيال رفيق الحريري أو بالصراع الداخلي اللبناني وتنفيذ إرادات إليمية متعارضة مع مصلحة الشهبين اللبناني والفلسطيني فحسب. وعلى الشاكلة ذاتها، لم يكن شعار صدام عندما شن الحرب ضد الشعب الايراني عام 1980 “الطريق الى القدس عبر عبادان” هو شعار لتحرير فلسطين من الغزاة الاسرائيليين، ولا شعار الطغمة المتطرفة الدينية الحاكمة في ايران الذي رفعته أثناء الحرب العراقية الايرانية وهو “الطريق الى القدس عبر كربلاء” كان لنجدة الشعب الفلسطيني، بقدر ما هو محاولة لفرض نمط الاستبداد العلماني والديني على بلدان أخرى. ان حمى تشكيل جيوش “القدس” و “جيوش التحرير الفلسطينية وتحرير الاقصى” التي ينشرها الحكام الجبابرة والمفلسين السياسيين والمنظمات الارهابية في بقاع الدول العربية والاسلامية هي جيوش “وباء” تروج الارهاب والتخلف والتدمير والجهل وليس جيوش لرفع الحيف عن الشعب الفلسطيني، بل لقتله وقتل العرب والمسلمين كما نشاهد اليوم في شوارع غزة على الساحة الفلسطينية أواللبنانية والعراقية وغيرها.
واذا لم نتحرر من هذه العقليات السوداوية والعمى والجهل السياسي، فلا يمكننا ان نجتث طاعون الارهاب في بلداننا، ولا نستطيع ان نواكب ركب الحضارة الإنسانية ونحرر شعوبنا من الفقر والجهل والظلامية والاستبداد الديني وغير الديني والسير على طريق الديمقراطية واحترام الانسان وحقوقه.
28/5/2007