الرئيسية » بيستون » الكرد الفيلية ينتظرون – أما آن الأوان أن نسمع صوت الضمير!!!

الكرد الفيلية ينتظرون – أما آن الأوان أن نسمع صوت الضمير!!!

كم نفرح حين نجد مسقط رأس الرئيس البارزاني الخالد الملا مصطفى قد عمّر تعميرا شمل كل مرافق الحياة، تبجيلا واحتراما لذلك الإنسان العظيم الذي خدم شعبه أكثر من نصف قرن من الزمان. وطبيعي يستحق أبناءه وأحفاده وأهله ذلك التكريم، وقد ناضلوا وضحوا من أجل الشعب.
نحن نجد اليوم قصورا في بارزان ومحيط بارزان، ونجد طرقا ومزارع جميلة في أماكن عديدة في برواري بالا وعقرة. وهنا وهناك في مدن وقرى كردستانية من زاخو إلى دوكان وكويسنجق وأربيل والسليمانية تكريما لكل أولئك المسؤولين الذين ناضلوا في الدرب الكردستاني العظيم. وكل هذا وذاك يُفرِحنا ونحن نجد أهلنا ينعمون ليقطفوا اليوم ثمار جهودهم وتضحياتهم. فما أروع هذا الجمال في مزارع الكثيرين! وما أجمل الورود والياسمين في الجنائن الغنّاءة! ولكن السؤال الكبير الذي يطرح نفسه، ويلح علينا أن يجد جوابا هو: ماذا فعلنا لأهلنا من الكرد الفيلية الذين كانوا في الخطوط الأمامية للنضال؟ ماذا قدمنا لهذه الشريحة المناضلة المضحية من الكرد الفيلية الذين قدموا آلاف القرابين والشهداء لينعم شعبنا بالحرية على أرض كردستان والعراق؟ أما آن الأوان أن نسمع صوت الضمير الذي يؤنبنا ويعاتبنا لأننا أهملنا هؤلاء الذين ينتظرون أن نسدد ما علينا من دين تجاههم؟


أين أراضي هؤلاء الكرد الفيلية التي أُغتصِبت؟ أين مزارعهم وأسواقهم الشعبية التي كانت تحكم بغداد بالأمس، وقد نهبت وسيق أهلها إلى زيلات عسكرية بملابس النوم إلى خارج العراق؟ إلى متى ينتظرون لنعوضهم في خسارتهم؟ لكن صوت الضمير يوبخنا، وكل شريف يتساءل هل بمقدورنا أن نعَوِضَهم؟ كل كريم وابن كريم يشعر بالخجل من أنه قد نسي نفسه، ونسي أن يحترم أرواح أولئك الشهداء العظام الذين سكبوا دمائهم على ثرى كردستان، ليأخذ بأيدي أطفالهم وأحفادهم كي يتقدموا إلى الأمام ويأخذوا دورهم، كما كان آباءهم وأجدادههم في قمة المسؤوليات.

أيها السادة الذين تقبضون على السلطة في أقليم كردستان والعراق إسألوا أنفسكم: هل تستطيعون أن ترجعوا أرواح سبعة آلاف كردي فيلي قتلوا غدرا وظلما من قبل النظام البعثي العفلقي المستبد دفعة واحدة؟ وآلاف أخرى هنا وهناك من أطفال ونساء ورجال زُهِقَت أرواحهم في الوطن وفي الشتات لأنهم كانوا شرفاء كرماء أُمَناء لشعبهم، سبقونا في المسيرة النضالية لحرية الشعب وكرامة الوطن؟
لا نستطيع ان نعوض أولئك الذين أُنتُهِكَت حُرماتهم من هذه المجموعة الكردية الفيلية الرائدة التي كانت رأس الرمح في نضال الكردايتي والعراقي، حتى لو ملأنا لهم الأرض ذهبا. متى نسمع صوت الضمير الحي لكي نأخذ بأيديهم ونضعهم في قلوبنا مع أحبائنا في القيادة العليا لشعبنا كي يلعبوا دورهم في بناء الوطن تكريما للشهداء الأبرار، حتى يشعروا بعزتهم القومية وكرامتهم الوطنية؟

هل نفهم يوما ماذا يقول لنا الضمير حين نسمع مناجاته؟ أما نستيقظ من كسلنا العقلي، وغفوتنا الطويلة، وننظر إلى الغابة لنرى الحقيقة الصافية بدلا من أن نحجبها وراء أصبع واحدة!! كأن العين لا ترى كما قال الفيلسوف أفلاطون، حين نسمح لأنفسنا أن نضع عّصّابة سوداء على أعيننا لئلا نرى النور. أما آن الأوان أن ننزل من البرج العالي لنصافح الكرد الفيلية الذين جعلهم البعض يتامى الكرد، وكانوا بالأمس قادة ونبلاء وتجار يملكون تجارة العاصمة بغداد ويحتلون كراسي المسؤولية في الحركة التحررية الكردستانية!!!


عزيزنا الرئيس مسعود البارزاني !!! نراك في الأنوار حرا أبِيّا، صاحب الأمر والنهي كريما، أن تخطو نحو هؤلاء خطوة واحدة فتراهم يتقدمون نحوك خطوات كثيرة. فهم اليوم معكم كما كانوا بالأمس مع القائد الأب مصطفى البارزاني في الخندق الواحد. ولازال الخندق يا رئيسنا العزيز مكانه ينتظر الثوار الفيليين ليشدوا على أيديكم من أهلنا. إنها المسؤولية التاريخية لقيادتكم وللشعب الكردي كله أن يكونوا أمناء مع أبنائه البررة.


عزيزنا الرئيس مام جلال!!! لاتطفيء الأضواء من حولك وأنت رمز سيادة الشعب العراقي في العراق الفيدرالي. وأنت ترى الكرد الفيلية من البرج الرئاسي من مكانك، وأنت تعرفهم فلماذا لاتصافحهم وتقربهم حيث لهم ما لهم، وتعدل لهم وتنصفهم!!! صوت الضمير حي لايموت، وسيظل ينادي ويعاتب، والقلوب تئِن والآذان تسمع، والأرواح تدعوا، والأنفس في حسرة تنتظر الجواب.
فهل من مجيب؟؟؟

الدموع لاتغسل الجراح ، والأموال لاتعَوِضُ الأرواح. فليشعر كل مواطن بمسؤوليته رئيسا ومرؤوسا. ولنعلم أن كردستان لن تكون عزيزة بدون أن ننصف للمظلومين من أهلنا وشعبنا، بعد تعرضوا للظلم بسبب إنسانيتهم في نضالهم من أجل الحرية والكرامة الوطنية لهم ولنا. ولن يكون العراق حرا بدون أن نمنح الحرية للجميع على قدم المساواة وبعدالة بعيدا عن الطائفية والمحاصصة القومية والمذهبية.


هلاّ أجيبوا أيها القادة صوت الضمير الحي الذي يناديكم، وصوت الضمير في داخلكم وفي جوارحكم!!
أما تشعرون!!!

الكاتب الباحث خالد يونس خالد- مدير مركز الدراسات / السويد
17 أيار/ مايو 2007