الكتاب: التنمية الاقتصادية في العراق :مشاكل وحلول
الكاتب: د. حاكم محسن محمد، هدى زوير الدعمي
اصدار: مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية
عدد الصفحات: 135 من القطع المتوسط
عرض: وحدة البحوث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية
لاشك ان الواقع الاقتصادي العراقي يعاني من مشاكل كثيرة جدا ابتداء من انهيار البنية التحتية وضعف الشريحة الوسطى الضرورية وصولا الى استشراء الفساد الاداري وغياب النزاهة وتولية غير الاكفاء.
ان هذا الواقع يترافق مع وجود عملية سياسية مشلولة ولكن تحمل في طياتها امالا عريضة ببناء دولة الرفاهية والقانون التي يراد لها ان تكون نموذجا باهرا في المنطقة، وهذا الامر يتطلب بذل جهود كبيرة من اجل اقامة بنية اقتصادية صلبة يمكن ان تساعد في تحقيق الاستقرار السياسي وترفد الدولة بالموارد الضرورية لتحقيق اهدافها وشل وتعطيل اهداف اعدائها والمتربصين بها.
لذا جاء اصدار كتاب) التنمية الاقتصادية في العراق :مشاكل وحلول( كجزء من نشاط القسم الاقتصادي في مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية للنهوض بالواقع الاقتصادي العراقي.
وهذا الكتاب هو ثمرة جهد مشترك بين كل من الاستاذ الدكتور حاكم محسن محمد والمدرسة المساعدة هدى زوير الدعمي المنتسبين لكلية الادارة والاقتصاد في جامعة كربلاء، ويتكون الكتاب من ثلاثة فصول، كتب الفصل الاول منها الدكتور حاكم محسن، اما الفصلان المتبقيان فقد جاءا بتوقيع الباحثة هدى الدعمي.
واهتم الفصل الاول بدراسة مؤشرات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في دول النمور الآسيوية اذ تم اخذ كل من ماليزيا وكوريا الجنوبية كنموذج ومقارنة اوضاعهما بالوضع العراقي من خلال دراسة مؤشرات الدخل القومي الاجمالي،ومعدل دخل الفرد،والناتج المحلي الاجمالي،ونصيب الفرد من الناتج القومي الاجمالي،وميزان المدفوعات،والميزان التجاري،وأجمالي تكوين رأس المال الثابت ومقارنة هذه المؤشرات بالواقع الاقتصادي العراقي،للاستفادة من التجربة الآسيوية في النهضة العراقية وان كنا نتمنى على الباحث التوسع اكثر في دراسته تعميما للفائدة وزيادة في الوضوح.
وتطرق الفصل الثاني الى قضية البطالة في العراق حيث جرى التعريف بالبطالة لغة واصطلاحا وواقعها في العراق الذي تبين انها وصلت الى مديات خطيرة تتراوح بين 65ـ70% من قوة العمل الفعلية في حين نجد ان هذه النسبة هي 14% في ايران و9,2 % في مصر و1,1% في الكويت و15% في الاردن،مما يدل على خطورة الوضع العراقي وحراجته، والاسباب كثيرة يمكن الاطلاع عليها في الكتاب،ولهذه البطالة انواع كالبطالة الاحتكاكية والموسمية والاختيارية والجبرية والمقنعة والهيكلية.
وهذه البطالة بأنواعها المختلفة تترك تأثيرات كارثية على الواقع الاقتصادي والاجتماعي العراقي ليس ادل عليه ماذكرته الباحثة بقولها:يشعر العاطلون بالاحباط واليأس وعدم الانتماء للدولة،فتنتشر الجريمة بأنواعها وخاصة في صفوف العاطلين الذين لايتلقون اعانة بطالة..
ويكون واقع البطالة..اشد على القطاعات الاضعف في المجتمع،وهم الفقراء والنساء،اضف لذلك الانحرافات الفكرية وانتشار الشعور بالحقد والبغضاء نحو الطبقات التي تحيا في بحبوحة من العيش وكلما طالت فترة التعطل كلما صار ضررها جسيما حيث تؤثر تاثيرا سلبيا على المواهب الفنية والعقلية للعامل فتضمحل مهاراته بل يفقد الانسان ميزة التعود على العمل واتقانه وينحط مستواه.
و العاطلين كما تشير الباحثة يشكلون عبئا ثقيلا على انفسهم وعائلاتهم والمجتمع وخزينة الدولة،أضافة الى كونهم مركز توتر اجتماعي قابل للانفجار في كل لحظة،ويمكن استغلالهم من قبل القوى التي لاتريد الاستقرار والخير للبلاد. وقد قدمت الباحثة عددا من التوصيات والحلول الجديرة بالملاحظة فيما يتعلق بقظية البطالة.
اما الفصل الاخير من الكتاب فتناول موضوعا مميزا وهو الاستثمار في التعليم كمدخل لدعم عملية التنمية الشاملة المستدامة انطلقت فيه الباحثة من فرضية تقول :ان للتعليم دور رئيس في صنع الحضارة وبناء الانسان وتنمية الموارد البشرية التي هي اساس التنمية الشاملة وان قلة التحصيل التعليمي ورداءة نوعيته يؤدي الى التخلف الاقتصادي والاجتماعي.وجرى التأكيد على هذه الفرضية من خلال صفحات الفصل،اذ جرى التأكيد على ضرورة الاستثمار الفاعل في مجال التعليم لان محو الامية يتبعه تحسين اداء العمل الذي يؤدي الى ارتفاع الطاقة الانتاجية وهذا بدوره سيتبعه نمو الانتاج وبالتالي زيادة الدخل وارتفاع مستوى المعيشة مما يقود الى تحقيق التنمية البشرية المؤدية الى التنمية الشاملة.
فالتعليم ضروري لانه اداة لاكتساب التقانة ويجب ربطه بسوق العمل واعتباره حقا انسانيا يهدف الى تحسين وضع الافراد والمجتمعات،وأشارت الباحثة الى انه اذا كان القرن العشرون هو قرن الشهادات،فأن القرن الحادي والعشرين هو قرن الكفاءات فقد فقد اصبحت الشركات والمؤسسات تعطي قدرا اكبر من الاهتمام للكفاءة والخبرة لدى منتسبيها،وعليه فان الممارسة والمهارة والخبرة العملية تعد اليوم اساسا لتقييم العاملين. هذه الحقائق التي اوردتها الباحثة دفعتها الى الحث على ضرورة الاهتمام بالقطاع الخاص وان يكون له دور في استقطاب المتعلمين. وبالانتقال الى الوضع العراقي وردت معلومات محزنة وبالنسب المؤية مما يشير الى فداحة الضرر الذي تركته العقود الثلاثة الاخيرة على واقع التعليم في هذا البلد الذي تراجع ليكون من اكثر دول المنطقة تخلفا،وانتهى الفصل بتوصيات واراء مهمة للنهوض بالتعليم في العراق جديرة بالتمعن فيها من المسؤولين والمهتمين.
ان هذا الكتاب بما انطوى عليه من معلومات وآراء ومقترحات جدير بالاقتناء من قبل القراء ويعكس حرص الجهة الناشرة على نجاح العملية السياسية القائمة في البلد والرامية الى بناء النظام السياسي الديمقراطي الحر من رفد صناع القرار بالبحوث والدراسات التي تؤشر مواقع الخلل في كافة المجالات والسبل الكفيلة بمعالجتها من خلال رؤى واقعية تحقق الترابط بين مراكز القرار ومراكز البحوث للابتعاد عن القرارات المرتجلة المتخبطة والتأسيس لمرحلة القرار المخطط الذي تشذبه وتصنعه المؤسسات.
http://www.fcdrs.com