الرئيسية » مقالات » في الذكرى( 19 ) لجرائم الانفال 1988

في الذكرى( 19 ) لجرائم الانفال 1988

يستذكر ابناء شعبنا الكوردي هذه الايام يشاركهم كل العراقيين الشرفاء الحريصين على الاخوة التاريخية والمصير المشترك الذي يربط بين الشعبين العربي والكوردي والمكونات الاثنية الاخرى في المجتمع العراقي، يستذكرون واحدة من ابشع جرائم الفصل العنصري وجريمة كبرى من الجرائم ضد الانسانية الا وهي جريمة الانفال التي راح ضحيتها اكثر من مائتي الف انسان وتهديم وتدمير اكثر من خمسة آلاف قرية ومدينة كوردية،اقدمت عليها السلطات الدكتاتورية باوامر مباشرة من سلطان الجريمة وانتهاك حقوق الانسان الوغد البائد صدام وتابعه على كيمياوي، كجزء من سياسة السلطة الرسمية في الابادة الجماعية (الجينوسايد) ضد ابناء شعبنا الكوردي.
ان الابادة الجماعية فضلا عن استخدام الاسلحة المحرمة دوليا (قنابل النابالم والقنابل الانشطارية) والاسلحة الكيمياوية والغازات السامة بطبيعتها تعد جريمة جماعية ترتكبها اجهزة قمعية تمسك بسلطة مسلحة فضلا عن سلطة الدولة، وهي من الجرائم الكبرى ضد الانسانية.
وبما ان الجرائم التي ارتكبت خلال عمليات الانفال من تهديم وتدمير لالاف القرى والمدن الكوردستانية، وقتل ما يقارب من 200 الف انسان.
كذلك جريمة قصف مدينة حلبجة بالاسلحة الكيمياوية التي اودت بحياة اكثر من خمسة آلاف انسان واصابة عشرة آلاف غيرهم بالعوق الدائم او العقم او الاصابة بالتشوهات الخلقية.
كما سبق ذلك جريمة ابادة اكثر من ثمانية آلاف مواطن من البارزانيين في آب 1983 عثر على رفاتهم في مقابر السلطة الجماعية.
اما الكورد الفيليون فقد تعرضوا الى أنفلة قاسية وشديدة حيث تم تهجير ما يقارب نصف مليون من ابناء هذه الشريحة (اطفالا ونساء وشيوخا ورجالا) وحجز ما يقارب 16 الف شاب من ابنائهم واعدامهم لاحقا بعد قضائهم سنين في سجون السلطة. فضلا عن مصادرة جميع ممتلكات واموال وعقارات المهجرين.
وما حدث في يوم 14 نيسان سنة 1988، كان حدثا مروعا وبشعا حيث قامت قطعات السلطة الدكتاتورية من الوحدات المختارة تحت امرة ضباط الاجهزة القمعية (الاستخبارات العسكرية، والمخابرات، والأمن الخاص والأمن العامة) بالهجوم على جبهات عديدة وفي جميع القواطع العسكرية مرة واحدة باجلاء سكان القرى والمدن المؤنفلة عن بيوتهم، ونقلهم بالشاحنات العسكرية الى معسكرات اعتقال اعدت سلفا لهم…
ومن ثم تفريق النسوة والاطفال عن الرجال وجرى نقلهم ايضا بالشاحنات العسكرية الى صحراء السماوة والناصرية، او الى معسكرات الاسر ومن ثم الى المقابر الجماعية حيث هيأ احفاد الحجاج وهولاكو حفرا كبيرة، ولدى وصول الشاحنات الى تلك المقابر قامت بتفريغ حمولتها من البشر الكورد في تلك الحفر ثم اطلقت فرق الموت نيران اسلحتهم عليهم فيفارق البضع الحياة مباشرة وآخرين اصيبوا بجروح وبقى البعض الآخر على قيد الحياة وقامت الجرافات باهالة التراب على الناس المتراكمين بعضهم فوق بعض وسط أنات وآهات الذين دفنوا وهم احياء وتبدا اناتهم واهاتهم تختفي رويدا رويدا وهكذا كان بطل عروبتهم وحارس البوابة الشرقية يتفنن في كيفية ممارسة جرائمة بحق ابناء شعبنا وكيف يتفنن اتباعه من الهمج الرعاع في انتزاع حياة الناس الابرياء من الاطفال والنساء اللائي كان بعضهن حوامل اجهضن وفارقن الحياة على ظهور الشاحنات…
وكانت فرق الموت تختطف هي الاخرى من الناس فرصة الحياة والعيش، شيوخ أفنوا حياتهم في خدمة هذا الشعب فلاحين كانوا يؤمنون الغذاء للمواطنين او شغيلة كانوا يبنون البيوت للناس وآخرين أفنوا حياتهم من اجل تعليم الصغار في مدارس القرى النائية يعلمونهم الحرف والكلمة التي ابدعها الانسان السومري على هذه الارض بناة اولى الحضارات الانسانية ومن عندهم بدأ التاريخ. اما الفتيات فقد سرق الموت كل الآمال والاماني بفتى الاحلام وعش الزوجية السعيد وحياة اسرية هانئة لان علي كيمياوي لم يرغب ان يعيش الناس سعداء كذلك عدنان خير الله وحسين التكريتي وصابر الدوري ونزار الخزرجي وقادة فيالق الموت وقادة الفرق وأمراء الالوية والافواج والسرايا، وقائد القوة الجوية الذي كان يختار الاشرس من بين طياريه ليمارس لعبة قتل الاطفال والنساء وليهدم البيوت على رؤوس ساكنيها ويحرقوا الحرث والزرع والضرع هكذا كان الدكتاتور يمارس جرائمه بحق ابناء شعبنا الكوردي، مثلما قمع انتفاضة الملايين من ابناء (14 محافظة) ضد الطاغية في اعقاب هزيمته النكراء في الكويت في آذار 1991.
اما الذين سكتوا عن ادانة افعال الطاغية من جناة الزمان وسلاطين العصر والذين استطالت السنتهم وتعالت اصواتهم دفاعا عنه، فتلاحقهم لعنة التاريخ ولعنة الشعب العراقي.. ووصمة عار تلطخ جبينهم.
وستبقى جرائم الانفال الشاهد على همجية السلطة الفاشية ووصمة عار في جبين الدكتاتورية والاستبداد في كل عصر وزمان.
وبهذه المناسبة (ذكرى مرور 19 عاما على جرائم الأنفال) فان العراقيين جميعا مدعوون للتوحد في جبهة وطنية تضم كل قوى الخير والديمقراطية لعقد مؤتمر وطني ووضع برنامج عمل مشترك تلتزم به حكومة الوحدة الوطنية لقطع الطريق امام عودة الدكتاتورية والاستبداد بأي شكل كان وتحت أية واجهة..
والارتقاء جميعا الى ما تحتمه ظروف الوطن الى مستوى المسؤولية الوطنية، والعمل معا انطلاقا من واجب المواطنة الحقة من اجل حماية السلم الاهلي ووقف نزيف الدم العراقي، والوقوف صفا وحدا في مواجهة الارهاب والاحتراب الطائفي وتحقيق الأمن والسلام والتوجه نحو اعمار وترسيخ النظام الديمقراطي التعددي الفدرالي في ظل سيادة القانون واحترام حقوق الانسان.

التأخي