دعونا مع المخلصين إلى عقد مؤتمر وطني عراقي بعيد عن قوات وسلطة الإحتلال حتى لو شبر واحد، ولكن علمنا ومجرى الأحداث أكد لنا إن بعض القوى وحاكم العراق المدني السفير الأمريكي بول بريمر قد رفض الفكرة، والقوى العراقية الأخرى لم تناضل في سبيله وتصر على عقده كمدخل للحوار وضمان للمشاركة الواسعة بدل الهاث على المكاسب الضيقة، ومع ذلك نجد الحياة ومعطياتها الموضوعية دفعتهم ( القوى العراقية وسلطة الإحتلال ) قسراً إلى طريق عقد المؤتمر الوطني، ولكنهم نفذوه بالأقساط، الأمر الذي لم يقدم ويغيّر شيء يذكر في مواقف أغلبية القوى بسبب التأخرفي إنعقاده مما جعله أمر كمالي وليس نضالي، إلى جانب آلية إختيار المشاركين القائم على التحاصص بين الأطراف وليس تقديم الكفاءات والتنافس على تقديم الخدمات الأفضل للناس، إلى جانب محدودية صلاحياته، فهو لا يشكل حكومة بل الحكومة تشكله وتشرف على أعماله، والحكومة ذاتها مكبلة بقرارات الحاكم الأمريكي للعراق، وظهرت النتائج كما نعيش اليوم.
لذلك لم يؤثر في نهاية المطاف ولم يخرج ببرنامج عمل وطني، بل ركز على عدد المقاعد وكيفية المشاركة، بمعنى أخر كأننا أمام حالة إجتماع متخاصمين وخرجوا متحاصصين، وليس قوى مناهضة للدكتاتورية تعمل من أجل أرساء لبنات الحياة الديمقراطية وتأمن إحتياجات الشعب بعد سنوات عجاف بكل معنى الكلمة!!! اليوم نؤكد القول بأن الذي يتجاوز على بديهيات الحياة وعلى حقائق الواقع الملموس المتمثل بطيبعة المرحلة والقوى الإجتماعية التي تشترك وتتشابك مصالحها خلالها، إنما تنزل عليه الصواعق من حيث لا يحتسب، ولذلك ينبغي عقد مؤتمر وطني بعيد عن مؤتمرات الجوار القريب والبعيد، يضع برنامج إنتقالي واضح لايقل عن سنتين، أهم ما فيه إعادة حقوق ضحايا النظام السابق كحقوق ذوي الشهداء والسجناء والمهجرين والمهاجرين، وعدم إعطاء حق أو إمتياز جديد لفرد أو حزب أو طائفة أو قومية من أموال وأراضي الدولة، نكرر حق أو إمتياز جديد، ونكرر حق أو إمتياز جديد، والعمل على إعادة الحياة العملية من خلال المشاركة الجماعية، إذا كانت هذه الدعوة مثالية، فنقول بأن لا طريق أمامنا سوى هذه المثالية إلا اللهم ما يجري يستهويكم وبما أنتم عليه فرحون!!! أما التنافس والتقاسم فهذا ليس من إستحقاقات المرحلة على الإطلاق!!!!! فحقن أهم واجب وطني، والمتحصنين بالمال أوالسلاح أو بأي أسباب أخرى مكانية او زمانية، القائلين عن بعد، بأن للحرية ثمن، فأن قولهم نوع من الخبل، فأي حرية ينشدون، حرية القتل والسرقة التي تنال من دماء الأبرياء وجهد الكادحين، حرية … حرية … فالحياة وحراك القوى الإجتماعية وكرامتها وحاجاتها ستكون الفيصل لمن لم درك لحد الآن هذه الضرورات.
· أما فكرة الإنتخابات التي دعى إليها آية الله المرجع الديني الأعلى السيد على السيستاني، فقد كانت حصراً إشارة ضرورة للعراقيين أن ياخذو زمام الأمر بأيديهم خصوصاً والأمر كان يتعلق بكتابة الدستور ولم يدعو لإنتخابات عامة لتشكيل وزارة، وهذا الموقف قدمناه في ندوة بمقر إتحاد الأدباء والكتاب في النجف في تشرين الأول/ أكتوبر 2003 ، وأكدنا أن دعوة السيد السيستاني عندما تقرأ على حقيقتها لا كما أرادها البعض، هي أكبر فرملة للمشروع الأمريكي، ولكن الذي حصل هو إبتعاد عن جوهر الفكرة وساد التنافس على المقاعد والحقائب، الأمر الذي كان موضع إنتقاد السيد السيستاني ، جراء تأخر تشكيل الوزارة وتأزم الأوضاع في مختلف القطاعات ونقص الخدمات، وذلك لم يكن جوهر فكرة الإنتخابات، ناهيك أن العملية الإنتخابية تحولت إلى معركة إنتخابية، والمعارك مباح فيها الخداع وإستخدام القوة والمال، في حين العملية الإنتخابية تحتاج برامج عمل وممارسة واعية لخدمة المجتمع، فما حصل دلل على إن الأمور لا تسير في إتجاه تأسيس دولة القانون وإعتماد آليات ديمقراطية وتدوال سلمي للسلطة، حيث قبل إنتهاء المعركة بدأ الحديث عن المشاركة والمحاصصة إلى درجة عند تشكيل الوزارة الرابعة تم تحديد نقاط مختلفة لكل مجموعة وزارات، والطريف في الأمر هو تقسيم الوزارات إلى سيادية وخدمية في ظل سيادة منقوصة، على كل حال، في ضوء تلك النقاط وعدد مقاعد الكتلة النيابية، تححد لهم هذه الوزارة أو تلك، وفي إطار الكتلة الواحدة أيضاً يتقاسمون، وهذه ليست بدعة فالبدعة ضلالة، إنها سياسية، والسياسة فن الممكن، من حيث مستوى الوعي وأدوات العمل وطبيعة الهدف، وهذا الذي حصل ونعيش هو ما يمكن.
نحن نبارك لصاحب المقترح والمنفذين على هذه الفكرة الحسابية ” العادلة ” !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! تالله أنه ” العدل والإنصاف “، ولكنهم خرجوا عن نتائج الإنتخابات، وقانون إدارة الدولة للمرحلة الإنتقالية، ودستور تحت التعديل في عراقنا الدائم، حيث كتبنا مبكراً وفي محاضرة لنا أوخرا أيلول 2003 إن مستلزمات الإنتخابات غير متوفرة وطبيعة المرحلة تفرض التعاون والتوافق وتنفيذ ما هو متفق عليه، وقبل ذلك قلنا على شاشة التلفاز، في شهر آب / أغسطس 2003 بأن العلاج في العراق يحتاج ذات الوسيلة والقاعدة التي عملها النبي محمد (ص) قبل نبوته في قضية نقل الحجر الأسود، أليس هذا حل واقعي ومبدئي أم أن المصالح تختلف، وجوابنا نعم إن المصالح تختلف، فالنبي محمد (ص) جاء رحمة للعالمين، وعمل بالمساواة وأخا بين الإنصار والمهاجرين، ولم يضع عمه أبا لهب في أي مكان إداري أو غير إداري بل نزلت به آية كريمة ( تبت يدا أبي لهب ,,,, )
وبذلك نكون في مرحلة أولية وجدية لمواجهة اعداء الديمقراطية، واليوم لا نعرف في أي مرحلة نحن، إنتقالية أم إنتقامية؟؟؟! وهل إنتهت هذه المرحلة في حزيران 2004 أم لازالت؟؟! وهل بدأ تطبيق الدستور الدائم أم هو لازال عائم، يعتقد الكثير أن هذه ليست مشاكل حقيقية، الحقيقية تكمن في الحصة، ولذلك أدخلوا البلاد في شرك التحاصص، وبدل من زراعة وعي إنتخابي حصدنا إفساد لمبدأ الإنتخابات، فبمرور الأيام تلمس من خلال أحاديث الناس بشكل عام عدم جدوى الإنتخابات جراء عدم إحترام نتائجها على الرغم مما رافقها من نواقص، وإزداد الطين بلة بظهور سيل من المفاهيم، حكومة إستحقاق إنتخابي، حكومة مشاركة، حكومة وحدة وطنية، حكومة توافق وطني، وجمعيها لا علاقة لها بحقوق المواطن، ولا نعلم هل يدركون بأن كل هذا يؤسس لوعي قد يكون صالح أو قد يكون طالح؟؟؟! أم يدركون بأن الناس لديها نعمة النسيان؟؟؟!
· رسالة مملحة لسماحة السيد حسين الشامي بكامل التقدير والإحترام، ورسالتي هي من باب التذكر الأحداث والإستفادة من الرأي، وودت أن أكتبها أنشرها منذ سنوات على إعتبارها تحمل رأي عام وحوار في ندوة عامة، ولكن كنت متردد بين جدوى واللاجدوى حتى عزمت اليوم بمناسبة مرور 4 سنوات على عملية التغيير ومرور 15 عام على لقائي بسماحة السيد حسين الشامي في ندوة عامة في عام 1992 بعد إطفاء جذوة إنتفاضة آذار المجيدة، ذلك التصويت الشعبي العارم في رفض الدكتاتورية والذي شارك فيه أبناء العراق بكل قومياته وأديانه وطوائفه عدد من المحافظات لم يكن فيها التحدي الشعبي واسع أو ناضج أو ممكن من توازن القوى أو الأغلبية منحازة للنظام، وهذا أمر مفهوم، ونحن الآن لسنا بصدد تقييم الإنتفاضة ومكانتها في أحداث العراق السياسية.
في ذلك العام 1992 ، كان لي حوار مع السيد الجليل حسين الشامي، أثر مشاركته في الذكرى السنوية لإستشهاد السيد محمد باقر الصدر رحمه الله، ومن دون إطراء، إنه علامة شاخصة من علامات الفكر والجهاد، وكنت ممن يقدرون تشخيصه وندائه الذي لم يعمل عليه أحد خلال مرحلة معارضة النظام، ذلك النداء الذي يقول فيه ( أخي المسلم … أخي العراقي … لنعمل على إزاحة الكابوس وتحرير إرادة الأمة )، وكان هذا بالنسبة لي كعراقي نداءاً حقيقياً، وهو السبيل لتقريب يوم الخلاصمن الدكتاتورية، ويعني أيضاً وحدة عمل مع كل الأطراف العراقية السياسية منها والإجتماعية والدينية، وبعد إزاحة الكابوس تجري عملية إنتخابات ديمقراطية، لأن افنتخابات الشكلية كان النظام يمارسها بصورة علنية.
والحوار مع سماحة السيد حسين الشامي، كان في البدء عبار عن سؤالين مع اسئلة السائلين ، وهو يتعلق بأسباب عدم تفعيل بيان التفاهم الذي اصدره حزب الدعوة، والسؤال الأخر كان حول مدى مسؤولية الأحزاب الأسلامية في تأخير وحدة عمل القوى العراقية لحد الآن.
فقد كان الجواب على السؤال الأول هو ( … ممكن القول أن بيان التفاهم قد أكلته الحرب … ) يعني الحرب العراقية الإيرانية، اما الجواب على السؤال الثاني فقد كان ( … بأنه ليس من السليم العمل مع أي كان لابد من معرفة هذه القوى والآن الساحة تعج بالمسميات … ) طبعاً هذا المعنى الجوهري للأجوبة القريب على نصها الحرفي .
طبعاً هذا الجواب دفعني للحديث مع سماحة السيد بعد غنتهاء محاضرته القيمة حول الشهيد محمد باقر الصدر، وقلت له إن مجرى الدم مستمر ولا سبيل إيقافه سوى وحدة العملن وهذا الشعار في القاعة وهو نداء السيد الشهيد لماذا لا نعمل به …. قال أتعلم كما أصبحت احزاب المعارضة قلت نعم ، 60 حزباً وتجمعاً ، فاين المشكلة، قال لا يمكن ان نعمل مع هؤلاء ….. كررت قولي ومجرى يا سيدنا ، قال لا نضع أمامه نفاخة، قلت هاتها وأنا مستعد أن اجلس وأمسكها، على الأقل نقلل من كمية النزيف المستمر….
وقلت سيدنا، في النجف هناك شمعة يسمونها أم الألف ( نيون ) فنحن ممكن أن نعمل مجلس ابو الألف يشارك فيه كل جوعان زعامة كي نحشد القوى لإزاحة الكابوسن وبعد ذلك في الإنتخابات تظهر الأحجام والأعداد لكل طرف، وها هي الأحداث تحمل لنا مؤتمر ألف مشارك، ولكن بعد فوات الآوان ….
على كل حال كان حديثاً مفيداً بدليل بقي في ذاكرتي، وفي زيارة سماحة السيد التي تكررت بعد تلك المناسبة لمدينة مللمو كنت أتعنى وأسلم عليه بمعية الأخوة العاملين والجمعيات والمراكز الثقافية الإسلامية…. وبعد هذا التذكر …. اطمع بجواب من سماحة السيد على ما آلت إليه الأمور، حيث حصل ما حصل،من مؤتمر لندن حتى مشروع ” المصالحة ” الوطنية، مروراً بمشروع قانون المسائلة ….. أبتغي منه التعلم، ومعرفة ما إذا كنت على صواب ام الأحداث الحالية هي عين الصواب، فالحياة تجاريب كما يقال مع خالص تقديري وإعتزازي بدوركم وجهادكم وتحملكم العناء والتضحيات الجسام طيلة السنوات الماضية والحالية، وأخيراً نرجو لكم كل التوفيق والسداد.
للموضوع صلة …
9 / 4 / 2007