أقامت رابطة كاوا للثقافة الكردية ندوة يوم الخميس في التاسع عشر من نيسان – ابريل الجاري في مركزها بعاصمة الاقليم هولير حول الأزمة التركية – الكردية وما تمخض عنها من تهديدات باجتياح عسكري لكردستان العراق تحت عنوان ” قراءة قومية لتصريحات رئيس اقليم كردستان ” والتي شارك فيها ( كما جاء في اعلام الرابطة ) كل من السادة : ” مسعود تك رئيس الحزب الاشتراكي الكردستاني في تركيا وجليل كاداني أحد قادة حزبي ديموقراطي كردستان – ايران وصلاح بدرالدين الشخصية السياية والثقافية من غرب كردستان وتخللتها مداخلات عديدة من الحضور ومن أبرزها مداخلة المثقف العربي المصري رجائي الفايد ” .
فيما يلي أبرز ما جاء في كلمة السيد صلاح بدرالدين :
– بداية أرى من المناسب ومن أجل أن نكون أكثر موضوعية في قراءتنا أن يكون المدخل على الشكل التالي :
– يخوض شعب كردستان العراق معركة البناء الاقتصادي ومهمة الحفاظ على الأمن والاستقرار وتعزيز التعايش السلمي بين قومياته وأديانه ومذاهبه وترسيخ مؤسساته الدستورية والقانونية وانجاز المكاسب الاجتماعية والثقافية في أجواء صعبة ويرعى تجربته الديموقراطية الوليدة التي جسدها وطورها بمزيد من الضحايا كلفته الدماء والدموع في وسط مليء بالألغام والأخطار والمفاجآت سآتي على ذكر أبرزها .
على صعيد العراق : هناك عدم استقرار ومصير البلاد أرضا وشعبا مازال مهددا من الارهاب والتدخلات الأجنبية والقضايا العالقة بين اربيل وبغداد لم تحل بعد وخاصة في مسألة كركوك والدستور وقانون النفط والمناطق المعربة الملحقة بمحافظات وأقضية أخرى وصلاحيات الاقليم .
– علي الصعيد الداخلي : مازال توحيد الادارتين في بداياته والخطوات تتلاحق لتطبيع العلاقات بين الحزبين الرئيسيين ومؤسسة الرئاسة في طور الاستكمال والقضايا المعيشية تواجه المصاعب وخاصة في مجال الغلاء والمحروقات والكهرباء ومازال دستور الاقليم مشروعا لم يحسم وهناك المزيد من المهام السياسية والقومية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحياتية والادارية والقانونية والاعلامية تنتظر الانجاز .
– على الصعيد الاقليمي : أنظمة الدول المجاورة لكردستان العراق معادية للحقوق الكردية والفدرالية والتجربة الديموقراطية برمتها رغم وجود بعض العلاقات الثنائية التي تصب في مصلحة الطرفين وهي تعمل بوسائل متعددة من أجل الاساءة للاقليم وخلق المشاكل والمصاعب أمام مسيرته على الصعد السياسية والأمنية والاقتصادية ومازالت تعمل منفردة ومجتمعة على رسم الخطط للانقضاض على المكاسب والانجازات التي حققها شعب اقليم كردستان ولم تكن اتفاقية حلب الأمنية بين رئيس الحكومة التركية والرئيس السوري المبرمة في الرابع من نيسان اي قبل التهديدات التركية بخمسة ايام والموقف الايراني المؤيد للتدخل العسكري التركي والاستعداد لتقديم الدعم اللوجستي الا احدى اوجه التعاون التقليدي بين انظمة الجوار في مواجهة الكرد .
– على الصعيد الدولي : نعم هناك اعجاب امريكي واوروبي بسير الأحداث في كردستان العراق والاستقرار القائم والديموقراطية السائدة وهناك ايضا نوعا من الاتصالات السياسية والزيارات والتعارف مقرونة بالعطف ومتسمة بالصداقة ولكن تفتقر الى اتفاقيات رسمية ووثائق تلزم بالتضامن والمساعدة وقت الحاجة كما انها تخلو من من اي موقف يحدد سقف الحقوق الكردية أو تشخيصها لا في العراق ولا في خارجه وكل ذلك عائد حسب تقديري الى ضعف ما في طريقة الجانب الكردي في ادارة التعامل السياسي والديبلوماسي وتجاهل الغرب لواجباته المبدئية تجاه قضايا الشعوب ومنها قضية الشعب الكردي هذا الغرب الذي يتحمل المسؤولية التاريخية والأخلاقية في تقسيم كردستان وفي ابرام الأحلاف والمعاهدات المعادية للكرد طوال قرن كامل وهو نفسه ساهم في ابرام اتفاقية الجزائرالتي اودت بالثورة الكردية عام 1975 بين الشاه وصدام .
على الصعيد القومي : ساحات الحركة الكردية القومية خارج العراق – وهي امتداد استراتيجي – تشهد يقظة في الوعي وتصاعدا في النضال ولكن في الوقت ذاته تعاني الأزمات والمصاعب على أكثر من صعيد وحتى الآن لم تفلح الحركة التحررية القومية الكردية من تحقيق نوع من العلاقات الودية المنظمة والمؤطرة ببرنامج مشترك على قاعدة التنسيق والعمل المشترك وهذه الحالة تنعكس سلبا على الجميع بما فيها كردستان العراق ولذلك نرى أن الحدود القصوى للتضامن الكردي – الكردي لا تتجاوز العاطفة والمجاملة اللفظية والمبادرات غير المدروسة حسب الأمزجة الحزبية والشخصية .
بخصوص الموضوع التركي فان استهداف كردستان العراق كشعب وقضية وفدرالية حديثا من جانب الأنظمة والحكومات التركية ليس بجديد منذ أواخر العهد العثماني وبداية جمهورية – أتاتورك – وحتى الآن فبدء من بداية تسعينات القرن الماضي وبمبادرة رئيسية من الجانب التركي ظهر حلف ثلاثي ( انقرة – دمشق – طهران ) لمتابعة الملف الكردي وتطورات كردستان العراق والعمل على خنق التجربة هناك بشتى السبل ولم ينجح الحلف في مخططه بسبب الصمود الكردي وتشابك المصالح والعوامل خاصة بعد تحول كردستان العراق الى عامل اساسي في مسالة التغيير الديموقراطي في العراق وجزء من الحرب على الارهاب ومما ضاعف من أوجه التحدي هو ترشح التجربة الفدرالية لتصبح نموذجا في حل المسألة الكردية في المنطقة .
ان الطريق الى تفنيد الحجج التركية حول وجود مقاتلي – ب ك ك – في كردستان العراق ( والتي تحظى بتفهم الغرب وقسما من المجتمع الدولي في أحيان كثيرة ) يبدأ بضغط غربي باتجاه حل سلمي متوازن للقضية الكردية في تركيا والتفاوض والحوار السلمي كل ذلك ترفضه السياسة التركية الرسمية وفي الحالة هذه من المصلحة أن يقدم – ب ك ك – بعض التنازلات لصالح كردستان العراق من منطلق قومي في صيانة ما تحقق وأنجز وأن يتم فصل هذا الموضوع سياسيا وأمنيا عن قضايا كردستان العراق , من جهة أخرى من المصلحة تعميق الاستقرار الداخلي في كردستان العراق وصيانة العملية الجارية هناك والحذر من الوقوع في فخ العدو وهذه أمور تفطن اليها القيادة السياسية المجربة خاصة أن نشوب أي صراع عسكري مع تركيا – كما تتمناه أوساط تركية – من شأنه احراج الغرب والأمريكان على وجه الخصوص اضافة الى الحاق الضرر بالوضع الاقتصادي حيث هناك الآن ما يزيد عل ثلاث مليارات دولار مجمل حجم الاستثمارات والتبادل بين تركيا وكردستان وهناك آفاق لبلوغ الحجم الى 12 مليار خلال السنوات الثلاث القادمة .
– بخصوص تصريحات السيد رئيس اقليم كردستان فقد حظيت باسناد منقطع النظير من الحركة الكردية عموما وخاصة في تركيا بالرغم من انها أذيعت بعد حوالي شهرين من الادلاء بها في ظرف مختلف اما ردود الفعل العالمية على التهديدات التركية باجتياح كردستان العراق فقد جوبهت بالرفض والتحذير والدعوة الى التفاهم والحوار بين انقرة واربيل وهكذا كان موقف الحكومة العراقية على لسان ناطقها الرسمي الى جانب سكوت عربي وتاييد ايراني للموقف التركي .