لا يخفى على احد معاناة ( الاكراد الفيلية ) ولكن هذه الشريحة ليست كل المهجرين في العراق ، بل ان هناك اناس من اصول ايرانية وهندية وافغانية تجمعهم التهجير القسري الظالم وما حدث من مآسي لهم كان سببه التشيع والا فان الاوامر بعدم تسفير الايرانيين الارمن كانت واضحة ، ويبدو انها جاءت اكراما للقائد المؤسس المسيحي ميشيل عفلق .
وقد استغلت الاحزاب الاسلامية والقومية شريحة المسفرين فكانوا يشكلون القاعدة الجماهيرية لهذه الاحزاب والحركات وسقط منهم الكثير في سوح النضال ضد الحكم الصدامي البائد، ويعرف الجميع بان المسفرين كانوا يقيمون في العراق منذ اكثر من خمسين سنة وقد امتنعوا عن اخذ الجنسية العثمانية حتى لا يخدم ابناءهم في العسكرية والعسكرية كما يعلم الجميع محرقة اودت بحياة خيرة الشباب في حروب عبثية شنت بالوكالة خارج الحدود وفي قتال الاخوةفي كردستان ، وقد كان النظام الجائر يبحث في اصول العراقيين بشكل غير عادل والا لو فتشنا في الاصول لراينا العجب العجاب، وهو امر طبيعي لدولة مثل العراق فيها تجارة واضرحة وارض خصبة وملتقى حضارات جذبت اليها الكثير من الناس، وان التعايش الايراني العراقي بدأ منذ فجر الاسلام ووصل قمته في العهد العباسي واستمر ذلك الى الان وغدا ، وحتى ايران فيها اناس من اصول غير فارسية وكذلك دول اوربا والسعودية ومصر بل وكل بلدان العالم فيها اناس من اصول مختلفة ، فهذه هي الدنيا وهذه هي الانسانية .
وان الحكومة اعترفت بعد السقوط ولكن صوريا بوجود هجرة ومهجرين وشكلت لذلك وزارة خاصة اوكلتها الى شخص من المهجرين ليتفهم معاناتهم ومشاكلهم ولكن بعد مرور اربع سنوات على سقوط النظام لم يتم انصاف المهجرين بشكل كامل وقد تخلى عنهم اناس وصلوا الى مناصب رفيعة في الدولة مع انهم من التبعية بعد ان دبروا انفسهم ، كما تخلت عنهم الاحزاب والحركات الاسلامية والقومية التي كانت تقوم على وجود هؤلاء اصلا ايام النضال السلبي .
وقد استطاع البعثيون الذين نجحوا في الابقاء على العلم الصدامي يرفرف على رؤوس العلماء والقادة والساسة ، ونجحوا في منع اتخاذ يوم سقوط النظام عيدا وطنيا ومنعوا هدم قوس النصر وافشلوا قانون اجتثاث البعث غيرها استطاعوا الابقاء ايضا على ما يسمى بشهادة الجنسية العراقية التي تقسم المواطنين الى تبعيات لدول اخرى لا تعترف بهم اصلا ، وكم كتب هؤلاء البعثيون في الصحف والمواقع الالكترونية عن الوزير الفلاني المنحدر من اصل ايراني ومن اصل باكستاني وافغاني ولم يسلم من شرهم المراجع العظام ايضا ، وقد شاهد العالم اجمع من على قناة الجزيرة ما حدث بين مشعان الجبوري وصادق الموسوي وكيف ان الاول حصل على اوراق تجنس الثاني واظهرها على الملأ ، ولم يفكر احد بكيفية حصوله على هذه الاوراق ومن هي الجهة التي سربت مثل هذه المعلومات ، وماذا بحوزتهم من معلومات عن هذا وذاك ، كل هذا والتركي او الداغستاني لا شي عليه لانه عراقي اصيل ، وما مؤتمر مناصرة اهل السنة في العراق الذي احتضنته تركيا (العلمانية) الا دليل لوجود لعبة دولية قذرة تحتاج الى وقود ، فصرنا نحن الوقود.
ان المجتمع الدولي لم يقف موقفا مشرفا من تسفير مئات الالوف من الناس الى خارج الحدود ومن معاناتهم التي امتدت ثلاثين عاما ويزيد ، وحياة الشظف التي عاشوها في المخيمات ، وعندما حدثت موجات التهجير الطائفي الاخيرة في العراق صعدت الاصوات ودعت بالويل والثبور وعظائم الامور في حين كان ( البعض ) يعربون عن فرحهم علانية عند تسفير التبعية واستولوا على ممتلكاتهم بكل صلافة .
فيا ايها المهجرون لا تناموا ملء العين وقد يطول ليلكم ، وايامكم القادمة قد تكون اشد وقد يتعرض الاجيال القادمة الى نكسة مماثلة ، من يدري؟ ، ومن يضمن ان لا تاتي حكومة فاشية اخرى ولو بعد خمسين عاما مثلا ، فتقتلعكم من جذوركم ثانية ، فانتم ملاحقون ولن يرضون عنكم ، وعودتكم الى العراق لم ترق للكثيرين الذين اثاروا نعرة الفرس والصفويين وهم اعلم الناس بمعاناتكم في ايران وباقي دول المهجر .
واما القرار الجديد الذي صدر بشمول المسجلين في احصاء 1957 بالجنسية العراقية امر غير مفرح كثيرا لانه جاء متاخرا اولا ثم من اين يثبت من حُرم من جميع اوراقه الثبوتية ذلك وقد مات الاباء والامهات واندثرت الاوراق فالدولة التي تعتبر الخليلي والجواهري تبعية ولا تعترف بحقوق اناس سكنوا على ارضها ما يزيد عن قرن من الزمان لا تؤتمن ابدا ، فلا تفرحوا كثيرا للقرار الجديد ما دام سيف (شهادة الجنسية ) مسلط على رقابكم والهدف منها طبعا تمييز العثماني عن الايراني لا غير لاغراض التهجير في المستقبل ، وسيكون ارباب الحكم من الاصول غير العثمانية حطبا لمحرقة جديدة ما لم يتم المطالبة باصدار جنسية جديدة موحدة تجمع مزايا هوية الاحوال المدنية وشهادة الجنسية العراقية وبدون استخدام اي قلم ومن اي لون لتحديد التبعية ،وضرورة اتلاف ما سواها من وثائق الى الابد كي لا تأتي حكومة اخرى في المستقبل تبحث عن (حب رقي ) ثانية ، كما يجب تجنيس المهجرين والمسفرين بواسطة اجراءات مبسطة في الوطن وفي سفارات الوطن في الخارج منها اجراء مقابلة وشهود وليس بالوثائق التي انتزعها النظام الحاقد ولم يبق منها شيئا ، والا فان اي شخص عنده وثائق ياخذ الجنسية رغما عن انوف المسئولين لان ذلك حق وليس صدقات ، وعلى الحكومة ان تعمل شيئا استثنائيا للذين ليس لديهم وثائق .
ان الدول الاوربية تضم شريحة كبيرة من ا لمهجرين عندهم جنسيات بلدان متقدمة ولكنهم يتوقون الى امتلاك جنسية وطنهم لكي يموتوا عراقيين على الاقل ، لاسيما ان احد مسئولي السفارة العراقية في دولة اوربية قال باننا لن نسمح بنقل اي جثمان الى العراق للدفن مالم يتم اثبات عراقيته (وثائقيا) وليس عن طريق الشهود.
وانا ادعو مظلومي الامس واليوم لكي يتوحدوا والا فانهم سيؤكلون ثانية من سباع الغاب ويُرمى اطفالهم في افواه المخيمات حيث انعدام الخدمات والبرد والذل والوحشة ، وليعتبروا هذا المقال صرخة موجهة للزعامات الكبرى ، الى المقامات السامية للمراجع العظام ، ورئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ورئاسة البرلمان والى رئيس اقليم كردستان والى زعماء الاحزاب العربية والكردية والتركمانية والى الامم المتحدة والجامعة العربية ومنظمات حقوق الانسان وحقوق الحيوان والى جميع من يهمه الامر في العالم وهي دعوة للتحرك القانوني والا فان الليل سيطول.