الرئيسية » مقالات » تركيا تبحث عن عثمانويتها في مزابل التاريخ!!!

تركيا تبحث عن عثمانويتها في مزابل التاريخ!!!

ما زال الحكام الترك يتشدقون بما عفى عنه الزمن وبات في ذاكرة النسيان للتاريخ الانساني الطويل والممتد عبر أجيال تم لعنها ورجمها بالكثير من حصى الكلمات والحروف ليس في مكة فحسب اثناء شعائر الحج بل في كل يوم وأثناء بزوغ الفجر يستقبل الناس يومهم بصب اللعنة على هذا الميراث العفن الذي لم يهدي الانسانية سوى الظلم والجهل والخراب والدمار والضياع بين شعارات اسلاموية وعمائم الخلافة العثمانية التي لا تعي سوى لغة الدم والحرق واستقصاء الاخر مهما كان ومن كان.
الحكام الترك على اختلاف مشاربهم من يمينهم المتطرف وحتى يسارهم الراديكالي وليبراليهم الانتهازيين لا يختلفون عن بعضهم في شيء فالكل يحمل نفس العقلية والذهنية المنغلقة على الذات والمتقوقعة حول فكرة “كم أنا سعيد لأنني تركي، وتركي واحد يساوي العالم كله”، بهذه العقلية القنوأوسطية يبتغي علمانيو واسلاميو تركيا الولوج في المنتدى الاوروبي وكأن هذا المنتدى ليس سوى أحد جوامع اسطنبول لا تفوح منه سوى رائحة مسلسل المؤامرات الغني عن التعريف في التاريخ العثماني.
السياسي كما هو الجنرال في الجيش لا يختلفون البتة عن بعضهم سوى بالملابس ولكن الذهنية هي هي في كل الاحوال ولا تتغير بتغير الحالة الجوية أيضاً. الكل يتقيء بما متخمة به أجوافهم النتنة وليس لهم شغل سوى الكرد أينما كانوا. وحتى إن كانوا في جزر الواق واق. كل مؤسسات الدولة التركية بدءاً من السياسية وحتى العسكرية منها والدينية لا تختلف أكثر يصبون جام غضبهم على أي تصريح يخرج من أي ضمير كردي أو أخلاق انسانية فهاهم يوجهون جام غضبهم الديمقراطي نحو الكرد ثانية وحتى أ، ليلهم انقلب الى نهار والعكس صحيح ايضا وكل ذلك لأن الكرد يحاولون التمتع بالعيش الانساني لا أكثر.
الضمير التركي وأخلاقهم الطورانية لا تستكين لها بال حتى تنتهي من الكردي أينما كان فعبر تاريخهم الحافل بالمجازر الدموية قضوا على عشرات الثورات الكردية بالحديد والنار والمقابر الجماعية التي سبقوا فيها تلميذهم الديكتاتور صدام حسين وحملات الانفال التي تعرض لها الكرد في كل مكان على يد حكامهم الترك والعرب والفرس في شمالي كردستان وجنوبه وشرقه وغربه.
الجنرال الطوراني بويوكانت بعرض عضلاته العثمانوية لا يتردد بتهديد الكرد إن كان في شمال كردستان خيث له باع طويل في عمليات القتل التي تم تصنيفها حسب الذهنية الطورانية ضد فاعل مجهول ما عدا ما فضح من أعماله في حادثة شمدنلي التي كانت الشاهد على وحشية هذا الجنرال بحق الكرد وما خفي هو أعظم بكثير مما ترشح عنه من معلومات في هذه الحادثة، هاهو الان يعرض عضلاته ثانية على حدود جنوب كردستان ثانية ويهدد بغزو واجتياح هذا الاقليم الآمن نوعا ما لقلب ما هو موجود على رأس الكرد لأن ذلك يقض مضاجعه وعرشه المبني أساساً على أحلام وأماني ملايين الكرد والأثنيات الأخرى من أرمن وعرب واسوريين ولاذ. هل حقاً بات الكرد بهذه القوة التي باتت تهدد وحدة الجمهورية التركية الهزيلة والمشتتة ديموغرافيا؟ سؤال ينبغي الجواب عليه بكل موضوعية لأنه بالفعل خرج الكرد من قمقمهم كالمارد لا يهابون أحد وأن التاريخ الآن يسير معهم وكأنه يريد كتابة نفسه من جديد بالهوية الكردية التي طالما تم اخفاءها وطمسها كي لا ترى النور والحياة.
الكرد الان ليسوا أولاد الضباب والجان، بل هم أحفاد ذاتهم وعقيدتهم ولا يمكن لأحد أن يمحي هذه الذاكرة وهذه الذات في هذا القرن. العمال الكردستاني بات حقيقة واقعية في عين الاعداؤ قبل الاصدقاء ولا يمكن تجاهل هذه المعادلة لانه لا يمكن وضع أية نظرية شرق أوسطية بدون أخذ هذه المعادلة محمل الجد. زعيم هذه الحركة منذ الخطوة الأولى وضح لأكثر من مرة بأن حركته هي لكتابة التاريخ من جديد في منطقة الشرق الأوسط وعمل بكل ما يمتلك من إرادة شعبية كردستانية لإيصال هذه الفلسفة إلى الحياة ووضعها في جدول أعمال كل كردي ينبض قلبه لأجل الحرية. هذا الشعب التواق للحرية بات يعي جيداً بأنه لا يمكن لأحد أن يبعد هذا الزعيم عن شعبه مهما حاول الاعداء ومن حولهم. فلا الاعتقال ولا الحجرة الانفرادية ولا عملية تسميم السيد أوجلان سوف تركع هذا الشعب وتكسر عود العمال الكردستاني، بل سيزدادون صلابة وتمسكاً بنهج الحياة وفلسفة التغيير الاوج ألاني. ولن ترعب عنجهية اردوغان الكرد في جنوب كردستان ولا في اي مكان، بل سيزدادون لحمةً وصلابة وربما تحاول الحكومة التركية بحفر قبرها بيدها وبفأس جيشها في مستنقع جنوب كردستان إن هي حاولت غزوه واجتياحه. المراهنات السياسية في القرن الماضي لا يمكن التعويل عليها في هذا القرن ولا الذهنية القوموجية يمكن من خلالها حفظ وصون الوطن. بل إرادة الشعوب هي العامل الأساس في تثبيت ما هو ملائم ونبذ كل منبوذ.