المقدمة قبل جولتنا هذه في رياض الامثال المندلاوية نذكر بعض التعاريف لمفهوم المثل، قال احدهم: (الامثال مصابيح الاقوال) وقال ابراهيم النظام: يجتمع في المثل اربعة لا تجتمع في غيره من الكلام: (ايجاز اللفظ واصابة المعنى وحسن التشبيه، وجودة الكناية، فهو نهاية البلاغة) وقال ابن السكيت: (المثل لفظ يخالف لفظ المضروب له ويوافق معناه معنى ذلك اللفظ، شبهوه بالمثال الذي يعمل على غيره)، وبعد هذه المقدمة القصيرة نذكر لقرائنا الكرام باقة اخرى من امثالنا الكوردية الفيلية الدارجة في مدينتنا الجميلة مندلي، والتي لها نظائر ومثيلات في تراث الامم الاخرى.
*وه تنه كه جه ل سويره وه ت وه مجه، وه تن سوير تنه وه ت وه تجه
يعني (قالوا للاقرع هناك عرس، وقال وما شأني قالوا انه عرسك، قال وما شأنكم)، والمثل برمته يدعو الى عدم التدخل في شؤون الاخرين، ونظيره المثل الفارسي خونه فلانى عروسيه، بمن جه تورم دعوت كردن، بتوجه وهذا ما يطابق مكارم الاخلاق قال الرسول الاكرم (ص) (من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه).
*كه نوه كه نى نه نورن، وه ما جه راى بنورن
أي (لا تستصغر الانسان القبيح فهو معتد بنفسه، وقد يقوم بافعال جسيمة)، يقابله بالعربية (سماعك بالمعيدي خير من ان تراه)، وكان الحريري صاحب المقامات الشهيرة، احد ائمة عصره ويحكى انه كان دميما، قبيح المنظر، فجاءه رجل غريب يزوره ويأخذ عنه شيئا فلما راه استزرى شكله، ففهم الحريري ذلك فلما التمس منه ان يملي عليه، قال له اكتب:
ما انت اول سار غره قمر ورائد اعجبته خضرة الدمن فاختر لنفسك غيري انني رجل مثل المعيدي فاسمع بي ولا ترني
وقال احد الشعراء:
لا تحقرن كيد الضعيف فربما
تموت الافاعي من سموم العقارب
*قه زانى ده س دو زن وه ناوى بووكـَ: يا شوره يا بى خواس
أي(القدرالذي تشرف عليه امرأتان اما يكون مالحا او ماسخا) يدعونا الى وحدة التدبير والامرة والقيادة، يعادله المثل الفارسي (المنزل الذي يشتمل على سيدتين يبقى بغير كنس).
*حه تى مولايش غه له ت كه يكـَ
يعني (حتى الملا يخطأ) والملا أي العالم، او الفاهم الذي يرجع اليه الناس لحل مشاكلهم، والمثل يدعو الى التسامح، يقابله عند العرب (لكل عالم هفوة) او (لكل جواد كبوة) وعند الانكليز (حتى هوميرروس يخطئ)، يقصد بهذا المثل ان الانسان مهما علت منزلته يظل غير معصوم عن الخطأ ولا غرابة في ذلك فاعظم الشعراء والكتاب قد يرتكبون اخطاء لغوية في بعض الاحيان.
*ئى ده مه جه وه لى كه مه
ومعناه (ان هذا اللسان ما ينقصه!!) أي يستطيع ان يقول كل شيء (الحق والباطل والطالح والصالح ويدعونا المثل الى عدم الخوض فيما نعلم وما لا نعلم وقال الامام علي (ع) لا تهرف بما لا تعرف)، وهناك مثل روديسي يقول (لو تحول فمك الى سكين فسوف يقطع شفتيك) وعن علاقة النساء باللسان يقول المثل الالماني في هذا المضمار (تحمل النساء سيوفهن في افواههن).
*كيان عه زيزه
ويعني الروح عزيزة، يقال عندما يواجه الانسان خطرا يهدد حياته، يقابله المثل الانكليزي (الحياة حلوة( life is sweet
ويقول المثل الشعبي (بالعربان ولا بالتربان) مهما ثقل العبء الذي يحمله المرء تظل الحياة حلوة دائما. وهو يذكرنا بابيات المتنبي من قصيدة عزى فيها سيف الدولة باخته الصغرى اذ يقول:
ولذيذ الحياة انفس في النفس
واشهى من ان يمل واحلى
*كور ئه وكى كه يكَـ؟ ئه و باو كَـ
ومعناه (ان الولد يشبه أباه) والمثل العربي القديم يقول (الولد على سر ابيه)
وعند الانكليز (الولد صورة عن ابيه) Like Father Like Son
*ميز وبان كلكـَ برياكَـ نيه كه يكَـ
أي(لا يبول على اصبع مجروح) يضرب للبخل حينا والعجز حينا اخر، ويظهر من اقوال الاقدمين ان هذا المثل للبخل اقرب منه الى العجز والكسل، وعندنا في الامثال الشعبية: (ما يشخ على اصبع مجروح)
وقال احدهم يذم جماعة لبخلهم:
قوم اذا استنبح الاضياف كلبهم
قالوا لامهم بولي على النار
فتمنع البول شحا لا تجود به
وما تبول لهم الا بمقدار
*براهة روز ئه راد نيوكَـ
ويعني (انه نادرا ما يكون لك اخ)، والمثل يدعونا الى مداراة الاخ ومراعاته، لان بفقد الاب يستحيل عليك الحصول على اخ شقيق لك، وهناك امثال كثيرة على محبة الاخ والاعتزاز به، يقول المثل الاردني: (الاخ جناح) وقد اجاد الشاعر مسكين الدرامي في هذا المجال بقوله:
اخاك اخاك فمن لا اخ له
كساع الى الهيجا بغير سلاح
اخاك اخاك انت فاعلم جناحه
وهل ينهض البازي بدون جناح
*دالكـَ ،نشتكَه، دايكَان تاو تاو دلى جووكـَ
يعني: (الام في راحة، والمرضعة في جهد ونصب بل يكاد يغمى عليها) كما قال الراجز قديما:
القلب منها مستريح سالم
والقلب مني جاهد مجهود
*دويته كَـه وه ت ئويشم، وه يله بشنه و
ومعناه: (اسمعي يا ابنتي، واقصدك يا كنتي) ومثيله في الامثال الشعبية العراقية (احاجيج يا بنتي، , واسمعج يا جنتي)، وورد هذا المثل شعرا في التراث العربي على قصة لطيفة، نكتفي بذكر الشعر:
يا اخت خير البدو والحضارة
كيف ترين في فتى فزارة؟
اصبح يهوى حرة معطارة
اياك اعني واسمعي يا جارة
*هه ر ته نكَى خوشى ها شونى
ويعني هذا المثل(ان بعد كل غمة فرج) ، وهناك عدة امثال من هذا النمط في المجتمع المندلاوي منها: خداوه خه روار نيك وه بار ئه لكريك ( أي ان الله سبحانه وتعالى يحمل الانسان البلاء على شكل بيادر ويرفعه باحمال، أي ان لكل بلاء او ازمة تنطلي على بوادر انفراج)، وفي فرنسا يقال: (يجيء المرض على ظهر جواد ويرحل ما شيا)، وهناك مثل اسباني يقول: (الله يبتلي ويعطي الدواء)، ويقول الانكليز:( لكل سحابة بطانة من فضة) ويقول العرب (ضيقي تنفرجي) وما اصدق قول الرحمن سبحانه وتعالى: ( فان مع العسر يسرا* أن مع العسر يسرا) ويقول احدهم:
وكل شديدة نزلت بقوم
سيأتي بعد شدتها رخاء
وقال ابو القاسم الشابي:
ولا بد لليل ان ينجلي
ولا بد للقيد ان ينكسر
وهناك في مجتمعنا مئات الحقائق والوقائع عن حصول الانفراج بعد الازمات الخانقة، وكان اخرها سقوط الوثن الصدامي وزوال دكتاتوريته البغيضة بعدما كاد يستعبد شعبنا الحر خلال حكمه القاسي الذي استمر اكثر من 35 عاما.
المصادر:
-1القرآن الكريم
-2امثال من نهج البلاغة
-3لسان العرب/ ان منظور
4-مجلة (روز الكوردية )عام 1993
-5مجمع الامثال/ الميداني
-6قند ونمك/ جعفر شهري
7-المورد/ منير البعلبكي