التآخي
فوق ربى شمالنا العزيز وبين وديانه الجميلة تغفو مدينة حالمة نبتت جذورها في اعماق ترابنا الغالي لتمتد شامخة شموخ جبال العراق.. مدينة يحضنها جبل متينة من الشمال، وجبل كاره من الجنوب، وتلفها العيون والينابيع المتدفقة لترسم صورة فريدة لمدينة تسكن قلعة ترتفع (1400م) عن سطح البحر وتشكل مع شلال السولاف وبساتين روبار العمادية لوحة فنية قل نظيرها بين صيفها الجميل ومصايفها وشتائها الثلجي تتشكل اروع صور الحياة فتصبح قبلة تجتذب السواح صيفاً وشتاءً…
وها هي المدينة تعود من جديد لتلبس حلتها الجميلة ولتورق أشجارها وتزهر بعد ان طرد الظلام وأشرقت شمس الحياة عليها لينعم أبناؤها بالخير والعز ليستمتع العراقيون والعرب من السواح بأجمل الاوقات فيها… العمادية …. الموقع والتاريخ تمتاز مدينة العمادية بموقعها المتميز فمنذ منحتها الطبيعة مناعة جعلتها تحتل الصدارة بين القلاع العراقية التي لعبت دورا بارزاً في تأريخ العراق عبر الاجيال… فهي تربض فوق هامة جبل يبلغ ارتفاعه (1400م) عن سطح البحر وهي بيضوية الشكل ترتكز على قطعة صخرية واحدة محدودة المساحة تقدر مساحتها بحوالي (3600م2) تحيط بها قمم شاهقة من الجبال وتكثر فيها الجداول والينابيع والعيون ذات المياه الغزيرة، تحيط بها البستاتين من كل الجوانب حيث تبدو وكأنها حجر كبير وسط حديقة غناء. وتمتاز العمادية بأثارها الشاخصة بفعل تأريخها البعيد حيث كانت قلعة حصينة يتحصن فيها اهلها اثناء الحروب والغزوات… ولهذه المدينة منذ القدم مدخلان اولهما يسمى باب الزيبار لانه يؤدي الى قضاء الزيبار سابقاً والثاني باب الموصل لأن الناس كانوا يسلكونه في ذهابهم الى مدينة الموصل وكذلك يسمى باب الصبغة لأنه يشرف على (وادي الصبنة) علما بان هذين البابين ما زالا يسلكها الراجلة والحيوانات وتم فتح طريق آخر جديد للسيارات وهو الوحيد المؤدي حالياً الى المدينة على باب الموصل يمكن ان نرى نقوشاً ورسوماًً وتماثيل بارزة لرجال يحملون الحراب والسيوف والنورس وتحت اقدامهم حية كبيرة ملتفة على قوس الباب، أما باب الزيبار والذي شيدت امامه حالياً مدرسة ابتدائية للبنات فما زال في مدخله قوس شاخص يبلغ ارتفاعه (3م) وعرضه متران وهو مقوس على شكل طاق من الحجر مرسوم فوق عتبته طير العنقاء رمز الحكمة والرخاء وتحت أرجله رسمت افعى… ومن الباب والسور شارع بعرض (4م). وللعمادية تأريخ حافل وطويل حيث يرجع الى ايام الامبراطورية الأشورية… وتحدث علماء الاثار عن ان العمادية هي مدينة آمات الواردة في الالواح الآشورية، ولعل اقدم ذكر لها كان في سجلات أخبار الملك الاشوري شمس آدات الخامس (823-810) ق.م والتي وردت في مسلة الملك شمس آداد الخامس التي عثر عليها في القصر الجنوبي الغربي في نمرود وهي موجودة حالياً في المتحف البريطاني تحت رقم (110) ونشر ترجمتها العالم الآثاري لوكينيل، وكذلك ذكرها الملك الآشوري آداد نيراري الثالث (805-782)ق.م بالتسمية ذاتها في مسلته التي تتضمن اعماله وفتوحاته الموجودة حالياً في متحف اسطنبول للاثار، وكان لها في عهد الأشوريين اهمية كبيرة من الناحيتين الاستراتيجية والاقتصادية أذ كانت القوافل التجارية تمر بها حاملة البضائع من بلاد آراتي الى بلاد آشور، كما كانت الجيوش الآشورية تسلكها في غزواتها فتمر من مضيق دهوك… الا ان المدينة تفتقر الى اي اثر يخص الاشوريين سوى التماثيل المنحوتة عند باب الموصل…. والتي يعود زمنها الى العصر الغرثي بين عام (1841ق.م -826ب.م) *المعالم الاثارية في العمادية جامع العمادية من الاثار القديمة في المدينة وقد شيد سنة (1153م) في عهد الامير اسماعيل بن بدر الدين اللؤلؤي وهو من المعالم المهمة في المدينة وقام بزيارته كبار المسؤولين في مختلف دول العالم لما له من قيمة آثارية مهمة. المنارة من المعالم المهمة الاخرى والشاخصة والتي يراها الزائر عن بعد هي منارة جامع العمادية التي يعتقد انها شيدت في زمن السلطان حسين الوالي، يبلغ ارتفاعها (30م) وعرض قاعدتها (3م) ولها باب بطول متر ونصف وعرض 80سم، وهي ملساء ولها شبابيك صغيرة ويصعد اليها من داخلها بـ (103) درجات مبنية مع جدار المنارة… باب بهدينان من الاثار القديمة جداً والتي يرجع تأريخها الى ما قبل العصر الاسلامي، وتسمى ايضا باب (سه قافا) او الباب الجنوبي وحالياً يسمى باب الموصل ويتكون الباب من طرفين طول كل واحد منها (250سم) وعرضه (150سم) وسمكه (25سم) صنع من خشب التوت، وتم تبطينه بالحديد وحلقته المفقودة كانت تزن (4كغم) ورسم عليها سيف مزخرف بالنجوم تم بناء الباب بحجر الحلان ومنقوش عليه رسوم الفرسان بملابسهم الحربية وتحت اقدامهم رسم افعى كبير التف حول الباب دلالة على القوة. باب السراي يقع هذا الباب في الجزء الشرقي من القلعة طول الباب (3م) وعرضها (2م) وفي اعلى الباب حلقة من الحجر رسم عليها طير العنقاء، وتحت ارجله رسمت حيتان ملتفتان، وما زال الباب قائماً لحد الآن. قبة السلطان وهي قبة ذات هندسة رائعة وبناء يلفت الانتباه شيدت على قبر السلطان حسين الوالي الذي توفي سنة (981هـ) وبجواره قبة أخرى شيدها على قبر زوجته الاولى نائلة خاتون. قبة روشن خاتون شيدها اسماعيل باشا الذي حكم العمادية للفترة من (1768م -1798م) على قبر ابنته روشن خاتون والتي توفيت في شهر رجب عام 1202هـ. المنحوتات القديمة مجموعة من المنحوتات بجوار باب الموصل نحتت على جدار السور تشمل صوراً للنساء والرجال، ويرجع تأريخها الى ما قبل العصر الاسلامي. مدرسة قوباد وهي من اكبر مدارس المنطقة في حينه، حيث تدرس فيها مختلف العلوم الدينية والفقهية واللغوية… رممها السلطان حسين الوالي واضاف عليها خمس غرف لينام فيها الطلاب كقسم داخلي وغرفتين للاساتذة وشيد في جنوبها مسجد كبير تمتاز هندسته بالاقواس والقبب… وانشأ فيها مكتبة كانت تضم اكثر من الفي كتاب مختوم بختم (الواثق بالملك الناس حسين ابن السلطان حسن) والذي دفن بجوار المسجد… وما زالت المدرسة باقية بهندستها العجيبة بعد عمر يناهز (615)عام. *المناطق السياحية في العمادية فندق السولاف السياحي وهو من الفنادق الحديثة والمشيدة على موقع جميل مرتفع مطل على بساتين روبار العمادية الغناء حيث يستمتع السائح بمنظر بديع مشرف على قلعة العمادية حيث انشأ الفندق على رابية في الركن الشمالي الغربي من المدينة وبمسافة كيلومتر واحد عنها. رأس العين وهي نبع مائي وسميت رأس العين لكونها المنبع الذي يمد العمادية وبساتينها بالماء العذب، وهي المصدر الرئيس للزراعة وللشرب وتقع في اسفل سلسلة جبال متينة الى الشمال من مصيف سولاف، وهي من الأماكن السياحية الجميلة في المنطقة حيث تنخفض فيها درجات الحرارة كثيرا في ايام الصيف وخاصة نهاراً ويقضي ابناء العمادية معظم نهارات الصيف هناك. سه ر عمادية (رأس العمادية) من المناطق السياحية الجميلة والباردة جداً في فصل الصيف تقع الى الشمال من مصيف السولاف قريباً من قمة الجبل، اختارها الانكليز سابقاً مصيفا لهم أثناء الصيف وكان مصيفاً تقليدياً لقسم من اهالي العمادية سابقاً حيث يسكنون فيه اثناء فصل الصيف وفيه عين للماء شيد عليها حوض كبير، وهذه المنطقة من الاماكن المهيئة لرياضة التزلج على الجليد شتاء، حيث تسقط كميات كبيرة من الثلوج سنوياً. به ري سيلي منطقة سياحية جميلة في فصل الربيع وتقع على سفح جبل الهو وهي من المناطق التي يذهب اليها سكان العمادية في فصل الربيع للسياحة وقضاء الايام والليالي الجميلة فيها حيث يتمتعون بجمال الطبيعة والازهار ذات الالوان الزاهية، كما يقطفون بعض الحشائش الغريبة والتي تستعمل للاكل وللدواء. شلال سولاف وهو من المصايف الشهيرة في العراق حيث الماء والخضرة والجمال يتمتع السائح فيه بمنظر المياه المتدفقة وسط المنسات والكازينوات السياحية حيث يقضي السائح فيها اجمل الاوقات. روبار العمادية سمي بهذا الاسم نسبة الى النهر الصغير الذي يمر من منطقة بساتين العمادية حيث الاشجار المثمرة على جانبي النهر وكان اهالي العمادية يعيشون في بساتينهم أثناء فصل الصيف ولديهم بيوت مؤقتة وكذلك كانت الدوائر الحكومية تنتقل صيفاً الى منطقة السولاف، واخيراً تم فتح شارع وسط البساتين ويعتبر من الاماكن السياحية الجميلة في الوقت الحاضر.