يبدو أنّ المشهد السياسي الكوردي المتألق الذي يشهده إقليم كوردستان العراق حالياً والذي هو نتاج طبيعي للتضحيات الجسام التي قدمها شعبنا ولنوعية الأداء المتميز الذي تؤديه القيادة السياسية الكوردستانية عبر قراءتها الموضوعية الصائبة للأحداث الجارية في المنطقة والعالم…، قد أثار ويثير حفيظة كل الجهات الشوفينية التي وقفت وتقف بالضد من إرادة شعبنا الكوردي التواق إلى نيل حريته…، ليس هذا فحسب لابل إنّ نجاح التجربة الفدرالية الديموقراطية في العراق وفي كوردستان خصوصاً قد أغاظ ويغيظ كل الأنظمة الحاكمة في بعض دول الجوار (أنقرة ودمشق وطهران) التي يبدو أنّ بالها لن يهدأ ما لم تحاول زرع الأسافين في طريق حل المسألة الكوردية…!؟، ولذلك فهي ستبقى تحاول التضييق علينا بهدف النيل من عزيمتنا وتعطيل حراكنا السياسي المتصاعد.
في هذا المسار المصيري بالنسبة لنا ولغيرنا…!؟، ضاق صدر ونَفَذ صبر رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان الساعي بحمية صوب الترشّح للرئاسة والمتمسّك بكرسي حكومته المهزوزة والمتخبِّطة فوق فوهة بركان متأجج بلهيب أزمات داخلية متفجرة وإقليمية متفاقمة وأوربية شارطة ودولية ضاغطة…!؟، فاختار لنفسه إسلوب الغطرسة والتهديد وتحدي الآخرين كما يفعل حالياً جاره أحمدي نجاد المتحدي للأسرة الدولية دون أي حساب…!؟، أو كما يفعله جارهما الآخر وحليفهما بشار الأسد الماهر للغاية في اعتماد هكذا ألاعيب عنوانها الهروب إلى الأمام وإدارة الأزمات الداخلية وتصديرها إلى الخارج وخاصة إلى دول الجوار…!؟، أو كما فعلها من قبلهم جارهم المقبور صدام حسين الذي طغى وإستهتر بكل من وقف في وجهه فنال الرجل ما كان يستحقه على يد محكمة عراقية أصدرت بحقه ونفذت به حكم الإعدام شنقاً…!؟، دون أن يُصبح عبرة لغيره من الطغاة والمستبدين الناكرين لحقوق غيرهم…!؟، في حين يبدو أنّ الخوف من مستقبل القضية الكوردية هو الهاجس الأكبر والقاسم المشترك الذي يجمع كل هؤلاء الحكام الذين تقاسموا كوردستان واغتصبوا خيراتها وحكموها بالحديد والنار ولا يزالون يحكمون شعبها الذي يُعتبَر أكبر قومية في المعمورة لم تقرّر مصيرها حتى الآن…!؟.
وللعلم فإنّ عصا الجندرمة التركية المرفوعة فوق رأس أردوغان قد فرضت عليه خيار خلط الأوراق واللعب بها كما لو أنّ تركيا لازالت تمتلك الأجندة الماضية ناسياّ ما آلت إليه الأوضاع الدولية السائرة بعكس أطماع الدولة الوريثة للخلافة العثمانية…!؟، في محاولة منه لإجهاض الحراك الكوردي في كوردستان الشمالية من جهة ومحاولة ضرب مرتكزات المكسب الفيدرالي في العراق وفي إقليم كوردستان بشكل خاص…!؟، مستغلاً وجود ومشاعر الجالية التركمانية المحدودة العدد القاطنة كأقلية في مدينة كركوك الكوردستانية التي لا يحق لأية دولة اجنبية أن تتدخل في شأنها حسبما تًوافًق عليه العراقيين بشكل ديموقرطي وفق الدستور وخاصة المادة (140) منه…!؟.
وكما كان متوقعاً…!؟، فقد خرج أردوغان إلى الواجهة السياسية فجأة بعد أن ضاق ذرعاً وطال إنتظاره منذ السقوط المخيف لجاره صدام الذي كان يشاركه في مؤامراته وهمومه ومخاوفه من أية تطوّرات محتملة قد تشهدها القضية الكوردية والذي كان يتآمر معه ضد الكورد حين اللزوم والطلب…!؟، خرج حفيد بني عثمان كما لو أنه مرتدياً عباءة سلاطين الآستانة السوداء التي أعادت بذاكرة شعوبنا الشرق أوسطية إلى العهد العثماني الذي إستعمر منطقتنا أكثر من خمسة قرون كانت مكتظة بالظلمات والجهالة…!؟، خرج بعقلية طورانية بالية ليفصح عما في داخله من أطماع توسعية دفينة متناسياً مستجدات الأوضاع الدولية والإقليمية الجديدة…!؟، وقد قام الخليفة العثماني الجديد والمتخلف في آن واحد بلا أي إستحياء بإفراغ كافة شحناته العنصرية المتراكمة المعادية لشعبنا…!؟، عبر نَشرِه لغسيله الوَسِخْ على مَنشَرْ الإعلام بإسلوب مشاحناتي معيب وبلغة غير مهذبة…!؟، حينما أعطى الحق لنفسه بإستباحة شؤون إقليم كوردستان والتعرّض لشخص رئيس كوردستان السيد مسعود بارزاني الذي يجسد بدوره ومكانته أحد أبرز مقدّسات الكورد في العصر الحديث.
ومن نافل القول هنا أنه من قبيل الدفاع عن الذات ومن أجل مواجهة هكذا موقف تركي مسبق الصنع ومقلِق للغاية، كان لابد من وجود رد فعل سياسي كوردي طبيعي واضح وصريح…، وقد جاءت مقابلة السيد الرئيس مسعود البارزاني مع فضائية العربية وما تلاها من تصريحات هادئة وخطابات موزونة بمثابة رسالة سياسية تتضمّن دعوة واضحة للأتراك ولكل دول الجوار بعدم التدخل في شؤون إقليم كوردستان العراق…!؟، وفي الختام من المفيد التذكير ببعض ما قاله سيادة الرئيس مسعود بارزاني: إنّ شعبنا مظلوم ومسالم ويحترم الآخرين ويمدّ يد الصداقة لجيرانه ولا يهدد أحداً ولا يقبل التهديد من أحد وقد كان وسيبقى عامل استقرار في المنطقة، لكنّ استمرار تدخل الآخرين وخاصة دول الجوار في شؤوننا يعطينا كامل الحق في الدفاع عن أنفسنا حسب إمكانياتنا المتاحة ووفق الأساليب السلمية المباحة دون أي لجوء لأي خيارات عنفية عفى عليها الزمان…!؟.