يمكن تعريف التطرف على انه الايمان بجزء من فكرة عامة والغلو فيها حداً يعتبر المؤمن بهذه الجزئية او تلك من المبدأ العام عقيدة له، وما ان تعتمر في تفكيره حتى ينشط عقله فيعمل على تضخيم هذه الجزئية فيجعل لها حجماً هائلاً يشغل بها فكره فتبدو حينها طاغية تماماً على كامل هواجسه ومشاعره، فيتحول بعدها الانسان في حالته هذه الى داع لها ومناصر اليها وفي ذات الوقت مخطئاً ومكفراً للافكار الاخرى وبالتالي يتحول الى مكفر للفكر العام الذي يؤمن بجزء او بجزئيات منه، مولداً حالة تضر كثيراً بالاسلام والمسلمين لما عمل على تشتيت وحدتهم واراقة دمائهم وزهق ارواحهم، وذلك لما يتبعوه (اي المتطرفون) من الية متزمتة في تفسير الايات القرآنية التي تصل احياناً حد الترجمة الحرفية للكلمات التي ترصع الآيات الكريمة ليخرجوا بتفسيرات بعيدة عن الحق والحقيقة.
وما سيرة (ابو بلال مرداس بن اديه) لخير دليل على هذا النوع من التطرف والتزمت الذي لا يحمل في طياته الا الهلاك والخراب عليه وعلى أمثاله على حد سواء.
اذ يحدثنا التاريخ ان (مرداس بن أديه) كان خارجياً قارع النظام الاموي في وقائع كثيرة، مما ادى بوالي الكوفة (زياد بن أبيه) ان يضعه في غياهب السجن، وبسبب من الاسباب اطلق سراحه، فما كان منه الا ان اعتزل الحياة فلبس الخشن من اللباس وتقوت على الكسر من الخبر منصرفاً الى العبادة في صومعته الخاصة، في حين كان يتردد عليه وبشكل مستمر رفاقه وزملاؤه من الخوارج يطلبون منه الالتحاق بهم والانضمام الى صفوفهم ليعيد الكرة في الاغارة على النظام الاموي.
الا انه كان يرد طلبهم بالرفض لانشغاله في التنسك والتعبد لله تعالى، الى ان جاء يوم بحدث جلل هز فرائصه وهز مشاعر الثورة المكنونة في دواخل نفسه تمثل برمي زياد والي الكوفة امرأة خارجية مقطعة اليدين والرجلين في سوق الكوفة، فقرر عندها (بن اديه) مغادرة صومعته لينخرط مرة اخرى مع مجموعة الخوارج يحرض ضد بني أمية ويقاتل نظامهم، وصادف اثناء سيره مع زمرته جنوداً يحرسون خراجاً لبعض كور، فأغار عليهم”1″ واخذ جزءاً منه معتقداً انه نال حقه وحق اصحابه من ذلك الخراج، وسار في طريقه ينغص الحاكم ويعكر صفو ايامه، الا ان زياداً جهز جيشاً لملاحقته قوامه ألفا مقاتل تحت قيادة (اسلم بن زرعة) وصادف ان التقى الطرفان فنشب قتال عنيف بينهما انتهى بأنتصار (مرداس بن أديه) زعيم الاربعين رجلاً على جيش الالفي فارس ومقاتل لتلوذ فلوله في الهزيمة ويلجأ قائده الى الفرار لينال اللوم والتقريع من والي الكوفة الذي امر بعزله فوراً ليصبح اضحوكة عصره بعد ان زفه الاطفال بالصفير والتصفيق المصحوبين بكل معالم السخرية والاستهجان، لينتهي المطاف به الى داره ليكون حبسه المختار بعد ان طلب من زوجته غلق بابه عليه مقرراً عدم الخروج منه، وما ان استفاق الوالي من نوبة مشاعر الغضب والاستغراب على حد سواء حتى قرر ان يجهز حملة اخرى لقتال (بن أديه) على انه ضاعف تعداد جيشه ليبلغ اربعة الاف مقاتل ووضعهم تحت امرة مقاتل عرف بشراسته وهو (عباد بن اخضر) وما هي الا ايام والتقى الطرفان، فبدأت المعركة وحمى وطيسها لتنبئ احداثها عن انتصار وشيك كاد يحرزه (بن اديه) مع رجاله الاربعين، الا ان روحه المتطرفة وافكاره المتزمنة تداخلت فيما بينها لتشتبك في صراع مرير مع ذاته وخوالج نفسه ليصدر عنها صرخة لا تحمل في نبراتها الا مشاعر الاستغراب والدهشة، اذ دعا (بن اديه) المقاتلين الى الكف عن القتال لاداء فريضة الصلاة لحلول وقتها، فما كان من قائد الجيش الاموي الا ان يستجيب لرغبته معتبراً ان هذه الصرخة التي دعا اليها (بن اديه) في ذلك الوقت صرخة مجنون ليس إلا، ولكنها كانت السبب في انقاذه وبالتالي انتصاره، فتظاهر ماكراً الامتثال لرغبته وامر جنوده وهو معهم بالتوجه الى القبلة لتأدية الصلاة، وما ان سجد (بن أديه) واتباعه حتى اشار القائد (عباد بن اخضر) الى جيشه بالهجوم عليهم وما هي الا لحظات حتى فصل رأس بن اديه واتباعه. ان ما يدعو الى الدهشة والاستغراب هو السلوك الذي سلكه (بن أديه) على الرغم من ضلوعه بالفقه على شطريه الكتاب والسنة وتمكنه فيهما، اذ ان احداثاً مشابهة كثيراً ما حدثت ومثبتة كنصوص يتعامل معها المسلمون بما يوفر السلامة والامانة لهم، على ان بعضاً منها حدث مع الرسول وجيشه اثناء غزواته ومنها غزوة (ذات الرقاع) التي وقعت احداثها بعد غزوة احد، فما ان التقى الطرفان حتى شعر جيش محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بالخوف من الجيش الاخر، علماً ان معنويات الجيش كانت منهارة بسبب خسارتهم (غزوة احد) كما ان البعض منهم كان يعاني من جروح واصابات اصيبوا بها بسبب تلك الغزوة، فما ان حان وقت الصلاة حتى امرهم الرسول بأقامتها على ان يصلوا صلاة الخوف التي تتميز مناسكها عن غيرها من الصلوات، اذ ينقسم المؤمنون او المصلون فيها الى قسمين اثنين قسم يصلي والقسم الاخر يترقب العدو وذلك استناداً للآية الكريمة:
ـ (واذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك ولياخذوا اسلحتهم فاذا سجدوا “2” فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة اخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم واسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن اسلحتكم.(
كما ان الرسول حين جرح في غزوة احد صلى قاعداً”3″ وهذا دليل اخر يوضح ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يتعامل مع مجريات الاحداث مراعياً الظروف الموضوعية المحيطة به، ولم يكن آلياً بتطبيق الشعائر والفرائض”4″
كما ان هنالك حدثاً اخر قام به صحابي جليل، وذلك عندما ارسله الرسول لاغتيال احد اعدائه واسمه (خالد بن سفيان) الذي كان يحشد الناس ليغزو المدينة المنورة، فطلب الصحابي واسمه (عبد الله بن أنيس) من الرسول اوصاف (خالد) هذا فأجابه الرسول قائلاً:
ـ (اذا رأيته اذكرك الشيطان وآية ما بينك وبينه أنك اذا رأيته وجدت له قشعريرة) “5”.
وما ان اكمل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كلامه حتى توشح (عبد الله بن أنيس) سيفه يقصد به غريمه، واثناء سيره شاهد غريمه (خالد بن سفيان) وفي ذات الوقت حلت صلاة العصر وأذن ميقاتها فما كان منه الا ان صلى وهو ماشياً على ايماءات رأسه لينفذ بها حالة الركوع والسجود فلما انتهى من تأديتها سأله (خالد بن سفيان) قائلاً:
ـ (من الرجل؟ فأجابه (عبد الله) قائلاً:
ـ رجل من العرب سمع بك وبجمعك لهذا الرجل فجاءك لذلك، فأجابه خالد:
ـ أجل أني لفي ذلك”6″ فمشى معه بضع خطوات وما ان حانت الفرصة المواتية حتى قتله.
وفي حدث اخر اتخذ مثالاً يتحذى به وذلك عندما يتعرض الانسان لحالة من النسيان كنسيان الصلاة لسبب من مشاغل الحياة اذ قال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
ـ اذا نسيتم الصلاة فصلوها، وسبب قوله هذا، هو ان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) طلب في اخر الليل من يحرسه قائلاً:
ـ (من رجل يحفظ علينا الفجر لعلنا ننام)”7″؟ فتطوع بلال القيام بذلك وقام يصلي فصلى ما شاء ثم استند الى بعيره يرقب الفجر فغلبه النعاس فنام فلم يوقظهم الا مس الشمس او حرها وكان رسول الله اول من استيقظ من نومه فقال لبلال:
)ماذا صنعت بنا يا بلال؟ فأجابه قائلاً):ـ (اخذ بنفسي الذي اخذ بنفسك، فأجابه الرسول صدقت) عندها اتجه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ليصلي وامر بلال فاقام الصلاة فصلى الرسول بالناس وعندما انتهى منها قال:
ـ (اذا نسيتم الصلاة فصلوها اذ ذكرتموها فان الله تبارك وتعالى قال: (وأقم الصلاة لذكري)”8″ .
على ان حدثا اخر أدى بالرسول ان يأمر المسلمين بالتوجه سريعاً الى بني قريظة لمحاربتها وذلك عندما نزل عليه جبريل (ع) قائلاً للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم.(
ـ (اوقد وضعت السلاح يا رسول الله؟ فأجابه نعم فقال جبريل (ع) فما وضعت الملائكة السلاح بعد، وما رجعت الان لا من طلب القوم، ان الله عز وجل يأمرك يا محمد بالمسير الى بني قريظة فأني عامر اليهم فزلزل بهم)” 9″.
فأمر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مؤذناً فأذن في الناس من كان سامعاً مطيعاً فلا يصلين العصر الا ببني قريظة”10″، وتلاحق به الناس فأتى رجال منهم من بعد العشاء الآخرة ولم يصلوا العصر لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (لا يصلين احد العصر الا ببني قريظة، فصلوا العصر بها بعد العشاء الآخرة فما عابهم الله بذلك في كتابه ولا عنفهم به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)”11″. على ان المسلمين صلوا مع الرسول الكريم في احدى غزواتهم صلاة الظهر من على دوابهم للأسراع في مواجهة خصومهم في احدى معاركهم وهذا ما اكد عليه علي الوردي في احدى صفحات كتابه الشهير (وعاظ السلاطين) واغلب الظن انها كانت صلاة الظهر وذلك للأسراع في قتال بني قريضة.
ان هذا الاستعراض المسهب والبسيط لمجموعة الامثلة التي أقرها الشرع والدين لدليل واضح على سماحة الدين الاسلامي الميسر للامور وبعده كل البعد عن التزمت والتطرف ليشمل بها كل مناحي الحياة ومن بينها تأدية الفرائض والواجبات وهذا ما أكد عليه الكثير من الآيات القرآنية ومنها:
)لا يكلف الله نفساً الا وسعها) في حين رمى بن أديه نفسه واصحابه بتزمته وتطرفه الشديدين في التهلكة ضارباً عرض الحائط نصوصاً قرآنية تدعو الناس الى الحفاظ على ارواحهم وارواح غيرهم وخير دليل على هذا النص الآية الكريمة (لاترموا بأنفسكم الى التهلكة).
على ان التطرف والتزمت اتخذ مناحي وتشعبات عديدة لتكون له شباكاً في كل مجالات الحياة وهذا ما كان واضحاً في حالتين اثنتين كانتا خير مثال اوردهما حدثا ايام الرسول تمثلت الاولى، عندما شهدت السيدة عائشة (رضي الله عنها) امرأة بعد زيارتها الى بيتها فشاهدتها مهملة بحق نفسها وجمالها غير معتنية بملبسها وهندامها فسألتها عن السبب فقالت: ـ ان زوجي لا ينظر الي، كما انه وثلاثة من اصحابه يقومون الليل بطوله يؤدون الصلاة ويتلون القرآن ويصومون النهار.
فما ان سمع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بهؤلاء حتى قال:
ـ (ما بال اقوام يقول احدهم كذا وكذا، لكني اصوم وافطر وانام وآكل اللحم واتزوج النساء فمن رغب عني فليس مني وفي قراءة اخرى فليس من ملتي)”12″.
ليشمل بقوله هذا (عثمان بن مظعون) واصحابه حيث حرموا على انفسهم النساء واللحم وتمادوا في ذلك ليتفرغوا للعبادة، فأنزل الله بحقهم الآية الكريمة (يا ايها الذين امنوا لا تحرموا طيبات ما احل الله لكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين)”13″.
ان التطرف في الايمان حد التزمت يأتي بنتائج معاكسة، وهذا ورع آخر قطع شوطاً بعيداً في تقواه ليجد نفسه مؤمناً (بالحلولية) المقتبسة من عقيدة النرفانه الهندوسية الداعية الى حلول الذات الالهية في الجسد الا وهو (الحلاج) الصوفي الشاعر الذي أنشد شعراً زعم فيه وكأن الناظر اليه كمن ينظر الى الله تعالى والعكس بالعكس صحيح حيث قال:
ـ انا من أهوى ومن أهوى انا
نحن روحان حالنا بدنا
ـ فاذا أبصرته أبصرتني
وإن أبصرتني أبصرتنا
معتمداً بأيمانه هذا على مذهب الحلولية الذي اجاز (ان يظهر الباري تعالى بصورة شخص كما كان جبريل (ع) ينزل في صورة أعرابي وقد تمثل لمريم بشراً سويا)”14″، في حين اجاز شيخ من شيوخهم وهو احمد الهجيمي قائلاً:
ـ (ان المسلمين المخلصين يعانقونه (اي الله تعالى) في الدنيا والآخرة)”15″ لينحو شيخ من شيوخهم منحى اخر جسد فيه الله (تعالى) فآثر ان يصفه وصفاً لا يخلو من الهرطقة ومزيج من الاسطورة والخرافة على حد سواء اذ قال بنبرة وجلة خجلة:
ـ ان معبوده جسم ولحم ودم، وله جوارح واعضاء من يد ورجل ورأس ولسان وعينين وأذنين)”16″ وفي موقع اخر اضاف الى هرطقته لله تعالى جل شأنه قائلاً:
ـ (هو اجوف من اعلاه الى صدره، مصمت ما سوى ذلك، وان له وفرة سوداء وله شعر قطط)”17″.
ان الحركة الثقافية التي دعا اليها المأمون بغية مناقشة اصحاب الاديان من شعوب البلدان التي فتحت إبان الفتوحات الاسلامية، لم تنهض بالشكل المراد بها، حيث كان فيها من الشطط الكثير وذلك لتفسير بعض الشيوخ للآيات القرآنية والاحاديث النبوية الشريفة بعقول تفتقر الى الادراك والوعي، فكانت نتيجة تفسيراتهم ورود مثل هذه الامثلة الآنفة الذكر لتكرر مثيلاتها في مواقع متعددة ومختلفة لم يكن المعتزلة بمنأى عنها على الرغم من ان زعماءها وشيوخها وصفوا بالاعتدال ليتبوأوا الزعامة الاعتبارية للنهضة الفكرية لعصر انذاك، اذ اشغلوا انفسهم هم ايضاً في متاهات لم تكن لتخدم الشعوب الاسلامية لما حمل مفسروهم من افكار لا تخلو من السذاجة المبنية على اسس من ضيق الافق والانحسار في دهاليز لا تخلو من التزمت والتطرف الفكري، وهذا راهب المعتزلة (عيسى بن صبيح) دخل في ذات المدخل الذي دخله اسلافه من التيارات الاسلامية الاخرى، فذهب يصف الذات الالهية بفكرة ساذجة مستنبطة من ذلك الوكر، الحاضن للافكار ذات الطبيعة الممزوجة بين الخرافة والاسطورة حيث قال:
ـ (ان الله يقدر على ان يكذب ويظلم، ولو كذب وظلم كان الهاً كاذباً وظالماً)”18″.
ثم انزلق في غياهب الفكر التكفيري ودهاليزه الموحشة فكفر من لابس السلطان، وزعم انه لا يرث ولا يورث وكفر ايضاً من قال ان اعمال العباد مخلوقة لله تعالى، ومن قال انه يرى بالابصار، وغلا في التكفير حدا انه قال:
ـ هم كافرون في قولهم (لا اله الا الله)”19″. على ان ما يثلج صدر من قرأ مقولته هذه سخرية الشيخ (ابراهيم السندي) به وذلك عندما سأله مرة عن أهل الارض جميعاً، فما كان منه اي راهب المعتزلة (عيسى بن صبيح) الا ان يكفرهم جميعاً عندها رد عليه السندي قائلاً:
ـ (الجنة التي عرضها السماوات والارض لا يدخلها الا انت وثلاثة وافقوك)”20″.
في حين جاء شيخ اخر يدعى (احمد بن خابط) بتفسير وكأنه وضع حلاً لمعضلة عظيمة وهو من شيوخ المعتزلة ايضاً فما ان قرأ الآية الكريمة (وما من دابة في لارض ولا طير يطير بجناحيه الا امم امثالكم) حتى قال بعد تفكير عميق ان لهذه الدواب والطيور لها رسول لكل نوع منها، مستنداً على تحليله هذا بالآية الكريمة:
ـ (وان من أمة الا خلا فيها نذير)”21″.
ان من يقرأ الفكر الاسلامي قراءة متوازنة وموضوعية يجد فيه فكراً متقدماً يتميز بالسماحة وروح التجديد التي تتفاعل مع المستجدات التي تحل في المجتمع، الا ان المتطرفين الذين اطلقوا العنان لافكارهم في الخيال جزافا جعلوا منه فكراً حاضناً للجمود الفكري الداعي الى الجهل والتخلف، والامثلة المطروحة آنفاً لأكبر برهان على ذلك، كما أحلوا اي (المتطرفون) نصوص آياته الى الات حادة لتقطيع الجسم البشري وذلك عندما حجموا افكاره السمحاء الداعية الى بث روح الانسانية بين البشر ليظهروا بشكل مقرف أدبيات التكفير واضعين المكونات المختلفة بين الشعوب في زوابع الهاوية.
ان الفرق الشاسع بين هذه الملل التي تحمل صفحات أدبياتها لغة التكفير والتفسيرات الساذجة للآيات القرآنية ليظن من يبحث في المقارنة بينها انه امام دين او اديان مختلفة فحواها ومحتواها عن حقيقة الدين الاسلامي الحنيف، والدليل على صحة هذا القول ركنان اساسيان دعا اليهما شيخا المعتزلة (هما الفضل الحدثي واحمد بن خابط) حيث نصت الأولى عن لسانهما:
ـ (ان للخلق خالقين احدهما قديم وهو الباري تعالى، والثاني محدث وهو المسيح (ع) لقوله تعالى: (واذ تخلق من الطين كهيئة الطير)”22″.
في حين تميزت الثانية من السذاجة ما توحي بالكثير من المشاعر المختلطة الممزوجة بعوامل الاستهجان والاستغراب والضحك، اذ جاء (ابن الراوندي) المعتزلي بفكرة لا يمكن وصفها الا بالجنونية اذ قال:
ـ (ان للقرآن جسداً يجوز أن ينقلب مرة رجلاً ومرة شكلاً اخر)”23 “.
ان هذه الافكار الشاذة لم ينفرد بها المعتزلة فقط بل هناك الكثير منها في الملل الاخرى التي اعتمد شيوخها استخدام نفس المنظور لقراءتهم الكتاب والسنة وبشكل خاص شيوخ (الصفاتية) وهي ملة من الملل الاسلامية نسبت كغيرها اقوالاً للنبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا يمكن وصفها لا بالاسرائيليات لوجود مثيلاتها في سفر التكوين التوراتي ومن هذه الاقوال:
ـ (اشتكت عيناه فعادته الملائكة وبكى على طوفان نوح حتى رمدت عيناه، وان العرش ليئط من تحته كأطيط الرجل الحديد، وانه ليفضل من كل جانب اربع اصابع)”24″.
في حين ادعى الكعبي وهو شيخ منهم:
ـ (انه (اي الله تعالى) يجوز الرؤية في دار الدنيا وان يزوره ويزورهم)”25″ على ان الشيوخ من ملة (الجبرية) جاءوا بفكرة يمكن القول عنها بالمتزنة اذ قالوا: ـ بنفي الفعل حقيقة عن العبد واضافته الى الرب”26″، اي انهم اثبتوا ان لا فعل ولا قدرة للعبد على الفعل اصلاً بأعتبار ان مصدرها الله تعالى.
الا ان شيخهم انعكف بصومعته لينظر في الكتاب والسنة فلم يكتف بالقول بخلق القرآن بل فاجأ اصحابه يوماً ليوقفهم أمام مجموعة من المجذومين ليقول:
ـ (انظروا ارحم الراحمين يفعل مثل هذا)”27″.
ان الاسباب التي ادت الى ظهور مثل هذه التفسيرات الشاذة للقرآن الكريم تعود لأسباب عديدة منها الخلفية الثقافية للمفسرين انفسهم حيث كانوا يحملون افكاراً لمعتقدات عدة ظهرت واضحة المعالم في تفسيراتهم وأدبياتهم، في حين كان السبب لظهور مثل هذه التفاسير اتباع المفسرين اسلوب الترجمة الحرفية للآية القرآنية وكأنها جزء منفصل قائم بذاته لا علاقة لها بما قبلها او بما بعدها من الآيات القرآنية حتى وصل بهم الحال في تفسيراتهم الحرفية لآي الذكر الحكيم حدا انهم فسروا (السميع البصير) بأمتلاك الله تعالى الاذن والعين وفسروا الآية (يد الله فوق ايديهم) بأمتلاكه اليد.
في حين غاصت ملة الخوارج بفتاوى التكفير حدا انها جعلت من الآيات القرآنية الكريمة آلة للقتل البشري والتقطيع الجسدي حتى كادت تفرغ الفكر الاسلامي من سمة التسامح فيه وتجبله بصبغة الدم المراق لما مارسه قوادها من القتل البشع والعنيف، ومن اقوالهم:
ـ (ان مخالفيهم من هذه الامة مشركون، وان القعدة (عن القتال) ممن على رأيهم مشركون)”28″ كما انهم (أوجبوا امتحان من قصد عسكرهم ان يدفع اليه أسير من مخالفيهم ويأمروه بقتله فان قتله صدقوه وان لم يقتله قالوا هذا منافق ومشرك فيقتلونه)”29″.
كما استباحوا قتل نساء واطفال مخالفيهم وزعموا ان اطفال مخالفيهم مشركون مخلدون في النار)”30″ فضلا عن هذا (فقد استحلوا كفر الامانة)”31″ كما (استحلوا دماء اهل العهد والذمة واموالهم في حالة التقية)”32″.
على ان اخطر فتوى مجموعة منهم تدعى العونية حيث كفرت شعوباً بكاملها ومفادها: ـ (ان الامام اذ كفر كفرت الرعية، الغائب منهم والشاهد)”33″.
على ان فكرة التكفير هذه التي احتوتها تلك الفتوى او الفتاوى الاخرى لم يشملوا بها كل الطوائف والمذاهب الاسلامية فحسب، بل شملوا بها ايضاً مخالفيهم في المذهب او التيار الواحد الذي ينتسبون اليه جميعاً وقد اتضح مثل هذا عندما نشب الخلاف بين زعيمين من زعمائهم حول موضوعة (التقية) فالاول (نافع بن الازرق) وأدعى بعدم جوازها مستنداً الى الآية الكريمة للذكر الحكيم والتي تنص:
ـ (اذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله)”34″ كما اعتمد ايضاً في صحة رأيه على الآية الاخرى:
ـ (يجاهدون في سبيل الله لا يخافون لومة لائم)”35″ في حين خالفه في هذا الرأي الزعيم الثاني (نجدة بن عامر) ليقول بجواز التقية مستنداً على صحة قوله بآي من الذكر الحكيم ايضاً والتي تنص:
ـ (الا ان تتقوا فيهم تقاة) كما استند الى الآية الاخرى لتعضيد رأيه:
ـ (وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم ايمانه)”36″ كما اضاف قائلاً:
ـ (القعود عن الجهاد جائز، والجهاد اذا أمكنه افضل)”37″ مستنداً في قوله هذا على الآية الكريمة (وفضل الله المجاهدين على القاعدين اجراً عظيما)”38” .
وبطبيعة تفكيرهما المبني على عدم احترام الرأي الاخر ونبذ اسلوب الحوار وتبادل الرأي كفر الرفيقان احدهما الاخر لينشق نجدة بن عامر واتباعه عن نافع بن الازرق ليقتل على يد اصحابه في موقعة اخرى وذلك بسبب تسامحه في خطأ وقع به بعض اتباعه الا ان البعض الاخر كفروه فكادوا له وقتلوه.
ان النهاية التي انتهى اليها نجدة بن عامر ونافع بن الازرق ما كانت لتنهي بهذا الشكل الذي كفر بها احدهما الاخر، فلو انهما تريثا قليلاً ودرس كل منهما موضوعة (التقية) بكل أمعان وروية في الكتاب الكريم ومن ثم عرجا الى السنة النبوية فمن المؤكد انهما سيتوصلان الى الحل الامثل المتمثل بوجوبها، وذلك استناداً لسيرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وسلوكه في اوضاع مماثلة تتصف بالشدة والضيق، اذ اتخذ الرسول جانب السرية في بداية دعوته وما ان توفرت الظروف الملائمة حتى بادى قريشاً يسفهها ويتعرض لالهتها، وما ان هدده ابو جهل قائلا:
ـ (والله يا محمد لتتركن سب الهتنا او لنسبن الهك الذي تعبد)”39″ حتى كف عن التعرض لقريش وآلهتها بأمر من الله (تعالى) قال فيه:
ـ (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله، فيسبوا الله عدواً بغير علم) كما امر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) اتباعه بالهجرتين تجنباً للاذى، وبهذه السيرة التي اتبعها الرسول يتضح منها وجوب التقية، ولكن الاثنين (عامر ونجدة) كانا كغيرهما من المفسرين الذين اقتطعوا الايات او الاية الواحدة ليجعلوا منها تفسيراً مقدساً لا يقبل الشك ولا يعادل الا التنزيل في نظرهم، مصدرين منها افكاراً متضاربة مشوشة مخلة بالشرع والسنة، تدعو الى اراقة دماء المسلمين وتستبيح اعراضهم واموالهم ضاربين عرض الحائط وصايا الرسول جملة وتفصيلاً ومنها:
ـ (من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا واكل ذبيحتنا فذلك المسلم له ذمة الله وذمة رسوله فلا تخفروا الله في ذمته):”40″.
ـ (من حمل علينا السلاح فليس منا)”41″ .
ـ لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض”42″.
ـ (المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه)”43″.
ـ (أمرت ان اقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله، فان قالوها عصموا فيها دماءهم واموالهم الا بحقها وحسابهم على الله)”44″ وفي قول اخر للرسول الكريم عن حرمة دم المسلم قال:
ـ (ان هدم الكعبة أهون على الله من قتل مسلم)، وعلى الرغم من هذه التحذيرات الا ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان على دراية بما سيحصل بعده لذا قال في مواضع عدة محذرا من الفتن بعد ان تكهن بحدوثها فقال:
ـ (فأني لارى الفتن تقع خلال بيوتكم كوقع القطر)”44″.
ـ (ان أوان الفتن)45″ مشخصاً مسببيها وفاعليها واصفاً اياهم بالاغرار حديثي الاسنان اذ قال (هلاك أمتي على يدي اغيلمة سفهاء)”46″.
كما ان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وصف ايام الفتن فوصفها بسواد الجهل وزوال العلم وكثرة القتال اذ قال:
ـ (ان بين يدي الساعة لاياما ينزل فيها الجهل ويرفع فيها العلم ويكثر فيها الهرج والمرج)”47″ اي القتل.
ان الجهل المذكور في الحديث الشريف آنف الذكر لهو حالة عمل على تجسيدها لتكون واقعاً مريراً رموز التطرف الذين تمكنوا بأفعالهم ان يحققوا اموراً نكرهها لتتحقق نبوءة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حين قال (سترون بعدي اموراً تكرهونها)”48″.
ان الباحث في الملل والنحل يجد ان لمعظمها نهجاً مبرمجاً لا يدعو الى الحضارة والبناء والعمران بل كان صلب افكارها القتل والتكفير والاستباحة، فأشاعت في القلوب حالة من الرعب والفزع كانت نتائجها مشاعر خوف متأجج في نفوس الناس، وبشكل خاص عن ذكر البعض من ذوي النوايا الحسنة من المسلمين بأقامة الدولة الاسلامية، على هذا الشعور بالخوف الذي ينتاب الكثيرين له ما يبرره بالارتكاز على تبريرات حقيقية مرتبطة الى وقائع تاريخية وذلك لعلمهم على اليقين ان المسلمين ليسوا محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) وابا بكر وعمر وعلياً (ع) فحسب بل انهم نافع بن الازرق وعباس بن مرداس بن أديه وعينيه بن حصن الغزاري وذي الخويصرة وعبد الرحمن”49″ بن ملجم ايضاً، لذا قامت بعض الشخصيات الاسلامية العالمة بحقائق الاحداث المروعة والمدونة في التاريخ على بث روح الطمأنينة في قلوب الناس فأعلنوا عن نيتهم بعدم اقامة الدولة الاسلامية المحكومة بقصاص الشريعة، في حين دعا البعض الاخر بنوايا سليمة مخلصة، قلوبهم مع الاسلام وحمامهم عليه خوفاً منهم على المسلمين والاسلام من براثن امثال نافع بن الازرق ونجدة بن عامر الى اقامة الدولة (المهنية) البعيدة كل البعد عن الايديولوجيات ولكنها تتمتع ببرنامج خدمي واضح وذلك ليجنبوا بها شعوبهم ويلات الفتن وحروب الطوائف التي جلبت المحن للمسلمين وكلفتهم الكثير فأحرقت كتبهم المقدسة وهدمت مزاراتهم الشريفة وطالت كعبتهم المقدسة فضربت بالمجانيق مراراً وتكراراً فهدم بناؤها واحترقت بما فيها، كما توارثت الاجيال اللاحقة هذه الحروب لتولد الكوارث وتبقيها شاخصة مجسدة معالمها في المجتمع مجموعة من الامراض الاجتماعية.
ان مجريات الوقائع التاريخية اثبتت ان الحديث الشريف الذي قاله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم:(
ـ (أخلاف امتي رحمة) احالة الواقع الاسلامي الى نقمة مصحوبة ببحر من الدماء والجرائم المقززة للنفس البشرية، كما احال ذات الواقع المقولة القائلة:
ـ (الخلاف لا يفسد في الود قضية) الى افساد تام للود والقضية ولكل مشتقات الاثنتين ومفرداتهما معاً، وما جرائم اليوم البشعة الا نتاج لذلك الواقع الممتد في العمق التاريخي للتراث الاسلامي.
ان محاولة التقارب بين الطوائف الاسلامية والعمل على مصالحتها في ظل حكومة اسلامية لم تحدث في التاريخ الاسلامي الطويل الا مرتين، وكانت النتيجة الفشل الذريع للمحاولتين على الرغم من قسم الطرفين المتصارعين بالايمان الغليظ لانجاحهما، فقد فشلت، الاولى بقتل احد الطرفين (بجند الله من عسل) في حين كانت المحاولة الثانية التي قام بها (نادر شاه) في القرون الوسطى للتقريب بين الطوائف فقد باءت بالفشل الذريع هي الاخرى بعد قتل مجموعة من المتطرفين ذلك الشاه بسبب ذلك الصلح الذي لم يصمد طويلاً لتندلع الحروب مجدداً بعد نكث الاطراف المعنية لجميع العهود والمواثيق.
ان تشتت المسلمين الى ملل ونحل يمكن تعايشهم معاً تحت ظل دولة وسطية معتدلة تعمل على توفير (حرية العبادة للجميع وتقدم الخدمات الى الجميع)، ان الدولة المهنية يمكن لها ان تجمع المكونات المختلفة من خلال ما هو مشترك فيما بين البشر الا وهو المأكل والملبس والمأوى فضلا عن توفير الفرص لتحقيق الامال والاحلام، اما الاعتقاد بأمكانية التوحيد بين المكونات اعتماداً على الروحانيات، فلا تعدو الا ان تكون ضرباً من المستحيل لانها السبب الاول للاختلاف، اما الادعاء بوجود ما هو مشترك فيما بينهم، فهذا محض خيال لان كل ملة تنسب الى نفسها فقط مقولة (الملة الناجية).
ان صراع الطوائف او صراع المكونات للشعب الواحد لا يمكن ان يقود الا الى دولة مبعثرة وشعب ممزق يتوجس الخيفة والحذر فيما بين افراده، وفي احسن الاحوال الى دولة قابلة للانفجار مهما كان اليمين غليظاً عند اقامة السلام بين المتقاتلين، وهذا ما أكدت عليه احدى الروايات في باب الفتن للبخاري، حيث جاء حذيفة اليمان الى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ليسأله عن الشر مخافة ان يدركه فقال: (يا رسول الله انا كنا في جاهلية وشر فجاء الله بهذا الخير فهل بعد الخير شر؟ قال نعم، فأجابه حذيفة:
ـ (وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال نعم، وفيه دخن، فسأله اليمان وما دخنه قال: قوم يهدون بغير هدي تعرف منهم وتنكر). ان الشعوب كافة ما بحثت في هذا الموضوع الا حرصا على بلد نأمل الا يحتضر وشعب نأمل ان يستقر خدمة لاطفالنا واجيالنا اللاحقة وان النبي الكريم حين تنبأ بالفتنة لم ولن يتنبأ بأنتهائها.
الهوامش:
1-الفتنة الكبرى، ج2.
2-سورة النساء، اية 102.
3-السيرة النبوية، ج3، ص68.
4-السيرة النبوية، ج3، ص69.
-5السيرة النبوية، ج4، ص208.
6-السيرة النبوية، ج4، ص209.
-7السيرة النبوية، ج3، ص258.
-8السيرة النبوية، ج3، ص259.
9 -السيرة النبوية، ج2، ص176.
-10السيرة النبوية، ج2، ص177.
-11السيرة النبوية، ج2، ص177.
-12تفسير الجلالين، ص154.
13-سورة المائدة، آية.
-14الملل والنحل، ص86، الشهرستاني.
-15الملل والنحل، ص84، الشهرستاني.
-16الملل والنحل، ص84، الشهرستاني.
17-الملل والنحل، ص85، الشهرستاني.
18-الملل والنحل، ص53، الشهرستاني.
-19الملل والنحل، ص54، الشهرستاني.
20-المحلل والنحل، ص54، الشهرستاني.
-21الملل والنحل، ص50، الشهرستاني.
-22الملل والنحل، ص53، الشهرستاني.
-23الملل والنحل، ص54، الشهرستاني.
-24الملل والنحل، ص54، الشهرستاني.
-25الملل والنحل، ص54، الشهرستاني.
-26الملل والنحل، ص69، الشهرستاني.
27-الملل والنحل، ص69، الشهرستاني.
-28الملل والنحل، ص95، الشهرستاني.
-29الملل والنحل، ص75، الشهرستاني.
-30الملل والنحل، ص96، الشهرستاني.
-31الملل والنحل، ص98، الشهرستاني.
32-الملل والنحل، ص100، الشهرستاني.
-33الملل والنحل، ص101، الشهرستاني.
-34سورة النساء، آية 77.
-35سورة المائدة، آية 54.
36- سورة آل عمران، آية 28.
-37سورة غافر، آية 28.
-38سورة النساء، آية 95.
-39السيرة النبوية، ج1، ص269، ابن هشام.
-40 صحيح البخاري، ص1251.
41- صحيح البخاري، ص1251.
42- صحيح البخاري، ص1252.
– 42صحيح البخاري، ص1253.
43- صحيح مسلم، ج5، ص98.
44-صحيح البخاري. 45- صحيح البخاري.
-46صحيح البخاري، ص1252.
47-صحيح البخاري.
48 -صحيح البخاري، ج5، ص99.
49 ا-نهلك وفينا الصالحون؟ قال رسول الله نعم اذا كثر الخبث. صحيح البخاري، ص 1250.
التآخي