الرئيسية » مقالات » الكرد أقوى من الموت، وأرَّق من الياسمين !!

الكرد أقوى من الموت، وأرَّق من الياسمين !!

دعاني أحد الأصدقاء ليلة أمس الى سهرة في احد المطاعم في مدينة ساندياكَو بولاية كاليفورنيا، ولم أكن أعرف أن البعض من الحضور قد أعدَّ لهذه السهرة ( أعداداً جيداً )، فجعل منها كميناً خبيثاً للأساءة لي، والنيل مني، وللحق فأن صديقي (صاحب الدعوة) لم يكن يعرف أيضاً أن هذه الجلسة قد فُخخَّت بكمٍ هائلٍ من الشوفينية وضيق الأفق القومي، وأن بعضهم جاءها مُسلحَّاً بأسلحة الكراهية، والدمارالقومي والطائفي ألشامل، ناهيك عن أن بعضهم قد جاء، وقد جلب معه أدوات الخزي الصدامي كمسجل صغيروكامير سرية، وغير ذلك من أساليب العار!!
وما ان وصلتُ المكان، وأخذت مكاني في تلك الجلسة الدائرية، وبعد أنتهاء فصل السلام والتحية، وشلونك، وشلون احوالك، وشلونك بعد، وشلون (الفروخ) قالها البعض بالأنكَليزية (بأعتبارالجماعة متأمركين) حتى بادرني أحدهم بالسؤال قائلاً :- العفو ما أعرف شنو رأي أستاذنا فالح بموضوع الجدارالعازل على مدينة الأعظمية وبقية المدن السنيَّة؟
وبأنفي الذي لا يخطأ يوماً، شممتُ رائحة الخيانة، فقلت في سري :-
( أنا أخو كَبشة، أنعلسنه خوش علسَّة وعلي )!!
لذلك قررت أن أضبط أعصابي، ( وما أطوف على ماي الكروش )
فقلت له مبتسماً بهدوء ( مفتعل ) :- آسف عزيزي من الأجابة، لأني لست متأكداً من القضية، والموضوع غيرواضح لديَّ، بخاصة وأن الأمرأصبح محل تجاذبات سياسية وأعلامية رخيصة، وبما ان ملامح الصورة غيردقيقة الآن، فأني لا أستطيع أن أعطيك رأيي، وأظن بأن الأنتظارقليلاً، هو الأفضل والأصح، فربما تتضح الصورة قريباً!!
ثم أدرت وجهي نحو الجهة الثانية، لأشعره بعدم رغبتي بتكملة الحوار بنفس الموضوع، وفهم الرجل قصدي، فصمتَ، ولكن صمتهُ لم يطل غيردقائق، إذ سرعان ما أتـجه برأسه، وجسده الضخم نحوي قائلاً :-
( زين أستاذنا شنو تعليقك على جرائم البيشمركَه بمنطقة السيديَّة )؟!
قلت له ( وقد أقتنعت تماماً، بأن الرجل قد تأبط شرَّاً هذه الليلة ) :-
عذراً زميلي، فأنا لم أسمع بمثل هذه الجرائم، ربما ثمة مهمات تنفذها بعض الوحدات العسكرية العراقية لمناطق ساخنة تعرضت للأرهاب كالسيدية مثلاً، وقد يكون من بين جنود وضباط هذه الوحدات، رجال أكراد، وعرب، وكلدان، وتركمان وغيرهم من أبناء العراق الغيارى، وأظن بأنك تتفق معي، في حق ( وليس واجب ) كل مواطن عراقي ان يدافع عن وطنه، سواء كان كردياً أم عربياً، أم غيرهما ، أليس كذلك؟!
لم يجبني على سؤالي، لكنه بادرني بسؤال آخر لم يخطرعلى بالي قط حين قال :- طيب، مادام الأمرهكذا، فماهو رأيك بالأكراد؟!
قلت له – وأنا لم أزل أحتفظ بأبتسامتي وصفائي- :-
سأجيبك على سؤالك رغم أنه سؤال غير مبرر بالمرَّة، فأنا لستُ في مقابلة صحفية، أو أذاعية كي أجيب على أسئلتك، ولا أنا في دائرة أمنية يتوجب عليَّ الأجابة على كل سؤال، ومع هذا أقول لك :-
الكرد أمة عظيمة، وحيوية وحرَّة، والكردي كما هو معروف شجاع وباسل، وقد رأينا بأم أعيننا رجال البيشمركَة أيام نضالهم القومي في كردستان، وكيف كانت تضحياتهم السخية، من أجل الحرية لشعبهم والديمقراطية للعراق، حتى باتوا أنموذجاً رائعاً للبطولة والبسالة، ولك أن تراهم اليوم، وهم يشيدون تجربتهم الحضارية في الأقليم، فهم أنفسهم المقاتلون الأشداء من أجل الحرية، وهم أنفسهم الصابرون على الفجيعة والألم، وهم الفنانون الملهمون ذوو المواهب المنيرة والعطرة، وهم العاشقون الأنقياء، والشعراء المبدعون بدءاً من شاعر الحرية العظيم عبد الله كَوران، مروراً بشاعرالجمال الكردي شيركو بيكه س، (وشاعرالتمرد) لطيف هملت، وكوكبة الشعراء الشباب أمثال نوزاد رفعت وسعد الله بروش، وكَزال أحمد وغيرهم، وليس أنتهاء برهط الشعراء الشباب الذين يملأون اليوم تأريخ الكرد الشعري، وهنا أحب ان أقرأ لكم مقطعاً شعرياً حفظته من ديوان(أنت سحابة فأمطرك) للشاعرالعظيم شيركو بيكه س كنت اردده دائماً، حيث يقول بيكه س :-
( أيا بغداد المياه والنجوم، والكلمات المُجنحَّة…
أنا المتحف المتنقل للتشرد
أنا لا أملك باباً ولا مفتاحاً، ولاقفلاً ولا حارساً
أنا المتحف المتشرد:
لا أملك سوراً كما هو جسدي ) …..
والكرد الصلبون كالفولاذ، هم في ذات الوقت طيبون كالخبز، ورقيقون كالياسمين، فلماذاهذا التحامل على هذا الشعب الطيب، والنبيل، والشهم, لماذا يتنافس الشوفينيون على تشويه سمعة شعبنا الكردي عبرأختلاق عشرات الأكاذيب والأفتراءات، التي تحاول الفرقة بينه وبين العرب؟!
أن الكرد -يا أخي- مفخرة لك ولي، ولكل عراقي يحب وطنه، وثق بأن نجاح الكرد هو نجاح لنا جميعاً، وعليهم يقع رهاننا الوطني الكبير!!
لم يستطع الرجل تحمل كل كلامي هذا، فهمَّ بمقاطعتي، لكنَّ شخصاً آخراً (من جماعته) سبقه بالكلام، حيث سألني ووجههُ يقطر ُسمَّاً :-
(زين أستاذنا، بللهَّ الجدارما تعرف بيه، والبشمركه وجريمة السيديّة ما تعرف بيها، طيب الأعتداء الوحشي اللي صارعلى كادرقناة الفيحاء قبل يومين ثلاثة، هم ماسمعت بيه، ولا أعرفت بتفاصيله، خاصة وأنت جنابك أعلامي معروف، والأعتداء وقع على جهة أعلامية معروفة، فشنو رأيك بالموضوع، لو هذا هم ماسمعت بيه) ؟ّ!
كان واضحاً لي بأن الرجل حين طرح هذا السؤال، لم يكن يبكي على الحسين قطعاً، بل هو يبكي على ( الهريسَّة ) وأن موضوع قناة الفيحاء لايعنيه قط – هاي أذا هوَّ مو فرحان، وشامت بما حصل للفيحاء – لقد تأكدت بأن هذا وصاحبه، وأغلب الجالسين يسعون لأستفزازي، وجرِّي الى معركة، لن يكون أحد غيري خاسراً فيها، فهُم أولاً نكرات بدون أسماء، ولاتأريخ، بمعنى هم ليسوا أكثرمن (ضر.. بسوق الصفافير)!! وثانياً هم لا يمثلون شيئاً لدى الجالية العراقية الكبيرة، ناهيك عن أن أية ( لغوة ) ستنتهي عند البوليس، وهو أمرٌسيكون في غير صالحي حتماً، لذلك قررت أن أجيب على هذا السؤال وأنهي الأمر بسلام، فقلت له (وأنا صادق تماماً بما قلت ) :- أنا أدين وأستنكرهذا الأعتداء بقوة، بخاصة وأن قناة الفيحاء هي قناة وطنية نظيفة،وهي واحدة من أهم الأصوات القوية التي تدافع عن مظلومية، وحقوق الشعب العراقي (على الرغم من ان بثها لايصل لأمريكا، ولم أرَ برامجها قط) إنما أسمع عنها كلاماً طيباً جداً، لذلك فأنا اتضامن معها، وأتعاطف مع كل الزملاء العاملين فيها، بخاصة الذين تعرضوا للأعتداء الآثم.
بعد ذلك ألتفت لي صاحبه قائلاً :- وماذا غير الأدانة والأستنكار؟
قلت له :- أطالب بالأعتذار لقناة الفيحاء، وتعويض الزملاء المصابين والمتضررين، أضافة الى تعويضها عن كل مالحق بها من خسائر!!
قال لي:- وهل تظن بأن هذا يكفي؟
قلت له : – كما أطالب حكومة الأقليم الموقرَّة بمحاسبة المسيئين، ومن يقف خلفهم، اضافة الى تقديم الضمانات الرسمية من أعلى الجهات في الأقليم بعدم التعرض لهذه القناة، بل ولجميع وسائل الأعلام في الأقليم مستقبلاً، وأظن أن هذه النقطة مهمة وضرورية.
وهنا نهض الشخص الضخم ثم قال لي بصوت أجش :- وماذا لديكم غير الأدانة، والضمان، والتعويض أيها ( المستكرِّدين ) ؟!
قلت له بسخرية واضحة :- أطالب بضرب أقليم كردستان بقنبلة نووية، تكملُّ فيها ضرية ( حلبجة ) وعمليات الأنفال، بحيث تجهزعلى الشعب الكردي، وتمسحه من الوجود تماماً!!
وهنا أبتسم ( الأخ الضخم ) وهويقول لي بأنتشاء وفرح قميء :-
(أي هذا الكلام الصحيح يا أعيوني، قنبلة وتمسح الأكراد من الوجود، مو تكَلي أدانة وأستنكاروتعويض، هاذا الكلام ميفيد وياهم، ذولة الأكراد ينراد ألهُم صدام حسين حتى يمسحهم مسِّح، بس منين أجيبه لأبوعدي، من عمَّت عين الدنيا ، وعمت عين الكَاع الأخذته )!!
قاطعتهُ بعد أن كدتُ أفقد أعصابي قائلاً :-
أبوعدي مالك أندفن بالقنادر وراح هو وعصابته لمزبلة التأريخ، واليوم السلطة للشرفاء والمناضلين والمجاهدين، يعني لضحايا صدام أوكي؟!
حملت تلفوني اليدوي، ووقفت قائلا: آني ماشي ياجماعة، ليلة سعيدة!
حاول صديقي أن يوقفني، الا أني قلت له بصوت عال :-
أسمع يا صديقي الطيب، أنا اعرف أنك رجل شريف، وأنك لاتعلم بهذه المؤامرة الدنيئة، ألم تنظرلأجهزة التسجيل والتصوير بين أيديهم، وهل وجدت من قبل ( سهرة) فيها تسجيل وتصوير، أظن أن أصحابك يتصورون بأني أخاف من كلامي هذا، لذلك أرادوا تسجيله وبثه ، وأنا أقول لهم جميعاً :- بأني لا أخاف من كلام أقوله، فهذا الكلام هوعقيدتي في الحياة، وأنا حين أعلن أعجابي بالشعب الكردي، وأعلن معه محبتي للأبداع الكردي، والمبدعين الكرد، فهو أمريشرفني جداً، ويبهجني جداً ولا أجد سبباً واحداً يجعلني اتنصل، أو أتبرأ منه، وحتى تتأكدوا جميعاً من كلامي هذا، فأني سأقوم بنقل كل مادار بيننا من ( حوار ) وتدوينه بمقال، سأنشره في عدد كبير من المواقع الألكترونية… أوكي؟
قاطعني ذلك الضخم قائلاً :-
إذا كنت هكذا بطلاً، وأبن ( أمك وأبوك ) فلماذا تهرب قبل أن نكمل حوارنا، فالشجعان لايهربون أبداً ؟!
قلت له:- أنا لا أهرب، والهروب ليس من صفاتي، إنما أردت الذهاب، لأني وجدت أمامي طريقان لا ثالث لهما، فأما أن أحترم نفسي وأحترم بعض الحضورفأغادرالجلسة، وأما أن أخلع حذائي هذا، فأكمل الحوار معك ( بالقنادر)… إذ يبدو أن الحوار معك لايجدي بغيرهذه الطريقة!!
تراجع الضخم حين سمع بذلك وصمت مذعوراً، إذ تيقن بأن الحديدة حارة وأن الشخص الذي حرضَّوه على الأعتداء عليه ليس ذلك الشاعر الرقيق، والفنان الأنيق (الذي يقول لك إذا ضربته :- شكراً حبيبي)!! إنما ظهر(شكل تاني) فهو الآن أمام شخص آخرتماماً، شخص لايتوانى عن أستخدام كل وسائل الأهانة والتحقيربحق الذين يستحقون ذلك، لقد تأكد لي بأن صاحبنا الضخم قد تورَّط، وحين وجدت ذلك هتفت كأي متظاهر(مستجِّد على الشغلة) :- يسقط صدام الجبان وعصابته البعثية الساقطة، يسقط كل الطائفيين، والأرهابيين، والمرتزقة الحقراء!! يعيش الشعب العراقي العظيم، بكل طوائفه وقومياته وأديانه، ويعيش وتعيش الأخوة العربية الكردية، والنصر لنا!!
ملاحظة مهمة :-
الى كل الأشخاص الذين كانوا معي في تلك الجلسة أقول :- لقد نفذت وعدي، وها أنا انشر كل مادار بيننا ليلة أمس!!