الرئيسية » مقالات » من هو نيكولا ساركوزي !؟

من هو نيكولا ساركوزي !؟

أصله :
ولد نيكولا ساركوزي، الرئيس المنتخب لفرنسا، في مدينة باريس بتأريخ 28 كانون ثاني 1955 م. وقد كان والده من المهاجرين الهنكار الذين غادروا هنكاريا في عام 1944 م بعد وصول الجيش الأحمر الروسي اليها. وبعد رحيل والده مباشرة من هنكاريا ومن خلال وجوده في ألمانيا إلتقى بموظف فرنسي كان يجند ويبحث عن مرتزقة للإنضمام الى كتائب الجيش الفرنسي للخدمة الخارجية”جنود وراء الحدود”. وقد أقتنع والد ساركوزي بفكرة الإنخراط كمرتزق في كتائب الجيش الفرنسي للخدمة في الجزائر . ويحصل المرتزق الأجنبي الذي يلتحق بكتائب الجيش الفرنسي للخدمة الخارجية أنذاك على الجنسيّة الفرنسية عادة. وهكذا حصل والد ساركوزي على الجنسية الفرنسية بعد أن خدم في الجيش الفرنسي مدة خمس سنوات، قضى أربع سنوات منها في الجزائر. وفي عام 1948م ترك الخدمة العسكرية، ثم تزوج بعد عام من ذلك بأبنة طبيب يوناني يهودي الأصل قد إعتنق الديانة النصرانية. إلاّ أنه قد تم الطلاق بينهما في عام 1959م ، بعد أن أنجبا ثلاثة أولاد كان نيكولا ساركوزي الإبن الثاني في العائلة وإنصرفت أم ساركوزي بدورها ومباشرة بعد الطلاق الى الدراسة، لتحصل على شهادة في الحقوق وتتخرج محامية بعد ذلك.

دراسته : حصل نيكولا ساركوزي على شهادة البكالوريا عام 1973م ، وذلك بعدما إلتحق بمدرسة خاصة إثر رسوبه في دراسته في المدارس العامة. وفي عام 1978م حصل على شهادة الليسانس في القانون والسياسة. وكان يعمل أثناء دراسته كموزع للورود على المحال التجارية من أجل أن يستطيع تمويل نفسه ماديا أثناء دراسته. وحاول ساركوزي الحصول على درجة دراسية أعلى من معهد الدراسات السياسية في باريس، إلاّ أن معدلاته الضعيفة ورسوبه في درس اللغة الأنكليزية منعاه من الحصول على هذه الدرجة. حصل في عام1981م على إجازة ممارسة لمهنة المحاماة وعمل محاميا طبقا لذلك، مع زميلين في مكتب للمحاماة في مدينة باريس.

حياته الزوجية:

في عام 1982 م تزوج ساركوزي من فتاة فرنسية ورزق بولدين منها. ولكن في عام 1984م إلتقى بـفتاة فرنسية أخرى إسمها( سيسيليا سيغانه)،حيث كان عمدة حي”نويي” أنذاك وهو أحد الأحياء الراقية في مدينة باريس. وكان ذلك أثناء إجراءات الزواج الرسمية لهذه الفتاة مع زوجها نجم التلفاز الفرنسي المشهور (جاك مارتان). لم يدم هذا الزواج طويلا بين العروسين! حيث تركت سيسيليا زوجها النجم المشهور في عام 1989 م، لكي تلتحق بعشيقها ساركوزي الذي تزوجها رسميّا عام 1996م ورزق بولد منها.

حياته السياسية:
إنضم الى حزب “الإتحاد الديمقراطي من أجل الجمهورية” في عام 1974م. وفي عام 1976 م إنضم الى حزب جديد أسمه “التجمع من أجل الديمقراطية”. وفي عام 1980م دعم جاك شيراك في العملية الإنتخابية. وقد أصبح في عام 1983م عمدة منطقة “نويي” المتطورة في العاصمة باريس. أصبح عضوا في البرلمان الفرنسي وهو في عمر الرابعة والثلاثين . وتسنم وزارة المالية والإقتصاد وهو في عمر الثامنة والثلاثين.
في عام 1993م حصل عمل إرهابي في روضة أطفال تقع في حي “نويي”، حيث إحتجز إرهابي أنذاك عددا كبيرا من الأطفال في روضتهم. وقد كان ساركوزي يتفاوض مع هذا الإرهابي بصفته عمدة حي “نويي”. وقد هدد هذا الأرهابي بتفجير المدرسة وقتل الأطفال إن لم تتحقق مطاليبه!. وإستطاعت شرطة التدخل السريع الخاصة قتل الإرهابي وتخليص الأطفال منه وقد حسبت نتائج هذه الحادثة كسبا لساركوزي .
دعم ترشيح إدوارد بالادور ضد جاك شيراك في عملية الإنتخابات الرئاسيةالتي أجريت عام1995 م. ولكن جاك شيراك قد إنتصر في هذه الإنتخابات وحصل على رئاسة الجمهورية، وهذا ما أدى الى إيقاف أو تجميد فعاليات ساركوزي السياسية في حينه. ولكن في إنتخابات عام 2002 م دعم ساركوزي الحملة الإنتخابية لجاك شيراك، وهكذا قد حصل على حقيبة وزارة الداخلية . وأظهر خلال تجربته في العمل بهذه الوزارة عضلاته المنتفخة أمام مظاهر العنف التي حصلت في الضواحي الباريسية من قبل المغتربين الأجانب. كما أنه طبق سياسة حازمة في مجال سلامة السير والحد من حوادث الطرق ، حيث قلّت نسبة وفيات حوادث السير الى 34 في المائة في الفترة الواقعة بين 2002 الى 2006 م .
أعلن ساركوزي نيته لترشيح نفسه لمنصب رئيس جمهورية فرنسا بتأريخ 14 تموز 2004م وذلك من خلال مقابلة تلفزيونيّة أجريت له. بنفس هذه السنة أنتخب رئيسا لحزب ” الإتحاد من أجل حركة شعبية” وذلك بنسبة 85 في المئة من الأصوات، وبعد هذا الإنتخاب مباشرة قدّم ساركوزي إستقالته من منصبه الوزاري كوزير للإقتصاد الفرنسي أنذاك الى جاك شيراك رئيس الجمهورية الفرنسيّة.
وفي شهر أيار2005م عاد ساركوزي مرة أخرى الى حلبة السلطة وذلك بعد إستقالة جون بيير رافاران رئيس وزراء فرنسا أنذاك، نتيجة للفشل الذي حصل في تمرير الدستور الأوربي خلال التصويت الشعبي عليه في فرنسا. وتسنم ساركوزي وزارة الداخلية الفرنسية في الوزارة الجديدة مرة أخرى الى حين إستقالته منها قبيل الإنتخابات الرئاسية الأخيرة.
مفاهيمه:
يعتبر ساركوزي من المتحزبين للنضال ضد العنصرية وضد أعداء السامية وقد حصل طبقا لذلك على “وسام التسامح” لعام 2003م في هذا المجال . كما تميز ساركوزي ومن خلال سيرته العامة بأقواله النارية وشعاراته الملتهبة ضد الهجرة غير الشرعية وضد التساهل أمام العنف المستشري بسبب تصرفات بعض الأجانب. ومن الأقوال المشهورة التي نطق بها في هذا الإطار هو( تنظيف حارات فرنسا من نفايات المجتمع). وقد نطق بمثل هذه التعابير الحادة إبان أحداث العنف التي إبتدأت في الضواحي الباريسية بين رجال الشرطة الفرنسيين وبعض أبناء المغتربين، في شهر حزيران من عام 2005 م.
أصدر ساركوزي حينما كان وزيرا للداخليّة بعض القوانين الصارمة في هذا المحور كقانون “تهذيب الهجرة وعملية إندماج الأجانب” لعام 2006 م. ومن أهم فقرات هذا القانون هو قبول المهاجر على أسس إختيار تفضيلية ثابتة وليست عشوائية. وطرد الغرباء غير الشرعيين من الأراضي الفرنسية.
أما توجّه ساركوزي في إطار السياسة الخارجية فأنه مثار جدل بين المحللين ، حيث يرى الكثيرون بأن ساركوزي سيجري تغييرا واضحا في السياسة الفرنسية الحالية. إذ أنه من المتوقع أن يفتح صفحة جديدة في علاقات فرنسا الخارجية ، خصوصا علاقات فرنسا مع أمريكا وإسرائيل، حيث يتوقع المحللون السياسيون إنفراجا واضحا في طبيعة هذه العلاقات . وربما ستلعب الأصول والجذور العائلية للسيد ساركوزي دورا ما في مخططاته الستراتيجية المستقبلية وعلاقات بلاده بهذين البلدين!
أن التقارب الفرنسي الأمريكي ربما يخفف من وطأة الضغوط السياسية والإنتقادات اللاذعة التي تعرضت لها الإدارة الأمريكية ولا زالت تتعرض لها من قبل فرنسا بسبب إجتياحها للعراق، حيث فقدت فرنسا الكثير من مصالحها الإقتصادية في هذا البلد نتيجة لهذا الإجتياح! كما يتوقع المحلل السياسي توافقا وتقاربا أمريكيا فرنسيا في الأمور الساخنة دوليّا كالملف النووي الإيراني وملف الشرق الأوسط ومشكلة ” الإرهاب” والوضع في إقليم دارفور وغيرها من الأمور والأوضاع العالمية العالقة . وأن كان ساركوزي قد بين وجهة نظره حيال إنضمام تركيا الى الإتحاد الأوربي والتي إتسمت بالرفض لهذا الإنضمام، إلاّ أنه لم يكشف عن نفسه وعن آرائه حيال المشاكل العالقة في منطقة الشرق الأوسط وموقفه السياسي العام اتجاه قضايا العرب ، وستبقى هذه الامور بعنق الغيب حتى تظهرها الأيام ويكشفها الزمن!