07/04/2007
تعرض الكرد الفيلييون في مثل هذه الأيام وعلى وجه التحديد في عام 1980 لأبشع حملة تهجير مع عدد كبير من العراقيين بإتجاه الحدود الإيرانية لا غير، وهنا لا نريد الحديث عن عملية التهجير كمأساة بكل أبعادها بعد أكثر من عقدين ونصف من الزمان، تلك المأساة التي كانت للعديد من الأطراف والأفراد مادة للبيانات والكتابات ذات الطابع العاطفي والحل الخيالي، وهذا ما أشرنا إليه قبل عقد ونصف، ولكن ما العمل هكذا هو إقتصاد السوق في كل مجال ؟؟؟! بما في ذلك المجال السياسي والفكري، حيث يفرض شروطه من دون أن يعبأ بما يتسبب جراء إجراءته من كوارث ومأسي للناس، فالمهم للكثيرين منهم الظهور حتى لو على الظهور.
بالتأكيد، فان الأمر ليس سراً، عندما نقول بأن تلك الحملة لم تكن الأولى، بل سبقتها عمليات متواصلة منذ عام 1970 ، ولكن ما نريد تكراره تأكيداً له، هو أن تلك العمليات كانت لها أبعاد سياسية محضة، لا علاقة بها بحب الوطن والحرص عليه والدفاع عنه والمساهمة في بنائه بقدر علاقتها بالولاء للنظام السياسي القائم، فالكرد الفيليية ليسوا بحاجة إلى من يٌذّكرهم بمكانتهم أو بدورهم في العراق أو افشارة إلى شخصياتهم ومناضليهم، ولا قضيتهم لها بذلك، بقدر حاجتهم لحلول واقعية تنسجم مع حقائق التاريخ، وأن طبيعة قضيتهم في صمييم السيادة الوطنية.
كما نكرر قولنا الذي ذكرناه في بحثنا عن الجنسية، بان عملية التهجير عام 1970 هي تجلي لسياسية الإنتقام من مقاومي إنقلاب 8 شباط الأسود عام 1963 ، ذلك الإنقلاب الذي ألغى قانون الجنسية رقم 42 لسنة 1924 وتعديلاته بعد 4 أشهر و11 يوم من لحظة إغتصاب السلطة، بإصدار القانون رقم 43 لسنة 1963 المنشور في الجريدة الرسمية / الوقائع العراقية العدد 818 في 19/ 6/ 1963.
أما عملية التهجير في ثمانينيات القرن الماضي والتي أخذت أبعاد أبشع من سابقتها، كانت بمثابة إعلان حرب دون إطلاق نار ضد الجارة إيران بكل معنى الكلمة، وزعمنا هذا دعمناه بأدلة منطقية وملموسة في حينها، منها الدلالة التي تحملها عملية حجز الشباب.
اليوم وبعد مرور أكثر من ربع قرن، على تلك المأساة، بصدور قرار ما يسمى ” مجلس قيادة الثورة ” رقم 180 الذي إتخذه بجلسته المنعقدة بتاريخ 3 / 2 / 1980 ، المنشور في الجريدة الرسمية / الوقائع العراقية عدد 2757 بتاريخ 18 / 2 / 1980، برقية وزارة الداخلية المرقمة ( 2884 ) والمؤرخة 10 / 4 / 1980، وقرار ما يسمى ” مجلس قيادة الثورة ” رقم 666 الصادر في 7 / 5 / 1980 المنشور في الجريدة الرسمية / الوقائع العراقية عدد ( 2776 ) بتاريخ 26 / 5 / 1980، وأربع سنوات على تغييرالنظام، نتوقف عند هذه المحنة القاسية بكل أبعادها ليس للكرد الفيليية وعوائلهم، إنما للوطن ككل، فقد كانوا طاقة شابة بين 15ـ 28 عام حسب الكثير من التصريحات والمعلومات المتداولة، وعددهم بين 6000 ـ 10000 شاب، ( طبعاً سقطت الأعذار بسقوط النظام، حاولنا الحصول على ما يؤكد الأرقام فلم نستطع، نعتقد بأن هذه الأرقام هي أقل التقديرات ليس أكثرها على كل حال، ونعتبر عدم توفر المعلومات دليل إهمال وعدم إكتراث نأمل أن نكون على خطأ بهذا التقدير ).
المهم، إن محنة من هذا الطراز من أكثر المحن التي جرى تناولها بالوصف العاطفي والتأسي والشكوى من دون جدوى، بسبب من عدم تكييف الحالة وفق طبيعة القضية، وقلنا في حينها ولكن للاسف أسمعت لوناديت حياً !!! إن هذه المشكلة لها علاقة بالجنسية، والجنسية هي قضية سيادية، حلها لا يتم إلا بعودة السيادة لمصدرها وهو الشعب، وطيلة ربع قرن كان الكثير من الكتاب والأحزاب تتسابق في البيانات حول هذه القضية بمن فيهم بعض تجمعات الكرد الفيليين و” أصدقائهم ” من دون أن يضعوا الأمر في نصابه لحد هذا اليوم، والأكثر من ذلك لا يدركوا خلال تلك الفترة بأن القضية وطنية / داخلية محضة، لا تحل إلا بقرار وطني، فتلك دول الجوار وهيئة الأمم لم تحرك ساكناً يخص صلب القضية سوى بالقدر المعمول به من الناحية الإنسانية وبدرجاته الدينا كما هو معروف.
في حين أدعى الكثيرون بشكل واهي إمكانية الحصول على تعويض للمهجرين من هيئة الأمم والدفع بإتجاه ذلك غير مدركين حقيقة القضية وحلها الكامن في صلب عملية الخلاص من النظام كمنهج وآليات ومواقف وسياسات، وهناك من دفع كتابتاً بطرح القضية في الإطار الدولي ووصفها بأنها جريمة دولية من دون تحديد جهة الإختصاص التي تنظر بالقضية، ولم نشهد اي إجراء قانوني على الصعيد الدولي في هذه القضية ومع إستمروا زارعوا الأوهام ، يكتبون حتى إعتبروها عملية أبادة جماعية لا تسقط بالتقادم …. وجاءت المحكمة المختصة والتي نحمد على تغيير أسمها وأصبح المحكمة الجنائية العليا، فحتى هذه المحكمة لم تدرجها ضمن قضايا الواجب النظر فيها لحد الآن حسب علمنا، و… و… وناهيكم إن هذه القضية / المأساة لا تزال حتى يومنا هذا دون علاج جذري من الناحية القانونية أو من الناحية المعنوية.
فالناحية القانونية نقصد بها الإجراءات التي تعيد الحقوق المادية وبذات الوقت تكشف عن وقائع الجريمة وتعاقب الفاعلين ولذلك نقول :
1- مسؤولية الإعلان عن مصير هذا العدد الكبير من الشباب وتثيبيت الواقعة بحقيقتها بشكل رسمي هي مسؤولية أخلاقية وقانونية في آن واحد، تتحملها حكومات ما بعد 8 نيسان/ أبريل 2003 ، كي تتمكن العوائل من إعتماد تلك الوثائق في المعاملات القانونية الأخرى، فهل يعقل بأن يكتفي الأهل بعبارة ( بأنهم ماتوا أو قتلوا أو … أو … أو تسويف الأمر بالقول بأن الكثير من العراقيين هكذا ) من دون معرفة الحقيقة من قبل ذويهم لا بل من قبل كل المواطنين.
2ـ لا يكفي الغاء قرار 666 ، فهذا نصف الحل، بل لابد من تعليمات تلغي ما ترتب على صدور القرار 666 من ترقين القيود وحجز أموال منقولة وغير منقولة .
3- المطلوب إعادة الأمور إلى نصابها لا أن يترك المتضرر يسبح في بحر متلاطم من الإدارات والإجراءات من دون طائل وكأن القرار لم يلغى، وعلى المواطن أن يذهب بنفسه كي يلغي ترقين القيد، وهذا يعني تحميل المواطن متاعب اصدار القرار 666 ومتاعب إلغاء ذات القرار.
4- موضوع التعويض المادي، نعتبره من أولى الواجبات الوطنية كي يعود المتضرر إلى مجتمعه ويمارس دوره في حمايته، لا أن ينفرد في إعادة ممتلكاته بنفسه الأمر الذي يخلق لديه شعور بعدم وجود سلطة فعلية يعيد له حقه ناهيك عن تعرض الكثيرين للمشاكل بما في ذلك للقتل أثناء عودتهم إلى بيوتهم أو محلاتهم، وتداخل الأمر هذا مع مراكز القوة منذ نيسان / أبريل 2003 حتى الآن، وإعتماد البعض على تلك القوى دون السلطة المركزية وقانونها.
5- وقبل كل ما ذكرنا في النقاط الأربعة، نتسائل، أليس عملية التهجير بحجمها وأبعادها الإنسانية تستحق أن تكون أحدى القضايا التي يحاكم عليها النظام ونسمع كيف ولماذا حصل الذي حصل وبهذه الطريقة التي شهدها الناس ؟؟؟ أم نكتفي بإعدام عدد معين من دون أن نعرف كيف حصلت الواقعة ولماذا حصلت؟؟؟!!! أليس السلطة للشعب أم أن الأمر مجرد كلام وحروف مترابطة بقدرة المقتدر، وأن ذكر حق الشعب فيصبح ذلك الذكر من أضغاث أحلام، وطلب ساذج إن لم يكن بطران!!!
فالمواطن بحاجة ماسة أن يعرف، نعم أن يعرف المواطن سبب ما حصل !!!!!! كي يدرك دوره وحجم مسؤوليته في ذلك !!!!! أشريك كان أم مستغفل ؟ وغير ذلك من الأسئلة التي توصلنا إلى الحقيقة ولا نبتغي غير الحقيقة، أم أن عملية التهجير ليست جرم مشهود كبقية الجرائم ؟!!! على إعتبار المبدأ القانوني الذي تحمله دساتير العالم ومنها دستورنا الواقع تحت التعديل في عراقنا الدائم حيث نجد المادة 19 منه تنص :
أولاً :ـ القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون.
ثانياً :ـ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، ولا عقوبة إلا على الفعل الذي يعده القانون وقت اقترافه جريمة، ولا يجوز تطبيق عقوبة اشد من العقوبة النافذة وقت ارتكاب الجريمة.
وهنا لا نريد أن نجتهد ونزاحم الساعون للحصول على الأجر الواحد، فنحن نتمسك بحق الأجرين في هذا الباب أو ندفع ثمن الخطأ على أقل تقدير من خلال الإعتراف به كممارسة للفضيلة وعدم الإصرار عليه والوقوع بالرذيلة.
على كل حال، قد يكون نص هذه المادة الدستورية !!! هو المانع في جعل عملية التهجير ليست جريمة أو سبب أخر قد نجهله من الناحية القانونية، وهنا السؤال يتجاوز حدود أصحاب الإختصاص ممن حجبوا مثالب الدستور الكثيرة إلى أولئك الذين صوتوا عليه من دون ان يقرأوه أو حتى تصل إليهم نسخة منه، لماذا لم يجري تكييف عملية التهجير أو حجز الشباب على أقل تقدير جريمة تنظر فيها المحكمة المختصة علماً أن ضحاياها بالألاف، وفي نفس الوقت هي أسبق من كل الجرائم التي تم النظر فيها لحد الآن؟؟؟!!! أم أن الأمر جملة وتفصيلاً يقع في إطار السيادة، والسيادة في ظروفنا الحالية منقوصة، وبالتالي لا يمكن تطبيق القانون كما يجب وفق الأولويات الوطنية، بسبب من وجود شركاء لنا في وطننا، والشراكة تستلزم قبول الشريك فأن رفض، فالقوة هي المعيار في التنفيذ.
أما الناحية االمعنوية، فنقصد بها تكريم اللذين تعرضوا لتلك العملية المأساوية من خلال التعريف بقضيتهم على مختلف المستويات، من حيث التوثيق والتعبير في مجال الأدب والفن من جهة، ومن جهة اخرى بإصدار قرار يواسي هؤلاء الضحايا من الناحية المعنوية ولذلك نقول:
1- وإعتماد يوم للمهجرين والمهاجرين، تكون مسؤولة عنه وزارة الهجرة بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني، نستذكر المأساة ونلبي المستجد من الحاجات ونعالج ما تبقى من المشاكل والحالات، لا أن يكون يوم للشكليات وتبادل الكلمات وعقد المؤتمرات وفق قواعد المحاصصة والمحسوبية، كما حصل لحد الآن على الأقل في مؤتمر لندن أو غيره من النشاطات.
2- أهمية إقامة نصب يحكي هذه المأساة، ودعوة الكتّاب والأدباء للكتابة عن حياة المهجر خصوصاً ممن هاجر أو هٌجر.
3- توثيق عملية التهجير بتفاصيلها وقراراتها والأجهزة التي نفذتها، فهذه مادة يحتاجها دارس القانون وغيره كبقية المأسي التي تعرض لها شعبنا العراقي في السجون أو الحروب أو الحصار.
إن القرارات التي التي اصدرها النظام السابق وأشرنا إليها آنفاً، وبرقية وزارة الداخلية بشان عملية التهجير المأساوية، تشكل مؤشر صارخ على فوضى التشريع وعدم إحترام منطق العملية التشريعية على الرغم من كونها صادرة خلال فاصل زمني قصير لا يتجاوز عدة اشهر، ومن جهة واحدة غير متغيرة ولا منتخبة، هي ما يسمى بـ ” مجلس قيادة الثورة” ، وهذا المجلس هو بيد شخص واحد من الناحية العملية، مع كل ذلك نجد أن المجلس أصدر قرارات لم تكن هناك أية حاجة لها بسبب وجود قانون ينظم عملية منح الجنسية العراقية وسحبها أو إسقاطها وهو القانون رقم 43 لسنة 1963 وتعديلاته، فنص المادة 19 من القانون تتعلق بموضوع سحب الجنسية، حيث أعطت حق بكل وضوح ( للوزير سحب الجنسية العراقية عن الأجنبي الذي اكتسبها إذا قام أو حاول القيام بعمل يعد خطراً على امن الدولة أو سلامتها ) ، في حين صدر القرار 666 من دون الإشارة إلى كونه تعديل للقانون النافذ أم هو القانون وما عداه ليس بقانون، وبذات الوقت نجد الفقرة 1 من القرار رقم 666 تنص على ( تسقط الجنسية العراقية عن كل عراقي من اصل أجنبي إذا تبين عدم ولائه للوطن والشعب والأهداف القومية والاجتماعية العليا للثورة )، ويظهر بجلاء بيت الداء في نص القرار، وهو الولاء للنظام السياسي كما أشرنا، كما نصت الفقرة 2 من القرار المذكور ( على وزير الداخلية أن يأمر بإبعاد كل من أسقطت عنه الجنسية العراقية بموجب الفقرة (1) ما لم يقتنع بناء على أسباب كافيه بان بقاءه في العراق أمر تستدعيه ضرورة قضائية أو قانونية أو حفظ حقوق الغير الموثقة رسمياً )، فأي ضرورة أستدعت بقاء شباب الكرد الفيليين من الناحية القضائية أو القانونية وأي حقوق للغير موثقة رسمياً، ومن هنا نطالب بكشف هذه الوثائق التي تشير غلى واقعة التهجير وحجز الشباب وما آل غليه مصيرهم، أكانت هذه الوثائق في العراق أو ضمن أطنان الوثائق التي نقلت إلى بلد الشريك الأكبر في عملية التغيير حسب تقدير الكثيرين!!! علماً أن بين المحتجزين من هو فاقد للأهلية القانونية وتصرفاته القانونية إن حصلت فهي باطلة، فأي حقوق للغير أستدعت بقائهم وتهجير ذويهم ؟! كما لم يتبين لهم وللعالم قضائياً عدم ولاء أي فرد منهم للوطن والشعب، هذا إذا سلمنا بصحة القرار ونزاهة الدوافع ومنحناه شرعية مطلقة.
ونحن عندما نقول أن هذه القرارات صدرت للتمهيد لجريمة التهجير، لأننا لا نجد ضرورة لإصداره سيما وقانون الجنسية رقم 43 لسنة 1963 الساري المفعول يتضمن ذات الأسس والصلاحيات المحددة لوزير الداخلية في منح الجنسية العراقية للأجنبي في المادة 6 ، التي تنص على أن ( للوزير ان يعتبر عراقياً من ولد في العراق وبلغ سن الرشد فيه من أب أجنبي مولود فيه أيضاً وكان ومقيماً فيه بصورة معتادة عند ولادة ولده خلال سنتين من بلوغه سن الرشد ) ، فما هي الضرورة إذن لإستصدار القرار 180 والذي منح في الفقرة 1 حق ( لوزير الداخلية أن يقبل تجنس الأجنبي البالغ سن ارشد ) ؟؟؟!!! طبعاً وفق شروط أشار لها القرار المذكور، سوى جرد أعداد من يراد تهجيرهم، اي من يراد تجريدهم من شخصيتهم القانونية التي هي من حقوق الإنسان الأساسية، والتي تتجسد بشكل ملموس في الإنسان أن يكون مواطناً في إقليم محدد / دولة محددة ، أما يولد فيها أو هو مولود لأب يعتبر مواطن فيها أو أم كما تذهب التشريعات الحديثة في قضايا الجنسية، وهذا المعنى نجده مجسد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر 10 / كانون الأول ــ ديسمبر/ 1948 والذي تنص المادة 6 منه على أن ( لكل إنسان أينما وجد الحق في أن يعترف بشخصيته القانونية )، وهذه الشخصية القانونية لا تظهر إلا عبر الجنسية بإعتبارها الأداة التي تحدد طبيعة وحجم حقوق الفرد وواجباته، وفي نفس الوقت فأن الفقرة 1 من المادة 15 من الإعلان العالمي تنص على أن ( لكل فرد حق التمتع بجنسية ما ) أما الفقرة 2 من المادة 15 فقد نصت ( لا يجوز حرمان شخص من جنسيته تعسفاً أو إنكار حقه في تغييرها )، وهناك تفاصيل كثيرة حول هذا الموضوع، ولكن لابد من الإشارة بكل وضوح وصراحة القضية الفيليية على وجه التحديد لم تعالج من جذورها القانونية، بل إن ما تم هو مجرد إلغاء لقرار يتهم الأجنبي بعدم الولاء، في حين نحن أمام مشكلة مزمنة في تشريعات الجنسية لم يتمكن الدستور القائم تحت التعديل من معالجتها، حيث نصت الفقرة النقطة ب من الفقرة 4 من المادة 18 على أن ( تسحب الجنسية العراقية من المتجنس بها في الحالات التي ينص عليها القانون)، وهذا النص طبيعي جداً لا بل ضروري ، ولكن مشكلة الكرد الفيليية في العراق تكمن في إعتبار الحكومات المتعاقبة بأنهم أجانب، ولذلك تم سجب الجنسية منهم ، وهذا النص والنصوص التي وردت في قانون إدارة الدولة للمرحلة الإنتقالية، يشير إلى إلغاء قرار 666 ويعني غلغاء سحب أو إسقاط الجنسية ولم يعالج الخطا التاريخي وبقي الحال على ما هو عليه من حيث الجوهر، أي بقي الكرد الفيليين الذين يعيشون في العراق وفق حدوده الرسمية في مختلف المراحل التاريخية خصوصاً منذ تغيير السيادة من عثمانية إلى عراقية أجنب متجنسين بالجنسية العراقية.
إن هذا قد يشمل الكثير من الأقوام أو الأفراد ممن تجنس في العراق في فترة محددة أكان يحمل الجنسية الإيرانية سابقاً أو غيرها، ونحن لا نقصد هؤلاء أكان منهم بعض الكرد الفيليين أو غيرهم ، من الطبيعي أن يبقى الشخص منهم أجنبي متجنس كما نص الدستور الدائم النافذ، ولكن نحن نؤكد بأن الأقسم الأعظم من الكرد الفيليين هم مواطنون بالأصل أي منذ تبدل السيادة وصدر قانون الجنسية في ضوء إتفاقية لوزان عام 1923، وهذا الأمر يقع في صميم مفهوم المواطنة التي يكثٌر الحديث عنها هذه الأيام ولانجد منها في واقع الحال تجسيد ملموس عندما تضع الحلول، وإذ نشير إلى ذلك لا نبتغي التمييز في درجات التجنس بقدر ما التأكيد على طرق التجنس وهذا الأمر معمول به في كل دول العالم خصوصاً الديمقراطية منها والتي تحترم الإنسان وحقوقه وكرامته، وهنا نشدد على أهمية أن تدرك الهيئات والتجمعات الوطنية بشكل عام والكرد الفيلية بشكل خاص حقيقة مشكلتهم والتخلص من تكرار الوصف التراجيدي رغم حقيقته إلى الحلول القانونية والتوعية الإنسانية.
وعلى ما يبدو الأمل مفقود ليس فقط في معرفة الكيفية التي آل إليها مصير الشباب المحتجزين، إنما في معالجة جوهر مشكلة الكرد الفيليين الذين لا يعرفون غير العراق وطن لهم ولا جنسية لهم غيرها عندما تعرضوا لتلك العملية البشعة ( طبعاً قبل اللجوء للبلدان الأوربية ) .
فبعد أربع سنوات من هزيمة النظام الصدامي، حيث كان العراقيون يعملون ويقدمون الضحايا في سبيل الخلاص الحقيقي من الدكتاتورية وسلب الحقوق والتعامل وفق المحسوبية والحزبية و … و … وإذا بهم أما حالة تغيير لمشاكلهم من حيث الحجم والسبب، وهذا بكل المقاييس يعتبر من أنصاف الحلول وهي نتاج طبيعي لأنصاف العقول.
وختاماً نقول إن الحق طريقه موحش كما قال الأمام على (ع)، كما أن طريق العدل والإنصاف طويل وطويل جداً قد لا ندركه في العراق بعد أجيال إذا ما إستمر بهذه الطريقة العلاج .
الحقوقي / محمد عنوز